الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

30 يونيو المقدمات والنهايات "15"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت مؤسسة الرئاسة المصرية وما زالت من أعرق المؤسسات فى العالم حفاظًا على أصول البروتوكولات وتقاليد المقابلات ودقة المواعيد والالتزام بجداول الأعمال، وكان يضرب بها المثل فى ذلك حتى أصابها الارتباك والخلل أثناء وجود محمد مرسى فى الاتحادية، وقد ظهر ذلك جليًا – كما ذكرنا فى المقال السابق – عندما زار مرسى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر ٢٠١٢، وكان القنصل العام المصرى يوسف زادة مع مسئولى وزارة الخارجية ومؤسسة الرئاسة قد حددوا سلفًا جدول الزيارة بالدقيقة والثانية، وتم تلقين الرئيس بالموضوعات التى سيناقشها أثناء اللقاءات التى سيعقدها مع بعض زعماء العالم وبعض أعضاء الكونجرس، ولكن الرئيس ومساعده للشئون الخارجية عصام حداد– طبيب التحاليل– ضربا بعرض الحائط كل هذه الترتيبات، فلم يتم الالتزام بالمواعيد المحددة، وكما وضحنا فى المقال السابق على سبيل المثال أنه كان من المقرر أن يلتقى مرسى رئيس وزراء بنجلادش لمدة عشر دقائق، فإذ بمرسى يسترسل ويحكى ويقص حتى انتهى اللقاء بعد ساعة وخمس دقائق تقريبًا، مما تسبب فى إلغاء عدة لقاءات تالية، ناهيك عن استخدام الرئيس المتكرر للمنديل، والنف والتف بما لا يليق أبدًا برئيس مصر أثناء اجتماعه برؤساء وزعماء دول العالم، وناهيك أيضًا عن لقائه المفاجئ لبعض الشخصيات الأمريكية التى لم يكن مقررًا لها لقاؤه، لكن السيد عصام الحداد هو من رتب وجهز لهذه اللقاءات مع هذه الشخصيات بشكل مباشر، وكان يصر أن تتم هذه اللقاءات فى وجوده مع الرئيس فقط، رافضًا وجود المترجم أو وزير الخارجية أو أى فرد من أعضاء البعثة الرسمية، ولا شك أن هذه اللقاءات قد استدعت انتباه الجميع، فهى تتم دون موعد سابق ودون جدول أعمال وبشكل شبة سرى، مما دفع رجال المخابرات للبحث عن هوية وتاريخ هؤلاء الذين التقى بهم مرسى بترتيب من الحداد، والمفاجأة أن بعضهم كان على صلة بأجهزة الاستخبارات الأمريكية، ولعل الخطوات اللاحقة للرئيس التى تمت بمجرد عودته كانت هى الكاشف والفاضح لطبيعة هذه اللقاءات، فقد زاره فى بيته فور عودته محمد بديع وخيرت الشاطر، حيث أبلغهما بأنه قد علم فى نيويورك أن الإدارة الأمريكية قد أجرت اتصالات سرية مع أعضاء من حزب النور، واقترح الشاطر وضع قيادات حزب النور تحت المراقبة، ولكن مرسى أبلغه أنه لا يستطيع أن يطلب ذلك من وزير الداخلية، لأن هذا ربما يفتح المجال لكشف بعض أسرار الإخوان أنفسهم، وانتهى اللقاء بأن يقوم الشاطر باستيراد أجهزة تنصت عالية الجودة من ماليزيا وتركيا، يمكنها تتبع المكالمات الهاتفية لقادة حزب النور وغيرهم ممن يُشك فى ولائه، وأن يتولى الشاطر تكوين ما يشبه جهاز الاستخبارات باستقطاب بعض العناصر وتجنيدها للعمل لحساب الإخوان، وقد كشف محمد توفيق سكرتير أمانة العمرانية السابق بحزب النور أن جماعة الإخوان حاولت تجنيده من أجل التجسس على قيادات وأعضاء الحزب من خلال ساعة يد مزودة بكاميرا وميكرفون، ويمكنها نقل وقائع أى اجتماع على الهواء إلى مينيتور فى مكتب الإرشاد، حيث جهز خيرت الشاطر غرفة للمراقبة والتجسس بمنبى مكتب الإرشاد بالمقطم، وهذه الغرفة المليئة بالأجهزة المتطورة قد سلم ما بقى منها لجهاز المخابرات عقب حريق مبنى مكتب الأرشاد قبل ثورة الثلاثين من يونيو بأيام، ومن بين المحاكمات التى تتم الآن لقادة الإخوان اتهامهم بوجود هذه الأجهزة الممنوع تداولها وارتباطها بالأماكن الحيوية فى مصر، فقد ثبت مثلًا وجود كاميرات مراقبة وأجهزت تجسس فى مكتب النائب العام، وهى أيضًا قضية يحاكم فيها النائب العام الأسبق طلعت عبدالله، وهناك أجهزة أخرى تم اكتشافها داخل غرفة المشورة والمداولة بالمحكمة الدستورية العليا، وبكثير من استديوهات مدينة الإنتاج الإعلامى، وامتدت المراقبة الإخوانية لبعض الفنانات أيضا ولبعض رجال الأعمال وأصحاب القنوات الفضائية الذين يتخذون من أحد الفنادق الكبرى مكانا للسهر كل ليلة، وقد استدعى محمد مرسى وزير الاتصالات عاطف حلمى وطلب منه تتبع المعلومات على شبكة الإنترنت لصالح جماعة الإخوان، ولكنه رفض ذلك مطالبًا إياه بوجود أمر قضائى، ولذا كان من الطبيعى أن يحاول مرسى السيطرة على القضاء، وهذا ما صرح به المرشد السابق للإخوان مهدى عاكف فى تسجيل مسرب له، حين قال لا بد من تطهير القضاء ولو خفضنا سن المعاش إلى الستين فهذا يعنى خروج ثلاثة آلاف وخمسمائة قاض، وتعيين بدلًا منهم، وبالطبع كانت قائمة التعيين جاهزة، وقد أثار هذا التسريب الصوتيى حفيظة القضاة، فبدأت مواجهات جديدة بين الإخوان والقضاة، وحاول وزير العدل أحمد مكى احتواء الأزمة، لكنه فشل تماما، فالكلمات التى قالها عاكف كانت واضحة وصعبة، وقد علمت قيادات حزب النور بمراقبة الإخوان لهم وتم اكتشاف أجهزة التنصت فى استديوهات مدينة الإعلام، وتم تحويل المتورط فى زرع هذه الأجهزة إلى التحقيق، حيث أذاعت مواقع الإخوان تسجيلا للإعلامية لميس الحديدى قبل بداية حلقتها، وهى تتحدث مع فريق الإعداد معها وكتبوا بالحرف الواحد «إننا نصل إلى بيوتكم ونعرف ما تفكرون فيه وما يدور فى أذهانكم»، هذا التحدى وهذا الغرور كشفا أفعال جماعة الإخوان قبل أن تمر المائه يوم الأولى على حكم مرسى، التى وعد أن يحقق فيها إنجازات ملموسة على أرض الواقع.. وللحديث بقية.