الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

المشير أحمد إسماعيل.. مهندس حرب أكتوبر

المشير أحمد إسماعيل
المشير أحمد إسماعيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشأ أحمد إسماعيل في بيئة مصرية عسكرية أصيلة وقضى من عمره أربعين عاماً يمارس الجندية حياة وحرفة وهواية.
وكانت حياته غنية بالتجارب والأحداث، ومن أهم إنجازاته إشرافه على إعداد وتدريب جيوش النصر في حرب أكتوبر بصبر وحكمة وشجاعة، كما ساهم بعقليته العسكرية الفذة فى تحويل الهزيمة إلى نصر، وفى اقتحام مانع قناة السويس الصعب وتحطيم خط بارليف الحصين.
ولد المشير أحمد إسماعيل على في 14 أكتوبر عام 1917 فى حي شبرا بالقاهرة، وكان والده ضابطاً بالشرطة، وهو الابن السابع فى ترتيب الأبناء، وكان منذ طفولته دقيقاً فى كل تصرفاته.
وفى صباه عشق قراءة التاريخ الوطني لمصر وقادتها وسير وبطولات ضباط الجيش المصري، وكان فى المرحلة الثانوية يشترى كل ما تقع عليه عيناه من الكتب التي تروى قصص وحياة القادة العسكريين المصريين والعرب والأجانب.
وعندما حصل على شهادة البكالوريا في عام 1934 تقدم إلى الكلية الحربية مع الرئيس أنور السادات، إلا أن أوراق الطالبين رفضت لعدم وجود توصية من ذوي الشأن، فالتحق الطالبان أنور السادات وأحمد إسماعيل على بكلية التجارة، ورغم نجاحه بتفوق في كلية التجارة لمدة عامين إلا أنه لم ييأس، وتقدم للكلية الحربية مرة أخرى، وفى هذه المرة تمكن من الالتحاق بها فى 17 مارس عام 1937 حيث فتحت الكلية أبوابها أمام أبناء الطبقة المتوسطة بموجب معاهدة 1936 التى سمحت بتطوير الجيش وزيادة أعداده.
وحتى نتعرف على أحمد إسماعيل على، فلنصحبه فى رحلة حياته منذ اللحظة التى دخل فيها الكلية الحربية فى 17 مارس عام 1937 حتى نودعه وهو برتبة المشير فى 25 ديسمبر عام 1974، بدأت ملامح القيادة لدى أحمد إسماعيل على أكثر منذ أن كان طالبا بالكلية الحربية فلم يمض عليه وقت طويل حتى وصل إلى أعلى الرتب فيها.
فكان من المتفوقين، وكان زميل دفعة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وفى 6 أكتوبر عام 1938 تخرج في الكلية الحربية برتبة ملازم ثان وكان ترتيبه متقدماً بين زملائه.
وبعد تخرجه مباشرة عين بسلاح المشاة، وبدأ عمله بجد وحماس مما لفت نظر قادته ورؤسائه، وجعلهم يرشحونه للاشتراك فى أعمال القتال بالصحراء الغربية خلال الحرب العالمية الثانية فى الفترة ما بين عام 1940 إلى عام 1942.
وكانت تقاريره فى رتبة اليوزباشى تشير إلى ما يتحلى به من صفات الضبط والربط، وبعد اشتراكه فى معارك الحرب العالمية الثانية عام 1942 بالصحراء الغربية بست سنوات انتقل إلى الخدمة بمدينة العريش ثم فلسطين، حيث اشترك فى حرب فلسطين فى 15 مايو 1948 قائداً لسرية مشاه فى رفح وغزة.
وفى عام 1950 حصل على ماجستير العلوم العسكرية، وكان ترتيبه الأول على الدارسين بكلية أركان الحرب، ولذلك عين مدرساً لمادة التكتيك بالكلية لمدة ثلاث سنوات.
وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 دخلت مصر مرحلة هامة من المفاوضات مع بريطانيا من أجل إجلاء القوات البريطانية عن أرض الوطن واختير البكباشى أركان حرب أحمد إسماعيل عضواً بلجنة المفاوضات العسكرية مع بريطانيا حتى وقعت اتفاقية الجلاء.
