الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إعلام الحريات "على ما تفرج"!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعض تفاصيل جلسة الإعلام بمؤتمر الشباب كانت دليلًا. الرئيس قال للمنصة: «لما تعملوا كده مع بعض.. الجمهور يسمع إزاى؟». 
تحلى الرئيس بدبلوماسية، كثيرون يطالبونه بالتخلى عنها، خصوصًا فى المواقف التى تستدعى ذلك. 
فى جلسة الإعلام بالمؤتمر، ظهر أن بعض الإعلاميين، ينادون بالديموقراطية، وتداول الرأى، والرأى الآخر، بينما هم الأكثر ديكتاتورية، وشمولية. 
كلام بعضهم عن الحريات، أصبح أكل عيش. بدلة «الحريات» يرتدونها، مساء، أمام كاميرات التليفزيون، ثم يخلعونها فى مؤسساتهم، وفى صحف يديرونها. 
الأستاذ إبراهيم عيسى دليل.. تكلم فى جلسة الإعلام، فرض رأيه. رفض أن يخالفه أحد، رفض أن يقاطعه أحد، بينما هو قاطع، وعارض، ورفض، واستاء. 
بعضهم يرى أنهم وحدهم، هم الرأى، وهم الرأى الآخر. الحريات حرياتهم، والمعارضة معارضتهم، لكن لا رأى آخر، ولا وجهات نظر مقابلة، مقبولة، ولا يحزنون. 
أزمة إعلامنا فى شعارات، بعضهم أكل بها «عيش»، وحاول آخرون، غسل سمعة التصقت بهم فى سنوات فاتت. 
فى جلسة الإعلام، كان أكثرهم ديكتاتورية، هم الذين زايدوا على الحريات. طالبوا بالحريات، حتى لو اقتربت من الفوضى. بعضهم طالب بإلغاء العقوبات الجنائية فى قضايا النشر، حتى لو فى حالات تعمد «التدليس» على الناس. قالوا إن الديموقراطية، والحفاظ على الحريات تستدعي استبدال الحبس بالعقوبات المالية، لكن الحبس مرفوض. 
كانت مزايدات، ومغازلات لمواقع التواصل، لم يكن كلامًا له معنى، أو كلامًا عمليًا فى ظروف مثل ظروفنا، وإعلامًا مثل إعلامنا. 
كان «كلام هرى»، أو كلامًا فى الفاضى. 
إلغاء العقوبات فى إعلام تعمد الدس، والدسيسة، لا يمكن أن يكون مرادفًا للحريات. إلغاء العقوبات فى حالات «التعمد» يعنى تعطيل القانون. إلغاء عقوبة الحبس فى إذاعة أخبار كاذبة مثلًا، يعنى تحييد القانون، حتى مع ثبوت الجريمة، لمجرد صدورها من شاشة فضائية، أو فى سطور مقال منشور. 
خدعونا فقالوا إن هذه هى الحريات. خدعوك فقالوا إن الدول الديموقراطية تتعامل هكذا، مع أن هذا ليس صحيحًا. 
فى التليفزيون الفرنسى، لا يمكن مرور خبر مفبرك عن الجيش. فى التليفزيون الإنجليزى، لا يمكن فتح نقاش علنى مؤيد لـ «تويتة» إهانة لجنود الدولة فى أرياف ويلز. 
لما تكلم عم مكرم محمد أحمد، قال إن الحل فى القانون، ليس فى إغفال القوانين. قال إن الصحفى، فى الجريدة، أو على شاشة الفضائية ليس زعيمًا سياسيًا، لكنه ناقل خبر، ومدير حوار. 
معضلة الذين طالبوا بتحييد القوانين، يرون فى أنفسهم «قادة سياسيين»، وزعماء فوق العادة. هؤلاء سبق وضللوا الرأى العام. سبق وساهموا فى هياج الشارع، وتهديد معنى الدولة، والتندر على الشاشات، بمصطلحات «ضمان الأمن القومى» تحت مليون حجة وبمليون ذريعة. 
كثيرون سبق وحرضوا مع بدايات يناير ٢٠١١ ضد مؤسسات الدولة، ثم هادنوا، وتلونوا، وتغيروا، وحاولوا الاقتراب من نفس المؤسسات، لما استتبت الأمور للدولة. 
لا يمكن إدارة إعلام حقيقى، بلا قوانين، ولا عقوبات. من قال إن الإعلام الحقيقى «ضد القوانين»؟ من قال إن العقوبات فى حالات «الدس» أو «الضرب تحت الحزام» ضد الإعلام وحرياته؟ 
فى جلسة الإعلام، طالب ديكتاتور فضائى عتيد، اعتماد «ضمير الإعلامى» كضامن وحيد للنزاهة، وكانت نكتة. 
منذ متى والإعلام، حتى فى أعتى الديموقراطيات، يدار بالنوايا، وتسليم القط مفتاح الكرار؟ 
من قال إن الديمقراطية حريات على الكيف والهوى، وإن الإعلام الحر هو حريات «على ما تفرج»؟.