الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

قراءة في الصحف

أحمد باشا يكتب: زمن إبراهيم عيسى!

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلف كرش يتدلى.. يحاول بشتى الطرق إنقاذه بحمالاته المعروفة.. ونظارة سميكة معتمة بلون السواد الواصل من قلبه إلى لسانه، يطل «إبراهيم عيسى» مقروءًا، أو مسموعًا، أو متلفزًا؛ ليعطينا دروسًا في السياسة والفن والأدب و«قلة» الأدب!
فلتة زمانه - اسم الله عليه - فقيه في كل شيء.. من نظريات الأمن القومي إلى الاقتصاد المنزلي.. يمتلك قدرات غير مسبوقة في صناعة صينية البطاطس باللحمة والربط بينها وبين تحليل الانتخابات الرئاسية الأمريكية وإعطاء النصائح للرؤساء ورسم السياسات.. وماذا يمنع وهو لا يعرف الفرق بين المطبخ السياسي ومطبخ «​أبلة نظيرة»؟! 
يقدم نفسه على أنه المفكر الأوحد والصحفي الألمع.. ناظر مدرسة «خالف تعرف»، صنع تمثالا لنفسه يصلي له، وتماثيل أصغر لمريديه يطوف عليهم ويطوفون حوله.. لم يضبط متلبسا بكتابة خبر أو الانفراد بسبق صحفي، أو محققا من الشارع.. مكتفيا بأن يتخفى خلف كتاب وستائر سيارته الفارهة، ويطل علينا بآرائه الفارغة! 
في زمن «إبراهيم عيسى» أصبحت الخيانة معارضة، والوطنية شبهة.. في زمنه الأغبر أصبح إن تدافع أو تناصر بلدك ورئيسك الوطني، توصف بالتطبيل، وإن هاجمته وقمت بالانقضاض عليه تكون بطلا في أعينهم! 
لو كان في زمان أفضل، أو بلاد من تلك التي يقارننا بها، لما وجد لنفسه سوقا، وتضاءلت موهبته في اللت والعجن والرغي والغي أمام المهنية. 
فهو رجل عبر تاريخه لم ينل شرف تجربة الكتابة المغموسة في الواقع، كصحفي تتعالى المهنة لديه ولا يتعالى عليها. 
هنا في نيويورك حيث تطبخ السياسات وتقدم على الموائد في واشنطن، تستطيع أن تعلم كيف سيكون شكل الكرة الأرضية ومصير البلاد والعباد، وفود من شتى بقاع الأرض تقدم نفسها وبلدانها وتعيد تصحيح صورتها وتخاطب عقول هؤلاء المجتمعين في أعلى الأمم المتحدة، وقلوب الجماهير الغفيرة خارجها! 
لو أعلم أن تلك الفرحة واللهفة التي قفزت على وجوه الجالية المصرية بهذا الحجم، حين اطمأنت وسندت رأسها مستريحة على وسادة الوفد المصري المصاحب للرئيس، وأن علاقة الحبل السري ممدودة بينهم وبين الوطن لم تنقطع، لكررت زيارتي ألف مرة! 
فمن الحقارة بمكان أن يشبه «عيسى» بني وطنه بالمرتزقة، أو يضعهم في كفة توازي قطيع الإخوان، وأن يتهمهم في ذممهم المالية بأنهم مدفوعون ومدفوع لهم، وهم من تركوا مصالحهم ليهتفوا باسم وطنهم، بل على العكس لم يبخلوا عليه بوقتهم أو أموالهم أو حتى دمائهم. 
قاتلك الله يا عيسى حين تجرأت على شرفاء بني وطني ممن تغربوا لأجل لقمة عيش بالحلال، تلك الجالية التي منها المهندس والطبيب والعالم، ومنها البسيط الذي يقطر عرقا أشرف وأنقى من ياقات قميصك البيضاء! 
لو كان مجرد وقوفي رافعا علم بلدي في شوارع نيويورك تجلب لي كل هذا السباب والهجوم، فأهلا به، سأترفع واقفا فوق كل هذا لأطل عليكم من عليين وتصغرون بنظري، وسأدق الطبول بكلتا يدي لعل ضجيجها يؤرق منامات الخونة والمتنطعين! 
تاريخي يشهد.. لم أعمل كقلم أجير لدى رجل أعمال، أو أسخر موهبتي للتقلب من فراش الإخوان إلى النظام ثم المعارضة والعكس.. هي مهنة أنت تجيدها وتعلم حقيقتها ووضعياتها.. فلا أنت أقمت صلاة للمعارضة ولا نقضت وضوءا للنظام! 
إن كان في السفر سبع فوائد يا «هيما».. فأولها أنني ابتعدت أسبوعًا كاملًا عن وجهك «العكر»!