الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

جنرالات وإرهابيون| حبيب العادلي.. لعبة الاحتواء بقيادة أحمد رأفت

شهد عصره إطلاق مبادرة «نبذ العنف»

حبيب العادلي
حبيب العادلي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تولى حبيب العادلى وزارة الداخلية عام ١٩٩٧ عقب إقالة اللواء حسن الألفى بعد مذبحة الأقصر التى نفذتها الجماعة الإسلامية وراح ضحيتها ٥٨ سائحًا أجنبيًا، رقى إلى رتبة مساعد وزير الداخلية فى ١٩٩٢، وعين مساعد أول وزير الداخلية لمنطقة القناة وسيناء، ثم مساعد أول وزير الداخلية مدير أمن القاهرة، ثم مساعد أول وزير الداخلية للأمن والمنطقة المركزية.
عُين مساعدًا أول لوزير الداخلية لجهاز مباحث أمن الدولة، الأمن الوطنى حاليًا، فى ٥ فبراير ١٩٩٥، وفى ١٨ نوفمبر ١٩٩٧ عين وزيرًا للداخلية فى مصر وظل فى منصبه حتى إقالة الحكومة المصرية فى ٢٩ يناير ٢٠١١ بعد ثورة ٢٥ يناير.
الظروف خدمت حبيب العادلى كثيرًا فقد جاء وزيرًا للداخلية بعد إطلاق الجماعة مبادرة وقف العنف من طرف واحد دون قيد أو شرط، ووجد العادلى فى ذلك فرصة سانحة فى إيقاف قطار أعمال العنف، وأوكل إلى اللواء أحمد رأفت مسئول ملف النشاط الدينى بجهاز مباحث أمن الدولة هذا الملف، وكان له دور بارز وأساسى فى مبادرة وقف العنف، وهو كرجل مفاوض كان ذكيًا جدًا وفيه الكثير من المميزات عن غيره، وكان رجلًا مناسبًا لإدارة ملف المبادرة.
أرسل حبيب العادلى اللواء أحمد رأفت لمقابلة كرم زهدى أمير الجماعة الإسلامية فى السجن، وقابل قيادات الجماعة فى عام ٢٠٠١ وبدأ فى تفعيل المبادرة معهم من جديد، وتحمل مسئوليتها كاملة وكان كثير من ضباط أمن الدولة يسخرون منه ومن المبادرة ويقولون له إن هؤلاء يخدعونك وإنهم لن يعودوا عن العنف، وقرر أن يأخذ تفعيل المبادرة على عاتقه.
كان اللواء أحمد رأفت بمثابة الدينامو الذى اقتنع بالمبادرة ونجح بإقناع القيادة السياسية بها، وكان حبيب العادلى موافقًا على خروج الجماعة من المعتقلات ويعيشون فى مصر لكن مع فرض طوق أمنى شديد عليهم.
اتسمت فترة حبيب العادلى بالتهدئة مع قيادات العنف والإرهاب، فقد عاشوا فى نعيم وترف فى عهده، وتوقف التعذيب داخل السجون تمامًا بل تحولت حياة هؤلاء إلى رفاهية وسمح لهم العادلى بإقامة الخلوة الشرعية داخل السجون ومعظم قيادات الجماعة أنجبوا أبناءهم وهم داخل السجون.
وقد علق على ذلك على الشريف أحد قيادات الجماعة الإسلامية قائلًا: سجون حبيب العادلى كانت أحسن سجون على وجه الكرة الأرضية، وإن كانت فى بداية توليه نار الله الموقدة والتعذيب ليل نهار، إلا أنه فى النهاية أراحنا فى السجون راحة ممتازة.
أضاف الشريف أن العادلى أوقف تنفيذ جميع أحكام الإعدام على أبناء الجماعة الإسلامية، ولم يعدم أحد ماعدا واحدا أو اثنين قام بإعدامهما ردًا على أحداث الأقصر، وعلى تصعيد بعض الإخوة خارج مصر، والحقيقة كان هناك وعد من مبارك بالعفو عن الإخوة المحكوم عليهم بالإعدام، وملف الإخوة الهاربين فى الزراعات تعهدنا بتسليمهم بأسلحتهم شريطة أن يخرج منهم من لم يشترك فى القتال، ومن اشترك فى القتال منهم لا يحاكم وإنما يمكث فترة لا تزيد علي خمس سنوات داخل السجن ثم يخرج وقد كان، وتم تنفيذ الاتفاق.
أضاف: الملف الثالث الإخوة خارج مصر يعودون إلى مصر والذى تورط فيهم فى أى عمل لا شيء اسمه محاكمات، يمكث عامًا أو عامين معتقلًا ثم يخرج وقد كان.
يكمل على الشريف: لم يمارس علينا حبيب العادلى أى ضغوط من أى نوع بالعكس الفترة التى أخذنا فيها قرار المبادرة كنا مستريحين فى السجن، وكنا اعتدنا عليه ولم يتدخل العادلى أو غيره فى أى شيء يخص المبادرة ولا فى كلمة واحدة فى الأبحاث التى كتبناها. فلا أحد يستطيع أن يملى علينا شيئًا، وهم يعلمون ذلك جيدًا فنحن لا نخشى إلا الله فلذلك لم يتجرأوا.
