الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

ماذا يفعل "أردوغان" و"خامنئي" في الدول العربية؟

دراسة خاصة لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة

أردوغان وخامنئي
أردوغان وخامنئي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أنقرة تتدخل في الأراضى السورية والعراقية بهدف السيطرة على أجزاء من البلدين عبر وكلائها
طهران تسعى لبسط نفوذها بدعم ميليشيا «الحشد الشعبى» في العراق والحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والمقاتلين الباكستانيين والأفغان في سوريا

لا تزال تداعيات ما سمى بالربيع العربى تطغى على مجريات الأحداث في المنطقة، فبين ليلة وضحاها تحولت الثورات التي بدأت سلمية بهدف معلن وهو إسقاط الأنظمة غير الديمقراطية إلى عمليات عنف منظمة هدفها كسر الجيوش في المنطقة وإسقاط الدول القائمة بما يخدم أطماع دول أخرى، وباتت المنطقة العربية رهينة مجموعة من الحروب التي تدار بالوكالة لصالح مجموعة من القوى الإقليمية والدولية.
لم تعد الحدود في إقليم الشرق الأوسط ثابتةً كما رسمتها القوتان الاستعماريتان السابقتان بريطانيا وفرنسا قبل مائة عام فيما عُرف باتفاق «سايكس-بيكو» الذي تم بموجبه اقتسام إرث الدولة العثمانية بعد تعرضها للهزيمة في الحرب العالمية الأولى.
إذ تعرضت تلك الحدود -سواء داخل الدول أو بين الدول- للتحريك، وصارت «جوالة»، خاصة في السنوات الست الماضية بعد سقوط نظم، وتفكك دول، وصعود ميليشيات مسلحة، وتمدد تنظيمات إرهابية، وتدخل أطراف إقليمية، واشتداد حروب الوكالة، وتدويل صراعات داخلية عربية، بحيث صارت الحصيلة عدم استقرار الخرائط الجغرافية في الإقليم على معطى واحد، إلى درجة أن هناك من يرى أن تغيير الحدود لن يتوقف عند مستوى معين.
وقد سبق أن قال مسعود بارزانى رئيس إقليم كردستان العراق في حوار مع صحيفة «الحياة» اللندنية، في ٦ فبراير ٢٠١٥: «إن الحدود الموروثة من اتفاقات «سايكس بيكو» هي حدود مصطنعة، وأن الحدود الجديدة في المنطقة تُرسم بالدم داخل الدول أو بينها».
وعبر عن هذا المعنى أيضًا الكاتب غسان شربل في الصحيفة نفسها في ١٢ أكتوبر الجارى، بقوله: «لا العودة إلى الحدود السابقة مطروحة، ولا الاعتراف بالحدود الجديدة واردة»، فقد يتم تشكيل دول قائمة على أسس جديدة، أو توسيع دول قديمة، بشكل يختلف عن التصورات الأمريكية السابقة التي جسدها مشروع الشرق الأوسط الجديد و«الفوضى الخلاقة» الرامية إلى التفتيت أو التقسيم.
فلم تعد هناك أهمية محورية لما يطلق عليه «ديكتاتورية الجغرافيا» أو «السيادة المطلقة» للدول في الإقليم؛ إذ أن هناك مجموعة من التحولات الرئيسية التي تبرهن على تحول جغرافيا الصراع داخل منطقة الشرق الأوسط، على نحو ما تعكسه النقاط التالية:

