الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

«معركة الطرابيش».. أول مشروع قومي لـ«لمّ الفكّة»

«السيسي» ليس الأول.. سبقه إسماعيل صدقى قبل 85 عامًا

 مبادرة الرئيس عبدالفتاح
مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لـ«جمع الفكّة»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعليقًا على مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لـ«جمع الفكّة» من المواطنين من أجل مشروع قومي، وقال، صباح أمس، محمد عشماوى، الرئيس التنفيذى لصندوق «تحيا مصر»، إن حصيلة «تبرعات الفكة» مخصَّصة لتطوير العشوائيات، أفردت صفحة «أرشيف»، المتخصصة فى استعادة التراث والتاريخ، ذكرى مشروع «القرش»، الذى ظهر عام 1931. 
وفق صفحة «أرشيف»، فإن « الزعيم السياسى والمؤرخ أحمد حسين أحد مؤسسى حزب مصر الفتاة، تبنى مع الصحفى فتحى رضوان «مشروع القرش»، وكان هدفه حث المواطن على المساهمة فى النهوض بالحالة الاقتصادية للبلاد فى ظل الأزمة التى اجتاحت العالم عام ١٩٢٩ وعرفت باسم «الكساد الكبير». 
عانى العالم كله من أزمة اقتصادية طاحنة ألقت بظلالها على مصر، أدت إلى انخفاض أسعار القطن فى الأسواق، والذى كان بمثابة انخفاض أسعار الذهب أو البترول فى يومنا هذا.. هذه الظروف اضطرت أحمد حسن، كى يفكر فى مشروع قومى للشعب ليس لأفراد بأعينهم لنشر روح الصناعة الوطنية فى كل مكان.
الخلفية الوطنية أو المبرر الوطنى الآخر لهذا المشروع، فيرجع إلى أن مصر كانت تستورد الطرابيش، حتى أنشأ محمد على باشا مصنعًا للطرابيش، ولكن بعد تحالف دول الغرب ضد مشروعه عام ١٨٤٠ توقف الكثير من المصانع التى أنشأها، ومن بينها ذلك المصنع الذى كان أنشأه فى مدينة فوة بمحافظة كفرالشيخ الآن، وعادت مصر إلى الاستيراد مرة أخرى وفى هذا الجو اشتعلت، «معركة الطربوش»، الذى يعبر عن الهوية المصرية فى مقابل النزوع للتخلص من الطربوش والتشبه بالغرب وارتداء القبعة.
كان شعار اللجنة التنفيذية للمشروع «تعاون وتضامن فى سبيل الاستقلال الاقتصادى»، ويعتبر بداية لتطبيق الأفكار الاشتراكية التى تقوم على فكرة إنشاء صناعات قومية يساهم فيها الشعب نفسه، وتكون مملوكة له ويظل حريصًا على تشجيعها فيما بعد ومساندتها.
ولدعم المشروع طبق الشعب المثل.. «حط القرش على القرش»، مثل شعبى قديم للحث على التوفير وادخار الأموال بهذا المبلغ الزهيد الذى أصبح بلا قيمة تذكر فى أيامنا هذه، لعب دورًا كبيرًا فى عهد الملك فؤاد حيث ساهم بشكل كبير فى النهضة السياسية والاجتماعية فى مصر وقتها وكان السبيل لتقدم أحوال البلاد الاقتصادية.
حظى المشروع بدعم حكومى كبير، حيث أمرت حكومة صدقى باشا بتقديم كل التسهيلات للمشروع، وتبنته لتحقيق شعبية فى الشارع المصرى على حساب منافسه حزب الوفد الأكثر شعبية فى ذلك الوقت، والذى حارب رئيسه مصطفى باشا النحاس المشروع واتهمه بأنه «ضد الوطنية المصرية».


واستثمر «صدقى» الجدل الدائر لكسب ثقة الشارع المصرى وتوظيف الفكرة فى إطار صراعه السياسى مع الوفد فى شخص «مصطفى باشا النحاس»، الذى رأى فى المشروع أنه ضد الوطنية، وأن فكرته ستنحرف بالشباب عن قضايا مصر الحقيقية الكبرى، أى الاستقلال التام، وكذلك كان رأى طه حسين أن المشروع يعكس هروب الشباب من ثورة الفكر. وأنا شخصيًا لم أفهم هذا المعنى، هل يقصد التحرر الفكرى من عقال التقاليد أم ماذا؟
ولقى المشروع صدى واسعًا وترحابًا كبيرًا من المواطنين وشارك آلاف المتطوعين فى جميع أنحاء مصر وكبار رجال الدولة، فكانت الفرق العسكرية تشارك فى بعض حملات المشروع والفنانون فى حفلاتهم يخصصون له قدرًا من الاهتمام، حتى الشاعر الكبير أحمد شوقى دعمه بأشعاره فقال عنه :
علم الآباء واهتف قائلًا.. أيها الشعب تعاون واقتصد
اجمع القرش إلى القرش.. يكن لك من جمعهما مال لبد
اطلب القطن وزاول غيره.. واتخذ سوقًا إذا السوق كسد
أحاط بالمشروع الحماس الوطنى، فكان الطلبة فى الجامعات يشاركون فى الترويج له فيحملون الدفاتر الخاصة به يذهبون بها إلى مدنهم وقراهم لجمع التبرعات حتى بلغت حصيلته فى العام الأول حوالى ١٧ ألف جنيه والعام التالى نحو ١٣ ألف جنيه، وكان مبلغًا ضخمًا بمقاييس ذلك الوقت وحققت مصر شيئًا من الاستقلال الاقتصادى فى هذه الفترة وجنى ثمار التكاتف الوطنى حول مشروع القرش، فتم إنشاء قناطر فؤاد الأول بنجع حمادى.. وتمت تعلية خزان أسوان عام ١٩٣٢ وإصلاح قناطر أسيوط وتأسيس بنك التسليف الزراعى العقارى.
وكان أكبر ربح جراء هذا المشروع ظهور حركة وطنية من الأغنياء المصريين يشجعون الصناعة وفى مقدمتهم رجال بنك مصر. فرفعت الحكومة الضرائب الجمركية على بعض الواردات، فكانت البلاد وقتها تعتمد على الدول الأجنبية وخاصة إنجلترا فى معظم ما تحتاج إليه من المصنوعات.. وبفضل مشروع القرش، تم إنشاء مصنع الطرابيش بالعباسية والطريف فى هذه الفترة أن ظهرت التقاليع الغريبة للطرابيش مثل استبدال اللون الأحمر التقليدى للطربوش باللون الأخضر، وهو لون علم مصر وقتها والتى عرفت وقتها بـ«معركة الطرابيش».
وفى نهاية العام بدأ الطربوش المصرى يغزو الأسواق المحلية، وعلى الفور قام بعض الوفديين بمظاهرات تندد بالمشروع، وهتفوا بسقوط أحمد حسين «يسقط حرامى القرش»، واتهموه بالاختلاس وكانت حملة تشهير قاسية ضده، فاستقال من سكرتارية جمعية «القرش».