الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

لماذا يذهب المصريون إلى الموت في عرض البحر؟

دراسة خاصة عن ظاهرة الهجرة غير الشرعية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إعداد: هاني سليمان: كبير الباحثين بالمركز العربي للبحوث والدراسات وسكرتير تحرير مجلة «آفاق سياسية»
دراسات «المركز العربي للبحوث»
استمرارا لسياسة التعاون بين جريدة «البوابة» والمركز العربي للبحوث والدراسات ننشر اليوم دراسة لـ«هانى سليمان» كبير الباحثين بالمركز العربى للبحوث والدراسات حول ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
تعد ظاهرة الهجرة غير الشرعية ظاهرة عالمية بامتياز، وليست قاصرة على الشرق الأوسط، أو الدول العربية، أو الحالة المصرية، فهى منتشرة فى الدول المتقدمة كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى أو فى الدول النامية بآسيا كدول الخليج ودول المشرق العربي، وفى أمريكا اللاتينية وفى إفريقيا حيث الحدود الموروثة عن الاستعمار التي لا تشكل حواجز عازلة وخاصة فى بعض الدول مثل ساحل العاج و جنوب إفريقيا ونيجيريا.
ولكن هذه الظاهرة حظيت بأهمية بالغة فى منطقة المغرب العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط نظرًا لاهتمام وسائل الإعلام بها.
فهناك موجات هجرة غير شرعية فى كل أنحاء العالم، من إندونيسيا إلى ماليزيا، من شمال إفريقيا إلى أوروبا، من المكسيك إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومع ذلك لم تنقطع تلك الرحلات رغم القيود الأمنية والمخاطر، فرغم بلوغ عدد حرس الحدود الأمريكية مع المكسيك نحو ١٧٠٠٠ عنصر وإقامة جدار بطول (١٣٨٤ كم) على بعض أجزاء الحدود الأمريكية مع المكسيك، والتعرض لخطر الموت مرات عديدة منها أخطرها وهو السور المائي المكهرب، إلا أن ذلك لم يمنع تلك التدفقات.
وفى الغالب يتم تسريب المهاجرين إلى نحو ثلاثة أهداف رئيسية هي أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأستراليا، وبدرجة أقل يتم تسريب البشر إلى الدول العربية النفطية وخاصة دول الخليج، الأمر الذي أثار قلقًا ًشديدًا بين الدول المستقبلة للهجرة غير المشروعة، ووضعت تدابير مشددة للحد من هذه الهجرة ومواجهة الأشخاص.
واسترعى تهريب البشر الانتباه فى عام ١٩٩٣م، عندما ارتطمت بالشاطئ بالقرب من نيويورك سفينة الشحن Venture Golden وعلى متنها ٦٢٠ مواطنًا صينيًا لا يحملون وثائق سفرهم، وأسفر الحادث عن غرق عشرة أشخاص منهم عندما حاولوا الوصول إلى الشاطئ سباحة.
وتوالت تلك الحوادث بعد ذلك، ففى شهر يونيو ٢٠٠٠م اختنق أكثر من خمسين صينيًا داخل شاحنة لنقل الطماطم أثناء رسوها فى ميناء دوفر، بسبب تعطل جهاز التبريد فى يوم شديد الحرارة. ومواطنون مصريون غررت بهم عصابة لتهريبهم إلى النمسا عبر المجر، فلقي كثير منهم حتفهم فى جو شديد البرودة، ومواطنون شرق أوسطيين غرقت بهم السفينة التي حملتهم، وهم فى طريقهم إلى أستراليا، وأنقذتهم سفينة نرويجية ولكن أستراليا رفضت إدخالهم أراضيها، وانتهى الأمر بتوطينهم فى جزيرة مجاورة لأستراليا، ومواطنون مغاربة لقوا حتفهم اختناقًا فى برادات كانت تحملهم خفية فى طريقهم إلى إسبانيا عبر جبل طارق. وأطفال يمنيون حاولت عصابات تهريبهم عبر الحدود السعودية اليمنية لاستخدامهم فى التسول داخل المملكة، وقامت السلطات اليمنية بضبط هذه العصابات وفك أسر أكثر من ٦٠ طفلًا. وازدادت تلك الموجات مع بدايات القرن الحادي والعشرين، فشهد عام ٢٠٠٨ مثلًا مصرع عشرات الشباب قبالة السواحل الإيطالية والأوروبية والتركية والليبية، فى مشهد أصبح متكررًا.

