الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"البوابة نيوز" ترصد محاولات إحياء "الإخوان الإرهابية"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إعداد: سارة ممدوح ونسمة فارس ومحمد الشرقاوى و أحمد ونيس ورحاب عليوة

تعانى جماعة الإخوان الإرهابية العديد من الصراعات الداخلية، إضافة إلى الرفض المجتمعى التام لها، ورغم تعرض الجماعة خلال تاريخها للعديد من الأزمات، تبقى الأزمة الحالية هى الأشد والأخطر تأثيرًا على الجماعة، خاصة فى ظل اعتقال كبار قادة الجماعة، ما أبقى التنظيم مشلولًا عن اتخاذ أى تحركات فى الشارع أو قرارات داخلية.
تتمثل الأزمة الحالية فى صراع الأجيال القيادية داخل الجماعة، ما دفع المجموعات الأصغر سنًا إلى التمرد على الفكر والمنهج للقادة، إضافة إلى أيديولوجيتها المبنية على إقصاء فكر الآخر، كل هذا يضع الجماعة فى مستقبل غامض، ولذلك تسعى الجماعة الإرهابية للحفاظ على وجودها على الساحة المصرية من خلال دعوات لإجراء مرجعات، سواء فكرية أو تنظيمية، خاصة بعد احتدام الصراع بينها والنظام الحالى، فالجماعة باتت تواجه تهديدًا وجوديًا حقيقيًا وهو ما يطرح جملة من التساؤلات حول الدور الممكن أن تلعبه الأخيرة لحفظ مستقبلها السياسى المتآكل بالبلاد.

زعيم «النهضة» يتحرك لإحداث تحولات فكرية تتضمن فصل «الدعوى» عن «السياسى»

«الغنوشى» يقود لعبة «إخوان مصر» الجديدة للخروج من المأزق

يعكف عدد من قيادات جماعة الإخوان على مراجعات، صيغت بشكل نهائى بعد عرضها على التنظيم الدولى، تتضمن عدة محاور بشأن قضايا تؤكد ضرورة الفصل بين النشاطين السياسى والدعوى، وتطبيق الشريعة والمواطنة، والموقف من العدالة الانتقالية، كما تتضمن أيضا الموقف من الديمقراطية والمشاركة السياسية.

وبحسب مصادر مطلعة، يشرف على عمليات المراجعة، راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة الإخوانية فى تونس، إلى جانب القيادى الإخوانى الليبى محمد على الصلابى.

وكانت حركة النهضة بتونس قد اتخذت قرارًا بفصل العمل الدعوى عن العمل السياسى، مستخدمة ولأول مرة كلمة ثقافى بديلا من كلمة دعوى. ذلك الإعلان الذى جاء على لسان الشيخ الغنوشى بمثابة أول إعلان رسمى عن وجود مراجعات فكرية داخل الجماعة التى تسعى للبقاء على الساحة السياسية بعد أن تلقت الضربات واحدة تلو الأخرى فى بلدان الربيع العربى، وأصبحت قاب قوسين من الاحتضار، فبدأت فى تبنى سياسة جديدة.

وذكر الغنوشى أن النهضة تطورت من حركة عقائدية إلى حزب ديموقراطى، كما أنها جادة فى الاستفادة من أخطائها، داعيا لشراكة حقيقية بين كل القوى الوطنية والسياسية فى البلاد ومصالحة وطنية شاملة تمنع توريث الأحقاد، مشددا على ضرورة أن يفهم أنصاره أن الدولة العصرية لا تدار بالأيديولوجيا وإنما من خلال البرامج والحلول الاقتصادية ومعالجة قضايا التنمية والتشغيل.

هذه التحولات فى لغة الخطاب الذى تبناه الغنوشى رآها البعض ممن ينتمون لمعسكر الإسلام السياسى بمثابة خطوة اضطرارية تهدف فقط لحماية المشروع الإسلامى فى تونس من الترنح والسقوط دون التراجع الحقيقى عن الرؤية، فيما قابلته بعض التيارات الليبرالية ببعض التهكم والشماتة باعتباره إعلان نهاية لتيار الإسلام السياسى.

الغنوشى الذى يعد مؤسس حركة النهضة ومفكرها الأساسى لم يكتف بهذا وإنما صرح فى حوار أجراه مع صحيفة «لوموند» الفرنسية فى منتصف مايو الماضى بأن حركته سوف تنفصل عن تيار الإسلام السياسى لتتحول إلى حزب مدنى، موجها رسالة لجماعة الإخوان المسلمين مفادها أن طريقهم خاطئ وجلب الويلات للمنطقة، فى إشارة إلى أن عدم فصل الدين عن السياسة جعل السياسيين متهمين بتوظيف الدين لغايات سياسية وجعل الدين رهينة للسياسة وموظفا من قبل رجالها، مضيفا أن «مفهوم الإسلام السياسى شوهه تنظيم القاعدة وداعش».

