الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إرهاب الصفويين المقدس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما أزعجنى مقال «جواد ظريف» بـ«نيويورك تايمز» ضد السعودية قبل أيام، كما أزعجنى مقاله قبل بضعة أشهر بنفس الصحيفة عن التخوم الاستراتيجية لإيران. فظريف فى المقال الأخير يعتبر المملكة قاتلة، لأنّ الوهابية نشأت فيها، وهى التى تقتل الآن فى العراق وسوريا واليمن! والواقع أنّ الدولة السعودية لا تقتل باسم الدين فى أى مكان، و«داعش» والتنظيمات الأُخرى التى تدّعى السلفية تقتل أول ما تقتل السنة، وتحارب أول ما تحارب المملكة العربية السعودية. وما حاربت «القاعدة» ولا حاربت «داعش» إيران وإن شتما الشيعة كثيرا. والإيرانيون فى كل مكان يقتلون الناس إلاّ «داعش» و«القاعدة»!
بعد ديباجته السخيفة الحافلة بالدعوة لمقاتلة السعودية، باعتبارها أصل الوهابية، ينصرف ظريف للطلب من الولايات المتحدة والغرب العمل مع إيران ضد الإرهاب وضد السعودية. وهكذا فهو يستنصر بالشيطان الأكبر (الذى صار ملاكاً للسلام) لمساعدته ليس فى ضرب الإرهاب، بل فى ضرب السعودية. وهّابية القرن الثامن عشر، التى انشغلت ببناء الدولة فى وسط الجزيرة كان فيها تشدد. وشيعة الفرات الأوسط وإيران الصفوية والقاجارية ما كان فيهم تشدد فقط، بل شنوا حروب إبادة ضد السنة والعرب. وبينما هدأت السلفية الوهابية بعد إقامة الدولة، وصارت فرعاً من فروع المذهب الحنبلى وما تزال، فإن التشيع الذى هدأ بعد تهجير السنة من إيران وقتلهم، عاد فأهاجته إيران بعد عام ١٩٧٩، وهى تقوده الآن عَلَناً فى حرب دينية على السنّة والعرب وعلى السعودية. من الذى يخرّب بالعراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان؟ الميليشيات الشيعية التى قال قائد الحرس الثورى إنّ عددها يبلغ مائتى ألف، وإنهم استولوا على أربع عواصم عربية. ولماذا يقاتل هؤلاء ويقتلون؟ قال نصر الله إنهم يقاتلون «التكفيريين»! وهكذا فإيران الدولة تقتل فى العالم العربى بذرائع دينية، وتخرب البلدان وتشرّد الإنسان.
قبل أشهر نشر ظريف فى «نيويورك تايمز» مقالة تحدث فيها عن تخوم إيران الاستراتيجية، وتشمل العراق وسوريا ولبنان وشواطئ الأبيض المتوسط لهذه الجهات، ومضيق هرمز والبحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب وبحر عُمان والمحيط الهندى لتلك الجهة. ولذا فإيران لا تأبه للسعودية ولمصر، وإنما تتحدى القوى العظمى فى البر والبحر من أجل الاستراتيجية!
يشن الإيرانيون وميليشياتهم حرباً دينيةً على العرب والسنة. وهم يقتلون الناس على الهوية، ويخربون العمران. وقد استتروا لفترة بالسخط الأميركى على الإرهاب، تماماً كما استتر حليفهم بشار الأسد. والولايات المتحدة تقاتل بالفعل «داعش» فى العراق وسوريا وليبيا، لكنْ لا أثر لإيران وميليشاتها على الجبهات. وإنما هم يحمون الأسد من شعبه بجوار دمشق، ويهجِّرون الناس بسوريا والعراق، ويستميتون فى تهجير البقية الباقية من سكان حلب بعد حمص. ولماذا؟ كانوا يقولون قبل ثلاث سنوات: لحماية مزار السيدة زينب، ومقامات آل البيت. وليس فى حمص ولا فى حلب مزارات لآل البيت، بل نبشوا فى حمص قبر خالد بن الوليد، لأنه بزعمهم كان عدواً لفاطمة وعلي!
الحروب الدينية حروب لا تنتهى. والإيرانيون يخوضونها بحماس، ويستثيرونها لأقصى حد رجاء تحقيق انتصارات تفيدهم استراتيجياً. والإجابةُ عليهم بنفس الأسلوب وقوعٌ فى فخهم. لكنهم نجحوا فى استثارة المتطرفين من أمثالهم كـ«داعش». وما داموا موجودين باسم المذهب فى العراق وسوريا، فإن «داعش» ستظل له حياة لأنّ التطرف يستدعى التطرف، والدم يستسقى الدم.
محمد جواد ظريف عقائدى فاشل، وفقيه مذهبى فاشل. أما أفكاره الاستراتيجية فذكّرتْنى بشارون الذى كان يقول إنّ الحدود الاستراتيجية لإسرائيل هى ما بين البحر المتوسط والمحيط الهندى وشبه القارة الهندية. وإن الجيش الإسرائيلى هو القوة العسكرية الثالثة فى العالم، ثم عاد فقال: بل الجيش الإسرائيلى أقوى من الجيش الروسى. والواقع أنّ ظريف متواضع، لأنه يستدعى أميركا لمساعدته على السعودية، كما استدعى الأميركى إلى العراق مجدداً، والروسى إلى سوريا. وهذا ذكاءٌ ما بعده ذكاء!
نقلاً عن الاتحاد الإماراتية