يكمل على الشريف: الله عز وجل يقول فى كتابه العزيز «وقولوا للناس حسنًا»، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول «خالق الناس بخلق حسن» فى بداية التزامنا فى الدعوة كنا نعتقد أننا لو عاملنا ضباط الشرطة وخاصة ضباط أمن الدولة جيدًا يكون هذا موالاة ولا يجوز شرعًا، ولكن لما منّ الله علينا بالعلم فرقنا بين الموالاة المحرمة شرعًا وبين أن تعامل الناس جميعًا معاملة حسنة، فالرسول عليه الصلاة والسلام كان يعامل المشركين واليهود والنصارى معاملة حسنة، ولم تكن له عدة ألسنة يخاطب بها كل فريق كما يناسبه، ولم يخرج من لسانه إلا الطيب الحسن للصالح والطالح، لذلك تعاملنا مع أمن الدولة معاملة حسنة وتعاونا معهم من أجل إصلاح السجون والإفراج عن المعتقلين، وأنا لا أحب الكذب فضباط أمن الدولة ساعدونا كثيرًا فى حل مشاكل الإخوة وتوفير فرص عمل لهم وأنا اشكرهم على ذلك.
خالد عتمان من قرية ميت مرجة الجمالية الدقهلية انضم إلى الجماعة الإسلامية عام ١٩٩١ وهو فى الصف الأول الثانوى تم اعتقاله من عام ١٩٩٤ إلى عام ٢٠٠٣ بتهمة الانتماء إلى الجماعة، دوره فى الجماعة لم يكن كبيرًا لأنه كان شابا صغيرا فى الثانوية، فكان يمارس الدعوة فى بلده وفى الجامعة بعد ذلك، وتم القبض عليه أثناء توزيعه منشورات للجماعة على الطلبة.
يقول خالد: عندما أعلن قادة الجماعة مبادرة وقف العنف وبدأوا تفعيلها فى عهد حبيب العادلى بدأوا يتوجهون إلينا فى المعتقلات، ولكن لم يأتوا إلينا كشيوخ لأتباعهم أو أخ جاء إلى إخوته وإنما جاءوا إلينا ومعهم جهاز أمن الدولة، فقد ارتمت القيادات فى حضن العادلي، وجعلوا ضابط أمن الدولة ولى أمر الأخ يذهب إليه إذا أراد وكانوا يصفون مسئول النشاط الدينى بأمن الدولة بأوصاف لا يوصف بها إلا المطهرون وكانوا يقولون عليه «أخونا وحبيبنا وإنه رجل يخاف الله ويتقى الله ده ذهب للحج، ده عمل عمرة لكى يصبغ عليه الصبغة الإيمانية الكاملة وأى فرد كان يعترض كان يتم تهديده بالفرم». 
يكمل خالد: صبرنا كل هذه السنين الطويلة لله، واكتشفنا أننا كنا نمشى وراء سراب، فكيف نثق فى هذه القيادات مرة أخرى، وكثير من أبناء الجماعة تغيرت نفوسهم، فالقيادات كانوا يتعاملوا معنا على أننا مجموعة من السفهاء، والحق يقال إن كثيرا من أبناء الجماعة من السفهاء يثقون فى تلك القيادات ثقة عمياء ويجلونهم ويقدسونهم، على أية حال القناعة الفكرية لا يمكن أن تتغير فى يوم وليلة. فعندما سمع أبناء الجماعة فى المعتقلات اعتراف قيادتنا بالخطأ بعد هذه السنين كانوا مثل المخدرين والسكون خيم على الوجوه وكانوا يعتقدون أن هذا كلام للإعلام فقط، يضيف خالد: عندما جاءوا إلينا فى المعتقل تحدثوا معنا بلغة تهديدية ومن سيخالف سيكون منه لجهاز أمن الدولة.
تابع خالد: حدث انقلاب تام فى عهد حبيب العادلى مع قيادات الإرهاب الذين تحولوا إلى دراويش فى حب العادلى، مما دفع حسين عبدالعال عضو مجلس شورى الجماعة الحالى لتأليف قصيدة مدح فى حبيب العادلى وكان مطلعها الحبيب بن الحبيب العادلي، وقد علق على ذلك قائلا: صحيح ولا أنكر ذلك ولكن كنت قد ألقيت هذه القصيدة فى توقيت كنا نحتاج فيه إلى أى مكسب للأفراد، وإذا كان أبوسفيان يحب الفخر فلا مانع من أن نعطيه شيئًا منه، وللأسف أكثر ما قدمه لنا حبيب العادلى هو السماح بدخول الشاى لنا، وقام بإحضار عجل وذبحه للناس فأنا امتدحته فعلًا بهذا الكلمات لعلها تؤثر فيه ويكون لها الفضل فى التخفيف على الأفراد داخل المعتقلات.
من جانبه كشف شريف أبوطبنجة المحامى السابق للجماعة وأحد مؤسسى جبهة الإصلاح أن حبيب العادلى قدم خدمات جليلة للجماعة وقياداتها وسخر جهاز أمن الدولة لحل جميع مشاكل أعضاء الجماعة الإسلامية وذويهم وكان الجهاز يتدخل فى كل كبيرة وصغيرة للجماعة ليس من أجل التحكم أو فرض السيطرة، ولكن تفاديًا لأن يقع ظلم على أحد أعضاء الجماعة فينقلب على الداخلية مرة أخرى.