الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف تشكل تنظيم اغتيال العميد عادل رجائي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ شهر تقريبًا.. قال لنا مصدر أمنى إن الأجهزة السيادية رصدت أمرا قد يكون له صدى في الأيام المقبلة.. وهو أن عددا من العناصر الإسلامية يحاولون العودة خلال هذه الفترة إلى مصر.. قادمين من سوريا والعراق وأفغانستان وتركيا.. منهم من يأتى بطريقة شرعية ويحمل تأشيرة دخول ويدخل عبر ميناء القاهرة الجوى.. ومنهم من يتسلل عبر الحدود بطرق غير شرعية.
واستطاعت سلطات المطار التحفظ والقبض على بعضهم.. ممن يوجد بشأنهم بيانات ترقب وصول، عقب وجود معلومات وتحريات تثبت انتماءهم إلى تنظيمات إرهابية، واشتراكهم في تلقى تدريبات وضلوعهم في وقائع إرهابية بالخارج، وأضاف أنه للأسف يوجد من يستطيع الدخول عبر المطار، لأنه مجهول أمنيا لا توجد معلومات أو بيانات بشأنه ويحمل تأشيرة الدخول.. لأن هؤلاء من سافروا أثناء حكم المعزول «محمد مرسي»، والفترة التي أعقبت ثورة ٣٠ يونيو، والبعض منهم شباب كانوا صغارا في السن وغير منتمين إلى تنظيم بعينه، وبالتالى غير معروفين للأجهزة الأمنية، ولكن يتم رصدهم بقدر الإمكان، وتقوم السلطات في المطار بالقبض على أي شخص تشتبه فيه حتى لو كان يحمل تأشيرة دخول.. كما أنه يتم رصد بعض العائدين عن طريق «السودان وليبيا»، ولكن العودة عن طريق «السودان» هي الأكثر خطورة حاليا.. خصوصا أن الأجهزة الأمنية والسيادية تركز بشكل أكبر على الحدود الشرقية والغربية، أما الجنوبية فهى للأسف لا تشهد نفس التحصين والتأمين، وبالتالى فإن بعض العناصر تنجح في التسلل داخل البلاد عن طريق الحدود مع السودان.
وبالفعل فإن العمليات الإرهابية بدأت في الظهور من جديد.. خصوصا في «القاهرة» منذ ذلك الوقت تقريبا، ولعل أولها كان محاولة اغتيال النائب العام المساعد الشهر الماضى في التجمع الخامس، ثم ارتفعت وتيرة الأحداث من جديد في سيناء، حتى وقعت الحادثة الأخيرة التي راح ضحيتها ١٢ من جنود وضباط القوات المسلحة عقب الهجوم على كمين «أبو زقدان».. عندما هاجم مسلحون ينتمون إلى تنظيم «ولاية سيناء» الجنود أثناء أدائهم صلاة الجمعة بوابل من الرصاص مستخدمين سيارات الدفع الرباعى.
ومنذ شهور لم تشهد سيناء حادثا كهذا.. وكانت الأخبار الواردة منها متعلقة كلها بما يحققه الجيش المصرى من انتصارات على العناصر الإرهابية داخل معاقلهم.. بما يدعم فكرة السيطرة النهائية والكاملة على سيناء وتطهيرها من التكفيريين خصوصا ممن ينتمون إلى «ولاية سيناء» و«بيت المقدس»، وهما من التنظيمات الموالية لتنظيم داعش.
