رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الحلال والحرام..

الرسول بولس
الرسول بولس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سألني أحد الأحبة قائلًا: نعلم أن المسيحية تسمو فوق "الحلال والحرام"، فقد قال الرسول بولس: "كل الأشياء تحل لي" (1كو 6: 12)، فما هي الحدود التي يمكن للمؤمن الحقيقي أن يتعامل فيها مع أشياء لا يوجد عنها نص صريح يمنعها، ليحتفظ بضمير صالح وحساس؟
وللإجابة على هذا السؤال أقول:
إن المؤمن الحقيقي يدرك أنه شخص سماوي وبركاته سماوية وليست أرضية مما تحت الشمس، وأنه هنا لرسالة ودور ينبغي أن يؤديه، وهو يستعمل هذا العالم كمفردات يحتاج إليها في رحلته نحو السماء، ويدرك أنه ليس من العالم وأنه لا يملك شيئًا منه، وأن مسرته ولذته الحقيقية هي في مخافة الرب وفي الشركة معه والتمتع بالأمور الروحية. فقد قال سليمان في نهاية حياته: "فلنسمع ختام الأمر كله (خلاصة الاختبار والتجارب): اتق الله واحفظ وصاياه، لأن هذا هو الإنسان كله" (جا12: 13). والمؤمن يدرك أن الوقت هو جزء من الوكالة التي يؤتمن عليها وسيُعطي عنها حسابًا. وهو بكل أمانة يراجع نفسه قائلًا: "أهو وقت لهذا أو ذاك؟" إنه لا يعيش لذاته وإرضاء رغباته بل لكي يمجد الرب ويكرمه، ولكي يكون سبب بركة للآخرين، ويتطلع إلى المجازاة أمام كرسي المسيح، عالمًا أن الذي يرى في الخفاء يجازي علانية. والرسول بولس الذي قال ثلاث مرات: "كل الأشياء تحل لي"، أضاف قائلًا: "لكن ليس كل الأشياء توافق"، وأيضًا "لا يتسلط عليّ شيء" (1كو 6: 12)، وأيضًا "ليس كل الأشياء تبني" (1كو10: 23). والشخص الروحي يميز الأمور المتخالفة ويختار الأفضل بحسب الحس الروحي المدرب في كيانه الجديد. 
وعن الأشياء التي لا يوجد نص كتابي صريح يمنعها، يستطيع المؤمن المسيحي أن يمتحنها في ضوء الأسئلة التالية:
1 - هل هذا الأمر من العالم أم من الله؟ والرسول يوحنا أخبرنا أن ما في العالم هو "شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة". وقد حذَّر الأحداث أن لا يحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم (1يو 2: 15 و16). 
2 - هل هي تمجد الله أم تهينه؟ فالكتاب يقول: "وكل ما عملتم بقول أو فعل فاعملوا الكل باسم الرب يسوع شاكرين الله والآب به" (كو3: 17). وأيضًا "إذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئًا فافعلوا كل شيء لمجد الله" (1كو 10: 31). 
3 - هل هي ثقل أم معونة؟ هل تفتح شهيتك للكتاب والصلاة وتحفزك على مزيد من التكريس والركض في السباق الروحي. أم العكس؟ يقول الرسول: "لنطرح كل ثقل... ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا" (عب12: 1). علينا أن نراجع العلاقات والصداقات والالتزامات في ضوء ذلك. 
4 - هل هي عثرة للآخرين أم بركة؟ يقول الرسول بولس: "ولسنا نجعل عثرة في شيء لئلا تُلام الخدمة" (2كو 6: 3). أيضًا "إن كان طعام يُعثر أخي فلن آكل لحمًا إلى الأبد، لئلا أعثر أخي" (1كو 8: 13). إنه أمر خطير أن نصدم أو نعثر أو نفشل المؤمنين الصغار. ويجب أن نكون قدوة حسنة لهم في الكلام والمظهر والتصرف. 
5 - هل تستطيع أن تطلب بركة الرب عليها، أم تخجل من ذلك؟ إذا كنت تستطيع بكل ثقة أن تصلي طالبًا المصادقة الإلهية على هذا الشيء وأن يستخدمه الرب لبركة النفوس، وأن تُقدم الشكر للرب بعد أن تم، فأنت في الخط الصحيح. 
6 - هل هي تبني أم تهدم حياتك؟ "ليس كل الأشياء تبني" ويجب أن تفحص ما تقرأه أو تسمعه أو تشاهده. كذلك نوعية الأصدقاء وكافة صور التسليات في ضوء هذه الحقيقة. 
7 - هل جوهرها موافق أم لها مظهر الشر وجوهرها غير نقي؟ إن كنت تستطيع أن تقول للرب: "اقبل واذهب مع عبدك" لهذا المكان أو ذاك، والرب بسرور يرافقك ويؤيدك، فأنت تستطيع أن تمضي بسلام دون عثرة في الضمير. 
إن الشخص المخلص والبسيط سيقوده الرب ويُعلِّمه ويرشده الطريق الصحيح ليسلك فيه. وهذا هو طريق السعادة الحقيقية عندما يختبر ما هو مرضي عند الرب.