ضعف الحركة وأزماتها الداخلية الأخيرة كان أيضا أحد أسباب عملية المراجعة الفكرية، حيث أصبحت ضرورة ملحة لبقاء الحركة وشعبيتها، فى ظل ما تعانيه من ضعف هيكلها التنظيمى الذى يعد كبر سن أعضائها أحد أهم أسبابه، فضلا عن عدم التفاعل بين الشباب والقيادات، وبخلاف بقية فروع الجماعة، كانت حركة النهضة الأكثر ديناميكية وتطورا بتطور الأحداث ومجرياتها.

وبحسب ما يراه المراقبون، فإن ما قام به الغنوشى لن يعود صداه فقط على حال الجماعة فى تونس وإنما سيكون له الأثر فى كل ما يجريه الإسلاميون من مراجعات قادمة، بما فيهم حركة حماس بفلسطين، ففصل العمل الدعوى عن السياسى الذى لطالما رفضه الإسلاميون واعتبروا كل من يدعوا إليه علمانيا مدعوما من الغرب أصبح فكرة ودعوة تخرج من قلب حركتهم وعلى لسان أحد أكبر القادة والمفكرين الإسلاميين.

لم يكن الشاهد على التحولات والمراجعات الفكرية التى يجريها إخوان تونس تلك التصريحات الشفهية فقط، بل تأتى تحركات حركة النهضة فى المشهد السياسى خير شاهد، أبرز تلك التحركات هى الشراكة التى تمت بين النهضة وحركة نداء تونس العلمانية فى تشكيل الحكومة، والتى غلب عليها الطابع الرمزى، إلا أن الغنوشى أوضح أن الهدف منها هو تطبيع العلاقة مع نداء تونس، متمنيا أن تتجنب حكومة يوسف الشاهد ما حدث من أخطاء فى حكومة الحيبب الصيد.

تعهد الغنوشى أن يعمل حزبه خلال الفترة القادمة على إنجاح حكومة يوسف الشاهد، مشيرا إلى أن النماذج السابقة لم تنجح، وبالتالى فالبحث عن فرص جديدة أخرى للنجاح أمر طبيعى ومشروع.

الغريب فى الأمر هو أن نداء تونس كان قد أعلن معارضته بشكل صريح للإسلام السياسى وحركة النهضة وحكومة الترويكا، ورغبته فى العمل على إعادة إحياء سياسات بورقيبة العلمانية، وهو ما نجحوا فعلا فى تحقيقه فى نهايات عام ٢٠١٣، إلا أن منحنى العلاقة بين الحزبين اتخذ منحى جديدا، حيث بدأوا فى التعاون سويا فى أعقاب انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة الصيد بداية ٢٠١٥.


«زهران»: الدولة اعتمدت «التوبة» مع المتعاطفين

مصادر: مراجعات تجرى داخل السجون الآن لشباب «الإخوان»

بات المشهد الأكثر جدلًا على الساحة السياسية وداخل صفوف جماعة الإخوان المدانة بالإرهاب، هو عملية المراجعات الفكرية لأعضائها داخل السجون المصرية، وهو الأمر الذى طالما تنفيه الجماعة، لكن هناك دلائل عدة تؤكد ذلك.

اللجوء للمراجعات الفكرية جاء بعد عدة أطروحات عن المصالحة مع النظام الحالى للدولة والاندماج داخل النسيج الوطنى، لكن جميعها باءت بالفشل بعد الرفض الشعبى للجماعة لاستمرار مناداة عناصرها بالعنف وسقوط الدولة، لذا تمت الدعوة إلى المراجعات والجلوس إلى مائدة الحوار الفكرى كوسيلة أخرى لإعادة دمج الجماعة بالشارع.

فى تاريخ حركات الإسلام السياسى داخل مصر، يتضح أن المراجعات الفكرية كانت الباب الوحيد أمام أعضاء الجماعة الإسلامية فى تسعينيات القرن الماضى، مع سجناء الجماعة الإسلامية، وهو ما عاد بالإيجاب على أعضاء الجماعة، بعد إعلانهم تخليهم عن أفكار العنف التى تبنوها، وشهدت البلاد حالة استقرار أمنى شهد لها الجميع.