جغرافية الهجرة
تعني الهجرة فى أبسط معانيها حركة الانتقال- فرديًا كان أم جماعيًا- من موقع إلى آخر بحثًا عن وضع أفضل اجتماعيًا كان أم اقتصاديًا أم دينيًا أم سياسيًا.
وتتعدد دلالات الهجرة بين هجرة سرية، هجرة غير شرعية، هجرة غير قانونية، والهجرة غير الشرعية هي انتقال فرد أو جماعة من مكان إلى آخر بطرق سرية مخالفة لقانون الهجرة.
لم تكن حادثة مركب رشيد الأخيرة هي الأولى من نوعها فى مصر، ولن تكون الأخيرة كذلك، لكن سبقتها حوادث مفجعة مكررة منها فى ٢٠٠٧ قرب مرسي مطروح، وفى ٢٠٠٨ حادثتان منها رحلة من مصر إلى تركيا ثم إلى اليونان وغرق ٢٠ شخصًا، وحادثة أخرى لقارب على متنه ١٧٠ راكبًا، توفى منهم ٤٨ شخصًا.
أما فى مارس ٢٠١٠ فغرق ٣ أشخاص وتم القبض على ٢٣ فى المياه الإقليمية المصرية بمحافظة كفر الشيخ. وفى ٢٠١١ انتشلت قوات البحرية المصرية، جثمان ٣٠ شابًا، قبالة سواحل الإسكندرية، نتيجة تعطل محرك قارب متوجهًا نحو جزيرة صقلية الإيطالية. كما شهد أيضًا مقتل شخصين مصريين، نتيجة غرق قارب قبالة السواحل الليبية، كما غرق قارب آخر قرب السواحل المصرية، كان على متنه ٢٠٠ مهاجر إلى أوروبا.
وفى ٢٧ أغسطس فى ٢٠١٢، غرق قارب صيد مصري، يحمل ٤٠ مهاجرًا غير شرعي، فى البحر المتوسط، أمام السواحل الليبية، ولم ينج منه سوى شخص واحد. بينما فى ٢ نوفمبر ٢٠١٣ عثرت طائرات سلاح الجو الليبي، على نحو ٤٨ مهاجرًا مصريًا غير شرعي بعد فقدانهم فى الصحراء، شرق ليبيا، وتم إنقاذ ٧ منهم. وفى ٦ سبتمبر ٢٠١٤، غرق مركب كان يحمل أكثر من ٤٠٠ شخص من المهاجرين غير الشرعيين فى البحر المتوسط، من جنسيات مختلفة مصرية وفلسطينية وسودانية، بينهم نحو ٦٦ مصريًا، أغلبهم من الأطفال.
ويجب الأخذ فى الاعتبار هنا أن الدولة قد تكون مصدرة ومستقبلة للهجرة فى آن واحد، فمصر لديها موجات من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، كما أنها تعاني موجات هجرة غير شرعية قادمة من السودان، وإريتريا، وسوريا.
الخطير هنا، أنه ووفقًا لتصريحات شبه رسمية، فإن السلطات المصرية تحبط نحو ٥٠٪ فقط من رحلات الهجرة غير الشرعية، أي نحو ٢٠ رحلة ناجحة شهريًا، والنسبة الأكبر منهم فى الفئة العمرية من ١٨-٢٥ عامًا.
وهو مؤشر خطير، ومعظم المقبلين على تلك الرحلات غير الشرعية هم من محافظات البحيرة والفيوم وأسيوط، أي أنه ليست هناك فوارق بين الدلتا والصعيد بمقارنة معيار التنمية، أو وجود لعامل الفقر النسبي بين المحافظات لتفسير تلك الظاهرة، حيث إنه على أغلب الظن، فإن العامل الرئيسي فى تلك القضية متعلق بالحالات الناجحة فى منطقة معينة، ووجود أقارب وأصدقاء قاموا بنفس التجربة الأمر الذي يشجع على الاقتداء بهم، وهذا ما يفسر وجود قرى بأكملها تشهد تلك الحالات والتواجد فى دول مثل إيطاليا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية.

