الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

الشيخ زايد آل نهيان.. "حكيم العرب"

الشيخ زايد بن سلطان
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اثنا عشر عامًا انقضت على رحيل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات الراحل، الذي تصادف ذكراه الثاني من نوفمبر.
ولا تزال الإمارات والدول العربية الشقيقة تذكر الفقيد بشجن وفير، والشعور نفسه يتساوى لدى الطفل والشاب والرجل الكبير، ولدى الرجال والنساء أيضًا، فزايد بنى الإنسان وعمَّر المكان، وترك في كل الإمارات بصمة لا تمحوها السنوات.
وسيظل التاريخ شاهدًا وعلى امتداد أكثر من ثلاثين عاما قضاها (حكيم العرب) زايد الإنسانية والخير والعطاء في الحكم.
إن دولة الإمارات العربية المتحدة التي أسسها على المحبة والخير كانت وما زالت رمزا للتسامح والمودة ومد يد العون والمساعدة لجيرانها ومحيطها العربي، وكل من هو بحاجة لمساعدتها في شتى بقاع الأرض.
ولا يُذكر مطلقا أن الإمارات اعتدت أو اختلفت مع جيرانها لأي سبب يذكر، سيشهد التاريخ أن "زايد" عمل بهدوء وصمت بعيدا عن ضجيج "القيل والقال وتسليط الأضواء" وعمل على لم شمل الجميع. والفصل في حل نزاعات والاختلافات سواء كانت سياسية أو حدودية أو قبلية، ولولا تدخله فيها بحكمة وذكاء وفطنة وعفوية حباه الله سبحانه وتعالى بها.
ولم يكتف الشيخ زايد ببناء دولة الإمارات العربية المتحدة، والنهوض بها لتكون وطنًا يضاهي أكثر الدول تقدمًا، بل استطاع كرجل دولة أن يتجاوز حدود الإمارات ليصبح داعية سلام عالميًا، ففي أشد المحن برز الشيخ زايد كزعيم وداعية سلام يمتد نفوذه السياسي إلى كل بقاع الأرض، لذا ظل على مدى ثلاثة وثلاثين عامًا من الرئاسة، يؤدي أدوارًا سياسية وإنسانية على الصعيد العالمي، فيتوسط لإيقاف الحروب، ويضغط على المجتمع الدولي للتصرف في منعطفات حاسمة من تاريخنا.
وعلى صعيد العمل الخيري تحول بفطرته إلى رجل إحسان على الصعيد العالمي، فكان عطاؤه على ضوء تعاليم الدين الإسلامي، بعيدًا عن التباهي والتفاخر، ولم يكن العمل الخيري أو الجود الذي عرف به الشيخ زايد مقتصرًا على الإمارات، وإنما امتد إلى خارج حدودها ليصبح أعظم محسن في العالم على الإطلاق.
وكان له دور كبير في مساعدة مئات ملايين البشر، كما انطلق زايد الخير من قناعة ثابتة بأن المرأة نصف المجتمع، وأن المجتمع لا يمكن أن يصعد سلم التطور دون المشاركة الفاعلة للمرأة.
وهكذا استطاع زايد الخير أن يتخطى رواسب التفكير القبلي والعشائري، الداعي لحبس المرأة وإبقائها داخل خيمة البداوة ترعى الماشية وتربي العيال.
انطلق "زايد" من قناعة فكرية بأن مجتمع دولة الاتحاد لا يمكن أن ينهض ونصفه معطل، وكان دائما نصيرا وعونا للمرأة، هو وأم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك.
لم تسجل سطور ما كتب من "سير" إلا أعدادًا يسيرة من الزعماء النابهين، الذين سجلت أسماؤهم في دفتر الزمن، ليكتب لها المجد والخلود، وكان الراحل المقيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أحد هؤلاء، مضى الرجل وبقيت سيرته العطرة تنداح عبقًا يضمخ الأجواء.
لقد انتهج القائد الراحل سياسة متوازنة ومنفتحة، حققت علاقات وصلات وثيقة مع الدول العربية ودول العالم الأخرى، كالدعم لكثير من المشاريع التنموية في الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة الأخرى. وقام بزيارات دولية وعربية عدة، وكانت هذه الزيارات مثمرة، انعكست آثارها على تنمية دولة الإمارات وعلاقتها مع المنطقة العربية والشعوب الأخرى.
وتمر ذكرى رحيل هذا الرجل الشامخ، الذي سبق عصره وجاء ليبشر بفكر نهضوي، انبثق من واقع مجتمع كان يعيش في براثن الفاقة، ووهاد التخلف والفقر المدقع، فاستطاع زايد الخير أن يتجاوز آراء من زعموا ألا أمل في تطوير مجتمع يفتقر إلى كل مستلزمات الحياة الضرورية، كالأرض الخصبة والماء العذب.
إلا أن الزعيم لم يستسلم، ومضى بعزيمة لا تلين ليرسم على صفحة الرمال "خطة استراتيجية" ابتدعها من قناعته بأن كل شيء ممكن متى ما توفرت الإرادة والإصرار على تخطي أي صعاب.