ظهر الحديث عن المراجعات والجدل الفكرى بين عناصر الجماعة داخل السجون، فى الوقت الذى تناولت وسائل الإعلام فيه الحديث عن إقامة ندوات دينية وفقهية مع سجناء التيار الإسلامى يلقيها مستشار الرئيس للشئون الدينية، الشيخ أسامة الأزهري.

تسببت ندوات «الأزهري» وعدد من كبار مؤسسة الأزهر الشريف، منهم الدكتور عبدالله النجار، أستاذ الشريعة الإسلامية فى جامعة الأزهر، وأستاذ الفقه المقارن الدكتور سعد الهلالى، فى إشعال حالة من الجدل بين أعضاء الجماعة وقياداتها التنظيمية، وهو ما أظهر انقسامًا فكريًا خاصةً بين صغار السن من الشباب المُغرر بهم، والذين تم القبض عليهم فى أحداث عنف بعد ثورة ٣٠ يونيو.

يقول الباحث فى شئون الإسلام السياسى، سامح عيد، إن هناك مراجعات جارية بالفعل يقودها ممثلون للدولة مع شباب الإخوان، وهناك الكثير ينصاع لتلك المراجعات، ما تسبب فى حالة من الصراع بين أطراف الجماعة حول الاعتراف بالأخطاء السياسية من عدمه.

يضيف «عيد»، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، أن المراجعات الدائرة ليست فى الجذور الفكرية والعقائدية للتنظيم، ولكن فى الأخطاء السياسية للتنظيم أثناء فترة حكمه للدولة وبعد عزلهم، وأن المراجعات ليست داخل السجون فقط، ولكن فى أذرع التنظيم الدولية، كما هو الحال فى اعتراف خالد مشعل الأخير، فى أن التنظيم ارتكب مجموعة من الأخطاء السياسية، لكن المتحدث الرسمى باسم الحرية والعدالة نفى ذلك وقال إنه خاص بغزة فقط.

ويؤكد الباحث السياسى أن هناك الكثير من الشباب داخل السجون بدأ فى مراجعة نفسه والاعتراف بخطأ الجماعة، وذلك بعد اقتناعه بأنه تعرض لأفكار ودعاية كاذبة يروجها التنظيم بأن شرعيته ما زالت قائمة وأن رئيسه المعزول سيعود مرة أخرى.

وتابع أن الآلاف من الإخوان سيخرجون من السجون بقرار الابتعاد عن التنظيم والاندماج داخل الدولة وإعلاء المصلحة الشخصية، لكن هناك تخوفات من خروج بعض الأشخاص بأفكار عنف كما كان الحال فى فترة الستينيات أمثال شكرى مصطفى.

المراجعات التى يقودها رجال الأزهر تعتمد على دعوة شباب الجماعة لنبذ العنف والاستدلال بالأدلة الشرعية على شرعية النظام الحالى، باعتباره النظام الحاكم، ويجب السمع له والطاعة، وعليهم أن يبتعدوا عن السياسة ويتفرغوا للعبادة والعمل الدعوي.

ياسر على، المتحدث الإعلامى باسم الرئيس المعزول، أعلن فى تصريحات له، عن إقامة مراجعات داخل سجن العقرب، وأن هناك الكثير من أعضاء التنظيم قاموا بعمل مراجعات فكرية، من بينهم القيادى الجهادى السابق، محمد أبوسمرة، الذى أكد أن هناك اتجاهًا قويًا داخل السجون للاعتراف بأخطاء الجماعة وجماعات التيار الإسلامى فى السنوات المقبلة.

محمد أبوسمرة، الأمين العام للحزب الإسلامى، الذراع السياسية لجماعة الجهاد، أكد على صفحته الرسمية بـ«فيس بوك»، أن الكثير ممن تم إخلاء سبيلهم من قيادات الجماعة وأعضاء تحالف الشرعية، اختفوا تماما عن المشهد السياسى وقرورا العودة للحياة الطبيعية ومنهم مجدى قرقر، الذى لم يعد يحضر أى فعاليات متعلقة بحزب الاستقلال بعد خروجه من السجن.

القيادى السابق بتحالف دعم الشرعية، أعلن عن وضع وثيقة تتضمن مراجعات من رؤساء الأحزاب الإسلامية، للفترة التى ترأسها محمد مرسى وأخطاء التيار الإسلامى فيها.

وفى سياق متصل، يرى مصطفى زهران، الباحث فى حركات الإسلام السياسى، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، أن أى حديث عن المراجعات الفكرية للإخوان داخل السجون الشبيهة بمراجعات الجماعة الإسلامية فى التسعينيات غير صحيح، فهناك خلاف فى المضمون والآليات، فالإخوان حركة سياسية، والجماعة الإسلامية تيار «جهادي» من الأساس.