مركزية متلاشية
إذ لم تعد الدولة هي الفاعل الرئيسى المحتكر للقوة الإكراهية في التفاعلات الإقليمية، بل برزت أدوار فواعل عنيفة من غير الدول، وخاصة خلال مراحل التحول من الثورات إلى الصراعات، مثل الميليشيات المسلحة، والتنظيمات الإرهابية، والكتائب المناطقية، والقوى المذهبية التي كونت ما يشبه «الجيوش الموازية».
وتشير تفاعلات الصراعات الداخلية العربية المسلحة إلى عدم قدرة أي طرف على حسم الصراع لمصلحته في مواجهة الأطراف الأخرى، وبالتالى تغير خريطة الدول عما كانت عليه قبل عام ٢٠١٠.
وقد عبَّر عن هذا المعنى بوضوح جون برينان مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية خلال مؤتمر للاستخبارات نظمته جامعة جورج واشنطن في العاصمة الأمريكية في ٢٧ أكتوبر ٢٠١٥، قائلا: «عندما أنظر إلى الدمار في سوريا وليبيا والعراق واليمن، عليَّ أن أتخيل وجود حكومة مركزية في هذه الدول قادرة على ممارسة سلطة على هذه الحدود التي رُسمت بعد الحرب العالمية الثانية»، وأضاف: «الحل العسكري مستحيل في أيٍّ من هذه الدول، ومن الخطأ الذهاب مباشرة باتجاه البحث عن تسوية نهائية في الوقت الراهن، بل يجب اعتماد إستراتيجية الخطوات الصغيرة عبر السعى إلى خفض درجة التوتر وتقليص حدة النزاع وبناء الثقة بين الأطراف الراغبة في التوصل إلى تسوية سلمية».
واتفق معه في هذا التحليل مدير الاستخبارات الفرنسية برنار جاجوليه بقوله: «إن الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهى إلى غير رجعة»، مضيفًا: «نحن نرى أن سوريا مقسمة على الأرض، النظام لا يسيطر إلا على جزء صغير من البلد وهو ثلث مساحة سوريا التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية.. الشمال يسيطر عليه الأكراد، ولدينا هذه المنطقة في الوسط التي يسيطر عليها تنظيم داعش.. والأمر نفسه ينطبق على العراق.. فالشرق الأوسط المقبل سيكون حتمًا مختلفًا عن الشرق الأوسط ما بعد الحرب العالمية الثانية»، وهنا، ساد اتجاه في بعض الكتابات يتحدث عن «التجزئة داخل الحدود» أو «الحدود الهجينة داخل الدولة الواحدة».

مطامع أنقرة
وهو ما تعبر عنه السياسة التركية تجاه بؤرتى الصراع في سوريا والعراق عبر ترسيخ وجودها في بعشيقة شمال الموصل، والتقدم نحو منبج بعد الاستيلاء على جرابلس في شمال سوريا.
وقد تمثل الهدف المعلن الذي تطرحه أنقرة في حماية أمنها القومى من الفوضى على حدودها، وحماية السنة من سيطرة الشيعة والأكراد، لا سيما بعد ممارسات ميليشيا «الحشد الشعبى» في مناطق السنة التي تم تحريرها في الفلوجة، على نحو يثير المخاوف من تكرار هذه الممارسات بعد تحرير الموصل.
غير أن الأهداف الحقيقية من التواجد العسكري التركى هو السيطرة على أجزاء أو أقاليم من البلدين عبر وكلاء لها، وفى هذا السياق، نشرت صحيفة «ديليليش» التركية، في ١٨ أكتوبر ٢٠١٦، خريطة لتركيا تضم أجزاء من العراق وسوريا، وتحديدًا مناطق كركوك والموصل وأربيل وحلب وإدلب والحسكة، على نحو دعا إعلاميين ونشطاء سياسيين لتداول صورة غلاف عدد الصحيفة على نطاق واسع.
إذ أنها تتزامن مع محاولات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وفقًا لاتجاهات عديدة، استعادة «أمجاد» الإمبراطورية العثمانية، لا سيما حينما قال في ١١ أكتوبر الجارى: «إن تركيا ستنضم لعملية تحرير الموصل، وأن أي محادثات بشأن مصير المدينة ترتبط بالأمن القومى التركى».
وأضاف أردوغان: «إن بعض الدول تأتى من على بُعد آلاف الكيلومترات للقيام بعمليات في أفغانستان وغيرها وفى كثير من المناطق، مدعية أنها تشكل تهديدًا لها، بينما يقال لتركيا التي لها حدود بطول ٩١١ كم مع سوريا و٣٥٠ كم مع العراق، لا يمكنك التدخل وبلادنا مهددة من تلك الحدود».
وقد جاءت تصريحات أردوغان متزامنة مع بدء تحرير الموصل من سيطرة «داعش»، ورفض الحكومة التركية سحب جنودها رغم طلب الحكومة العراقية، حيث تتخوف أنقرة مما تطرحه الخطة الأمريكية لتحرير الموصل، والتي تتمثل في تأمين ممر في غرب الموصل بين سوريا والعراق على نحو يمكن أن يعظم من النفوذ الإيرانى في مواجهة الدور التركى.
ولا يقتصر هذا التوجه التركى على الشرق الأوسط، بل يمتد إلى الدول الأوروبية؛ حيث اعتبر الرئيس أردوغان، في ٢٩ سبتمبر ٢٠١٦، أن معاهدة لوزان في عام ١٩٢٣ التي رسمت معظم حدود تركيا الحالية «هزيمة وليست نصرًا» لتركيا، وهو ما أتبعه بالهجوم على اليونان، عندما اعتبر ضم جزر في بحر إيجه إلى اليونان تفريطًا في السيادة التركية، حيث أشار إلى أن «من يصرخ من على الساحل التركى يُسمع صوته في الجزر في اليوم التالى»، وهى تصريحات وصفها رئيس وزراء اليونان إليكسيس تسيبراس بأنها «خطيرة».