ويقول الخبراء الأمنيون، يبدو أن التنظيمات الإرهابية تتبع دائما نفس الطريقة التي تتقنها ألا وهى الهدوء وادعاء الاستسلام بشكل مؤقت الذي قد يمتد إلى شهور طويلة.. ويكون «أولا» لالتقاط الأنفاس وانتظار وصول دعم جديد من الخارج وعمل تدريبات للتجهيز لعمليات متوقعة بخطط حديثة ومتطورة، وانضمام عناصر بشرية جديدة، و«ثانيا» حتى تشعر القوات بالقضاء عليهم، ومن ثم يتبع ذلك بعض الاسترخاء، وبعدها يعود الإرهاب ليضرب من جديد مستغلا هذه الحالة ويفاجأ الجميع بعملية جديدة.. خصوصا أنه بعد عملية الهجوم على الكمين، انتشرت مرة أخرى عناصر في مناطق العريش والشيخ زويد بين الأهالي بسيارتهم وراياتهم الداعشية في مواكب استعراضية، وهو المشهد الذي اختفى في الشهور القليلة الماضية، وقبضوا على بعض المدنيين ونفذوا حكم الإعدام فيهم بدعوى التعامل سرا مع الجيش والشرطة، في محاولة لبث الرعب في قلوب المواطنين من جهة، وإرسال رسالة إلى النظام المصرى وللخارج أنهم استعادوا السيطرة على سيناء من جديد من جهة أخرى.. ولكن الجيش بشهادة أهالي سيناء أنفسهم لم يمهلهم كثيرا، وشن غارات على معاقلهم وقتل العديد منهم، ولكن كما هو معتاد تحصنوا ببيوت بعض الأهالي، وهو ما جعل الجيش يتراجع عن شن غارات على هذه المناطق.
ولكن يبدو أن فترة السكون كانت تمهيدا لتطوير خطير في العمليات الإرهابية.. حيث أقدمت التنظيمات على اغتيال قائد في الجيش، وهى المرة الأولى تقريبا التي يتم فيها استهداف قيادات في القوات المسلحة، حيث قتل العميد «عادل رجائى» قائد الفرقة ٩ مشاة أمام منزلة هو وسائقه وأصيب حارسه، فقد تبين أن الجناة استخدموا دراجة نارية وكانوا بانتظاره أسفل بيته، وعندما خرج في ميعاده اليومى في السادسة صباحا أطلقوا عليه الرصاص واستشهد في الحال.. ثم أعلن تنظيم يدعى «لواء الثورة» عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» مسئوليته عن الحادث.
تم الربط بين التنظيم وجماعة الإخوان المسلمين لأكثر من سبب.. كما يوضح «مصدر أمنى».. لأن العملية تشبه كثيرا الجرائم الإخوانية التي حدثت في الماضى والحاضر مثل اغتيال «النقراشى» مثلا، وهى رصد الضحية أثناء الخروج من المنزل أو العمل وإطلاق الرصاص عليها عن طريق عناصر بشرية، والهروب من المكان بسرعة البرق، كما يضيف أن هذه الطريقة متبعة مع الأشخاص الذين لم تحيط بهم حراسة كبيرة، لأن الأشخاص الذين تحيط بهم الحراسة فإن استهدافهم غالبا يكون بالسيارات المفخخة، أو بزرع القنابل بجانب المواكب، مثلما حدث في محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم، وفى هذه الحالة يكون الجناة تابعين لتنظيمات أكثر تعقيدا وقوة مثل «أنصار بيت المقدس»، إنما «الإخوان» عادة تنبثق منهم مجموعات صغيرة بإمكانيات لا تتعدى إطلاق الرصاص، وليس تفخيخ سيارة، وهو السبب الثانى وراء الربط بالإخوان، حيث أعلن تنظيم يدعى «لواء الثورة» مسئوليته، لأن الإخوان حاليا خرجت منهم مجموعات حديثة صغيرة تم استقطاب أعضائها من الشباب، عن طريق المساجد والصالات الرياضية «الجيم» ومن المقاهى، خصوصا في المناطق الشعبية، حيث الشباب المحبط بسبب البطالة، لتكوين جماعات مسلحة منبثقة عن الجماعة. 
