الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ثورة السيسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المؤكد أن ٢٥ يناير ٢٠١١ قد نجحت فى تغيير النظام السياسى المصرى، بمعنى أنها أزاحت رموزه السياسية من سدة الحكم.
لكنها لم تقترب من أسس وقواعد ذلك النظام، المتمثلة فى الطبيعة الاقتصادية للدولة، ونمط العلاقات السياسية والاجتماعية بين أطرافها، ومنظومة القيم الأخلاقية والثقافية الحاكمة لها.
وليس من المتصور أن يمتد تأثير الفعل الثورى إلى البنى التحتية للنظام بنفس سرعة تأثيره فى شكله الخارجى، لاسيما أن حقبة الرئيس الأسبق حسنى مبارك امتداد طبيعى للنظام الناصرى، ونتاج للتفاعلات المجتمعية مع الهيكل الاقتصادى والسياسى والاجتماعى الذى أوجدته التجربة الناصرية.
ما جرى إذن فى يناير ٢٠١١ كان الجهاد الأصغر، وتسبب الاحتلال الإخوانى للمشهد السياسى فى تعطيل الحراك الثورى نحو الجهاد الأكبر.
غير أن ثورة الثلاثين من يونيو التى قضت على ما يسمى بالإسلام السياسى وأوهام دولة الخلافة قد فرضت علينا كمجتمع خوض معارك الجهاد الأكبر كعملية تحتاج للمزيد من الصبر والدأب، لما تنطوى عليه من تحديات وصعوبات.
فمن المستحيل التمسك بذات البنى والهياكل الاقتصادية والاجتماعية السياسية للنظام القديم، لذلك جاء برنامج الرئيس عبد الفتاح السيسى مبشرا بثورة على تلك الهياكل عبر تغييرات جذرية فى طبيعة بنية الاقتصاد المصرى، ومن ثمّ نمط العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، وأطلق دعوته لتجديد الخطاب الدينى والإعلامى كبداية لاستعادة منظومة القيم والأخلاق التى تضبط أداء المجتمع.
تفكيك قلب نظام قديم عملية معقدة وصعبة، خاصة أنه قائم على طبقة البيروقراطية الفاسدة، وما تقتاته من قيم دينية وثقافية مشوهة جعلته يستبيح المال العام بالرشوة والاختلاس والإهمال والتقاعس عن العمل، بل إنها قامت بفرض تلك القيم على ثائر فئات وشرائح المجتمع، وليس بإمكان عاقل أن يفكك هذه المنظومة بإجراءات سريعة وفورية وإلا سقط المعبد فوق رأسه، لذلك جاء قانون الخدمة المدنية ليعيد هيكلة وتطهير الجهاز الإدارى للدولة تدريجيا، وعبر آليات محددة، وسبقته عدة مواقف وإجراءات لفرض هيبة القانون على الجميع.
علاوة على تفعيل دور الأجهزة الرقابية لتتبع حلقات الفساد بين موظفى الحكومة والمواطنين، وهو ما شهدناه فى قضايا فساد القمح وشراء سلع مثل السكر والأرز وتخزينهما، وقضية فساد الزراعة وغيرها.
وفى هذا السياق يأتى تعريف الرئيس للفساد حين قال إن الفساد ليس فقط الرشوة والاختلاس، وإنما أيضا الأداء المتواضع وإهدار الموارد والسلبية والتقاعس والإهمال، وبالتوازى مع القوانين والقرارات الاقتصادية الصعبة التى تغير فى هيكل الاقتصاد وتحرره من عبء الدعم المطلق للغنى والفقير على حد سواء، جاءت المشروعات القومية الكبرى فى مجالات الزراعة والصناعة والطرق والمشروعات الصغيرة والمتوسطة لتعيد صياغة الاستراتيجية الاقتصادية للدولة، وبنفس القوة جرى تغيير جذرى فى السياسة الخارجية المصرية جعلنا نشعر بثورة حقيقية فى الأداء الدبلوماسى انعكس فى استقلالية المواقف المصرية تجاه القضايا الإقليمية والدولية سواء بالنسبة للدول الصديقة والداعمة، أو الدول التى تمارس سلوكيات غير ودية أو عدائية.
الجهاد الأكبر هو العنوان الرئيسى لأجندة عمل الرئيس، وأظنه يحتاج إلى خطاب سياسى وإعلامى يلح فى شرح تفاصيل معاركه وما يحققه من إنجازات وانتصارات، وما يواجهه من إخفاقات وتحديات لمواجهة عته وغباء بعض النخبة وعبس وتآمر بعضها الآخر.
فجميعهم يحاول دفعنا للاحتفاظ بأسس وقواعد النظام القديم على عكس ما يدعون ظاهريا، وهو ما يتجلى فى دفاعهم المستميت عن دولة مهرجان الدعم للجميع وطبقة الموظفين الفاسدة، وفى انتقادهم لتوجهات السياسة الخارجية، واتجاه الدولة لإقامة مشروعات اقتصادية كبيرة، بل منهم من انتقد بناء مشروعات سكنية آدمية لسكان المناطق الخطرة فى حى «الأسمرات» بالمقطم و«غيط العنب» بالإسكندرية.