الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"البوابة نيوز" تخترق السوق السوداء لتجارة الدولار عبر "فيس بوك".. 11 سمسار عملة يعرضون خدماتهم على "أكونت وهمي".. سعر الأخضر 15.89 جنيه.. خبراء: غلق شركات الصرافة سبب الأزمة ويجب ضبط مديري هذه الصفحات

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نجح محرر "البوابة نيوز" في اختراق المجموعات والصفحات التي تتاجر في العملة الأجنبية بالسوق السوداء، عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" الذي اعتبر منبرا كبيرا لترويج السماسرة لأنفسهم من أجل شراء العملات الأجنبية وبيعها مهما كانت كميتها، والتي كشفت عن كثير من التفاصيل بشأن التجارة الممنوعة والتي تهدف إلى تدمير الاقتصاد الوطني.
وتبدأ المحادثة كالتالي 
س: بشتري دولار أو ريـال أو يورو بأحسن سعر للتنفيذ في الإسكندرية... خاص برجاء للجدية
ص: بتشتري مبالغ صغيرة؟ ولا كله كبير؟
س: أي كمية متاحة يا فندم
ص: يعني معايه 150 دولار بيقولولي دا مبلغ صغير محدش هيغيروا؟ هل صحيح؟
س: وانا معايا ١٠٠ دولار يا تري حضرتك بتغير على كام
كلمني على الخاص يا فندم..
كانت تلك دردشة صغيرة من بين عشرات الدردشات المماثلة التي تعبر عن ظاهرة أصبحت منتشرة في مصر بصورة كبيرة وملحوظة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، فنحن بصدد سوق سوداء فيس بوكية كبيرة بدأت في الظهور خلال الفترة الأخيرة التي شهدت أزمة الدولار داخل السوق مصر.
"إذا كان لديك دولارات فأنت ستستطيع بيعها لأعلى سعر والذي يصل إلى 15.50 جنيه للدولار الواحد"، وفق ما يشاع عبر تلك المنابر الفيس بوكية، والتي لا يقتصر البيع فيها على الدولار فحسب وإنما يتم التعامل على الريـال السعودي واليورو أيضًا.
صفحات مواقع تواصل، مجموعات، أشخاص، هاشتاجات أغلب تلك الأدوات هي التي تستخدم من قبل مروجي العملة الصعبة عبر فيس بوك للتواصل مع الطرف الآخر، فأنت هنا تجد أمامك الأمر أشبه بمغارة "على بابا"، وأنت ونصيبك فهناك من يعطي أسعارًا كبيرة وهناك من هو أقل وهناك من يعطيك السعر وفقا للكمية التي لديك من دولارات، وكلما كان لديك كمية أكبر من الدولارات كلما أعطاك سعرًا أفضل.
وفي ظل تنامي ذلك السوق السوداء الكبيرة عبر "فيس بوك" يصبح هناك العديد من الأسئلة التي بحاجة إلى إجابة بدايتها من المسئول عن تلك الصفحات وكيف يديرها وأين الأجهزة الرقابية بالدولة حيالها، هذا ما حاولنا الإجابة عليه.
البوابة حاولت اختراق السوق السوداء لبيع الدولار عبر تلك الصفحات التي تدعي أنها مخصصة للإعلان عن سعر الدولار والعملات الأخرى في السوق المصرية.
تقمصنا شخصية مواطن يريد تبديل 1000 دولار للجنيه المصري وبمجرد تقمصنا للشخصية حتى انهمرت الرسائل الإلكترونية على الحساب الوهمي الذي أنشأناه خصيصا من أجل التواصل والمتابعة معهم.
الرسائل جاءت بشكل سريع من أكثر من 8 حسابات إلكترونية مختلفة منهم من يقول أن السعر 15.60 قرشا ومنهم 15.89 قرشا كأعلى سعر وصل لنا وهناك من قال "انت منين وعاوز كام؟ مطالبا ضرورة الجدية وصدق التعامل" وجميعهم يتعاملون عن طريق الرسائل خوفا من كشف أمرهم، إلا إن هناك آخرين ردوا على المنشور وتحدث بالسعر علانية حتى وصل عدد تجار العملة الذين تواصلوا معنا أكثر من 11 تاجرا.
السمت العام داخل تلك الصفحات والمجموعات يخبرك أنها تتحرك بلا خوف ولا شعور بوجود أزمة في الدولار داخل البلاد، الجميع هنا يريد أن ينهي مصلحته بصورة سريعة، والملاحظ أيضا هو حديث التجار من وراء حجاب حيث لا يظهر شخصية التاجر أو أي معلومات خاصة عنه داخل صفحته على السوشيال ميديا وإن ظهر فهناك حالة من توخي الحذر في التعامل مع من يطلب تحويل عملات.
