الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

محمد زكي أمين الدعوة بالأزهر في حواره لـ"البوابة": ياسر برهامي "طبيب فاشل" يفتي بغير علم.. والمجتمع يعاني بسبب دعوته الشاذة وآرائه الضالة

محمد زكي أمين الدعوة
محمد زكي أمين الدعوة بالأزهر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«جمعة» يدير المساجد فقط.. ورسم سياسات المسار الدعوى حق للمشيخة
من ينتحل شخصية ضابط مرور يسجن ومن يتقمص دور الداعية يترك حرًا
تغييب دور الأزهر جاء بالسلب على المجتمع.. ومن سمح لـ«المتطرفين» بالظهور يتحمل المسئولية
لو أعطيت لنا فرصة التساوى مع الفن الهابط سنشكل خريطة مصر من جديد والدولة مسئولة عن «الفوضى الدينية»

لو ضغطت على زر التلفاز وأمسكت «الريموت» بيدك للتنقل بين القنوات الدينية المختلفة، حتمًا ستُصدم بأُناس يتكلمون بلهجة مختلفة، وعمائهم البيضاء تتدلى خلف رقابهم، ولحاهم السوداء تتصدر صدورهم، وفتاويهم التكفيرية تسبق كل ذلك، وكأننا نعيش زمن الجاهلية من جديد.. يحدث ذلك على الرغم من أن أغلبية القوانين المصرية مصبوغة بالصبغة الإسلامية، ورغم أن الأغلبية الكاسحة من المواطنين يدينون بدين الدولة الرسمى وهو الإسلام، إلا أن ذلك لم يمنع طائفة كبيرة ممن سموا أنفسهم «إسلاميين» بإطلاق آراء تكاد تخرج طائفة كبيرة من الدين، لذلك كان لزاما علينا الحوار مع الدكتور محمد زكى، أمين لجنة الدعوة العليا بمشيخة الأزهر، التى من المفترض أنها المنوط بها التصدى لتلك الآراء المتطرفة .. وإلى نص الحوار:
■ بداية.. ماذا عن طبيعة عمل اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف؟
- أود أن أشير إلى تاريخ هذه اللجنة، التى أنشئت بالقرار الصادر من رئيس مجلس الوزراء، وحمل رقم ٢٥ لعام ١٩٨٣، وعدل هذا القرار فى سنة ٢٠٠٥، ومن أهم ما جاء فى قرار مجلس الوزراء، أن من اختصاص اللجنة العليا للدعوة الإسلامية، الإشراف والمتابعة على الأجهزة العاملة فى مجال الدعوة للتنسيق معها، ودراسة الوسائل والإمكانيات التى تساعد على نشرها، واقتراح وإعداد اللوائح والقرارات المنظمة للدعوة الإسلامية، ودراسة المشكلات التى تواجه الدعوة، واقتراح الحلول الملائمة لها، ودراسة التقارير التى تقدمها الأجهزة المختلفة المشتغلة فى الحقل الدعوى، ودراسة تقارير اللجنة الدينية من كل المحافظات، للوقوف على مسار الدعوة بها والعقبات التى تعيقها، هذا غير متابعة أحوال الأقليات الإسلامية بالبلاد الأجنبية ومساعدتها.
■ ممن تتكون اللجنة العليا للدعوة؟
- هى برئاسة شيخ الأزهر، وعضوية كل من وكيل الأزهر، ووزراء «الأوقاف، الثقافة، التربية والتعليم، الشباب والرياضة، الإعلام» ورئيس جامعة الأزهر، ومفتى الديار المصرية، وأمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف، وأمين عام مجمع البحوث الإسلامية، ورئيس قطاع المعاهد الأزهرية، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية، وخمسة من الشخصيات العامة المعنية بأمر الدعوة والفكر، على أن يتولى أعمال اللجنة أمين عام، يعاونه ثلاثة من الشخصيات الأزهرية، من ذوى الاختصاص والخبرة.
■ إذن.. ما مهامها؟
- هى تشرف على اختصاصات الدعوة فى مصر والدول الخارجية أيضا.
