الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رفسنجاني و"الحرس الثوري"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا كان الشيخ هاشمى رفسنجانى، وهو أحد آخر الآباء التاريخيين لـ«الثورة» الإيرانية يقول ما يقوله عن تدخلات «الحرس الثورى» في سياسة بلاده، فما الذي يمكن أن يقوله يمنى أو سورى أو عراقى أو لبنانى أو عربى خليجى إزاء التدخّلات النارية والفتنوية التي يرعاها مباشرة ذلك «الحرس»؟! رفسنجانى وجّه بالأمس ما يمكن أن يُوصف بأنه أخطر تحذير من نوعه إلى «الحرس الثورى» من تداعيات تدخلاته «في الحياة السياسية الإيرانية»، وفى الانتخابات خصوصًا، ما يعنى «دخوله في مواجهة مع الشارع الإيرانى» على ما ورد حرفيًا في كلام رئيس «مجلس تشخيص مصلحة النظام»!
وذلك «تشخيص» ذو بُعد داخلى، لكنه ينزل بردًا وسلامًا على كل شأن خارجى تتدخّل فيه إيران في هذه المرحلة «العصيبة»، بحيث إن المعنى واحد وإن تعدّدت نشاطاته! والمعنى واحد وإن اختلفت الجغرافيا والأهداف والغايات! «الحرس الثورى» يسعى في بلاده خارج الدستور على ما يقول رفسنجانى، ويدخل في اصطفاف حاد إلى جانب المحافظين في مواجهة الإصلاحيين، ويتمحور في سياق سياسة متنافرة: يتصدى لانفتاح الخارج على الداخل تبعًا لتداعيات التلاقح على قيم «الثورة»، لكنه يبيح لنفسه أن يذهب من الداخل إلى الخارج لتصدير تلك القيم بالشكل الذي يرتأيه.. وذلك لا يعنى شيئًا سوى المسّ الخطير (المدمّر في كل حال) بالكيانات والمجتمعات والنظم السياسية والاجتماعية للدول المستهدفة. واحدة من أخطر التوليفات النظرية المعتمدة لمحاولة تبرير سياسة إيران الخارجية، هي تلك التي درج قادة «الحرس» على تسويقها داخليًا والقائلة- على طريقة «حزب الله» في لبنان- «إن القتال في الخارج هو لحماية الثورة والنظام في الداخل، وإن الأمن القومى يستدعى تشغيل مروحة الفتن على مساحة تمتد من حدود أفغانستان شرقًا إلى شواطئ المتوسط غربًا، واعتبار القتال في سهول نينوى العراقية وتخوم الشام وحلب السورية وجبال صنعاء وتعز اليمنية درعًا ناريًا هدفه المركزى صون الجدار الإيرانى من أذى الأعداء الكثر»! صعب استرجاع أو استذكار نصّ إيرانى واضح، أكان صاحبه إصلاحيًا أو محافظًا، يدين أو يستنكر، أو يعترض على تدخلات «الحرس الثورى» في شئون العرب ودولهم واستقرارهم ومجتمعاتهم! وصعب أكثر الافتراض بأن إصلاحيى إيران لم ينتبهوا للمعادلة الخطيرة القائلة بأن معركة المحافظين ضدهم هي واحدة في الداخل والخارج! وأن الذي يُقتل في حلب أو ضواحى دمشق «دفاعًا عن الثورة» سيرضى بأن يُهزم في طهران أو مشهد من خلال صندوق الانتخابات أو المناورات السياسية وغير السياسية؟! ولذلك تبدو صرخة رفسنجانى خارجية بقدر ما هي داخلية، مثلما هي تعبير ملتوٍ عن قناعة تأخر الجهر بها، بترابط الأهداف عند قادة «الحرس» وحلفائهم المحافظين. القتال مع الانقلابيين الحوثيين في اليمن والتركيبة الفئوية في العراق والسلطة الأسدية في دمشق و«حزب الله» في لبنان هي الرديف الحتمى للاستمرار في الإمساك بالسلطة في طهران! والتطاول على سيادة الدول المستهدفة هو الرديف الحتمى للتطاول على الدستور الإيرانى! والتركيز على تفريخ الميليشيات المذهبية في الخارج هو التتمة المنطقية لـ«تدخّل العسكر في السياسة» على ما اشتكى منه الشيخ رفسنجانى!
تأخّر القول لكنه وصل، وفى ذلك بعض العزاء لكل ضحايا إيران، من العرب والمسلمين!