الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

النهضة والتعمير وفروق السرعات في العمل والإنجاز

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دخلت البشرية خلال تاريخها الطويل فى صراع عنيد مع الطبيعة من أجل الاستحواذ عليها وتسخيرها لخدمة الإنسان. كانت المهمة التاريخية الأولى للإنسان ولا تزال هو إنتاج الوسائل الضرورية لإشباع حاجاته أى إنتاج ما يحتاج إليه فى حياته المادية. ومن أجل ذلك دخل فى صراع ضد الطبيعة. هذا الصراع هو النشاط الإنتاجى وهو النشاط التطبيقى الأصيل للإنسان. ومن خلال هذا النشاط دخل الإنسان فيما بعد فى صراع ضد الإنسان، وبذلك ازدوج الصراع. 
بفضل عمل الإنسان فإنه يجرى تغيير الطبيعة. وإذ يسعى الإنسان لتطوير حياته ورفع مستوى معيشته فإنه يحاول تطوير إنتاجه وقواه المنتجة ولا يجد الإنسان وسائل إشباع حاجاته جاهزة فى الطبيعة وإنما يصل إليها من خلال العمل والصراع العنيف مع الطبيعة وتعظيم الاستفادة منها. ولعل ما يقوم به أبناء مصر على ضفاف قناة السويس حيث يروون بعملهم الشاق وعرقهم رمال الصحراء لتزدهر وتبنى مدنا وعالما جديدا ينتقل بمصر إلى آفاق أرحب وعصر جديد هو التأكيد على العمل. والعمل وحده هو الطريق الوحيد المتاح أمام المجتمع لمواجهة كل مشاكله بما فيها انتصاره على الطبيعة وتسخيرها لخدمته.
إن المثال الواضح لهذا الطرح هو الانتهاء من مشروع سحارة سرابيوم والذى ينقل المياه العذبة إلى سيناء شرق القناة لتروى الصحراء وتزدهر الحياة. وأيضا مشروعات الأنفاق أسفل القناة والتى ستكون بوابة التنمية فى سيناء وربط سيناء بالوادى. وعندما تعمد الدولة لإصلاح وزراعة ١.٥ مليون فدان إلى جانب مشروعات الإسكان الاجتماعى ومحدودى الدخل. وحينما تقوم الدولة بشق الجبال وإقامة الكبارى وتبحث وتنقب عن ثرواتها الطبيعية فى مياه البحر المتوسط وتكتشف أكبر حقول الغاز فى العالم. فإن هذه المشروعات العملاقة تعنى أن الإنسان المصرى انتصر بالعمل المخلص الشاق فى صراعه ضد الطبيعة ونجح فى الوصول إلى ما فى باطن الأرض وما فى أعماق البحار من ثروات وكنوز.
يمكن للمرء أن يلاحظ أن هناك فروقا كبيرة فى السرعات المرتبطة بالعمل والحركة والإنجاز بين مؤسسة الرئاسة والحكومة. فمؤسسة الرئاسة لديها القدرة لدراسة الموقف من جميع جوانبه وتعرف أبعاده وحيثياته وتعرف حجم التهديدات والتحديات والمخاطر الخارجية والداخلية وأسلوب مواجهتها بالعمل والتفانى فيه وإتقانه بالقدر اللازم من السرعة، فالقيادة السياسية فى سباق مع الزمن وتعيش على أعصابها لتوفير احتياجات مواطنيها. بينما نجد على الجانب الآخر وأقصد الحكومة الغالبية الأعم من أعضائها يدهم فى الماء البارد وأعصابهم هادئة وكأنهم لا يعيشون معنا ولا يقدرون صعوبة ودقة وخطورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والمشاكل التى تحيط بالناس من كل جانب والتى تتطلب الحمية والعمل بكل جدية وأمانة. 
