الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

اعتبار مفقود السفينة أو الطائرة ميتًا بعد 15 يومًا بدلا من 4 سنوات يثير الجدل.. الصيفي: تخفيف على أهله.. مهران: لمصلحة أسرته.. والجندي: ماذا لو تزوجت أرملته وظهر حيًا؟

مجلس الوزراء
مجلس الوزراء
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وافق مجلس الوزراء، على تعديل بعض أحكام قانون الأحوال الشخصية للمسلمين، باعتبار الشخص المفقود ميتا عقب مرور 15 يوما على فقدانه بدلا من 4 سنوات، في المادة 21 من القانون، وجاء بالتعديل أن يعتبر المفقود ميتًا بعد مضي مدة 15 يومًا على الأقل من تاريخ فقده، في حالة ما إذا ثبت أنه كان على ظهر سفينة غرقت أو في طائرة سقطت، وبعد مضي سنة إذا كان من أفراد القوات المسلحة وفقد أثناء العمليات الحربية، أو من أعضاء هيئة الشرطة وفقد أثناء العمليات الأمنية، وعند الحكم بموت المفقود أو نشر القرار على الوجه المبين في المادة السابقة، تعتد زوجته عدة الوفاة، وتقسّم تركته بين ورثته الموجودين وقت صدور الحكم "، وقد لقي هذا التعديل جدلا كبيرا بين خبراء القانون والذين رأى بعضهم أنه تعديل فيه مصلحة لأسرة المتوفى تخفف عن كاهلهم التعب في الانتظار أربع سنوات في المحاكم حتى يحصلوا على معاشه، وتقسيم تركته، وأن المفقود سيعتبر متوفى بعد الإثباتات والدلائل التي تقدمها الجهات الأمنية بينما رأى آخر أن هذا التعديل لم يراع في الاعتبار إذا ظهر المفقود وأصبح حيا وقد تزوجت زوجته زوجا آخر وأنجبت منه فكيف يتم التعامل هنا وهل ستصبح زوجة من فيهم. 

قال الدكتور أحمد مهران، الفقيه القانوني والدستوري، مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية والسياسية: إن الغرض من هذا التعديل هو أنه يعتبر المفقود حيا فيما ينفع لا فيما يضر ويعتبر المفقود ميتا فيما ينقص من حقوقه ويزيد من التزاماته، مضيفا أن المفقود في طائرة وسفينة لها خصوصية خاصة، وهذا التعديل قد يكون به مصلحة لأسر المفقودين في حوادث كبيرة مثل سقوط طائرة أو غرق سفينة ولكن التعامل مع الغارق في سفينة أو المفقود في حادث طائرة هلكت كل أفرادها ونوقف حقوق أولاده أو زوجته 4 سنوات فهو نوع من التعسف لمصلحتهم، ولذلك إذا كان الأمر في خصوصية خاصة بغرق سفينة أو سقوط طائرة أو رجال الأمن والقوات المسلحة بهذه التعديل فهو مقبولا، مضيفا أنه من يتم اختفائه لأسباب غير معلومة فلابد أن نعود للقاعدة العامة وهى 4 سنوات.
أضاف مهران، أن 15 يوما هو ميعاد تنظيمى فقط بمعنى أنه بعد مرور 15 يوما سنبدأ في اتخاذ الإجراءات القانونية لمصلحة أسرة المفقود كتقسيم التركة فنقوم بعمل إعلان وراثة سيستغرق شهرين في المحكمة ثم رفع دعوى يفصل فيها بعد 3 أو 4 شهور تقريبا ولو هناك تقسيم تركة سيستغرق سنة ونصف إلى سنتين تقريبا، لأنها تحتاج لخبير مثمن وليس معنى الـ 15 يوما أن الزوجة يحق لها أن تتزوج ولكن عليها أن ترفع دعوة قضائية بعد 15 يوما من فقده للحصول على حكم قضائى لتحكم المحكمة أنه متوف، ومن تاريخ الحكم تبدأ الزوجة تعد عدتها وبعدها يحق لها الزواج، وأيضا من تاريخ الحكم نرفع دعوة لتقسيم التركة والميراث، وهذا كله حتى يستفيد آباء المفقود من معاشه مثلا ليعرفوا أن يعيشوا بالحياة.
تابع مهران، أنه إذا ظهر الشخص المفقود ولم تحكم المحكمة بوفاته فهنا نتقدم للمحكمة بظهوره لتحكم المحكمة بعدم قبول الدعوة لانتفاء المصلحة من اعتباره ميتا، وإذا ظهر بعد حكم المحكمة سيعود كل شيء كما كان لأن مجرد ظهوره يبطل كل شيء وذلك بإقرار وجوده أمام المحكمة وستقضى بإلغاء الحكم وأى شيء تغير بسبب وفاته تعود كما كانت.