ويضيف «زهران» أن الدولة اعتمدت نظام «التوبة» مع الموالين للجماعة غير المحسوبين عليها تنظيميًا، وبالفعل حدثت عند هؤلاء مراجعات، لكن من الممكن أن يحدث صراع بين أعضاء الجماعة داخل السجون فى حال قبول المراجعات من عدمه، ولا أظن أن هناك تراجعًا من الجماعة، فهى إلى الآن لم تعلن أى بيانات ووثائق تقول فيها إنها تعتذر عما حدث فى فترة حكمها وإبانه.

كان المستشار محمد مجدى العجاتى، وزير الدولة للشئون القانونية ومجلس النواب، تحدث عن إمكانية أن يكون هناك تصالح مع عناصر جماعة الإخوان ممن لم تتلوث أيديهم بالدماء ولم تنسب إليهم أفعال إجرامية، وأنه لا مانع من عودة الجماعة داخل النسيج الوطنى، فالدستور نص على احتواء أطياف المجتمع ومحاسبة من تلوثت أيديهم بالدماء.


تركيا أدارت ظهرها لـ«الإرهابية» فى الفترة الأخيرة

رحلة مركز قيادة الإخوان من «حانات إسطنبول» إلى «فراش لندن»

عاشت جماعة الإخوان الإرهابية ثلاث سنوات من الرغد، فى أحضان النظام التركى برئاسة رجب طيب أردوغان، بعدما سقط نظامهم فى مصر نتيجة ثورة ٣٠ يونيو، والتى كانت سببًا فى هروب العديد من قيادات الجماعة ورموز التنظيم الدولى الذين كانوا موجودين بالقاهرة إلى إسطنبول، للنوم فى أهدأ ملجأ قد يستقطبهم فى سنوات الظلام.

خلال هذه السنوات وقعت العديد من المناوشات فيما بينهم، حتى جاءت الصاعقة التى قد تقصم ظهر الجماعة، وهى محاولات التقارب بين تركيا ومصر، لا نعتقد أن الجماعة وأنصارها سيشعرون بالارتياح لتواتر أنباء الانفتاح التركى التدريجى على مصر، وحكومة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو الانفتاح الذى تجسد فى اللقاء الذى جرى على هامش قمة عدم الانحياز التى عقدت فى فنزويلا بين وزير الخارجية سامح شكرى، ونظيره التركى مولود جاويش أوغلو، ولعل هذا الشعور طبيعى لأن تركيا كانت الداعم الأكبر للحركة إلى جانب قطر.

على الرغم من أن جماعة الإخوان خرجت سريعًا لتنفى ما كشفه محمد الحسن ولد الددو الشنقيطى، رئيس مركز تكوين العلماء فى موريتانيا وعضو التنظيم الدولى للجماعة، عن انتقال الإرشاد من إسطنبول ممثلاً فى محمود عزت، الذى وإن لم يكن أحد يعلم موقعه بالضبط إلا أنه ترأس الجماعة منذ القبض على بديع طيلة السنوات الثلاث الماضية، لذلك يعبر عن مرحلة إسطنبول، إلى لندن ممثلة فى إبراهيم منير، أمين التنظيم الدولى للجماعة، إلا أن ما تحدث عنه «الددو» تدعمه من المؤشرات ما تجعله أصدق من نفى الجماعة.

«الددو» تحدث عن التغيرات التى فرضتها أمور واقعية عدة على الجماعة بصيغة «مهذبة» تبعد شبهة الإجبار والاضطرار والعجز عن «عزت»، إذ صور الأمر أنه تفويض، بكامل الإرادة، من جانب عزت إلى منير، إلا أن الجماعة التى اعتادت أن تعمل فى الظل، وتقسم تركتها وتنقل مناصبها فى سرية تامة، كمعظم أنشطتها، سرعان ما خرجت لتنفى، ليس ببيان واحد فقط، بل اثنين، الأول ببيان أصدره محمود عزت ينعى فيه ضحايا رشيد، مزيلا بمنصبه «القائم بأعمال المرشد»، ثم بيان على لسان متحدثهم الرسمى طلعت فهمى.

