رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

تحرير الموصل وانتخابات الرئاسة الأمريكية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استحواذ الانتخابات الرئاسية فى الشهر القادم على اهتمام المشهد السياسى الأمريكى لم يمنع من إعطاء إدارة الرئيس أوباما- خلال الشهر المتبقى له فى البيت الأبيض- اهتماما خاصا بالعملية العسكرية المرتقبة للجيش العراقى الهادفة إلى تطهير مدينة الموصل من داعش، أخطر وأهم قلاع التنظيم فى العراق جغرافيا، حيث تشكل المسافة بين مدينتى الموصل والرقة خط الإمداد الرئيسى الذى اعتمد عليه داعش فى تحركه بين العراق وسوريا، كما اتخذها التنظيم الدولى مركزا لخلافته الإسلامية. 
اهتمام الإدارة الأمريكية المتزايد مع اقتراب تحرير الموصل ظهر خلال استعدادات عسكرية، أبرزها إعادة تمركز القوات الأمريكية فى القاعدة الجوية لمنطقة (القيارة) التى تبعد حوالى ٦٠ كيلومترا عن الموصل، لكى تعود القاعدة مقرا للقوات الأمريكية، حيث سبق لها ترميم هذه القاعدة عام ٢٠٠٣ واستخدامها كمعسكر حتى عام ٢٠١٠، ثم سقطت هذه المنطقة الاستراتيجية فى يد تنظيم داعش عام ٢٠١٤ حتى تم تحريرها مؤخرا على يد قوات الجيش العراقى.
ماليا، (القيارة) اعتبرت أهم مصادر تمويل داعش، فالمنطقة استمدت اسمها تاريخيا بسبب كثرة وجود البترول، أو ما يطلق على البترول الخام باللهجة العامية العراقية (القير)، بالإضافة إلى امتداد عيون الكبريت حتى شاطئ نهر دجلة.
من الإشارات الهامة أيضا، توالى إرسال مجموعات من القوات العسكرية الأمريكية لدعم الجيش العراقى فى هذه المعركة، آخرها وصول دفعة إضافية تضم ٦٠٠ جندى ليصبح عدد القوات الأمريكية فى العراق حوالى ٤٦٠٠ جندى، بالإضافة إلى الدعم الجوى الذى تقدمه أمريكا.
الجانب العسكرى من عملية تحرير الموصل من المتوقع أن يُكتب له النجاح رغم كل المتاريس الحربية والخنادق التى أحاط بها تنظيم داعش المدينة.. على الصعيد الآخر، القراءة السياسية تُنذِر بظهور عدة خلافات فى الأفق مع انطلاق ساعة الصفر لتحرير الموصل. 
التأكيدات التى صدرت بعد لقاء الأسبوع الماضى بين رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى ورئيس إقليم كردستان مسعود البرزانى عن إمكانية الوصول لتفاهم حول قضايا الخلاف بين بغداد وآربيل، لا تبدو كافية لنزع فتيل (الألغام السياسية) من طريق المشهد العراقى الحالى.
أولا: رغم التحذيرات التى أطلقها الجانب الأمريكى حول ضرورة عدم تكرار التجاوزات التى أدينت بها فصائل الحشد الشعبى خلال مشاركاتها السابقة فى تحرير مناطق الأنبار، والرمادى، والفلوجة.. تبقى حدود مشاركة الحشد خاضعة لتقلبات القرار الأمريكى، فهو تارة يمنع عنهم الغطاء الجوى، وأخرى يغض البصر عن الانتهاكات المواكبة لدخول قوات الحشد إلى المدن المحررة، علما أن المجتمع الدولى وأمريكا يدرجان بعض فصائل الحشد ضمن التنظيمات الإرهابية.
الهواجس السياسية عن عدم قدرة الحكومة السيطرة على مساحة تدخل الحشد الشعبى تبدو حاضرة ومتحفزة على عدة جبهات.. أهمها القوات الكردية أو (البشمركة)، إذ تبقى المخاوف من تجدد الاشتباكات التى حدثت فى مناطق من المدن المحررة بين الحشد وقوات (البشمركة) نتيجة الخلاف بين حكومتى بغداد وآربيل حول المناطق المتنازع عليها ويقع بعضها ضمن قضاء نينوى التى تعتبر مدينة موصل مركزا له.
أيضا عدم السيطرة على ممارسات الحشد قد تعيد الاشتباكات بين هذه القوات مع القبائل والعشائر التى تحمل مخاوفها المشروعة من دخول الحشد إلى مدنهم بعد تجارب الانتهاكات السابقة، خصوصا أن القرارات والوعود التى أعلنها العبادى عن إجراء تحقيقات حول هذه الانتهاكات كانت مجرد محاولة لامتصاص غضب هذه العشائر، وهو ما يدعم فرضية وجود غطاء سياسى مطلق لهذه الانتهاكات التى وصلت إلى عمليات تغيير ديموغرافى ممنهج للسكان الأصليين فى مدن مثل ديالى وسامراء وغيرهما.
دوليا، التسابق الروسى-الأمريكى حول حسم ملف داعش- فى العراق وسوريا -تحديدا فى أهم النقاط مدينتا الموصل والرقة- جعل من الأولى محط تنافس بين كلا القوتين، علما أن تزايد الاستعدادات العسكرية الأمريكية قد تشكل دافعا لمزيد من التدخل الروسى فى إطار الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة.
الطرف التركى الذى يحتفظ بقوة عسكرية داخل العراق تحت ذريعة مشاركتها فى قوات التحالف الدولى للحرب على الإرهاب، أيضا يحتفظ بهواجسه الأمنية، إذ إن دور القوات الكردية فى تحرير الموصل والمدعوم بقوة من أمريكا، من شأنه إعادة التواصل بين أكراد سوريا والعراق بعدما ظل مقطوعا نتيجة احتلال داعش مدينة الموصل، وهو ما يكشف طبيعة إطار تحركات القوات التركية فى المنطقة، التى يغلب عليها الهاجس (الكردى) أكثر من (الداعشى).
غياب الرؤية المستقبلية لعراق ما بعد داعش يضع أمام الحكومة العراقية تحديات خطيرة سواء اقتصاديا، مع الانخفاض فى مبيعات العراق للبترول الذى يعد المصدر الرئيسى للاقتصاد، ومعاناة الحكومة أزمة مالية مما سينعكس بالتأكيد على عدم قدرتها على إعادة إعمار المناطق المحررة التى تعرضت بنيتها التحتية للدمار الشامل، أو إنسانيا مع تفاقم أزمة المهجرين وقدرة الحكومة على استيعابهم.