الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"النور" في حضن الظلام "الداعشي"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستوقفنى كثيرًا أداء حزب النور فى الحياة السياسية، وتحديدًا منذ موقفه الحربائى ، الذى لا أستسيغه ، من ثورة ٣٠ يونيو. فلم أتفهم تركيبة هذا الحزب سلفى الهوى، الذى برز دوره وقت سيطرة جماعة الإخوان على حكم مصر، وكان من أشد المؤيدين لها، وسجلت له صولات وجولات فى الصدام مع المجتمع من خلال فتاواه الغريبة، التى كانت كفيلة بمحاكمته وإدخال أعضائه السجن، ثم تحول فجأة إلى مناصر ومؤيد لثورة ٣٠ يونيو، وسعى للانضمام للمشهد الجلل فى ٣ ـ٧، وأصبحا أعضاؤه يتظاهرون باعتناقهم مبادئ ديمقراطية، مدنية، هى بعيدة كل البعد عن صياغتهم الفكرية القائمة على إعلاء الانتماء السلفى على فكرة الوطن!
حزب النور الذى يدعى أنه أُسس على مبادئ مدنية وليس دينية، سبق وأن أعلن ـ بشكل فج وصادم للمجتمع المصرى ـ أنه يدعم حمل السلاح فى الأزمة السورية ضد النظام العلوى وروسيا حليف النظام الاستراتيجى. هذا الاتجاه يتعارض مع السياسة الرسمية للدولة المصرية، وكذلك يعد دعوى صريحة للشباب للجهاد فى سوريا، والانضمام إلى الجماعات المسلحة، للقيام بأعمال إرهابية فى الداخل السورى، أو فى الدول التى تطالب بالتخلص من المنظمات الإرهابية فى دمشق.
حزب النور الذى يصدر لنا فكرة أنه يحترم القانون والدستور، ويضع المواثيق الدولية فى الاعتبار، سقط فى فخ التآمر بإرادته، بموقفه الداعم للعمليات المسلحة فى سوريا، حيث إن المنظمات الإرهابية، التى يساندها فكريًا، صدرت ضدها قرارات من مجلس الأمن للأمم المتحدة تصنفها على أنها جماعات إرهابية، مثل تنظيم داعش، وتنظيم جبهة النصرة، فحزب النور لا يرى أن هذه الجماعات تمارس الإرهاب، بل يراها «جماعات مقاومة»، ويطالب بتدعيمها، وهو ما يؤكد أن هذا الحزب يعلن وبشكل واضح وصريح اصطفافه العلنى مع سياسات جماعات معادية، ليس للدولة المصرية فحسب، ولكن للعروبة والإنسانية كلها.
لم يكن هذا كل ما يقلقنى من حزب النور، الحقيقة أننى لا أنسى دور هذا الحزب أيام الرئيس المعزول محمد مرسى، عندما أعلن الأخير فى احتفالات ٦ أكتوبر، الجهاد ضد النظام السورى الحالى، وكان من بين من دعوا للجهاد فى سوريا قيادات حزب النور، الذين كانوا متواجدين فى هذه الاحتفالية، وصفقوا لهذه الدعوة إلى أن أدميت أكفهم، من شدة التصفيق المؤيد، بل وزايدوا على ذلك بضرورة إرسال المجاهدين لتحرير سوريا.
قد يظن حزب النور السلفى أنه يخدع الجميع بادعاء الوسطية، إلا أن تصرفاته كلها تفضح هذا الادعاء، وتقول عكس ذلك، لذا لم يعد هناك مناص من الاتجاه لوقفة من الجميع ضد هذا الحزب، ودفعه لمراجعة نفسه، كذلك على أجهزة الدولة ألا تتهاون مع هذا التيار السلفى المتحزب، وإنفاذ القانون، لأن سياسته وممارساته تتعارض مع نصوص صريحة فى الدستور، الذى يقول إنه لا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى، أو ممارسة نشاط ذى طابع عسكرى أو شبه عسكرى. وحزب النور هو أخطر الأحزاب السياسية فى مصر حاليًا، يقوم على أساس دينى، وقياداته لها نشاط دينى، وفتاوى شاذة معروفة للجميع.
يكفى أن هذا الحزب هاجم شيخ الأزهر عندما عبّر عن رأى فقهى ثابت لدى الأزهر منذ عهود؛ حول تعريفه لأهل السنة والجماعة، وتحديده للمذاهب التى تندرج تحت هذا العنوان، فإذا بالحزب يتبنى موقفًا قبل أن يتبين الحقيقة، أو حتى يقرأ بيان الأزهر الشريف، ولم تتوقف همجية الحزب عند مهاجمة شيخ الأزهر فقط، بل امتدت إلى كل رجال الأزهر الشريف، وانضم إلى الجماعات المعارضة لهذه المؤسسة الوسطية العريقة، وردد نفس هجومهم البغيض.
فإذا لم يعتدل فكر هذا الحزب وينصلح حاله، ليس أمامنا سوى أن يقدم للمحاكمة، وأن يتم حله طبقًا لصريح القانون والدستور. مصر تحتاج لمن يبنيها، لا لمن يهدمها باسم الدين.