■ معنى ذلك أن وزير الأوقاف غير مسئول عن الدعوة فى مصر؟
- نحن نتحدث بالقانون والدستور، ووزير الأوقاف طبقا لقرار مجلس الوزراء عضو فقط لا غير بلجنة الدعوة، التى يرأسها شيخ الأزهر، وليس له أى سلطة فى تحديد مسار الدعوة لا فى مصر ولا خارج مصر، ولا بتحديد الخطبة المكتوبة ولا الخطبة الموحدة، ولا أى شىء، لأنه من المفترض أن يستقى مادته الدعوية من الأزهر ومشيخته الشامخة، والأوقاف فرع عن الأزهر، ودار الإفتاء فرع عن الأزهر كذلك، فالأزهر هو المؤسسة الأم، وهو المعنى بأمر الدعوة داخل مصر وخارجها، وليست الأوقاف.
■ هنا يلح تساؤل عن دور الأوقاف فى وجود الأزهر ولجانه؟
- مهمة الأوقاف الإدارة فقط، فهى تدير المساجد، وتشرف على عمل أئمة الجوامع والإدارات التابعة لوزارة الأوقاف، لكن كل ما يختص برسم شئون الدعوة الإسلامية، والإشراف والمتابعة ودراسة وسائلها كما قلت سابقًا، هو اختصاص أصيل للأزهر الشريف، حتى الإمكانيات التى تحتاجها الدعوة من اختصاص المشيخة وليست الأوقاف طبقًا للقانون، أما الدستور فحدث ولا حرج، فنص على أن الأزهر يتولى الإشراف على شئون الدعوة، ومن عنده علم أو وثائق غير ذلك فليخرجها لنا، والجميع يعلم ذلك.
■ لكن وزير الأوقاف عقد مؤتمرات لتجديد الخطاب الدينى.. ألا يعد ذلك اغتصابا لحق الأزهر؟
- هو يعمل فى نطاق مسئوليته وحدود وظيفته، لكن رسم سياسات الدعوة وآلياتها هو حق للأزهر ولمشيخته، حتى موضوع تجديد الخطاب الدينى هو من اختصاص الأزهر، وحتى طرح الاقتراحات بالمؤتمرات والندوات التى تعقد لمناقشة الفكر الدينى هو من اختصاص الأزهر وبإشراف المشيخة، طبقًا للقانون.
■ وزير الأوقاف حينما أقر الخطبة الموحدة فعل ذلك طبقا لرؤية شخصية وليس بمشاورة مع الأزهر.. تعليقك؟
- هو يسأل عن ذلك، كان من المفترض أو الواجب القانونى قبل الأخلاقى أن يعود للأزهر المختص الأول عن الدعوة، و«جمعة» ابن من أبناء الأزهر، وأئمة الوزارة ودعاة الأوقاف جميعهم أزهريون.
■ لم ترد على سؤالنا السابق.. لماذا قرر «جمعة» الخطبة المكتوبة من نفسه دون الرجوع لـ«الطيب»؟
- يمكن أن تسأله لماذا فعل ذلك، واللجنة العليا بالمشيخة تدرب كل وعاظ مصر ومنهم أئمة الوزارة.
■ ماذا تقدم اللجنة لأئمة الأوقاف؟
- تدربهم على تحسين صورة الدين الإسلامى التى شوهها المبطلون والجماعات الإرهابية، وتزودهم بآخر المستجدات على الساحة الدينية، وتعمل على توفير الإمكانيات الملائمة لهم، بعد دراسة مشاكلهم والعقبات التى تقابلهم فى مجال الحقل الدعوى.
■ معنى ذلك أنكم تعترفون بأن صورة الإسلام مشوهة؟
- نعم، شوهها المتطرفون فكريًا وعقائديًا، فنجم عنها ذلك الإرهاب الأسود، الذى استباح كل الأمة وكل الناس، مسلمين ومسيحيين دمًا وعرضًا، حتى وصل لمؤسسات الدولة.
