السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مؤامرة أمريكية لنهب الأموال السعودية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا مكان للعواطف في العلاقات الدولية، ولا صداقات تدوم بين الدول بعضها ببعض.
فصديق الأمس والحليف الإستراتيجي القريب، قد يصبح عدو اليوم والساعى لنهب أمواله ومقدراته. تيقنت من هذه المقولة عندما تابعت المؤامرة الأمريكية المخططة والممنهجة، التي تدار لنهب الأموال السعودية الموجودة لديها عبر إصدار الكونجرس الأمريكى بمجلسيه النواب والشيوخ تشريعًا يدعى «العدالة ضد رعاة الإرهاب» أو المعروف اختصارًا بـ«جاستا» ضد المملكة، والخاص بتمكين ضحايا هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١ من الأمريكان، وعددهم نحو ٣٠٠٠ قتيل من رفع قضايا تعويض ضد المملكة، رغم أن منفذى الهجمات من جنسيات عربية هم ١٧ خليجيًا ومصرى ولبنانى، والخليجيون الـ١٧ منهم ١٥ سعوديًا وإماراتيان اثنان، وجميعهم ينتمون إلى تنظيم «القاعدة». 
ولكن الأمريكيين يرون أن العقل المدبر الذي اختار الهجوم بالطائرات، هو خالد شيخ محمد، المسئول كذلك عن تفجير مركز التجارة العالمى عام ١٩٩٣، وتفجيرات بالى عام ٢٠٠٢، وتأكيدًا للمؤامرة ضد السعودية قام الكونجرس بإجهاض الفيتو الذي استخدمه الرئيس الأمريكى باراك أوباما ضد هذا التشريع، الذي حاول أوباما من خلاله الحفاظ على حليفته المقربة السعودية، وقد أصر مقدم مشروع القانون عضو الكونجرس عن نيويورك «جيرالد نادلر» على طرحه للتصويت قبيل الذكرى الـ ١٥ للعمليات الإرهابية، ولكن قرار الكونجرس يمكن أن تكون له عواقب سلبية، ربما تشمل مصالح الولايات المتحدة وأمنها القومى، بيد أن البيت الأبيض يري مشروع القانون المذكور سوف يعمل على تأزيم العلاقات مع الرياض، ويصبح حجة لدول أخرى لرفع دعاوى قضائية ضد الولايات المتحدة نفسها، بل ستتمكن حينئذ بلدان عديدة من استخدام هذا القانون كحجة في ملاحقة الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين، وحتى الشركات الأمريكية في العالم. 
فقد دفعت ليبيا خلال حكم القذافى مليارًا و٢٠٠ مليون دولار تعويضات لأسر ١٣ شخصًا قتلوا في لوكيربى، فكم ستدفع السعودية إذن تعويضات لأسر ٣٠٠٠ قتيل في التوينز أو غزوة منهاتن كما أطلق عليها قبل ١٥ عامًا؟
أعتقد أن الأمر برمته به مؤامرة كبرى ضد المملكة التي حاربت الإخوان الذين تؤيدهم أمريكا، وقدمت مساعدات لمصر في وقت تشن فيه أمريكا وحلفاؤها الحروب على العالم العربى لتفتيت وحدته. ربما تعلق هذا الأمر الجلل بالانتخابات الأمريكية المقبلة ورغبة مرشح الحزب الجمهوري المثير للجدل «دونالد ترامب»، لكسب المزيد من الأصوات الانتخابية لصالحه، ربما يكون مرتبطًا بالفعل بمحاولة التأثير على قرارات الناخب الأمريكى، من خلال مواصلة الحرب ضد الإرهاب، التي بدأها بوش الابن، ابن الحزب الجمهورى، وإقناعه بأن مرحلة الحرب على وشك الانتهاء وحان موعد تعويض الضحايا وأسرهم عما حدث لهم! الأخطر من هذا أن هناك عدة دول قد يدينها القانون الأمريكى الجديد، ويجعل بالإمكان مقاضاتها والحصول منها على مبالغ تعويضات كبيرة جدًا، في مقدمتها مصر والإمارات، وهما دولتان ستزيد سعادة أمريكا بمحاصرتهما كل حين، وتحجيم أي محاولة منهما للخروج على النص، خاصة مصر، التي اتجهت بعد ثورتها في ٣٠ يونيو إلى عقد صداقات جديدة في العالم.. ولا ننسى عندما أصرت أمريكا على مصادرة مليارات الدولارات من أموال إيران لديها، بعدما حكم القضاء الأمريكى بتعويضات بلغت مليارى دولار لصالح بعض الأشخاص المتضررين من عمليات إرهابية اتهمت إيران بالتورط فيها!
على أي حال بدت نوايا الكونجرس الأمريكى العدائية تجاه السعودية تظهر للعيان، بعد إقرار هذا التشريع وتوجيه لوم شديد لها، بسبب ما سمته العدوان السعودى على اليمن، واتهام المملكة بتصدير الوهابية والتطرف الإسلامى، وانتهاك حقوق الإنسان، حسب زعمه وفقًا لموقع «بلومبرج» الأمريكى.. ولكن ما لا يتحسب له الكونجرس بأن هذا التشريع سوف يقضى على صفقة سعودية لشراء أسلحة أمريكية بقيمة ١.١٥ مليار دولار، وهو الأمر الذي اتفقت معه صحيفة «نيويورك تايمز»، التي أوضحت أن هذا التشريع سوف يضع نهاية للتحالف بين البلدين، والذي يعود لنحو ٧٠ عامًا خلت ومنذ لقاء الملك عبدالعزيز والرئيس الأمريكى روزفلت على مركب في السويس عام ١٩٤٥ وفى أعقاب الحرب العالمية الثانية.
وعلاقتها مع الإمارات ومع دول مجلس التعاون الخليجى كله كما أكدت جريدة «واشنطن بوست»، بل يمكن للسعودية سحب مليارات الدولارات التي تشكل إجمالى ودائعها وأصولها المالية ٧٥٠ مليار دولار في أمريكا، علاوة على قيام شركة أرامكو السعودية مؤخرًا بتملك أكبر مصفاة بأمريكا بعد شرائها مصفاة «بورت آرثر» بولاية تكساس التي تعتبر «جوهرة التاج» بالنسبة لصناعة النفط الأمريكية كون طاقتها الاستيعابية تصل إلى ٦٠٠ ألف برميل يوميًا، الأمر الذي سيسمح للشركة بالحصول على موقع إستراتيجي يسمح لها بنقل نفطها الخام إليها، وتصفيته ومن ثم بيعه في أسواق أمريكا الشمالية، ولكن القيادة السعودية تخشى من تجميد مليارات الدولارات التي تمتلكها بقرارات من المحاكم الأمريكية، إذا تم تمرير مشروع القانون في الكونجرس. ربما هذا كله لا يعنى بالضرورة أن العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية قد انتهت، فسياسة اللا منطق تجدها في العلاقات الدولية دائمًا.
فأمريكا لن تتوقف عن محاولاتها الرامية لإخضاع بعض الدول لها والسعودية لن تتخلى عن مكانها تحت الجناح الأمريكى في العالم.