تمدد إيران
تطلق الكثير من الأدبيات على ما تقوم به طهران في عدد من العواصم العربية بـ«إيران التمدد»، سواء من خلال التقارب السياسي أو التواجد العسكري أو التعاون الاقتصادى أو التشيع الثقافى، خاصة أن هناك اتجاهًا داخل إيران يرجح سيناريو تقسيم الدول العربية خلال المرحلة المقبلة، بما يصب في صالح طهران.
ففى هذا السياق، قال كبير مستشارى المرشد الأعلى للجمهورية، رحيم صفوى، في ندوة «التحولات الجيوبوليتكية في العالم الإسلامى» بطهران في ١٨ أكتوبر ٢٠١٦ إن «بعض الدول في المنطقة كالعراق وسوريا وليبيا تتجه نحو التقسيم، بحيث ينقسم العراق إلى ثلاث دويلات، وسوريا إلى قسمين، وليبيا إلى قسمين».
وتتصدر أولويات طهران إضعاف الجماعات السنية على نحو يعكس دعمها لزيادة السيطرة الجغرافية لحلفائها، سواء قوات الجيش الوطنى وميليشيا «الحشد الشعبى» في العراق، أو جماعة الحوثيين في اليمن، أو حزب الله في لبنان، أو جيش الأسد والمقاتلين الباكستانيين والأفغان في سوريا، فضلا عن حرصها على الدفاع عما تُطلق عليه «مظلومية» الشيعة في العالم، رغم أنها تنتصر لمصالحها في النهاية.

تطلعات الأقليات
وهو ما تعبر عنه سياسات الأكراد في إقليم كردستان العراق الداعية إلى الانفصال وإعلان الاستقلال وإقامة دولة كردستان، حيث صار إقليم كردستان مستقلا من الناحية الفعلية عن العاصمة بغداد إلا فيما يتعلق بالتجارة والاستثمار.
وفى هذا السياق، صرح مسعود برزانى في مقابلة مع «بى بى سى» بأن «سايكس بيكو انتهت، وسيحصل الأكراد في النهاية على دولة مستقلة دائمة»، ويحظى بارزانى بدعم أردوغان، وهو ما يعكس التطلع التركى لرعاية وحماية هذا الإقليم بسبب الحدود الجغرافية المجاورة، وقد يسعى إقليم كردستان العراق إلى توسيع أراضيه باتجاه المحافظات العراقية المحاذية للإقليم، وترسيم حدودها، وتغييرها ديموغرافيًّا.
على الجانب الآخر، يبرز التدخل العسكري التركى في عمق الأراضى السورية بعد إحكام القوات الكردية السيطرة على مدن وبلدات شمال سوريا، بسبب التخوف من إقامة دولة كردية على الحدود مع تركيا، وهو ما يمكن أن يشجع أكراد تركيا البالغ عددهم نحو ١٥ مليون تركى على ولوج هذا المسار.
في حين يقابل هذا السلوك التركى تصور سائد في بعض الكتابات يشير إلى ضرورة احتواء الجماعات المستقلة الأكثر ديناميكية في الشرق الأوسط التي تدعى عدم حصولها على حصتها العادلة من الحدود، كالأكراد والشيعة والقبائل السنية، بحيث يمكن استيعاب طموحها للحكم الذاتى دون محاولة تنفيذ إعادة ترسيم الحدود الرسمية، فقد كان الأكراد في روجافا حذرين عبر وصفهم حكومة إقليمهم باعتبارها جزءًا من الدولة السورية، في الوقت الذي يقومون فيه بـ«تكريد» الأراضى التي يتم تحريرها.