وفى عام 1955 تولى قيادة كتيبة مشاه ولم يمر عام آخر حتى تولى قيادة لواء مشاه وهو مازال برتبة البكباشى.
وأثناء العدوان الثلاثي على مصر في 29 أكتوبر 1956، كان أركان الحرب أحمد إسماعيل قائداً للواء الثالث المشاة في القنطرة شرق بمنطقة القناة وكانت مهمة اللواء في بادئ الأمر الدفاع عن مدينة بورسعيد ومنع العدو من إنزال أي قوات بحرا أو جوا لاحتلال المدينة، ولكن مهمة اللواء الثالث المشاة تعدلت يوم 29 أكتوبر 1956 ليكلف بمواجهة قوات العدو التي أنزلت عند ممر مثلا فى سيناء، ثم قام اللواء الثالث بستر عملية انسحاب قواتنا المدرعة التي صدرت إليها الأوامر بالانسحاب غرب القناة، بعد أن ظهرت نوايا القوات البريطانية فى الاستيلاء علي قطاع بورسعيد.
وقام اللواء الثالث المشاة بعد ذلك بمهمة الدفاع عن بورسعيد، ثم تسلم المدينة بعد تحريرها وانسحاب القوات البريطانية منها فى يوم 23 ديسمبر عام1956، وفى عام 1957 سافر فى بعثة دراسية عليا فى أكاديمية فرونز العسكرية العليا فى الاتحاد السوفيتي حيث حصل على دورة تكتيكية تخصص مشاه عام 1958، وجاء في تقارير أساتذته بالأكاديمية "كفاءته العسكرية والفنية" لتجعله في مقدمة الدارسين للمشاة، يتمتع بشخصية قيادية قوية، ذكى اجتماعي رياضي، عميق فى تفكيره وبحثه لأى موضوع، دقيق ومنظم في عمله ويعتمد عليه.
وفى عام 1959 عين كبيراً لمعلمي الكلية الحربية حتى عام 1960 وكان برتبة العميد وقد بذل خلال هذه الفترة جهداً كبيراً في إعداد جيل جديد من ضباط القوات المسلحة.
وخلال الفترة من عام 1961 وحتى عام 1965 تولى العميد أركان حرب أحمد إسماعيل قيادة فرقة مشاة في سيناء، ثم أسندت له قيادة قوات سيناء.
وعند إنشاء قيادة القوات البرية عام 1966عين رئيساً لأركان هذه القيادة، وكان برتبة اللواء، وظل بها حتى حرب الخامس من يونيو عام 1967، وخلال الفترة من السادس من مارس عام 1965 وحتى الثاني عشر من يوليو عام 1966.
أتم دراسته بكلية الحرب العليا بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وبعد حرب يونيو1967 عين قائداً قوات القيادة الشرقية والتى كانت تضم كافة القوات المصرية غرب القناة والتي كونت الجيشين الثاني والثالث.
وقام في هذه الفترة العصيبة بمهمة غاية فى الصعوبة وهى تجميع شتات القوات العائدة من سيناء، وقام بإعادة تنظيمها وتدريبها وتسليحها حتى تقف مرة ثانية فى مواجهة العدو، بل تمكن من مواجهة العدو بهذه القوات بعد فترة وجيزة في معارك "رأس العش" و"الجزيرة الخضراء".
وشهدت هذه الفترة أيضاً إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات في بورسعيد.
وجاءت هذه البطولات في وقت مصر فيه أحوج ما تكون لقواتها المسلحة لتثبت للعالم أجمع صمود القوات المصرية ورفضها للهزيمة وإصرارها على الصمود.
وفى نهاية العام 1968 عين اللواء أحمد إسماعيل رئيساً لهيئة العمليات وبعد استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض، وفي 9 مارس 1969 خلفه في منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وفى الوقت نفسه عين في منصب الأمين العسكري المساعد لجامعة الدول العربية.
