السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

ضابط شئون معنوية يحكي مشاهد النصر الكبير.. "عرفات" لـ"البوابة": نفذنا خطة "عبور القناة" في "ترعة الإسماعيلية" قبل الحرب بأسبوع

السيد محمود عرفات،
السيد محمود عرفات، أحد المشاركين فى حرب أكتوبر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الجيش هيأ جنوده لـ«النصر» من ثانى أيام «النكسة».. وإسرائيل خسرت أكبر حصونها فى 10 دقائق
الأهالى وزعوا الخبز على الجنود المارين فى «معبر سرابيوم» رغم الغارات الجوية للعدو
لن تتقدم الدول العربية إلا بالاتحاد

قال السيد محمود عرفات، أحد المشاركين فى حرب أكتوبر، بصفته ضابط احتياطى بإدارة الشئون المعنوية فى الفرقة «١٢ مدرعة»، إن إسرائيل خسرت أكبر حصونها المنيعة فى جنوب مدينة «القنطرة» بعد ١٠ دقائق فقط من بدء الحرب.
وأكد «عرفات» الذى يعمل حاليًا كروائي، وألف ٦ أعمال قصصية وروائية رصد فيها أحداث الحرب، والدروس المستفادة منها، وكان آخرها رواية «سرابيوم»، والتى حاز بها على جائزة الدول التشجيعية فى ٢٠٠٥، فى حواره مع «البوابة»، أن ما تمر به مصر حاليا من مشكلات لا يذكر بالنسبة للست سنوات التى مر بها البلد بعد نكسة ١٩٦٧.. وإلى نص الحوار.
■ متى التحقت بالجيش المصري؟
- كنت خريج كلية التجارة بجامعة القاهرة عام ١٩٦٩، وبمجرد انتهاء الامتحانات وقبول التحاقى بالقوات المسلحة، اشتركت فى معسكر فصائل خدمة الجبهة التابع للجامعة، والتى تتعايش معايشة كاملة مع الوحدات العسكرية التى كانت تتواجد على الجبهة بالفرقة الثانية، تحت قيادة العميد حسن أبوسعدة فى ذلك التوقيت بالإسماعيلية، ثم انتقلت إلى السويس فى صحراء «عجرود» فى وحدة تابعة للجيش الثالث.
كل هذا وانا طالب ولم تصدر نتيجة الجامعة، ولكن إيمانى الشديد بحب الوطن ورغبتى فى تحرير الأرض المحتلة فى سيناء دفعنى للتطوع فى المعسكر الخاص بالجامعة مثل باقى شباب الجامعات المصرية الذين كانوا يرغبون ويتمنون لحظة إعلان الحرب على العدو الإسرائيلي.
وفى سبتمبر ١٩٦٩ التحقت رسميًا فى الجيش المصرى كجندى احتياطى والتحقت بسلاح المدفعية، وتم سحبى بعدها وإعدادى مع شباب الجامعات الملتحق معى لنكون ضباط توجيه معنوى لتهيئة الجنود للحرب، وذلك بعد أن أخذنا فرقة لتأهيلنا لهذه المهمة، وتم نقلى فى بورسعيد.
■ كيف كانت الحالة النفسية للقوات فى هذه الفترة؟
- كانت هناك حالة من التوتر الدائم بسبب تأخر إعلان قرار الحرب، وبدأت الناس «تتململ»، وبدأت شواهد الحرب قبلها بأسبوع من خلال بعض الإشارات المبهمة التى أكدت أن الحرب خلال أيام قليلة.
■ كيف تم إعلامكم بموعد الحرب؟
- فى يوم الجمعة الذى سبق الحرب بيوم، صدرت أوامر من قائد اللواء بإلغاء صلاة الجمعة وإفطار القوات وهو ما لم تنفذه القوات، وفى ٦ أكتوبر صدرت لنا أوامر الحرب التى استقبلناها بفرحة غامرة، وبدأت بالغارات الجوية التى دمرت تحصينات العدو وتجمعاته وأهدافه الاستراتيجية، ثم إطلاق ألفى مدفع نيرانها، ومن ثم عبور قوات المشاة.
كان هتاف «الله أكبر» هو كلمة السر غير المتفق عليها، ولكنها خرجت بالشعور الجمعى للقوات.. وبعد بدء الحرب بـ١٠ دقائق خسرت إسرائيل أكبر حصن منيع لها فى جنوب «القنطرة».
