الأربعاء 12 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أزمة أمريكا الاقتصادية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"رؤساء مغامرون وكأنهم يعيشون في دور الكاوبوي" هذا هو أدق وصف لرؤساء أمريكا، وكان آخرهم بوش ثم من بعده أوباما، ولحظنا وسوء حظ الأمريكان باءت مغامرات هؤلاء بالفشل، وضاعت عليهم المليارات التي دفعوها من أجل مشروعهم الخائب، بوش حاول أن يسقط منطقتنا في أحضانه عن طريق الحروب، فدفعت خزينة أمريكا ما لا يعد ولا يحصى من الدولارات، ثم غير أوباما المنهج فحاول إيقاع المنطقة كلها عن طريق السياسة والمؤامرات والرشاوى التي دفع معظمها للإخوان، ولكن النتيجة كانت أسوء مما يتوقع هؤلاء الحالمون؛ حيث رأت أمريكا على أيديهم وعلى وجه الخصوص على يد أوباما أسوء الكوارث!.
الذي رأته أمريكا تحت رئاسة أوباما- حبيب الإخوان وداعمهم- هو الأزمة المالية الطاحنة التي تمر بها حاليا، بدأت علامات الأزمة عندما وقعت بعض البنوك الأمريكية في الإفلاس، ذلك أن معظم هذه البنوك تقوم على إعطاء تسهيلات تأمينية للمواطن الأمريكي الذي يرغب في شراء فيلا يسكن فيها أو يبحث عن رحلة سياحية يجوب فيها العالم من أجل متعته، والمواطن الأمريكي تعود في ثقافته الاستهلاكية على سداد نفقات حياته كلها من خلال بطاقات الائتمان، ولكن هذا المواطن توقف عن سداد قيمة الائتمانات التي حصل عليها فتعاقبت الأحداث وتم إفلاس بعض البنوك الكبرى، ثم بدأت بعض البنوك تهجر عملية توفير بطاقات الائتمان وتحولت إلى مجموعات مصرفية لها وظائف اقتصادية منحصرة في تحويل العملات وبيع النقد وهنا تنبهت حكومة أوباما إلى أن الأمور تسير بقوة نحو أزمة مالية غير مسبوقة، فالمجتمع الأمريكي يعتمد على قوة الاقتصاد وليس على غطاء الذهب، وقوة الاقتصاد بدأت تتبخر مع النفقات الرهيبة التي تم إنفاقها في الجولات الاستعمارية في فلسطين وأفغانستان والعراق، ثم النفقات التي تكبدوها من أجل تمكين الإخوان من الحكم في دول ثورات الربيع، وإذا بالاقتصاد الذي كان قويا يأخذ في التصاغر والتضاؤل، خاصة وأن الرأسمالية الأمريكية خطت لنفسها طريقا مختلفا عن أصوليات الاقتصاد الحر فأمريكا بجلالة قدرها تعودت على أن تضع بصمتها الخاصة على كل شيء، فأصبحت حركتها الاقتصادية منطلقة من طبيعة شعبها الذي شبهه أحد كتابنا الكبار ذات يوم على أنه شعب لا يعيش في دولة ولكنه يعيش في شركة استثمارية.
وعندما بدأت شركات التأمين الكبرى ـ التي هي عصب الحياة الاقتصادية في أمريكا ـ في اللحاق بالبنوك من حيث الإفلاس ثم دخل في منظومة الانهيار العديد من الشركات الاقتصادية الكبرى، حينئذ كان لا بد أن يتدخل أوباما وحكومته فأصدر "سندات الخزانة الأمريكية" وأخذ يساوم العديد من دول العام الثرية وخاصة دول الخليج في شراء هذه الأذون لإنعاش الاقتصاد الأمريكي، وهنا أصبح المشتري ـ الذي كان يوما ما في احتياج دائم لأمريكا ـ هو الطرف القوي الذي يفرض شروطه، خاصة وأن روسيا بدأت تتعافى من مشاكلها الاقتصادية ثم سرعان ما دخلت إلى المنطقة برفق بعد فشل تجربة "أمريكا والإخوان".
وبسبب هذه الأزمة يعيش البيت الأبيض أسود أيامه،  خاصة وأن البشائر تدل على أن هذه الأزمة ستظل قائمة، إلا أن بعض الأسئلة ستظل تبحث عن إجابة عن مستقبل النظام المالي لأمريكا وللعالم وللاقتصاد الحر بصيغته الأمريكية وأهم هذه الأسئلة هي: هل ستمتد الأزمة إلى بنوك الودائع فتكون هذه هي العلامة الكبرى الدالة على قرب انتهاء النظام الأمريكي بأسره؟
ثم هل تحسن روسيا مزاحمة أمريكا وتحسن إدارة الأزمة لتعود مرة أخرى إلى دورها القديم بعد أن تفككت وتحولت من دولة كبرى عظمى إلى دولة كبرى؟
ثم هل ستقوم دول الخليج بتوحيد سياستها الاقتصادية تجاه أمريكا حتى تتمكن من ممارسة كافة الضغوط الاقتصادية على البيت الأبيض من أجل إجبار أمريكا على اتخاذ قرارات سياسية تصب في مصلحة المنطقة بأسرها؟
وأخيرا هل ستؤثر هذه الأزمة على أمريكا فتفقدها نفوذها على المستوى الدولي كقوة عظمى فتنحدر إلى مستوى الدول الكبرى؟
ننتظر الإجابة مع الأيام القادمة.