أسباب ودوافع الهجرة
تعد ظاهرة الهجرة غير الشرعية قضية معقدة للغاية، بحيث تتداخل فى تفسيرها العوامل المختلفة ما بين اقتصادية واجتماعية وسياسية وجغرافية، إلا أنه يمكن القول بشىء من اليقين إن أحد أهم العوامل الدافعة للهجرة غير الشرعية فى مصر، مثلها مثل بقية الدول، هي العوامل الاقتصادية ثم العوامل الاجتماعية.
وتعود الأسباب الاقتصادية إلى الأزمات الاقتصادية التي شهدتها مصر بعد ٢٠١١ نتاج عدم الاستقرار السياسي، ومعاناة الداخل من تراجع إيرادات قناة السويس، وتراجع عائدات السياحة نتيجة عوامل أمنية وسياسية وتنامي العنف. علاوة على تراجع سعر الجنيه وسحب الاستثمارات، مما كان له أشد الأثر، خاصة مع فرق العملة الأوروبية اليورو، والدولار، وهو الأمر الذي أصبح محفزًا كبيرًا لدى طالبي الهجرة غير الشرعية.
فيما ترتبط العوامل الاجتماعية، بفقدان الهوية والانتماء واستدعاء قيم العولمة والرأسمالية من طغيان العوز المادي، خاصة مع بروز الفوارق الطبقية والفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون فى المجتمع، وتراجع دور وشبه انحسار للطبقة الوسطى المصرية، خاصة مع التحول من مجتمع زراعي، ليس إلي مجتمع صناعي، ولكن إلى مجتمع استهلاكي، يعيش على قطاع الخدمات واقتصاد السمسرة.
وأحد أهم العوامل من وجهة نظري هنا، هي «صورة النجاح الاجتماعي» الذي يظهره المهاجر عند عودته إلى بلده لقضاء العطلة، حيث يتفانى فى إبراز مظاهر الغنى: سيارة، هدايا، استثمار فى العقار.. إلخ، وكلها مظاهر تغذيها وسائل الإعلام المرئية. وأيضًا ما أسميه «عوامل النداء».
فحلم الهجرة هو نتاج الممنوع، وهو رد فعل أمام غلق الأبواب أمام الهجرة الشرعية والسياسة التي تبنتها أوروبا فى هذا المجال، والتي كانت لها آثار عكسية حيث أججت من وتيرة الهجرة السرية، وجعلت كلفتها باهظة بالنسبة للمرشح للهجرة.
علاوة على عوامل جغرافية تتعلق بقرب السواحل الأوروبية، خاصة بين مصر وإيطاليا واليونان، وليبيا وإيطاليا، ولا تبعد أوروبا عن الشاطئ المغربي إلا بـ١٤ كم والشاطئ الإسباني يمكن رؤيته صحوًا من الشاطئ المغربي الممتد من طنجة إلى سبتة السليبة.
وهكذا أصبحت الهجرة مشروعًا مكلفًا واستثمارًا يقتضي تعبئة مصادر للتمويل من أجل تحقيقه من ديون ومن بيع للأرض والممتلكات.. إلخ، هذا ما يفسر كيفية إقبال المهاجر غير الشرعي على أي عمل مهما كان مذلًا وصعبًا، لأنه فى كل الحالات لا يقبل أن يرجع خاوي الوفاض.

مافيا تجارة الهجرة
لقد أدت جدلية الرفض القانوني والطلب الاقتصادي إلى إنعاش ما يمكن تسميته بـ«تجارة الأوهام». وقد تكونت شبكات منظمة فى مختلف مناطق مرور المهاجرين السريين لتقدم خدماتها إلى هؤلاء.
ويدفع المرشح للهجرة السرية ما بين ٦٠٠ إلى ٥٥٠٠ دولار فى مضيق جبل طارق. وتفوق هذه الكلفة بكثير هذه القيمة بالنسبة للشبكات العاملة بين آسيا وأوروبا أو الولايات المتحدة، ويقدر رقم معاملات هذه الشبكات على المستوى الدولي بنحو ٧ ملايين دولار فى السنة.