تواصلنا مع صاحب أعلى سعر وهو 15.89 قرشا للدولار وسألناه حول كيفية التوصل إليه والتعامل معه فأكد أنه من حلوان، مشيرا إلى أنه مستعد في أي وقت المقابلة معه واتمام عملية التبادل الأمر الذي جعل هناك تصور لأنه لا يعمل وحده تقريبا ولكنه طلب رقم الهاتف من أجل التواصل معه إذا ما كنا موافقين على السعر الذي حدده.
قمنا بالرد بحجة وجود العديد من العروض الأخرى أمامنا مع التأكيد على العودة للحديث مرة أخرى معه حال مناسبة العرض الذي طرحه وحديثه مع اخباره بأنه سيتم التواصل معه عبر إرسال رسالة خاصة قبلها، إلا إنه قال أنه غير موجود دائما على الفيس بوك ومن الممكن أن يكون هاتفه مغلق وهنا حاولنا التهرب مؤكدين عدم استعجالنا وضرورة انتظاره حتى نراجع باقي العروض القادمة إلينا.
وهنا بات أمامنا دليل على أن حيتان العملة بالسوق السوداء يعتمد جزء كبير من تعاملاتهم عبر السوشيال ميديا وقمنا بتصوير ما يطرح تساؤلات كثيرة علينا حول خطورة تلك الظاهرة وأسبابها فحاولنا معرفة تأثير تلك الظاهرة المستحدثة والمنتشرة جدا على مواقع التواصل عبر استطلاع آراء عدد من الخبراء والمتخصصين في الشأن الاقتصادي.
من جانبه، أكد الدكتور مصطفى النشرتي، الخبير الاقتصادي واستاذ التمويل والاستثمار بجامعة مصر الدولية أنه عندما صدر قرار محافظ البنك المركزى الخاص بغلق شركات الصرافة انتقلت تجارة العملة إلى البواب والمكوجى ومحال فوري من خلال النت والمجموعات المغلقة عبر فيس بوك التي تعرض مبالغ معينة للبيع ثم يحدث أن يلتقي البائع مع المشتري لإتمام عملية البيع المتفق عليها.
وأضاف النشرتي أن الخطورة هنا تكمن في أن الدولار أصبح عملة تداول بين الأفراد داخل المجتمع المصري وهنا سنصل إلى مرحلة أن محال التجزئة والسوبر ماركت وغيرها لن تقبل الجنيه وستطلب الدولار مقابل السلعة وهنا سنصل إلى مرحلة تعرف باسم مرحلة الدولرة حيث يصبح الدولار عملة شعبية وهو الأمر الذي حدث بالفعل في لبنان والبرازيل، مطالبا بضرورة تطبيق دور الجهات الرقابية والأمنية لغلق تلك الصفحات والجروبات الخطيرة.
وأضاف: الحل هنا يكمن في ربط الجنيه المصري بـ 10% ذهب و30% دولار و30% جنيه استرليني و30% يورو، منتقدا تغطية الجنيه المصري لـ6% فقط بالذهب، لافتا إلى ضرورة إنشاء البنوك لشركات صرافة داخل دول الخليج العربي لجمع الدولار من منبعه من أموال المصريين بالخليج، مقترحا تطبيق نظام التداول الإلكتروني للعملات الأجنبية حيث يتم ربط فروع البنوك وشركات الصرافة في شبكة إلكترونية وإذا أراد أحد العمال بيع أو شراء الدولار يتقدم بطلب للشبكة الإلكترونية التي تتولى حصر كم البيع والشراء وتحديد سعر استكشافي حسب كمية المعروض للدولا وهنا ستكون معلومات المشتري والبائع معروفة إلكترونيا إلى أن يتم تطبيق قانون تجريم بيع العملة خارج تداول البنوك.
وأكد الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، أن ما يجري مجرد عبث يبدو أن ذلك العبث مقصود من قبل محافظ البنك المركزي على حد وصفه.
وأضاف أن السوق السوداء تزدهر وتنتشر بذلك الشكل سواء على السوشيال ميديا أو بين الأشخاص بعد غلق شركات الصرافة ورفع الدولة يدها عن الدولار، لافتا إلى أن تلك السياسة بدأ فيها محافظ البنك المركزي منذ الفترة التي أكد خلاله على أهمية تخفيض الجنيه أمام الدولار وتعويمه وهو ما ساهم في انعاش السوق السوداء وهو ما يفسر غياب الرقابة على مثل تلك المنابر، لافتا إلى أنه يبدو أن الدولة تطبق املائات صندوق النقد الدولي عليها والتي كانت تنص على أن يكون سعر صرف مرن للجنيه المصري يسمح بالتخفيض والتعويم وإلغاء دعم الطاقة قائلا "عشان كدا السوق السوداء بيبرطع" منتقد في ذلك غياب دور الحكومة.