حدود الدم
إذ لم تعد تلك التنظيمات -وخاصة «داعش»- تستهدف فقط أمن الدول والمجتمعات، بل تسعى للإقامة في مناطق فراغ إستراتيجي ذات كثافة سكانية مرتفعة في دول رئيسية، تحتوى على موارد طبيعية.
فقد نشر تنظيم «داعش»، منذ بداية انتشاره في شمال العراق في منتصف عام ٢٠١٤، خريطة لتصور المناطق التي يسعى للسيطرة عليها تضم ست دول هي: العراق، والكويت، والأردن، وسوريا، ولبنان، وفلسطين، على نحو يعكس أن «داعش» يمثل، وفقًا لرؤيته، دولة عابرة للحدود التقليدية.
وعلى الرغم من جهود قوات التحالف الدولى، والأدوار التي تقوم بها بعض القوى الإقليمية في مواجهة تمدد ما يمكن تسميته بـ«الجيوش الخاصة الجوالة» على طول خطوط الحدود بين دول الشرق الأوسط، والتي أدت إلى تقليص كوادرها، وتراجع مصادر تمويلها، وانكماش سيطرتها على بعض المناطق؛ فإنها لا تزال باقية.
ومن هنا، ترجح تقديرات عديدة أن تتجه قوات «داعش» الهاربة من نيران معركة الموصل إلى الامتداد على طول الحدود السورية-العراقية، حيث تتوافر مساحات مفتوحة، بما يجعلها أقرب ما يكون إلى «حدود دم».
وقد قال مؤخرًا مبعوث الرئيس الأمريكى للتحالف الدولى ضد تنظيم «داعش» بريت ماكغورك: «إن الانتصار في الموصل لا يعنى نهاية تنظيم داعش، ولكنه سيُقيد التنظيم، ويمهد الطريق للمعركة الثانية في عاصمته السورية الرقة».