■ ما الدور الذى كنت تقوم به خلال الحرب؟
- كنت أعمل فى اللواء «١٤ مدرع»، الذى كان مكلفا بدعم الفرقة «١٦ مشاة»، والتى عبرت القناة من معبر «سرابيوم» لصد هجمات العدو المحتملة بعد عبورنا.. مهام ضابط الشئون المعنوية هى إعداد الجنود وتهيئتهم نفسيًا للحرب، والمشاركة فى العبور كفرد مقاتل.. كانت الشئون المعنوية تبث المنشورات والإذاعات التى تحث القوات على الاستشهاد والدفاع عن الوطن وأرضه وتحرير الأراضى المحتلة وبث روح الحماسة فى قلوب القوات بالإضافة إلى تشغيل الأغانى الوطنية وذلك من خلال خطة مكتوبة.
■ كيف تم إعداد الجنود نفسيًا بعد نكسة ١٩٦٧؟
- الإعداد بدأ بعد النكسة مباشرة، ومن اليوم الثانى للهزيمة بدأ الرئيس جمال عبدالناصر فى إعادة تجهيز الجيش وإعادة بنائه حيث قام بتغيير القيادات وتأهيل القوات من جديد وما حدث فى تأهيل القوات المصرية خلال ٦ سنوات بعد النكسة يعد معجزة بشرية، خاصة أن الدراسات الاستراتيجية أكدت أن الجيش المصرى لن يقف على قدميه مرة أخرى إلا بعد مرور ٢٠ عاما.
■ ما المشاهد التى أثرت عليك خلال الحرب؟
- الفرقة التى كنت بها كان تتمركز على بعد كيلومترات قليلة من القناة، وكانت السماء مضاءة بالنيران ودوى الانفجارات فى كل أرجاء المكان، لم نكن نعلم بما يحدث.. وبعد قيام الطائرات الحربية بتدمير أهداف للعدو تحركت قوات المشاة للعبور من معبر «سرابيوم». من ضمن المشاهد التى لا يمكن نسيانها الأهالى المتواجدون فى معبر «سرابيوم»، وقيامهم بالهتاف للجنود المصريين، وتوزيع الخبز عليهم، رغم وجود غارات إسرائيلية جوية متقطعة على المنطقة.
قبل الحرب بأسبوع كنا فى مشروع حرب لعبور ترعة الإسماعيلية فى منطقة «أبوصوير» التى تبعد غرب الإسماعيلية بمسافة ١٥ كيلو، وعبرنا عليها كما كانت قناة السويس، ولكن اتضح لى فيما بعد أن عبور ترعة الإسماعيلية فى مشروع الحرب كان أصعب من عبور القناة بسبب الفرحة الغامرة للنجاح فى الحرب.
■ ما الدروس المستفادة من حرب أكتوبر؟
- الدرس الأول المستفاد هو «الوحدة العربية»، فلن تتقدم الدول العربية ولن تكون لها قيمة إلا من خلال الاتحاد فى مواجهة القوى الغربية، الدرس الثانى «العلم»، وذلك من خلال تطبيق الوسائل العلمية فى بلدنا، والاستفادة من الأبحاث العلمية التى ترمى فى «الأدارج»، وعدم التفريط فى العلماء.
الدرس الثالث والأهم هو المعجزة التى تم تحقيقها من السلطة والشعب بعد النكسة وحتى الحرب فى ٦ سنوات، وذلك بإعادة بناء الجيش المصرى فى ظروف صعبة كانت تعيشها البلاد، وهو ما يعطى دليلاً يقينيا أن مصر قادرة بالفعل إلى التحول لدولة متقدمة فى سنوات قليلة من خلال وضع كل شخص فى مكانه المناسب، وتمكين العلم والعمل الحقيقى وتحقيق إنجاز حضارى مواز للإنجاز العسكرى الذى حدث فى أكتوبر.
■ فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، ما رسالتك للشباب المحبط؟
- بقولهم: «كنا عايشين أيام أسود ١٠٠ مرة من الأيام الحالية، ولم نكن مؤهلين لأى شيء، حتى رغيف العيش كان به مشاكل، وكانت ديون مصر كثيرة جدا.. ولكن رغم الظروف دى قاومنا وحاربنا وحققنا الانتصار».. هذا ما يجب على الأجيال القادمة أن تحققه مثلما فعل أجدادهم فى حرب أكتوبر، التى كان النصر فيها أقرب إلى المستحيل.