وقد عمل الإخوان في الفترة الماضية على ممارسة أدائهم القديم، فقد استغلوا بداية الدراسة ودفعوا المصاريف للفقراء واشتروا لهم الملابس والكتب الدراسية، كما أنهم عندما يعلمون أن شخصا مريضا بحاجة إلى علاج غالى الثمن، أو إجراء عملية جراحية فإنهم يساهمون في ذلك مساهمة كبيرة، بل ويتبرعون بتحمل التكاليف كاملة في بعض الحالات، صحيح هم يصنعون ذلك وعيونهم على انتخابات المحليات، لكنهم أيضا استطاعوا استقطاب عناصر جديدة من الشباب الناقم على الحالة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر.. ونجحوا في تكوين مجموعات صغيرة يدير كل مجموعة أحد الكوادر الوسطى الشبابية، وتعمل الجماعة بالأساس على تكوين كوادر جديدة تعوض الكوادر الموجودة في السجون الآن، وهى التي تنظم عمل اللجان النوعية وذلك بناء على توجيهات قيادات التنظيم الدولى بالخارج.. وعلى تعليمات القيادات المسجونة حاليا، حتى لا تصاب جماعة الإخوان بالموات، ويؤكد المصدر الأمنى أن «لواء الثورة» في الغالب إحدى هذه المجموعات الجديدة وأن إطلاق الأسماء والمسميات على هذه المجموعات من أجل تشتيت الأمن وإرباك الأجهزة.
وللانتقام دور كبير فيما حدث لقائد الجيش.. وهو أيضا أمر معروف تاريخيا عن الجماعة المحظورة، والذي كان مسئولا طوال عامين عن هدم الأنفاق في سيناء التي يتم تهريب السلاح والنقود والبشر عن طريقها، والإخوان الآن يروجون كذبا أن هدم الأنفاق يتسبب بدوره في حصار أهالي «غزة»، وجعلهم فريسة سهلة لإسرائيل حتى يجلبوا التعاطف مع الفلسطينيين من ناحية، ومن ناحية أخرى يبثون الكراهية في قلوب البسطاء تجاه النظام بأنه ظالم ويحاصر أهلنا في غزة، ومن هنا يقتنع البعض ممن يستطيعون السيطرة عليهم واستقطابهم بأن هذا الرجل المسئول عن هدم الأنفاق يستحق التصفية، بدعوى أن هذه الأنفاق يتم تهريب الطعام والأدوية عن طريقها للأهالي، وهدمها يتسبب في تعرضهم للموت جوعا ومرضا.. كما أن العميد الشهيد «رجائى» كان مسئولا عن تأمين القاهرة أثناء فض اعتصام «رابعة والنهضة»، وطبعا للإخوان ثأر يخص فض رابعة تحديدا.
كما أن يوم الاغتيال وافق يوم تأييد الحكم على الرئيس المعزول «مرسي» وأعوانه بحكم محكمة النقض، بالسجن ٢٠ عاما في قضية أحداث الاتحادية، وقد أصبح الحكم نهائيا، وهو سبب أيضا للربط بين ما حدث والإخوان.. أي أنه كما يقول المسئول الأمنى بالفعل توجد عدة أسباب للربط بين قتلة قائد الجيش والجماعة بشكل محدد وواضح وليس تنظيمات خارجية مثل جرائم أخرى.. ويؤكد المسئولون في وزارة الداخلية أن هذا الاغتيال يستدعى إعادة النظر في الخطط التأمينية لحماية أرواح ضباط القوات المسلحة والمسئولين بصفة عامة، وهو ما تعمل عليه الوزارة حاليا.. كما أن الوزارة الآن ترفض وجود أي تجمعات لجنسيات غير مصرية في أي مكان، وجاء ذلك بعد طلب من «الجالية السودانية» بإقامة «مدرسة» خاصة بهم في منطقة «الدقى»، وقد رفضت الأجهزة الأمنية والسيادية هذا الطلب، وقال المسئولون إنه لا تحبذ إقامة أي تجمع قد يعمل في وقت من الأوقات ضد الدولة.. كما أنه سبق ذلك طلب من «السوريين» أيضا بإقامة تجمع سكنى لهم في مدينة السادس من أكتوبر وتم رفض الطلب أيضا.