الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

"تشومسكي" يُحاكم الجميع في حوار لموقع تابع لمكتبة الإسكندرية: القضاء على "داعش" بالقوة العسكرية كارثة.. وكل الطرق تؤدي إلى حرب نووية

تشومسكى
تشومسكى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
غرب أفريقيا المركز العالمى للإرهاب الإسلامى.. وخليفة البغدادى سيتحالف مع «القاعدة»
الصراع الروسى الأوروبى والاحتباس الحراري سينهيان الحياة على كوكب الأرض 

يقف على خط المواجهة الفكرية للزيف والخداع والتلاعب بالعقول سياسيا.. الفيلسوف وعالم اللغويات، ناعوم تشومسكى، وهو أيضًا مفكر سياسي بارز ذو تأثير عالمى واسع المدى. أمريكى الجنسية، لكنه الأمريكى الذي يصدق مجتمعه والعالم في تحليلاته حول حقيقة نوايا الخطاب السياسي الأمريكى، حتى لو تعرض للاغتيال المعنوى. يهودى الديانة، غير أنه اليهودى الذي فضح زيف الصهيونية وادعاءاتها الباطلة، والممارسات الغاشمة التي تحمل شعار صنع في إسرائيل، وأخيرًا هو الباحث الجاد عن الحقيقة في عالم متلوث سياسيا، وهو المثقف العام صاحب الحضور الإنسانى الرصين والنافذ، والذي يطرح أفكاره ورؤاه ووجهات نظره دون غرض نفعى أو أيديولوجيا مسيطرة. 
ويحاكم «تشومسكى» القوى الفاعلة في المشهد السياسي العالمى خلال حواره مع موقع «هيباتيا» التابع لمكتبة الإسكندرية وتنشر «البوابة» أهم تصريحاته.