■ كيف يكون هناك إرهابى فى بلد الأزهر؟.. أليس من المفترض أن تكون آخر البلاد الحاضنة للإرهاب؟
- فى الفترات السابقة التى اشتدت الوطأة فيها ضد الأزهر، والتضييق عليه، وخنق الحبل حول عنقه، مع بدء الهجمة عليه، لقت هذه الجماعات الطريق سهلا، لتمرير أفكارها الهدامة، وذلك بعد أن تراجع دور الأزهر الثقافى فى المجال العام، وكلنا يعلم أن الأزهر كان بمثابة الضابط للطريق العام الفكرى والثقافى، لكن هناك من كان فى قلبه غصة من هذا الدور، متحججًا بأن هذا لا يجوز ولا بد من ترك الطريق لهذه الجماعات، حتى جلب علينا التيارات المتشددة والجماعات الإرهابية، فى وقت غيب فيه دور الأزهر، عمدًا وتعميدًا، حتى جاءت النتيجة عكسية، ليست على المجتمع فقط، بل على الدولة أيضًا.
■ منذ متى غُيّب دور الأزهر؟
- يمكن القول منذ ٣٠ عاما على الأقل.
■ ليس من زمن الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر.. كما يقال؟
- الأزهر لم يتخل عن دوره ووظيفته فى أى زمان ومكان، لكن ربما تراجع دوره بسبب العواصف الشديدة، والعوامل العاملة ضده، وهو ما أتى على الأزهر بالسلب.
■ ماذا تقصد بالعواصف الشديدة والتضييق؟
- الأزهر ضيق عليه فيما مضى وكلنا نعلم ذلك، وسُمح لغير العلماء المتخصصين من أتباع الجماعات الإسلامية بتصدر المشهد الدينى بل والمجال العام، وأتيح لهم فرصة نشر أفكارهم فى وقت اهتم فيه البعض بالهجوم على الأزهر ورجاله، فتسببت هذه الأفكار الهدامة فيما ترى من دمار وتدمير لمؤسسات الدولة، وتكفير للمسلمين وغير المسلمين، وسفك للدماء، وانهيار للعمران، ونسف الأخضر واليابس، ثم يأتى بعد ذلك من يقول لك: العيب فى الأزهر وتعاليمه.
■ كلامك يحتمل التأويل وأكثر من معنى.. حدد ما المقصود بذلك؟
- حتى أكون صريحا معك، تُركت الثقافة والمؤسسات الإعلامية والرياضية والشبابية للجماعات الإسلامية، فترة كبيرة من الزمن، استغلتها هذه الجماعات الإرهابية فى نشر ما تؤمن به، بما تملك من أموال وأجندات، كما قلت لك فى وقت كان يضيّق فيه على الأزهر.
■ من الذى ضيّق على الأزهر؟
-يبتسم، ولا يجيب.
■ من سمح لهذه الجماعات المتطرفة بالظهور الإعلامى؟
- من يملك الإعلام والثقافة.
■ إذا كان الأمر كذلك.. لماذا لم تواجهوا هذه الجماعات وجهًا لوجه؟
- لم تتح لنا الفرصة، هل تعرفون أن هذه الجماعات لها مساحة كبيرة جدًا فى الإعلام عن دعاة الأزهر الوسطيين، نحن لا نستطيع كشف عورات هذه الجماعات المنحرفة، ولا الرد على أفكارها، لأن هذه الجماعات مسموح لقياداتها بالظهور فى الفضائيات كل يوم، فى حين أن رجال الأزهر لا يتساوون بهم، ولا فى إمكانياتهم المالية، فغابت الحصانة الفكرية عن المجتمع، وترك الأمر للأفكار الظلامية التى تبثها تلك الجماعات.
■ ماذا تريد من الدولة؟
- نطلب من الدولة فرصا مساوية فى المساحة الإعلامية، مقارنة بالفن الهابط الذى يصدع رؤوسنا ليل نهار، الذى ينشر الفحش والعهر فى مجتمع الطهر، وسوف نشكل بفضل الله خريطة مصر من جديد.