ترك اللواء أحمد إسماعيل الخدمة في القوات المسلحة في أواخر عام 1969، واختاره الرئيس السادات في مايو عام 1971 ليرأس جهاز المخابرات العامة، وعمل خلال رئاسته لهذا الجهاز الخطير على أن يكون في خدمة الوطن والمواطنين وفى مواجهة نشاط المخابرات الإسرائيلية.
وفى أكتوبر عام 1972 أسند إليه الرئيس أنور السادات منصب القائد العام للقوات المسلحة وعين وزيراً للحربية برتبة فريق أول، وفى يناير عام 1973 عين قائدًا عاماً للقوات المسلحة فى دولة اتحاد الجمهوريات العربية، وبعد ذلك بأسبوع عينه مجلس الدفاع العربي قائداً عاماً للجبهات الثلاث: الشرقية بالأردن والشمالية بسوريا والجنوبية بمصر، وكلفه الرئيس السادات بصفته القائد الأعلى بمهمة تحرير أرض الوطن وطرد العدو من سيناء وتدمير قواته.
وعلى الفور أخذ الفريق أول أحمد إسماعيل على فى التخطيط للعمليات العسكرية فى سرية تامة لتحرير أرض الوطن، واتخذ قرار الحرب بواسطة الرئيس أنور السادات والرئيس السوري حافظ الأسد فى وجود أحمد إسماعيل فى برج العرب يوم 23 و24 أبريل عام 1973 بعد مناقشة الأوضاع العسكرية والاقتصادية والدولية.
وخلال شهر مايو ويونيو 1973 قام الفريق أول أحمد إسماعيل بواسطة القيادتين المصرية والسورية بالإعداد للعمليات على كلا الجبهتين والتخطيط العام للضربة الجوية على الجبهتين ضد العدو، وفى قاعدة رأس التين بالإسكندرية في شهر أغسطس 1973، وتولى الفريق أول أحمد إسماعيل رئاسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية والسورية الذي وضع اللمسات الأخيرة للحرب وتحددت الساعة 1405 يوم 6 أكتوبر 1973 لبدء القتال، لقد كانت مهمة الإعداد للعمليات من أصعب المهام التي قام بها أحمد إسماعيل.
وقد شمل هذا الإعداد تدريب القوات واستكمال تسليحها ووضع الخطط لخداع العدو ومفاجأته باقتحام قناة السويس، وتدمير خط بارليف ،وكان آخر اجتماع للقيادة المصرية قد استغرق عشر ساعات.
وقال على إثره الرئيس أنور السادات: "نحمد الله على أننا وصلنا إلى هذه اللحظة لنضع اللمسات الأخيرة على العمل ونقول للعالم إننا أحياء ويسترد شعبنا ثقته فى نفسه وفيكم، وأنا واثق أن كل فرد فى قواتنا المسلحة سوف يؤدى واجبه كاملاً بإحساسه بمسئولياته تجاه وطنه، وسأتحمل معكم المسئولية كاملة تاريخياً ومادياً ومعنوياً، وفى نفس الوقت أثق فيكم ثقة كاملة وأنكم ستنتصرون بإذن الله".
ورد الفريق أول أحمد إسماعيل قائلاً للرئيس السادات: "باسم القادة وباسم القوات المسلحة نعدكم ونعاهد شعبنا أن نبذل أقصى جهد لتحقيق النصر لبلدنا ولتثقوا سيادتكم في أن كل القادة متفائلون وفى مقدورهم تحقيق مهامهم إننا نشترك معكم في المسئولية فجميعنا مسئولون عن بلدنا معكم".
وهكذا تحمل الفريق أول أحمد اسماعيل على مسئولية معركة كان خبراء العالم العسكريون يؤكدون استحالة الإقدام عليها، وتمكن برجاله من تحقيق نصر عسكري وسياسى حتى نلقن العدو درساً لا ينسى في حرب أكتوبر 73 واسترد الجيش المصري والسوري بل استردت الأمة العربية كلها كرامتها وشرفها.
كرمت مصر المشير أحمد إسماعيل على حيث منح رتبة المشير في احتفال مهيب بمجلس الأمة المصري ومعه كوكبة من قادة الجيش المصري.