والمتتبع لبيانات الجماعة وسياستها، يعلم أن الجماعة لا تسارع بالنفى إلا لأمر واقع بالفعل، أما إذا كان الحديث لا أساس له من الواقع، فلا تكلف نفسها فى الخروج ببيان رسمى تنفى فيه حديث تردد عبر فضائية، ذلك من جهة، ومن أخرى مشاهد عديدة متتابعة جرت على مدار الشهور الست الماضية، جعلت انتقال المركز من إسطنبول إلى لندن أمرا تفرضه سياسة الواقع، واقع دولة المركز السابقة من جهة «إسطنبول»، وواقع الدول الأوربية وأمريكا من جهة أخرى، ممثلة فى «لندن» مركز الاستقرار.

الإرهاصات تتمثل فى تصريحات لعمر فاروق قورقماز، مستشار رئيس الوزراء التركى المستقيل أحمد داود أوغلو، قال فيها إن «من يريد خدمة المصالح التركية من إخواننا العرب عليه ألا يتجاوز سياسة العدالة والتنمية، فهناك شعارات أكبر بكثير من حجم تركيا عند بعض إخواننا العرب، وهذا يجعل بعض الأصدقاء الغربيين يخافون من تركيا فى شكل كبير»، وقال ملمحًا إلى تجارب «الإخوان المسلمين» فى الحكم فى بعض البلدان العربية أن «هناك أطرافًا صغيرة تطلق شعارات مريبة، وتنادى بمشروع فشل وأفشل المشروع الديمقراطى فى بلادها، ولا أريدها أن تُفشِل معها المشروع الديمقراطى فى تركيا».

 قناة «مصر الآن» التابعة لجماعة الإخوان تفتح باب احتمال توتر العلاقات بين تركيا وتنظيم الإخوان، حيث أعلن العاملون بالقناة عن وجود ضغوطات من السلطات التركية، أدت إلى غلق القناة وإعلان وقف بثها، وأن تحسن العلاقات المصرية التركية فى الأيام الماضية خاصة بعد فشل محاولة الانقلاب، أعطى لقيادات جماعة الإخوان شعورا بالخوف من المستقبل، ولهذا كان الأحرى عليهم البحث عن مأوى جديد، حيث لقت الدول الأوروبية تفتح أبوابها على مصرعيها لاستقبالهم، وكانت على رأسها بريطانيا وسويسرا بمثابة سفن النجاة التى أضاءت الضوء الأخضر لقيادات الجماعة.

ولعل وقوع اختيار الإخوان على «لندن» ليس وليد اللحظة، فالعلاقة المتبادلة فى الأساس منذ إنشاء الجماعة، وذلك بحسب الروايات التاريخية التى كشفت أن حسن البنا مؤسس الجماعة حصل على ٥٠٠ جنيه من شركة قناة السويس «البريطانيةالفرنسية»، وهو المبلغ الذى أسس به الجماعة، كما كشف عدد من المؤرخين البريطانيين، عن العلاقة بين «البنا» والاحتلال البريطانى وقتها، بحسب ما ذكره «هيوارث دون» المؤرخ البريطانى فى كتابه «الدين والاتجاهات السياسية فى مصر»: «حسن البنا قد ألمح خلال اتصالاته مع السفارة البريطانية أنه على استعداد للتعاون، وسيكون سعيدًا لو أن مساعدة مالية قدمت إليه».

عودة العلاقات فيما بينهم فى الوقت الحالى أمر طبيعى للغاية، ففى يونيو الماضى، كانت هناك جلسة لعدد من قيادات التنظيم الدولى فى مصر وتونس والعراق، حول مفهوم الإسلام السياسى وعلاقته بالنظم الحاكمة استمرت ثلاث ساعات، وكان من أبرز الحاضرين: إبراهيم منير نائب مرشد الجماعة، ومروان المصمودى، مستشار زعيم حركة النهضة راشد الغنوشى، وأنس التكريتي، مدير مؤسسات قرطبة الحقوقية بتركيا وأحد قيادات إخوان العراق، بالإضافة إلى سندس عاصم، منسقة الإعلام الأجنبى السابقة برئاسة الجمهورية خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، ومها عزام رئيس ما يعرف بـ«المجلس الاستشارى للمصريين بالخارج»، والمحسوب على الجماعة.

وفى محاولة للجماعة لعرض وجه جديد لها على المجتمعات الدولية وظهر هذا جليًا من خلال كلمة إبراهيم منير، الأمين العام للتنظيم الدولى، حيث قال: «إن عدد الإخوان الذين يحق لهم التصويت الداخلى فى مصر يتراوح بين ٩٠٠، ألف ومليون عضو»، مؤكدا أن عدد عضوات الجماعة الأخوات يمثل ٤٠ ٪ من مجموع أعضاء الجماعة فى مصر.