■ أنت تهاجم وزارات بعينها الآن؟
- من المفترض أن تستقى وزارتا الثقافة والإعلام مادتهما من الأزهر الشريف، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وألا يمكن من المنابر الإعلامية والثقافية إلا من كان مأذونا له بذلك، وخاصة إذا كان منوطا به التحدث فى الشأن الدينى، وعلى وجه الخصوص فى المجال الدعوى، لكن ما نراه همجية، و«زيطة»، فنحن نرى الآن الطبيب الذى هجر مهنته واشتغل بأمر الدعوة يقصد ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية بعد أن رسب فى مهام وظيفته، وتوجه للإفتاء، فأصاب ضررين، وهما: الأول، عطل دوره كطبيب يعالج المرضى، والثانى، شوش على مهمة الآخرين المختصين، فأفتى بغير علم فضل وأضل، فكان حصاد ذلك مرًا ما زال المجتمع يعانى منه، بسبب دعوته الشاذة وفتاويه الضالة، وأسأل هل لو أراد أحد معرفة شىء فى أمور الطب يتوجه للأزهر أو إلى المستشفى؟ بالطبع للطبيب وليس للداعية، فكذلك إذا أردت الفتوى الصحيحة، فلا يجوز لك إلا التوجه لرجال الأزهر المتخصصين، للأسف نحن نعيش فى زمن الكل فيه ركب المنبر، المهندس ترك مهامه وركب المنبر، والمحامى ترك مهامه وركب المنبر، والزراعى خريج الزراعة ترك مهامه وركب المنبر.
■ من يسأل عن هذه الفوضى؟
- تسأل الدولة، بلا شك أو تردد، أين التشريعات القانونية التى تحمى المنبر والدعوة؟ الدولة تحاسب من ينتحل شخصية ضابط مرور وتسجنه، وتترك المجال الفكرى وهو الأهم لأى شخص بلا عقاب، فهل يعقل ذلك؟ يجب على الدولة تشريع قانون يقضى بمعاقبة كل من ينتحل شخصية الإمام أو المفتى، ولا يصعد المنبر إلا من كان متخصصا ومأذونا له، حتى ولو كان متخصصا وغير مأذون له لا يجوز له صعود المنبر، حتى نضبط الأمور، ونضعها فى ميزانها الصحيح.
■ إذا كانت الدولة تعانى من الجماعات المتطرفة، فكيف تسمح لهم بالوجود والظهور؟
- ليس لى علاقة بالإجابة عن هذا السؤال.
■ كيف والمجتمع بأكمله يعانى من التكفير والتدمير ويضيّق الخناق على الأزهر؟
- يبتسم ولا يجيب ويصمت.
■ ماذا تقول فى رجال الجماعات الإسلامية الذين يتصدرون مشهد الفتوى فى الإعلام؟
- أنت وقعت فى خطأ بصيغة هذا السؤال.
■ لماذا؟
- أضفت أو نسبت هؤلاء الرجال للجماعات الإسلامية، وهم يقعون فى الخطأ أيضا، لماذا نحصر كلمة الإسلام عليهم.. هل هم المسلمون فقط وباقى الأمة كفار؟ أولًا، ليس من حق أى إنسان أن يحتكر الإسلام، يعنى هذه جماعة إسلامية، طاب وباقى الناس نقول فيهم جماعات كفرية، ولمن يقول أنا إخوان مسلمين، أقول له وباقِى الأمة إخوان الشيطان، الدين الإسلامى، دين عام وعالمى، ويسمو ولا يسمى عليه، نحن كلنا مسلمون، وليس من حق أى مسلم أن يخص نفسه بالإسلام دون خلق الله، ولا يجوز له أن يزيل الإسلام عن أى مسلم بارتكاب كبيرة أو صغيرة، وأقول لأصحاب المذاهب المختلفة، والطوائف البغيضة، والجماعات المقيتة، والأحزاب المفرقة، كفاكم شرذمة، وكفاكم تفرقًا واختلافًا، عرضنا هتك، ودماؤنا استبيحت، وبلادنا العربية أحلت، ماذا تنتظرون بعد ذلك كله؟ قلتم على هذا مسلم وآخر غير مسلم، هذا ليس من أصول الدين ولا من فروعه، والله لم يأمرنا بتكفير الناس، وكلنا إخوة فى الإنسانية، فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلكم المسلم، الذى له ذمة الله ورسوله»، نبى الإسلام قال على كل من صلى صلاته مسلم، تأتون أنتم بعد ذلك وتقولون لا ليس بمسلم، وتكفرونه بكبيرة أو صغيرة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان»، ولاحظ أن النبى صلى الله عليه وسلم يقول فاشهدوا له بالإيمان وليس بالإسلام، والأول أعلى رتبة فى السمو من الأخير، مهمة الداعية ليست التفتيش على ما فى قلوب الناس، بل الأولى به إحسان الظن بخلق الله، فكل من كان على سنة النبى مسلم.