الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

المشير أحمد بدوي.. بطل الصمود على جبهات القتال

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المشير أحمد بدوي أحد عشاق العسكرية المصرية أفنى حياته وسنوات عمره في رمال صحرائنا، وخاض جميع الحروب العربية الإسرائيلية والعديد من المعارك العسكرية، وكان يؤمن بعدم مركزية القيادة وضرورة إعطاء القادة حرية اتخاذ القرار في ميدان المعركة كما كان مثالًا للقائد المتفاني الحريص على حياة جنوده.
ولد أحمد بدوى في الإسكندرية عام 1929، وتخرج في الكلية الحربية عام 1948 وقضى سنوات طويلة متصلة مقاتلًا التشكيلات القتالية، فاكتسب خبرة كبيرة في النواحي القتالية والإدارية، وفى فن القيادة، اشترك في الجولة العربية الإسرائيلية الأولى عام1948، حيث قاتل في معارك المجدل ورفح وغزة، وكان وقتها مازال برتبة الملازم ثان.



وفى عام 1955 نقل إلى الكلية الحربية حيث عمل مدرسًا ثم مساعدًا لكبير معلمي الكلية الحربية حتى عام 1958، أضاف الكثير إلى العلوم العسكرية التي كانت تدرس في ذلك الوقت في الكلية الحربية وحرر البرامج التعليمية فيها من السطحية، وحولها إلى برامج متعمقة وأكثر تخصصية، وفى عام 1958 سافر إلى الاتحاد السوفيتي في بعثة دراسية بأكاديمية فرونز العسكرية العليا لمدة ثلاث سنوات وتخرج فيها كقائد أسلحة مشترك وضابط أركان حرب.
واشترك في حرب اليمن عام 1965 وحارب في معركتى حبل السر وصنعاء، ثم عاد ليتولى رئاسة الفرقة السادسة مشاة، واشترك في حرب الخامس من يونيو 1967 وأدى واجبه في معركة الكونتلا عام 1967، ولكن نتائج المعركة النفسية في النهاية حجبت تلك العمليات التي أثبت فيها المقاتل المصرى قدرته على التفوق أمام العدو الإسرائيلي في الالتحام والمواجهة.
وفى أكتوبر 1973 قاد الفرقة السابعة مشاة، والتي كانت ضمن تشكيل الجيش الثالث الميدانى وكان أول قادة الفرق الذين عبروا القناة مع جنودهم. 
وبعد مواقفه البطولية خلال حرب أكتوبر وتواجده باستمرار على رأس قواته في شرق القناة، ورغم الحصار الذي فرضه لعدو عليهم إلا أنه كبد العدو خسائر كبيرة في المعدات والأفراد، وحرر مساحات جديدة من الأراضى المصرية المحتلة في سيناء، لذلك أصدر القائد الأعلى للقوات المسلحة قراره بترقية العميد أركان حرب أحمد بدوى قائد الفرقة السابعة مشاة إلى رتبة اللواء وإسناد قيادة الجيش إليه خلال فترة الحصار تقديرًا لقيادته وعبقريته الحربية، وبذلك كرم القائد الأعلى ملحمة السويس وجيشها الثالث العملاق وقائده الشاب.
وفى يونيو 1978 انتقل أحمد بدوى من قيادة الجيش الثالث إلى مركز جديد هو رئاسة هيئة التدريب للقوات المسلحة ليشرف على تدريب جيش مصر بأكمله ولم تمض إلا شهور وإذا بالرئيس السادات يصدر قرارا بتعيين اللواء أحمد بدوى رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة لكفاءته ونبوغه، وكان ذلك في 4 أكتوبر 1978، كما صار تبعًا لذلك أمينًا عامًا مساعدًا للشئون العسكرية في جامعة الدول العربية.
وفى مايو 1979 رقى إلى رتبة الفريق وبعد عام في 1980 تولى منصب وزير الدفاع والإنتاج الحربى وقائدًا عامًا للقوات المسلحة خلفًا للفريق أول كمال حسن على.
المشير أحمد بدوى من الشخصيات العسكرية التي تدرك معنى الجندية التي ينتمى إليها كان يقرأ في كل شىء في العسكرية بعلومها المتشعبة والمتشابكة، وفى العلوم الاقتصادية والسياسية والإدارية، وكذلك العلوم القانونية بالإضافة لحبه للسياسة، وكان يقرأ أيضًا في الأدب والفلسفة والشعر كان يقرأ على طريقة المتخصصين وليس الهواة حتى وصل إلى مستوى عظيم من التحصيل في كثير من العلوم يفوق مستوى المتخصصين، كما كان يجيد اللغة الإنجليزية والروسية.