«كل الطرق تؤدى إلى حرب نووية ونهاية العالم أصبحت وشيكة»، هذه هي الخلاصة التي تخرج بها بعد قراءة أحدث حوارات نعوم تشومسكى المفكر واللغوى الأمريكى الشهير والذي أجراه مع هند عروب مديرة مركز هيباتيا الإسكندرية للتفكير والدراسات.
تشومسكى رفض قصر «حالة البؤس» على العالم العربى، مشيرا إلى أن نفس المشهد البائس تجده في الولايات المتحدة وأوروبا حيث انهارت الديمقراطية الحديثة وصعد في مقابل ذلك توجهات وأحزاب يمنية متطرفة ضاربا أمثلة بصعود ترامب في أمريكا والتصويت البريطانى، الذي بموجبه خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبى وانغلاقها على نفسها مرورا بألمانيا، حيث حقق الجناح اليمينى للأحزاب الفاشية الجديدة نتائج جيدة في الانتخابات المحلية، وفى النمسا حصل الحزب النيو- نازى على ما يعادل نصف الأصوات الانتخابية.
وعن مخاطر اندلاع حرب نووية يمكنها إنهاء الحياة على كوكب الأرض جراء الأزمة بين روسيا وأوروبا قال: هناك أزمة متنامية على الحدود الروسية الأوروبىة وهى أزمة، يمكن أن ينتهى بها المطاف إلى اندلاع حرب نووية، وفى حال نشوب حرب نووية بين القوى العظمى فإن أمر العالم يكون قد انتهى.
تشومسكى رفض إرجاع حالة البؤس التي يعيشها العالم إلى السياسة فقط مشيرا إلى كوارث بيئية مثل ظاهرة الاحتباس الحرارى التي ستكون سببا لا محالة في تفجير حرب نووية بين الهند وباكستان، قائلا: أحد الأسباب الرئيسية لهذا البؤس هو الاحتباس الحراري. إن هذه النقطة لا تناقش كثيرا، ولكن نسبة المهاجرين جراء الاحتباس الحرارى تفوق نسبة اللاجئين الذين يغادرون بلدانهم المدمرة (أفريقيا وخاصة الشرق الأوسط).
وأضاف: ما يحدث الآن مع اللاجئين لا يساوى شيئا أمام ما سيحدث قريبا بسبب الكوارث البيئية. وكنتيجة لارتفاع منسوب مياه البحر، جراء الاحتباس الحرارى، فإن الدول الواقعة على مستوى منخفض كالبنجلاديش ستغمرها مياه البحر، مما سيؤدى بسكانها إلى الهجرة «عشرات ملايين الناس ستهاجر». وستصبح أماكن أخرى من العالم غير قابلة للعيش كدول الخليج، هذه الدول لن تصبح مأهولة بسبب الارتفاع الحراري. أما الحرارة في دلهي/ الهند فستصل إلى ١٢٠ درجة فهرنهايت صيفا، وهذا وضع يتعارض مع شروط الحياة. كما أن مخزون المياه في جنوب آسيا مهدد بالجفاف، الأمر الذي بإمكانه الزج بالهند وباكستان في حرب نووية. للأسف، إن كل هذه الأزمات في تصاعد حول العالم. وفى موضع آخر أكد أن النزاع الباكستانى الهندى لا حل له.
وفى تحليله للمشهد العربى الراهن اعتبر المفكر الأمريكى أن النزاع في المنطقة العربية ليس نزاعا واحدا ولا أحاديا بل إنه متعدد ومتشابك. إذ نجد الصراع الإسرائيلي- الفلسطينى متصدرا لقائمة النزاعات، ثم الصراع بين إيران والسعودية ودول الخليج يمثل جزءا آخر من الصراع، أضف إلى ذلك صراع داعش مع الجميع. 
وفى تفسيره للأزمة السورية قال: هناك خلافات متداخلة تؤسس للأزمة وتعمقها. يتعلق الأمر بنظريتين متباينتين حول كيفية وصول نفط الشرق الأوسط لأوروبا. الاتجاه الأول يريد إيصال نفط السعودية وقطر إلى أوروبا بمروره شمالا عبر سوريا، وهو الاتجاه الذي تدعمه الولايات المتحدة، أما الاتجاه الثانى فيجمع بين إيران، وسوريا والأسد حتى يمر النفط من سوريا ثم البحر الأبيض المتوسط فأوروبا. ويمثل هذا الخلاف عمق الأزمة السورية بينما تتجسد الجوانب الأخرى لهذا الخلاف في وحشية نظام الأسد ودعم روسيا له إضافة إلى فظاعات «داعش».
وفيما يخص الحالة الليبية أوضح أن الهجوم عليها لم يدمرها فحسب بل جعل منها معبرا للاجئين صوب الشمال، إنه جزء مما بات يعرف بأزمة اللاجئين. وللأسف، مازالت أفريقيا تعانى من تبعات نير الاستعمار الأوروبى، لذا فأفارقة جنوب الصحراء يهاجرون جموعا من دولهم».
حظيت جماعات الإسلام المتطرف وفى مقدمتها «داعش» بحظ وافر من تحليل تشومسكى فأوضح أولا أن غرب أفريقيا اليوم يمثل المركز العالمى القيادى الأخطر للإرهاب الإسلامى الراديكالى، والأمر له علاقة بغزو ليبيا، وذلك بالاستناد إلى إحصائيات الأمم المتحدة. فمن تبعات الغزو الليبى - ليس فقط تدمير ليببا- بل تسرب سيل من الأسلحة الثقيلة والجهاديين أيضا إلى غرب أفريقيا. إن هذا ما يعضد تنظيم بوكو حرام وباقى المنظمة الإسلامية الإرهابية في المنطقة غير البعيدة عن المغرب.
وحذر تشومسكى من القضاء على داعش باستخدام القوة العسكرية قائلا: داعش ليست الحلقة الأخيرة. في الواقع، يمكن تدمير داعش عسكريا ولكن الأفظع سيقع بعدها، وهو أمر متوقع من قبل الولايات المتحدة وبعض المختصين في الإرهاب. فمثلا هيلارى كلينتون، صرحت بأنه علينا استخدام Drones القوات الخاصة لقتل البغدادى -رأس داعش- لكنها لو انتبهت لما يقوله بعض خبراء الإرهاب الأمريكيين Bruce Hoffman، الذي حذر من مغبة قتل البغدادى، لما أطلقت تصريحا مماثلا. يعتقد هوفمان، إذا ما قتل البغدادى – الذي هو في صراع مع القاعدة - فإن من سيعوضه سيكون شخصا سيسعى إلى إيجاد صفقة مع القاعدة، وستكون النتيجة تشكل أسوأ منظمة إرهابية. إذ كلما اجتثثنا المنظمات الإرهابية بواسطة العنف فإننا نحصل على شيء أسوأ، والأمر مشابه لعصابات المخدرات، كلما قتلت قيادة إلا ونبت الأفظع، لأن هناك جذورا لمثل هذه المجتمعات والمؤسسات»، مضيفا: هناك دراسة جيدة حول هذا الموضوع، قام بها المحلل العسكري Andrew Cockburn، تحت عنوان «Kill Chain»، وهو يشرح بتفصيل عواقب قتل زعامات المنظمات الإرهابية وجماعات المخدرات. يقول «إننا في كل مرة نحصل على الأسوأ «وهذا ما سيحدث مع داعش حين سنقوم بتدميرها فقط دون النظر إلى الجذور التي أنبتتها. إن شيئا فظيعا سيحدث حتما».
وإذا كانت إسرائيل سعيدة بمشهد الاقتتال العربى- العربى كما يرى تشومسكى إلا أنه أكد أن واقعها ومستقبلها ليس ورديا، لأنها: تعانى اليوم من مشاكل داخلية هائلة، ومن بين هذه المشاكل النمو الديمجرافى السريع لفئة اليهود الأرثوذكس. وهى فئة لا تنخرط في الحياة المتمدنة، فالرجال لا يملكون عملا ولا ينخرطون في الجيش. إنهم يكتفون بدراسة التلمود في المدارس الدينية كالمدارس القرآنية في السعودية. 
ويضاف إلى ما سبق سيطرة اليمين السياسي في ارتباطه بالاحتلال، ويكمن أحد مظاهر هذا التوجه، في تدهور علاقة إسرائيل بمعظم الدول الغربية الديمقراطية، ومن ثم شرعت إسرائيل: في إيلاء تركيزها صوب الديكتاتوريات كسنغافورة والصين وروسيا، وأضحوا يبتعدون رويدا عن المجتمعات الغربية الليبرالية. إنهم واعون بأنهم سيواجهون مشاكل جمة بسبب قضايا حقوق الإنسان.