وفى مصر، فإن الرقم المتداول للفرد ما بين ٣٠-٥٠ ألف جنيه على الأقل، فى رحلة ومواجهة للموت من قوارب مطاطية لا تحتمل أكثر من ١٠ أفراد تتم تعبئتها بنحو ٧٠ شخصًا، وأخرى خشبية لا تحتمل أكثر من ١٠٠ شخص، يتم ردمها بنحو ٤٠٠ فرد، كل ذلك من أجل مكسب سهل وخرافى لتجار الهجرة غير الشرعية.
وتلك الشبكات من المهربين هي شبكات عابرة للدول، بل للقارات، لها مصالحها ورجالها، ومراكزها فى دول الإرسال، حيث تبدأ الرحلة، ثم فى دول العبور والتجهيز، وصولًا لدول الاستقبال، يتورط فيها أناس كثر من تلك الدول فى صفقات ورشاوى بالملايين، ولا تقف الرحلة عند خطورة المسار، بل تتعدى إمكانية وقوع العديد من المهاجرين ضحايا لعصابات المخدرات، التي تقوم بسرقة أموالهم ومطالبتهم بإتاوات لركوب القطارات، وتقوم أحيانا بخطفهم للحصول على فدية من أهاليهم، وذلك منتشر فى أمريكا اللاتينية، ولكن فى أوروبا فهم أشد عرضة لاستغلال سماسرة الموت فى الابتزازات الجنسية وتجارة الدعارة، أو تجارة الأعضاء، والمخدرات.
ولا يتوقف هؤلاء السماسرة على ابتداع أساليب جديدة لمجاراة الإجراءات الأمنية المختلفة؛ فقبل توسعة الاتحاد الأوروبي سنة ٢٠٠٤ وأثناء المفاوضات التي كانت تجريها دول أوروبا الشرقية للانضمام إليه نشط بعض الشباب المصري الراغب فى الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا فى الزواج من مواطنات هذه الدول، حتى يتمتع بوضع قانوني مميز فور انضمام هذه الدول إلى الاتحاد ويصبح بالتالي من حق مواطنيها التنقل بحرية بين دوله، ثم التمتع بجنسية هذه الدول فيما بعد.
من الوسائل أيضا تزوير تأشيرات الدخول إلى دول أمريكا اللاتينية وبعض البلدان الإفريقية من خلال النزول «ترانزيت» فى مطارات الدول الأوروبية، التي ما إن يضع الشاب المصري قدمه فيها حتى يسارع بتمزيق جوازات السفر التي يحملها، ويطلب اللجوء إلى هذه الدول وعدم استكمال رحلته إلى وجهته المنصوص عليها فى تأشيرة السفر. كل ذلك يتم بالتنسيق مع عصابات متخصصة فى مثل هذا النوع من عمليات التزوير. غير أن سلطات الأمن فى مطارات الدول الأوروبية التفتت إلى هذه الطريقة فبادرت بترحيل هؤلاء إلى بلدانهم الأصلية مرة أخرى، وعدم السماح لهم بدخول أراضيها.

المسئولية المصرية والدولية
فى حقيقة الأمر، وعلى عكس نظرتنا التقليدية إلى الظاهرة، فالهجرة ليست سلبية على نحو كامل، فالمستفيد الأول ولعقود طويلة من الهجرات هي الدول الأوروبية، فحتى فى ذلك التوقيت الذي يشهد صدًا كبيرًا منها، فهي فى حاجة لها، لمعالجة «الفجوة الاقتصادية والبشرية»؛ حيث تعاني بعض دول القارة الأوروبية من انخفاض عدد السكان خاصة فى سن العمل مثل ألمانيا التي انخفض عدد السكان فيها من ٨١، ٣ مليون نسمة خلال عام ٢٠١٣ إلى ٧٠، ٨ مليون نسمة خلال عام ٢٠١٦، بما يهدد تنافسية الاقتصاد الألماني فى القارة الأوروبية، ومن ثم تزداد الحاجة لقبول وتوطين المهاجرين واللاجئين. والذين فى الغالب يتركزون فى الشرائح الشابة، ومعهم أسر ستتشكل وأجيال ستنشأ، بما يساهم فى التخفيف من شيخوخة المجتمعات. ومن المفترض أن يتحول كثير منهم إلى طاقة عمل وتشغيل، وإلى دافعي ضرائب مع الوقت لتمويل دول الرفاه الاجتماعي التي تنهكها زيادة نسبة المتقاعدين على حساب طاقة العمل والإنتاج.
