الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأسبوع الأسوأ في التاريخ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعنى به تاريخ أكثر من سبعين عامًا من العلاقة الخاصة بين السعودية والولايات المتحدة، الذى يواجه امتحانًا صعبًا منذ أن نجح مشروع قانون يعاقب السعودية على هجمات الحادى عشر من سبتمبر، بالسماح لذوى الضحايا برفع دعاوى ضد الحكومة ومؤسساتها. الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، يفترض أنه أرسل للكونجرس يعلمهم برفضه للتشريع الجديد، مستخدمًا حقه فى النقض، فى حين استبقه الكونجرس بمجلسيه وأعلن أنه يتربص للرئيس بتمديد فترة الانعقاد خصيصًا للتصويت ضد فيتو الرئيس والإصرار على التشريع.
وما لم يقتنع أربعة وثلاثون عضوا فى مجلس الشيوخ، من إجمالى أعضائه المائة، بخطأ وخطورة التشريع ويساندون الرئيس، فإنه سيُصبِح أسوأ أسبوع فى تاريخ البلدين، وسيلحق الضرر كذلك بمفهوم سيادة الدول والعلاقات بين الأمم.
فى الأيام القليلة الماضية احتج على قرار الكونجرس حشد من كبار السياسيين، بمن فيهم رؤساء الولايات المتحدة السابقون، كما أرسل الاتحاد الأوروبى يناشد بعدم اعتماده، واصطف عدد من قادة العالم ضده. والرئيس أوباما قالت عنه «النيويورك تايمز» قبل يومين، رغم أنه ليس على وفاق مع السعودية فهو يعارض القرار خشية من تبعاته على السيادة، والأضرار التى سيلحقها بالنظام العالمى. أما الذين اشتغلوا على طبخ مشروع المقاضاة، من محامين وسياسيين، الذين صاغوا القرار وحشدوا التأييد له، فقد مرّت عليهم فترة طويلة وهم لن يتراجعوا بسهولة الآن. لعبوا كثيرًا على الشق العاطفى أكثر من القانونى، وبرمجوا مواعيد التصويت فى المجلسين قبيل الانتخابات حتى يمكنهم ابتزاز المرشحين فى ولاياتهم ومناطقهم عاطفيًا وسياسيًا، وهم يواجهون النواب يذكرونهم خلال الانتخابات بين «الوقوف مع السعودية أو المواطنين الأمريكيين من الضحايا وذويهم»! هل يوجد ٣٤ شيخًا فى مجلس الشيوخ مستعدون لتحكيم العقل والوقوف إلى صف الرئيس أوباما؟ هذا هو السؤال الأهم، أم سينتهى هذا العام ليس فقط باتفاق نووى مع إيران بل أيضًا بقانون يعاقب السعودية؟ إنه تشريع غريب يماثل فى غرابته لو أن الولايات المتحدة قررت محاسبة حليفتها بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، فالمملكة فعليًا كانت الشريك الأول لواشنطن فى الحرب على الإرهاب منذ عام ٢٠٠١، بعد هجمات الحادى عشر من سبتمبر.
أسبوع حاسم يبرهن على أن الذين سعوا لعقود طويلة لتخريب علاقة الحكومتين قد نجحوا إلى حد كبير، بعد أن جربوا مرات فى الماضى وفشلوا. فى السبعينيات كانت هناك دعوات لمعاقبة السعودية بسبب حظر ثم رفع أسعار النفط، إلا أن الحكومات الأمريكية المتعاقبة رفضت. ثم ظهرت دعوات لمحاسبتها على تأييدها ودعمها لمنظمة التحرير الفلسطينية ولم تنجح. والمفارقة أنه فى أواخر التسعينيات كانت هناك حملة انتقادات من منظمات مختلفة، لأن السعودية قامت بملاحقة واعتقال جماعات متطرفة بعد تفجيرات فى الرياض، وقيامها بتشكيل تنظيمات وجمعيات مختلفة، كانت تتهم بالارتباط بتنظيم القاعدة فى بداياته. وظهرت فى الصحافة البريطانية والأمريكية مقالات وتقارير ناقدة تعتبر الحجر على المتطرفين انتقاصًا من حقوقهم الإنسانية. وبعد هجمات سبتمبر، وإعلان الولايات المتحدة حربها على الإرهاب، حدث تحسن كبير فى الرؤية الأمريكية وتفهم للموقف السعودى، وارتفع مستوى التعاون الأمنى الذى شاركت فيه لأول مرة أجهزة أمنية أمريكية مثل «إف بى آى». وعلى مدى عشر سنوات تقريبا كانت العلاقة الأمنية أكثر متانة من السياسية.
هذا التاريخ الطويل من اكتشاف النفط، إلى التحالف السياسى القوى، إلى خوض حروب مشتركة، إلى مواجهة الإرهاب، يتعرض هذه الأيام إلى أكبر تحدٍ يهدد بهدمه.
نقلاً عن «الشرق الأوسط»