الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

جدل «جاستا» يضرب أمريكا ويوحد العرب فى صف السعودية.. قلق الـ«سى آى إيه» من تداعيات قانون 11سبتمبر على رعايا الولايات المتحدة بالخارج.. روشتة لـ"الرياض": سحب المليارات والتراجع عن مكافحة الإرهاب

الملك سالمان  و أوباما
الملك سالمان و أوباما
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


أبى الكونجرس الأمريكى أن يخرج الرئيس باراك أوباما من البيت الأبيض، إلا وهو مجروح فى كبريائه، عن طريق رفض الفيتو الرئاسى الذى قدمه ضد تمرير قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب»، للمرة الأولى على مدى 8 سنوات قضاها فى الحكم، وفى المقابل فإن كثيرا من الدول والهيئات الخليجية والإسلامية بدأت ما يشبه التكتل للتضامن مع المملكة العربية السعودية، التى تعد الأكثر تضررا من القانون المسمى «جاستا»، كونه يتيح مقاضاتها أمام المحاكم الأمريكية، على خلفية ضلوع 15 شخصًا يحملون جنسيتها فى هجمات 11 سبتمبر، وقد بدأت التداعيات الاقتصادية أمس فى الظهور بالفعل، غير أن هناك مجموعة من الإجراءات قالت وكالة «رويترز» إن من الممكن أن تستخدمها الرياض لحماية نفسها.

استخدم أوباما حق الفيتو ١١ مرة كلها صمدت، لكن فى هذه المرة عارضه تقريبا جميع أقوى أنصاره، فى آخر إجراء لهم قبل مغادرة البيت الأبيض، للمشاركة فى حملات انتخابات الرئاسة التى تجرى فى الثامن من نوفمبر المقبل.
وفى مجلس الشيوخ، الذى بدأت فيه عملية التصويت بشأن النقض، حظيت المبادرة حول تجاوز «الفيتو» بدعم ٩٧ من أصل ١٠٠ سيناتور، فيما حصل القرار لصالح رفض النقض لاحقًا على ٣٤٨ صوتًا فى مجلس النواب، ليصوت ضده ٧٧ من أعضاء المجلس.
ووفقًا للدستور الأمريكى، فإن رفض «الكونجرس» للفيتو المذكور يعنى أن تشريع «العدالة ضد رعاة الإرهاب» أصبح قانونا.

جدل أوباما وكبار الكونجرس
وقال السيناتور تشارلز شومر، ثالث أكبر ديمقراطى فى مجلس الشيوخ: «إسقاط فيتو رئاسى هو أمر لا نتعامل معه باستخفاف، لكن كان من المهم فى هذه الحالة أن يسمح لأسر ضحايا ١١ سبتمبر بالسعى لتحقيق العدالة حتى لو سبب هذا السعى بعض المضايقات الدبلوماسية».
وجادل «أوباما» بأن مشروع القانون قد يعرض شركات وجنودا ومسئولين أمريكيين، لملاحقة قضائية، ويؤدى إلى انصراف حلفاء مهمين فى فترة اضطراب سياسى. واتصل بزعيم الأقلية فى المجلس السيناتور هارى ريد وكتب له رسالة شخصية يشرح له فيها لماذا يعتقد أن تفعيل مشروع القانون سيضر بالمصالح الأمريكية. وكان ريد هو السيناتور الوحيد الذى وقف فى صف أوباما.
وانتقد البيت الأبيض التصويت. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست فى إفادة: «هذا أكثر شىء إحراجا فى مجلس الشيوخ الأمريكى ربما منذ ١٩٨٣» فى إشارة إلى آخر مرة أسقط فيها المجلس بأغلبية كاسحة فيتو الرئيس.
وفى أول تعليق للرئيس الأمريكى على القرار، قال لمحطة «سى إن إن» الإخبارية، إن المشرعين ارتكبوا «خطأ»، موضحا أن القانون قد يعرض الشركات والمسئولين والقوات الأمريكية إلى دعاوى قضائية محتملة خارج البلاد.
كما قال «أوباما»، إن مشروع القانون «يعارض أسلوب العمل الذى التزمت به الولايات المتحدة فى الساحة الدولية على مدى عقود»، محذرًا من أن هذه الوثيقة «قد تدمر مفهوم الحصانة السيادية، التى تدافع عن المواطنين الأمريكيين منذ زمن طويل».

وتعليقا على الجدل فى الداخل الأمريكى حول «قانون العدالة ضد رعاة الإرهابى، أيدت أسر الضحايا إصدار القانون، وأوضحت أنها ما زالت تبحث عن العدالة بعد مضى ١٥ عاما على هجمات سبتمبر.
وقال السيناتور الديمقراطى عن نيويورك، تشاك شومر، إن البيت الأبيض والجهة التنفيذية مهتمان جدا بالاعتبارات الدبلوماسية، نحن مهتمون أكثر بالعوائل (عوائل الضحايا) والعدالة.
وقال رئيس وكالة الاستخبارات المركزية، «جون برينان»، إن تبنى القانون سيسفر عن «تداعيات محزنة» بالنسبة لأمن الولايات المتحدة. موضحا: «أخطر العواقب وأكثرها ضررا سيتعرض لها أولئك المسئولون الحكوميون الأمريكيون الذين يعملون فى الخارج نيابة عن بلادنا».
وأضاف «برينان» أن «مبدأ الحصانة السيادية مبدأ يحمى المسئولين الأمريكيين كل يوم، وهو مبدأ مبنى على التبادلية». 
وقال: «إذا تخلينا عن تطبيق هذا المعيار بالنسبة للدول الأخرى، فسنعرض مسئولى بلدنا إلى مخاطر».