من جهته قال الدكتور جمال الصيفى، الخبير القانونى، جرت نصوص القانون على أنه يحكم باعتبار المفقود ميتا بعد مرور أربعة أعوام على فقده وذلك بعد التحري واستظهار القرائن ويكون ذلك بحكم قضائي لضمان عدالة التحقيق وكان الدافع لاشتراط مرور أربعة سنوات حتى يكون الحكم الصادر باعتبار المفقود ميتا أقرب مايكون إلى اليقين إذ رأى المشرع أن الغياب لمدة أربع سنوات دون اتصال أو ظهور مؤديا إلى فقد الأمل في عودة الغائب ولكنه اشترط إجراء تحقيقا دقيقا واستظهار القرائن التي تؤدي إلى صدور حكم قضائي باعتبار المفقود ميتا وما كان هذا التضييق الا لما لمثل هذا الحكم من اثار جسيمة مثل أن تعتد الزوجة ويحق لها الزواج باخر بعد انتهاء عدة الأربعة اشهر وعشرا ومثل أن تعتبر أموال المحكوم باعتباره ميتا ميراثا وايلولتها لورثته إلى آخر مايترتب على هذا الحكم من أثار.
أضاف الصيفى، أنه كان هذا هو الاصل المعمول به ولكن بعد التقدم في مناحي الحياة لوحظ أن الفقد قد يكون نتيجة كارثة من الكوارث كحوادث سقوط الطائرات أو غرق السفن وما إلى ذلك من كوارث وعليه ونظرا لأن الفقد في مثل هذه الحوادث وعدم العثور على المفقود حيا أو ميتا فيكون الغالب موته خاصة مع تقدم وسائل البحث وجسامة تلك الحوادث، لذلك وتخفيفا على ذوي المفقود في مثل هذه الحوادث فقد استثناهم القرار المزمع صدوره من القاعدة العامة فضلا عن أنه جعل اعتبار المفقود في مثل هذه الحوادث ميتا يكون بقرار يصدر من الجهة المنوط بها ذلك وهي غالبا جهة البحث فلم يعد الأمر في هذه الحالات مستلزما حكما قضائيا وهو مسلك محمود وهو كما سبق القول استثناء ورد على سبيل الحصر في النص المعروض وهو ما يعني أن هذا الأمر يتعلق بالحالات الواردة بالنص اما ماعداها فإنها يخضع للقاعدة العامة وهذا الأمر مسلك محمود لما فيه من تخفيف لوقع الكارثة على ذوي المفقود يمكنهم من الحصول على التعويضات المقررة والتي قد لا تجبر الضرر وإنما تخفف من وقع الكارثة كما أن صدور مثل هذا القرار هو تمكين لأهلية المفقود من استئناف حياتهم دون انتظار دون طائل وتعلق بأمل مستحيل.

بينما الدكتور عادل عامر، أستاذ القانون العام، رأى أن المحكمة لن تصدر الحكم بوفاة المفقود بعد 15 يوما إلا بعد تقديم الأدلة المادية التي تثبت وفاته بالفعل، مضيفا أن المشكلة في النص القديم أنه كان يؤجل إصدار شهادة الوفاة للمفقود في عمليات حربية أو في البحر اربع سنوات، وهذا يعطل الأمور المالية للأسرة ويعطل تقسيم التركة ويسبب مشكلة كبيرة للأسرة للانفاق على نفسها لأنه لم يصدر بعد شهادة وفاة للمفقود، موضحا أنه بعد الاحداث الأخيرة بعد ثورة يناير سواء إرهابية أو فقدان في هجرة غير شرعية أو طائرة انفجرت أو غيرها كانت هناك مشاكل تقابل أسر المفقودين تقدموا بشكوى أنهم لا يعرفون التصرف في صرف المعاش إلا بعد مرور 4 سنوات، وهنا فرض الموقف على مجلس الوزراء لتعديل بعض الأحكام من القانون لتسهيل هذه الإجراءات لهم واعتبر المفقود في هذه الحالات متوفيا بعد 15 يوما لتسهيل الإجراءات للأسر.
أضاف عامر، أنه إذا مرت فترات طويلة على إعلان الشخص متوفيا ثم ظهر هذا الشخص المفقود حى بعد ذلك وعاد لمنزله فهنا يتقدم هذا الشخص إلى المحكمة التي أصدرت حكما بوفاته لتلغى الحكم وتعيده مرة أخرى للحياة وتثبت أنه حيا، وهنا يقول القانون أنه إذا غرقت السفينة وفقد الشخص ولم يتم العثور على جثته وهنا تقدم الجهة الأمنية المختصة أنه مفقودا وبعد 15 يوما يعتبر بعد ذلك متوفيا.
ومن جهة أخرى تتعارض مع التعديل القانونى رأى المستشار هيثم الجندى، الخبير القانونى، المتحدث باسم أهالي الأطفال المختطفين، أن هذا التعديل القانونى سيتسبب في مشاكل في الزواج وذلك بان الزوجة التي فقد زوجها واعتبر ميتا بعد هذه المدة ثم ذهبت وتزوجت زوج آخر بعد انتهاء عدتها ثم أصبح زوجها المفقود حيا ولم يكن ميتا ففى هذه الحالة هذه الزوجة أصبحت متزوجة زوجين وبالقانون ولكن في هذه الحالة ما حق الزوج الأول الذي كان مفقودا ؟ وهل له الحق في إقامة دعوة ضد زوجته ؟ فالقانون لم يحسم هذه الجزئية في هذه الحالة وهنا ستنشأ مشاكل بين الزوجين لا محالة، متسائلا ماذا يحدث لو انجبت الزوجة من الزوج الثانى وكان الزوج المفقود حيا ثم عاد ؟، مضيفا أن هذه أكبر مشكلة ستقابل هذا القانون وخاصة أن مجتمعنا شرقى وأى أرملة سيأتى لها زوج وقبلته ستتزوجه بالطبع، موضحا أن هذا التعديل من الممكن يصح مع الأطفال لأنه ليس لديه أسرة وزوجة ويمكن أن نسميه مفقودا وليس متوفيا لأن قول إنه متوف فهنا سنغلق ملف البحث عنه من قبل الجهات الأمنية وهذه مشكلة ثانية لأن هناك الكثير من المفقودين يعودون بعد عام أو اثنين أو أكثر.