الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

محاولة للتصويب في مرمى الهدف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يستطيع أحد في الأسرة الإنسانية إنكار هيمنة الولايات المتحدة على أغلب بلدان العالم سواء بشكل مباشر غير مباشر، إلا أنها تدخل في كل اقتصاديات العالم من خلال الاحتياطي النقدي الدولاري، والذي يعد العملة الرسمية للتبادل التجاري بين كل الدول، ولم يستطع سوى القليل من الدول التحرر من هذه الهيمنة المتشابكة والمتداخلة في بعضها بشكل غير محدود.
البعض يرى أن الولايات المتحدة تعتمد في قوتها على منظومة السلاح المتطورة فقط وهو ما ليس له أي علاقة بالواقع؛ لأن التسليح وتطويره يعد جزء وليس الكل في إدارة القوة القائمة على أكتاف الاقتصاد والعلامات التجارية الأمريكية التي تغزو العالم بما فيها الصين التي تسعى لمنافسة أمريكا في تثبيت أقدام بعض الماركات الخاصة بها، وهو ما تواجهه صعوبات بالغة بسبب عدم الثقة الكاملة في منتجاتها من قبل المستهلكين الذي يستخدمون المنتج الأمريكي المصنع في الصين بكل أريحية.
مما سبق نجد أنفسنا أمام ضرورة مُلحَّة للتوقف بشكل حيادي وموضوعي أمام حقيقة وضعنا الاقتصادي حاليًا، وما كان عليه قبل رياح التغيير في 2011، لندرك عدة حقائق أن الدولة حينها كانت قادرة على كبح جماح التضخم من خلال زيادة معدلات النمو حيث وصلت في 2010 إلى ما يقرب من 6 في المائة مع وجود خطة لبلوغه 7 في المائة خلال العام الذي يليه.
ومثلما ترث الأنظمة السياسية في الولايات المتحدة دولة قوية سياسيا واقتصاديا وعسكريا كناتج جهد عمل لأكثر من 300 عام، استطاعت خلالها أن تصبح أكبر قوة اقتصادية بالعالم، ورث أيضا الرئيس الأسبق حسني مبارك دولة 52 وكان واثقا مطمئننا من حتمية استمرار نظامه، وهو ما أطلق العنان للفساد في عهده بشكل مبالغ فيه، إلا أن السياسيات الاقتصادية التي عملت عليها الحكومات المتعاقبة في عهده كانت تعوض هذا الفساد المستشرى بالبلاد حينها من خلال تحقيق نتائج جيدة وملموسة تنعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين مع مراعاة محدودي الدخل والذي لم يتجاوز عددهم 5 ملايين نسمة، في حين تضاعف هذا العدد لنحو خمسة أضعاف خلال السنوات الست الماضية. 
كان الحزب الوطني الديمقراطي كيان يتمتع بروح الدولة ويعرف مفاهيمها ويضع يده على مفاتيح قوتها، مما جعله منظومة ونظام حقيقي، لذلك كان يسند المهام والمناصب لأهل الثقة ممن يتمتعون بالخبرة العلمية والعملية، على عكس ما نشهده حاليا، وكانت المجموعة الاقتصادية في حكوماته تدرك جيدا أن النقد في الاقتصاد ليس المشكلة، ولكن المهم أن يكون الإقتصاد قادر على خلق سلع وخدمات، ليعقب ذلك زيادة طبع النقود باعتبارها العربة التي تنقل السلع والخدمات للمستهلك. 
كانت مصر قبل 6 سنوات دولة واعدة من الناحية الاستثمارية، ولكن بدون ضوابط، مما جعل كل من يسعى للوصول نحو تحقيق حلمه سواء سياسي أو اقتصادي الى الإلتحاق بركب الحزب الوطني ليصبح هذا الكيان قبلة المال والسلطة لمن يريد النجاح. تداخلت وتشابكت مصالح رجال الحزب في كل شيئ بالدولة، حتى أصبحوا يستحوزون على مقدراتها وثرواتها باستخدام النفوذ المدعوم بقرائة المستقبل مع عدم الإلتزام بالقوانين أو تفصيل بعضها ليتناسب مع أصحاب المصالح الكبار. وبفائض القوة مع الشعور بالشعبية المطلقة والتأييد اللا محدود دون وعي مع معارضة هزلية يصل بالحاكم للغرور السياسي، لتتجني حينها الدولة نتائج كارثية في 2011.
كان الحزب الوطني يضم في عضوية كافة أطياف المجتمع بداية من أحفاد أسرة محـمد على ومرورا بأبناء قيادات ثورة يوليو 52 وهم جميعهم من النخب الاقتصادية من ناحية الملكية، مرورا بالعائلات الكبرى في الأقاليم ليصل الى المواطن البسيط الذي يسعى لحمل كارنيه يحميه من أمين الشرطة. لذا تشابكت المصالح بشكل لا يستطيع أحد فكها، وهو ما أثبته تجربه تنظيم الاخوان في الحكم ومحاربتهم للدولة العميقة واقتصاد مصر المتمثل في رجال مبارك والحزب الوطني، كهدف رئيسي لهم، إلا أن الشعب أنقذ الموقف في ثورة 30 يونيو.
وكان الرئيس السيسي قد أكد أكثر من مرة وقت أن كان وزيرا للدفاع أن الزمن لن يعود إلى ما قبل 25 يناير، إلا أن بعد وصوله للحكم عاد الزمن بقوته الجبرية لأكثر من ذلك، لتتعامل الدولة حاليا مع بعض رجال الحزب الوطني ولكن من وراء حجاب، رغم إمتلاكهم للأفكار والحلول القادرة على الخروج بنا من الأزمة والعبور بنا الى الجانب الآخر من النهر.
سيادة الرئيس، لقد خدعنا التاريخ عندما سجل غروب شمس الحكم عن نظام مبارك، فهم يمتلكون ويتحكمون في الاقتصاد باستثماراتهم فضلا عن الخبرة العلمية والعملية التي يتمتعون بها، فلماذا لا يتجه النظام نحو الاستعانة بهم للتغلب على الأزمات وبناء الدولة بأسس وضوابط حقيقية، مع الوضع في الاعتبار أن النمو الاقتصادي والإصلاح الاجتماعي مساران متلازمان، فالأول شرط للتنمية وتحسين حالة المواطن، والثاني يؤمن الأول ويحقق الاستقرار السياسي ، دون التفتيش في خلفية من يمتلك الحل؟