سافر للاتحاد السوفيتى عام 1958 في بعثة دراسية بأكاديمية فرونز العسكرية العليا لمدة ثلاث سنوات، وتخرج فيها كقائد أسلحة مشتركة وضابط أركان حرب، وكان وقتها ما زال في رتبة الرائد وفى فترة التقاعد درس التجارة وانتسب لكلية التجارة وتخرج منها بتقدير امتياز وكان ترتيبه الأول على شعبة إدارة الأعمال، وعندما كان برتبة العميد درس في أكاديمية ناصر العسكرية العليا وتخرج فيها عام 1972 بعد أن حصل على درجة الدكتوراة.
وقد استمر أحمد بدوى في دراساته حيث كان يعد للماجستير في إدارة الأعمال، عمل في سلاح المشاة معظم سنوات خدمته وإذا كان القدر قد شاء ألا يمهله حتى يقوم بكل ما كان يريده لقواتنا المسلحة، فقد أمهله حتى خرج لنا بفكر عسكري نستخلصه من أسلوبه في التخطيط والقيادة، ونستشفه من محاضراته ومأثوراته، ومن أمثلة هذا الفكرالناضج هذه المقولات الواقعية في تحديد الهدف، 
والتي تتمثل في المبادىء التالية: حشد جميع القوى لكسب الحرب، اعرف نفسك واعرف عدوك واعرف سلاحك وثق به، أهمية التعاون بين الأسلحة كلها أي حرب الأسلحة المشتركة، لا مركزية في القيادة وإعطاء القادة حرية في الحركة وفى اتخاذ القرار في ميدان المعركة، فقد أوصى المشير أحمد بدوى بضرورة الاهتمام بالبحث العلمي العسكري لأنه القاعدة العريضة لتطوير قواتنا المسلحة.
دخل أحمد بدوى حرب أكتوبر قائدًا للفرقة السابعة المشاة ضمن تشكيل الجيش الثالث الميداني، وبالرغم من ذلك أن معارك الفرقة السابعة كثيرة ومتنوعة نذكر منها معركة النقطة القوية جنوب البحيرات والتي خاضتها الكتيبة 26 المشاة من اللواء الثامن مشاة، ومعركة اللواء 11 المشاة الميكانيكي الذي كلف بإقامة كوبرى الجيش والتي اشتركت فيها الفرقة 19 مشاة مع الفرقة السابعة مشاة، ومعركة تقاطع طريق الجدى مع طريق الشط لمنع تدخل احتياطات العدو، ومعركة النقطتين القويتين الملاحظة والمسحورة ومعارك الدبابات الكبرى والتي بدأت يوم 15 أكتوبر ومعركة الصمود في كبريت ثم معارك غرب القناة كل هذه المعارك الضارية خاضتها الفرقة السابعة المشاة بقيادة العميد أركان حرب أحمد بدوى باسمه.
و سيرتبط اسم "أحمد بدوى" إلى الأبد بعملية الصمود في كبريت والمعركة التي قاد خلالها الجيش الثالث وقام بتحسين أوضاعه القتالية، والأهم من ذلك كله الحفاظ على الروح المعنوية للقوات، وقد كان حريصًا على أن يأكل الجنود قبل الضباط، وأن ينام القادة بعد الضباط والجنود، وكان حريصًا على ألا يشمل موقع قيادته أي علامة تشير إلى أي درجة من درجات الترفيه، بطانية واحدة كان يلتحف بها، وكان لكل جندي بطانيتان أو ثلااث، كان حريصًا على المرور اليومى على كل القطاعات ومخاطبة الجنود، والتحدث إليهم وتسهيل عملية اتصالهم بأسرهم في القاهرة وبقية المحافظات.
واسم أحمد بدوى سوف يرتبط بمعاركه العظيمة في حرب أكتوبر 1973 وسوف تستمر معاهد وجامعات العالم العسكرية في تدريس تلك المعارك والخطط التي وضعها.
ويعتبر يوم الإثنين 2 مارس 1981 يومًا حزينًا، في كل أرجاء مصر والأمة العربية، فبعد يوم حافل بالعمل الشاق والمرور على الوحدات والتشكيلات في المنطقة الغربية توجه الفريق أحمد بدوى ورفاقه إلى أرض الهبوط بمنطقة سيوة وفى تمام الساعة الرابعة والربع قام الشهيد بمصافحة مودعيه، ثم استقل الطائرة وتبعه كبار القادة وما هي إلا لحظات حتى صعدت الطائرة ولحظات سقطت الطائرة حطامًا على نفس أرض الهبوط. 
هكذا انتهت في ثوان قليلة حياة الشهيد البطل وهو عملاق وسط جنوده وضباطه، سقط الشهيد ومن حوله جنود من رجال وطنه يقومون بالواجب على أعظم وأكرم ما يكون وكان من دواعى الشرف أن قدم أحمد بدوى حياته للفداء والواجب والوطن في يوم مجيد ملىء بالعمل.
وأصدر الرئيس الراحل أنور السادات قرارا بترقية الفريق أحمد بدوى إلى رتبة المشير، وشيعت جنازته هو وزملاؤه الثلاثة عشر في يوم 3 مارس 1981 في جنازة عسكرية مهيبة يتقدمها الرئيس محمد أنور السادات من مقر وزارة الدفاع، حيث أكد أن الشهيد أحمد بدوى بطل من أبطال مصر وقواتها المسلحة وخاض المعارك البطولية في حرب أكتوبر المجيدة وقام بدور بارز في تطوير القدرات الدفاعية لمصر والأمة التي تنتمى إليها فكتب بنضاله في أداء واجبه المقدس صفحة ناصعة في تاريخ كفاح شعب مصر العظيم من أجل الشرف والكرامة.