السعودية تفقد الثقة
وكان ١٥ من الخاطفين الـ١٩ فى هجمات سبتمبر يحملون الجنسية السعودية، لكن المملكة الغنية بالنفط تنفى أى دور لها فى هذه الهجمات التى أودت بحياة نحو ٣ آلاف شخص.
وحذرت السعودية وبعض من حلفائها من أن سن هذا القانون ستكون له عواقب سلبية.
وكان وزير الخارجية السعودى عادل الجبير قال فى يونيو الماضى إن الولايات المتحدة ستكون الخاسر الأكبر إذا سن القانون. وعلى الرغم من التقارير التى تحدث حينئذ عن احتمال قيام السعودية بسحب استثماراتها المالية الضخمة من الولايات المتحدة فى حال سن القانون، قال الجبير إن بلاده حذرت فقط من انهيار ثقة المستثمرين السعوديين بالولايات المتحدة.
وتمتلك المملكة ٩٦.٥ مليار دولار أمريكى فى أصول تحت إدارة وزارة الخزانة التى تجعل منها المستثمر رقم ١٥ فى لائحة مالكة أصول الخزانة فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وسوف تلجأ الرياض إلى أساليب حادة للدفاع عن نفسها، مرورا بالنفط وشركات خاصة واستثمارات معلنة وغير معلنة إلى مشاريع سعودية أمريكية مشتركة فى دول العالم.

روشتة «رويترز» للرياض
وعددت وكالة «رويترز» مجموعة من الإجراءات تستطيع السعودية اتخاذها ردا على الكونجرس، بدءا من تحجيم الاتصالات الرسمية، وسحب مليارات الدولارات من الاقتصاد الأمريكى، وإقناع حلفائها المقربين فى مجلس التعاون الخليجى بالتراجع عن التعاون فى مكافحة الإرهاب، والاستثمارات، وحرمان من استخدام القواعد العسكرية فى المنطقة.

دعم خليجي إسلامي للمملكة
وكانت البحرين أول من يساند المملكة السعودية، حيث حذرت فى تصريحات لوزير خارجيتها أمس، من أن إقرار الكونجرس الأمريكى قانون «جاستا» سيرتد على واشنطن نفسها.
وقال الوزير خالد بن أحمد الخليفة، فى تغريدة عبر حسابه على موقع للتواصل الاجتماعى «تويتر»، إن «قانون (جاستا)، سهم أطلقه الكونجرس الأمريكى على بلاده»، مضيفًا: «أليس منكم رجل رشيد؟».
بينما أعربت دولة الإمارات العربية المتحدة عن قلقها الشديد من إقرار الكونجرس الأمريكى ما يعرف بقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب، واعتبر الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولى الإماراتى، أن هذا القانون يتعارض مع قواعد المسئولية بوجه عام ومبدأ السيادة التى تتمتع بها الدول. وقال عبدالله بن زايد، إن هذا القانون لا يستوى مع أسس ومبادئ العلاقات بين الدول، ويمثل خرقا صريحا لها بكل ما يحمله من انعكاسات سلبية وسوابق خطيرة، موضحا أن دولة الإمارات تتطلع إلى أن تعيد السلطات التشريعية الأمريكية النظر فى القانون، وعدم إقراره فى ظل التبعات الخطيرة المرتبطة بتطبيق هذا القانون على المبادئ الدولية الراسخة والمرتبطة بمبدأ السيادة، التى تمثل ركنا أساسيا فى العلاقات.
ومن جانبها، أبدت رابطة العالم الإسلامى والهيئة العالمية للعلماء المسلمين اندهاشها لإصدار الكونجرس الأمريكى تشريع «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب»، وذلك لمخالفته الواضحة والصريحة لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولى.
وأكد أمين الرابطة، رئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية للعلماء المسلمين، أن إصدار مثل هذا القانون سيهدد استقرار النظام الدولى، ويلقى بظلال الشكوك على التعاملات الدولية، إضافة إلى ما قد يحدثه من أضرار اقتصادية عالمية، وستكون له تبعات سلبية كثيرة، وسيشكل سابقة خطيرة فى علاقات الأمم.

تداعيات اقتصادية سريعة
ومن تداعيات تصويت الكونجرس لصالح السماح لأقارب ضحايا هجمات ١١ سبتمبر مقاضاة السعودية، هبط الريـال السعودى، بشكل متوسط مقابل الدولار الأمريكى فى سوق المعاملات الآجلة أمس الخميس.
وسجلت عقود الدولار أمام الريـال لأجل عام، وهى تداولات مجدولة للتنفيذ بعد ١٢ شهرا من الآن، ٥٥٠ نقطة فى التداولات المبكرة ارتفاعا من إغلاق يوم الأربعاء عند ٣٣٠ نقطة. وارتفعت حتى أعلى مستوى فى ٨ أسابيع عند ٦٢٥ نقطة.
والريـال السعودى مربوط بالعملة الأمريكية عند 3.75 ريـال للدولار فى السوق الفورية، ومن ثم تلجأ البنوك إلى سوق العقود الآجلة للتحوط من المخاطر.
وارتفعت تكلفة التأمين على الدين السعودى لـ٥ سنوات من مخاطر العجز عن السداد بشكل طفيف إلى ١٥٧ نقطة من ١٥٢.
ولم يطرأ تغير يذكر على سعر الصكوك الدولارية الصادرة عن الشركة السعودية للكهرباء المملوكة للدولة، وهو واحد من عدد قليل من إصدارات السندات الدولية القائمة للمملكة، حسبما أفادت وكالة «رويترز».