وربما المسئولية الأولى لأزمة الهجرة غير الشرعية، واقعة فى الأساس على الدول الغربية، ودول أوروبا، فى اتجاهين:
الأول: متعلق بغلق الباب أمام الهجرة النظامية؛ بحيث لم يعد هناك منفذ لحلم الوصول سوى عبر الطرق غير المشروعة، فإيطاليا مثلًا لم تعد تفعل الإجراءات المنظمة للهجرة مع مصر التي كانت تخصص حصصًا سنويًا.
الأمر هنا إذًا متعلق بأهمية جعل الهجرة «تنظيمية» بدلًا من غلق أفق الهجرة النظامية بالكامل، أو فتحها على مصراعيها وهو ما يتعارض مع الاعتبارات الأمنية والاقتصادية.
فالأصل هو حرية الانتقال للأفراد والسلع وهو ما ترتكن عليه اتفاقية الجات، كما تراتبت عليه الخبرة التاريخية من أن أصل تكوين المجتمعات الحديثة هي الهجرة. فالهجرة يجب أن تكون منظمة ومفتوحة بشروط.
الثاني: وهو المسئولية السياسية لتلك الدول عما يحدث فى المنطقة عمومًا، ومن تورطها فى الأزمات الحالية وإشعالها سواء فى سوريا أو ليبيا بعد تدخل الناتو، وغيرها.
فالسياسات الغربية أججت الأزمات فى الشرق الأوسط والدول العربية، ثم هي لا تريد أن تتحمل «بعض» تبعاتها.
وعند الحديث عن سبل المواجهة لتلك الظاهرة محليًا، فنجد أن هناك فراغًا تشريعيًا فى مصر، والبطء فى إقرار «قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين» الذي أعدته اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، ووافق مجلس الوزراء المصري ٢٥ نوفمبر ٢٠١٥ عليه، ولم يدخل حيز النفاذ حيث لم تتم مناقشته فى مجلس النواب. فهناك أولًا حاجة لوجود تشريع قوي. ثم حلول أمنية رادعة متعقبة للمتورطين فى تلك التجارة ومن يتعاون معهم، علاوة على الحملات التوعوية والتثقيفية الإعلامية المختلفة بمخاطر وتداعيات تلك الرحلات المميتة. وهو الأمر الذي يجب أن يوازيه مباحثات أوروبية أوسطية ربما بدعم دولي من أجل تنظيم وحل لأزمة الهجرة إلى أوروبا خاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية والإنسانية التي تعاني منها العديد من الدول فى المنطقة. مع الأخذ فى الاعتبار أن الحلول الأمنية وحدها لن تقضي على الظاهرة.
ويمكن هنا طرح بعض الحلول، منها تولي الوزارات والهيئات المعنية إعداد دراسات وقواعد بيانات للعمالة الوطنية، تقديم المنظمات الدولية الدعم للحكومات، والمؤسسات البحثية والخبراء فى استخدام الأدوات المتاحة والبيانات اللازمة للتنبؤ باتجاهات الهجرة والقوى المحركة لها، إنشاء شبكات لتبادل الباحثين والعلماء فى مجال الهجرة بين دول المنشأ والمقصد، وإشراك المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية فيها.
تعزيز آليات التعاون الفنى والأمنى والقضائى والتشريعى بين دول المصدر ودول المقصد، وفى إطار الاحترام الكامل لحقوق المهاجرين.
تعزيز إمكانيات ضبط الحدود البرية والبحرية لمواجهة جماعات الهجرة غير النظامية على الحدود.
التعاون بين جميع الدول العربية كشركاء متكاملين، للتعاطي المجدي مع الهجرة غير النظامية، عبر تعزيز آليات مكافحة عصابات وشبكات تهريب المهاجرين بجهود أمنية مشتركة بين الدول المعنية.