الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

محمد الباز يكتب: "سيلفي" خامئني في القاهرة.. لماذا كل هذا الغضب؟

محمد الباز
محمد الباز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يمكن أن تستوعب موجة الغضب التى انتابت مشيخة الأزهر، من رفع صورة لمرشد الثورة الإيرانية على خامئنى عبر اعلان ترويجى لقناة الغد الإخبارية التى يرأسها الاعلامى الكبير عبد اللطيف المناوى، فالمؤسسات الدينية الكبيرة التى تقدم نفسها على أنها حامية الاسلام السنى، لا تقبل أى تبرير حتى لو كان مهنيا لهذا الإعلان، فكيف ينام شيوخها وهناك صورة لخامئنى فى طرقات القاهرة وشوارعها.
ويمكن أن تتفهم دوافع السلفيين الذين ذهب بعضهم الى مكتب النائب العام لمقاضاة القناة الإخبارية واجبارها على رفع الإعلان، لأنه يسبب إساءة بالغة لدول شقيقة، وأغلب الظن أن من فعلوا ذلك لم تكن أعينهم على الدين بقدر ما كانت على من يرعاه، ويجزل لهم العطاء، ولذلك لم يكن غريبا حشر اسم السعودية حشرا فى حديث السلفيين الغاضب على القناة وإعلانها.
ويمكن أن تلتمس العذر لبعض الكتاب والسياسيين السعوديين الذين ذهبوا فى غضبهم الى حد اعتقادهم أن النظام المصرى ليس بعيدا عن هذا الإعلان، إذ أن مثله لا يمكن رفعه فى شوارع القاهرة العامة وطرقاتها دون الحصول على تصريح من السلطات، وهو ما يعنى أن الادارة المصرية توافق عليه، ومكمن العذر أن الأعصاب السعودية مشدودة من حصار إيران لها وتآمرها عليها وتحرشها بها ورغبتها فى إفناء المملكة اليوم وليس غدا.
لكن ما لا يمكن استيعابه أو تفهمه أو التماس العذر له هو هجوم دوائر إعلامية على هذا الإعلان، واعتباره ترويج لخامئنى نفسه، رغم أنه ليس الا ترويجا لفيلم " الارهابى" الذى يرصد تاريخ مرشد الثورة الايرانية، وهو الفيلم الذى من المفروض أن يعرض فى برنامج " الصورة بكل الأبعاد" ... فرد الفعل لا يدل على ضيق أفق سياسى فقط، ولكنه يعبر عن جهالة إعلامية عميقة جدا.
قد يكون عذر هؤلاء أنهم لا يعرفون شيئا عن الاعلام الحر، الذى يخترق كل المساحات فى طريقه لعرض الحقائق التى يملكها ووجهات النظر التى يعتنقها، وإذا كان هناك تقييم محايد وموضوعى _ فى زمن ليس كذلك _ فمن حق قناة الغد أن تعتز بالحملة الترويجية التى قدمتها، فهى الأفضل منذ سنوات طويلة، بعيدا عن الترويج العقيم الذى تتبعه القنوات الخاصة المصرية لبرامجها، فلا شئ يلفت الانتباه ولا شئ يثير الجدل.
خامئنى فى الإعلان يلتقط صورة سيلفى مع بعض معالم الخليج، فى إشارة لا تخطئها عين لأطماعه ليس فى تدمير دول الخليج ولكن فى امتلاكها والسيطرة عليها، فهل ينكر أحد من الذين غضبوا من الإعلان ما تفعله إيران وجيشها وأجهزة مخابراتها ليس بالخليج فقط، ولكن بمناطق كثيرة فى عالمنا العربى؟، وإذا كانوا لا ينكرون شيئا من هذا، فلماذا غضبوا كل هذا الغضب؟
الأجهزة الأمنية فى مصر فيما يبدو آثرت السلامة، رأت أنه لا داعى للصورة التى تثير أعصاب الجميع بهذه الدرجة _ سيتم رفعها هذا اذا لم يكن حدث بالفعل _ ، وربما كان هذا الغضب المدفوع مقدما أو مؤخرا أخرج الادارة المصرية من حرج ليست فى حاجة اليه الآن، خاصة أن من صدروا الغضب فى وجهها أشاروا الى علاقتها بدول تناصبها ايران العداء بشكل واضح، والمشرحة فعليا لا تنقصها قتلى.
يظل لدينا سؤال هو: هل وصلنا الى هذه الدرجة من الهشاشة والضحالة والعجز السياسى والمهنى لتثير فينا صورة مجرد صورة كل هذا القلق والاضطراب؟
هل فقدنا الخيال السياسى والإعلامى الى الدرجة التى نقول معها أنه اعلان غير لائق، رغم أن الصورة تدين صاحبها، فلم يكن الإعلان يحتفى بخامئنى، أو يشيد به، بل كان إدانة كاملة له.
لكن ماذا نفعل وسمات المجتمعات الجاهلة أنها تقصى ما تختلف معه، رغبة منها فى نفيه التام من الحياة، اعتقادا منها أن هذا النفى قادر وحده على القضاء عليه، وهذا فى حقيقته وهم كبير ... لن يؤدى فى النهاية الا الى هزيمتنا الفعلية، بعد أن هزمنا أعلان عابر نفسيا وبشكل كامل.