ولذلك أستسمح رئيس مجلس الوزراء أن أتوجه لسيادته ببعض التساؤلات التى تعبر عن نبض الشارع وضميره وغضبه.. أبدأ بالسيد وزير الصناعة ما التكليفات التى حملها عندما أصبح وزيرا لهذه الوزارة؟.. كم مصنعاً من المصانع التى توقف نشاطها بعد ثورة الخراب العربى ٢٠١١ تمت إعادة تشغيلها؟ وما المجهود الذى بذله فى الاتصال بأصحاب هذه المصانع ومحاولة التعرف على المعوقات التى تمنع إعادة تشغيلها ومحاولة حلها؟.. أنتقل إلى حقيبة وزارة الآثار وأسأل، كيف للسيد الوزير أن يغمض له جفن وهو يسمع الكم الهائل من الشكاوى والغضب الذى عبر عنه بعض المرشدين السياحيين المحترمين من أن المناطق السياحية تحيط بها جبال من القاذورات والمخلفات العفنة (الزبالة). والأكثر من ذلك فقد سمعت بأذنى من أحد المسئولين عن المتحف المصرى الذى يشم المرء عندما يدخله عبق التاريخ وعمق الحضارة المصرية القديمة حضارة سبع آلاف سنة أن التراب يغطى القطع الأثرية، وسألته المذيعة كيف يستقيم هذا الوضع والدولة تدفع عشرات الملايين من الدولارات لجذب السائح الأجنبى، وكان رد المسئول قصور الميزانية. إننى أتساءل هل أدوات النظافة لإزالة الأتربة من على القطع الأثرية تحتاج إلى مبالغ ضخمة من ميزانية المتحف؟ من المؤكد لا وألف لا. والأدهى والأمر أنه لا توجد دورات مياه نظيفة تتناسب مع مكانة المتحف. كما لا توجد دورات مياه فى المناطق السياحية. هذا الوضع السيئ وهذا الإهمال واللا مبالاة والانبطاح الفكرى والتخلف الإدارى بل وغياب الضمير عن أى قيادة تسهم فى هدم الدولة وتسىء إلى سمعة السياحة المصرية تستحق سرعة المحاسبة. حدث هذا الحوار منذ بضعة أيام فهل ستتم محاسبة المسئولين عن هذا العبث الذى يصل إلى حد الجريمة فى حق الوطن؟.. إننى أتساءل كيف يستمر السيد الوزير فى عمله وأيضا كيف يستمر هؤلاء المسئولون عن المتحف المصرى فى عملهم؟.. معالى الدكتور شريف إسماعيل تعلم سيادتك أنك المسئول الأول أمام الرئيس والشعب والبرلمان عن متابعة أعمال السادة الوزراء وتقييم أدائهم وإعفاء من يثبت تقاعسه عن أداء رسالته.. دكتور شريف إسماعيل لماذا لا تستدعى الدكتور زاهى حواس ليحمل حقيبة وزارة الآثار، وهو الأثرى العالمى الذى بدأ حياته أثريا صغيرا وتدرج فى المناصب حتى وصل إلى منصب الوزير، وبالتالى يعرف كل صغيرة وكبيرة فى هذه الوزارة وأيضا يعرف من الصالح ومن الطالح من القيادات. إن اسم زاهى حواس أكبر دعاية للآثار والسياحة فى مصر. وهناك فى مجالات العمل المختلفة أعلام مصرية لجميع التخصصات يمكن الاستعانة بها والاستفادة من علمها وخبراتها مثل الدكتور زاهى حواس.
معالى رئيس الوزراء. يواصل الجنيه المصرى انهياره أمام الدولار الذى لا يزال يسجل ارتفاعا وهميا يوميا غير مسبوق دون أى منطق اقتصادى، حيث وصل سعر الدولار لأكثر من ١٥ جنيها وسط شائعات بتعويم الجنيه. كل ذلك أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بصورة فجة. واللوم هنا يجب أن يوجه إلى المجموعة الاقتصادية لمجلس الوزراء التى تفتقد الرؤية المستقبلية للسياسة الاقتصادية لمصر والتى يغيب عنها التجانس والتوافق والتنسيق بين السياسة النقدية المسئول عنها محافظ البنك المركزى والسياسة المالية المسئول عنها وزير المالية والسياسة التجارية المسئول عنها وزير الصناعة والتجارة. ورغم أن هناك كارثة اقتصادية تمر بها البلاد إلا أن المجموعة الاقتصادية ما زالت هى المسئولة عن إدارة الاقتصاد المصرى.
سيادة رئيس مجلس الوزراء، مصر غنية بكوادرها وعلمائها وخبرائها الاقتصاديين العالميين فى الداخل والخارج بعضهم يحتل مناصب رفيعة فى المؤسسات الدولية بالخارج. فلماذا لا نستفيد منهم؟ وما الذى يمنع من أن ننظم لقاء أو اجتماعا مصغرا ندعو إليه نخبة منهم لنتعرف على آرائهم لمواجهة المشكلة الاقتصادية الحادة وأزمة الدولار العنيفة فى مصر. ويمكن أن يكون الاجتماع على هيئة حلقة نقاشية (تعصيف العقل) وهو أسلوب علمى يمارسه العالم المتقدم كله. وأيضا ما الذى يمنع الحكومة من إعداد حزمة من القوانين لوقف البلطجة الاقتصادية والغش التجارى ومنع احتكار السلع فى السوق المصرية، على أن يتضمن كل قانون ثلاثة أو أربعة بنود فقط تكون بسيطة واضحة محددة باترة يصل فيها الحكم إلى الإعدام. فالمستورد الذى يستورد الأغذية الفاسدة إنما يرتكب جريمة كبرى فى الدنيا وأكبر الكبائر فى الآخرة ألا وهى قتل البشر. 
وتاجر العملة المجرم إنما يساهم فى خنق الاقتصاد المصرى ويستحق أن يعدم. كما أننى أتساءل لماذا لا نجبر المصريين العاملين بالخارج على تحويل ٣٠٪ من دخلهم بالعملة الأجنبية إلى وطنهم الأم مصر. 
وهو أسلوب تتبعه كل الدول التى لديها مواطنون بالخارج. وفى حالة امتناعهم لا يتم تجديد تصاريح العمل لهم إلا بدفع ٥٠٠٠ دولار عند تجديد تصاريح العمل لكل منهم.
ألم أقل لكم إن هناك فرقا فى السرعات.