الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

"الغنوشي" يقود لعبة "إخوان مصر" الجديدة للخروج من المأزق

 راشد الغنوشى زعيم
راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة الإخوانية فى تونس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعكف عدد من قيادات جماعة الإخوان على مراجعات، صيغت بشكل نهائى بعد عرضها على التنظيم الدولى، تتضمن عدة محاور بشأن قضايا تؤكد ضرورة الفصل بين النشاطين السياسى والدعوى، وتطبيق الشريعة والمواطنة، والموقف من العدالة الانتقالية، كما تتضمن أيضا الموقف من الديمقراطية والمشاركة السياسية.
وبحسب مصادر مطلعة، يشرف على عمليات المراجعة، راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة الإخوانية فى تونس، إلى جانب القيادى الإخوانى الليبى محمد على الصلابى.
وكانت حركة النهضة بتونس قد اتخذت قرارًا بفصل العمل الدعوى عن العمل السياسى، مستخدمة ولأول مرة كلمة ثقافى بديلا من كلمة دعوى. ذلك الإعلان الذى جاء على لسان الشيخ الغنوشى بمثابة أول إعلان رسمى عن وجود مراجعات فكرية داخل الجماعة التى تسعى للبقاء على الساحة السياسية بعد أن تلقت الضربات واحدة تلو الأخرى فى بلدان الربيع العربى، وأصبحت قاب قوسين من الاحتضار، فبدأت فى تبنى سياسة جديدة.
وذكر الغنوشى أن النهضة تطورت من حركة عقائدية إلى حزب ديموقراطى، كما أنها جادة فى الاستفادة من أخطائها، داعيا لشراكة حقيقية بين كل القوى الوطنية والسياسية فى البلاد ومصالحة وطنية شاملة تمنع توريث الأحقاد، مشددا على ضرورة أن يفهم أنصاره أن الدولة العصرية لا تدار بالأيديولوجيا وإنما من خلال البرامج والحلول الاقتصادية ومعالجة قضايا التنمية والتشغيل.
هذه التحولات فى لغة الخطاب الذى تبناه الغنوشى رآها البعض ممن ينتمون لمعسكر الإسلام السياسى بمثابة خطوة اضطرارية تهدف فقط لحماية المشروع الإسلامى فى تونس من الترنح والسقوط دون التراجع الحقيقى عن الرؤية، فيما قابلته بعض التيارات الليبرالية ببعض التهكم والشماتة باعتباره إعلان نهاية لتيار الإسلام السياسى.
الغنوشى الذى يعد مؤسس حركة النهضة ومفكرها الأساسى لم يكتف بهذا وإنما صرح فى حوار أجراه مع صحيفة «لوموند» الفرنسية فى منتصف مايو الماضى بأن حركته سوف تنفصل عن تيار الإسلام السياسى لتتحول إلى حزب مدنى، موجها رسالة لجماعة الإخوان المسلمين مفادها أن طريقهم خاطئ وجلب الويلات للمنطقة، فى إشارة إلى أن عدم فصل الدين عن السياسة جعل السياسيين متهمين بتوظيف الدين لغايات سياسية وجعل الدين رهينة للسياسة وموظفا من قبل رجالها، مضيفا أن «مفهوم الإسلام السياسى شوهه تنظيم القاعدة وداعش». 
ضعف الحركة وأزماتها الداخلية الأخيرة كان أيضا أحد أسباب عملية المراجعة الفكرية، حيث أصبحت ضرورة ملحة لبقاء الحركة وشعبيتها، فى ظل ما تعانيه من ضعف هيكلها التنظيمى الذى يعد كبر سن أعضائها أحد أهم أسبابه، فضلا عن عدم التفاعل بين الشباب والقيادات، وبخلاف بقية فروع الجماعة، كانت حركة النهضة الأكثر ديناميكية وتطورا بتطور الأحداث ومجرياتها. 
وبحسب ما يراه المراقبون، فإن ما قام به الغنوشى لن يعود صداه فقط على حال الجماعة فى تونس وإنما سيكون له الأثر فى كل ما يجريه الإسلاميون من مراجعات قادمة، بما فيهم حركة حماس بفلسطين، ففصل العمل الدعوى عن السياسى الذى لطالما رفضه الإسلاميون واعتبروا كل من يدعوا إليه علمانيا مدعوما من الغرب أصبح فكرة ودعوة تخرج من قلب حركتهم وعلى لسان أحد أكبر القادة والمفكرين الإسلاميين. 
لم يكن الشاهد على التحولات والمراجعات الفكرية التى يجريها إخوان تونس تلك التصريحات الشفهية فقط، بل تأتى تحركات حركة النهضة فى المشهد السياسى خير شاهد، أبرز تلك التحركات هى الشراكة التى تمت بين النهضة وحركة نداء تونس العلمانية فى تشكيل الحكومة، والتى غلب عليها الطابع الرمزى، إلا أن الغنوشى أوضح أن الهدف منها هو تطبيع العلاقة مع نداء تونس، متمنيا أن تتجنب حكومة يوسف الشاهد ما حدث من أخطاء فى حكومة الحيبب الصيد.
تعهد الغنوشى أن يعمل حزبه خلال الفترة القادمة على إنجاح حكومة يوسف الشاهد، مشيرا إلى أن النماذج السابقة لم تنجح، وبالتالى فالبحث عن فرص جديدة أخرى للنجاح أمر طبيعى ومشروع. 
الغريب فى الأمر هو أن نداء تونس كان قد أعلن معارضته بشكل صريح للإسلام السياسى وحركة النهضة وحكومة الترويكا، ورغبته فى العمل على إعادة إحياء سياسات بورقيبة العلمانية، وهو ما نجحوا فعلا فى تحقيقه فى نهايات عام ٢٠١٣، إلا أن منحنى العلاقة بين الحزبين اتخذ منحى جديدا، حيث بدأوا فى التعاون سويا فى أعقاب انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة الصيد بداية ٢٠١٥.