التنظيمات الإرهابية
على نحو ما تعكسه صعوبة التفاهم بين تنظيم «داعش» والتنظيمات الكردية المتعددة في سوريا والعراق، والميليشيات المسلحة مثل «الحشد الشعبى» في العراق والحوثيين في اليمن، والتنظيمات الإرهابية مثل «القاعدة في اليمن» و«القاعدة في بلاد المغرب الإسلامى»، و«جبهة النصرة» «فتح الشام» لاحقًا في سوريا، فضلا عن القبائل المتعددة في ليبيا واليمن، بشكل يجعل من المتعذر الاتفاق على خطوط الحدود الجديدة أو الإيمان بوجودها، وهنا يُمكن القول إن التقسيم الجغرافى الناتج عن الصراعات يصاحبه تشكيل هويات مختلفة واقتصاديات جديدة.
اقتصاديات الحدود
وهى الشبكات التي تغذى انعدام أمن الحدود غير القابلة للضبط، لا سيما أن الجهات المعنية بضبط الحدود -في بعض الحالات- غير معلومة بل هي داعمة لاختراقها، بحيث أصبحت حدود بعض دول الإقليم تخضع لإدارة مزدوجة أو موازية فيما يطلق عليه نمط «السيادة المتعددة» بما يضفى على الجماعات المسلحة التي تسيطر على المراكز الحدودية المحلية مظهرًا من الشرعية.
وقد يحدث ذلك بهدف إرضاء القبائل المحلية المسيطرة على المراكز الحدودية، على نحو ما تُشير إليه حالة ليبيا بعد انهيار نظام القذافى، لمنع المساس بتجارتها ومصدر تمويلها، وقد امتدت حالة الانكشاف الحدودى الليبى مع مصر ودول المغرب العربى إلى بقية الحدود العربية الأخرى.
فقد تصاعدت عمليات شبكات «اقتصاديات الحدود» في أنحاء مختلفة من إقليم الشرق الأوسط، خلال السنوات الماضية، عبر تهريب واسع للأسلحة والمخدرات والأموال والبضائع والبشر، على نحو أدى إلى تجاوز مهام عناصر الأمن وقوات حرس الحدود ومراقبة خفر السواحل، بمستويات غير معتادة من الاختراقات.
ورغم أن هذه الممارسات كانت قائمة طول الوقت، وصُنفت بأنها جرائم قانونية، إلا أنها تزايدت بدرجة كبيرة في مرحلة ما بعد الثورات العربية، مع الأخذ في الاعتبار صعوبة تقدير حجم هذه النوعية من التبادلات التجارية غير الشرعية، وفقًا لاختلافات معدلات النمو ونمط الحياة ونظم الاقتصاد وحالة الأمن داخل الدول الواقعة على جانبى الحدود.

تمركز روسي
وهو ما ينطبق بشكل واضح على الوجود الروسى في سوريا بعد الاتفاق على تحويل قاعدة طرطوس السورية إلى قاعدة دائمة للأسطول الروسى ونشر منظومتى «إس ٣٠٠» و«إس ٤٠٠» بما يؤدى إلى توسيع مهام روسيا في سوريا، ويعزز سعى قوات نظام الأسد لرسم ملامح واضحة لـ«سوريا المفيدة».
ووفقًا للعميد أحمد رحال القيادى في الجيش السورى الحر، فإن القوات الروسية تنتشر في ٢٥ نقطة برية سورية بين حلب وحماة وحمص ودمشق، إلى جانب القاعدة البحرية في طرطوس، التي تمثل ترسيخًا لـ«الاحتلال الروسى» للأراضى السورية.
ويعكس الوجود العسكري الروسى في سوريا ترسيخ مكانة إستراتيجية لموسكو في مواجهة القوى الغربية، حيث قال وزير الخارجية الروسى سيرغى لافروف خلال مؤتمر «الشرق الأوسط.. التوجهات والآفاق»، في ٢٠ أكتوبر الجارى: «إن عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط هو نتيجة هندسة الغرب الجيوسياسية؛ حيث أدى تفكك مؤسسات الدولة، إضافة إلى عملية التجزئة غير المتحكم بها، إلى ظهور منابع توتر عديدة في سوريا واليمن والعراق وليبيا، بما في ذلك ممارسة التدخل في شئون الدول الداخلية، ومحاولة تغيير الأنظمة غير الموالية، وإحلال الديمقراطية وفقًا للمقاييس الملائمة لهم».
تقسيم التقسيم
خلاصة القول، إن جغرافيا الصراع في الشرق الأوسط في نهاية عام ٢٠١٦ تشير إلى تشكل خرائط مختلفة وحدود جديدة بواسطة فاعلين قدامى وجدد تختلف عما كان سائدًا قبل عقود، بعد سقوط الحدود الفاصلة بين بؤر الصراع في سوريا والعراق، ودعم بعض القوى لميليشيات متصارعة، وعدم اعتراف الميليشيات المسلحة بخطوط الحدود، وتنامى الميول الانفصالية للفاعلين العنيفين، وتصاعد الدور الروسى الجديد في الإقليم، على نحو يعكس الإقامة في أرض لا خريطة لها.