الأربعاء 29 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

من يقف ضد التحول الديمقراطى ؟ وكيف نواجهه ؟ (2 – 6)

اللواء حبيب العادلى
اللواء حبيب العادلى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جمعية أصدقاء حبيب العادلى

أبرز الاتجاهات المحسوبة على الدولة القديمة هو اتجاه أنصار الدولة الأمنية ويمثلهم بكل إخلاص ووضوح ما كان البعض يطلق عليه قبل ثورة 25 يناير "جمعية أصدقاء الشرطة" وهى مجموعة صوتها عالٍ رغم قلة عددها لأنها موجودة فى الإعلام أساسا، وكانت تُفرض فرضا على كل الأوساط السياسية فى مصر قبل ثورة 25 يناير.
ونحن لا نُفضل استخدام هذا التعبير الآن لأن الشرطة اليوم، بعد ثورتى 25 يناير و 30 يونيو، من المفترض أنها تغيرت كثيرا أو بسبيلها إلى التغيير، ولذلك فنحن نفضل الآن استخدام تعبير "جمعية أصدقاء حبيب العادلى" بدلا من استخدام تعبير "جمعية أصدقاء الشرطة" لإبراز أنهم أصدقاء نوع معين من ضباط الشرطة، يمثلهم، أو يكاد يكون رمزا لهم عبر العصور، حبيب العادلى، وهذا النوع من ضباط الشرطة أو وزراء الداخلية هم أشد أنصار، ما يُعرف فى الأدبيات السياسية، بالدولة الأمنية أو البوليسية، وهى الدولة التى تصادر الحياة السياسية وتُجرمها من خلال الاعتماد على الأجهزة الأمنية والقمع البوليسى، وتملأ مثل هذه الدولة الفراغ السياسى الناشئ عن تجريف الحياة السياسية من خلال تصدير خطاب إعلامى له سمات محددة حتى لو اختلف الحاكم و تغيرت الظروف أهمها أن الديمقراطية "حاجة عظيمة جدا" ولكن الظروف غير مناسبة للديمقراطية الآن، لأن الديمقراطية تُفتت ولا توحد، ونحن فى حاجة إلى الوحدة لأننا فى "معركة"، وهذه المعركة التى لا ينبغى أن يعلو صوت فوقها، وفقا لشعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، من الممكن أن تكون معركة ضد إسرائيل مثلا، ومن الممكن أن تكون ضد الزحف الأحمر والخطر الشيوعى والإلحاد، ومن الممكن أن تكون ضد الإرهاب أو الإخوان، وفى كل الأحوال فإن الديمقراطية تصبح مشروعا مؤجلا، والمجموعة الإعلامية، من أنصار الدولة الأمنية، التى تتصدر المشهد وتحاول أن تملأ الفراغ السياسى من خلال حضورها الإعلامى المُكثف، تشرح للناس أن الخطر القائم كبير، وأن مواجهة هذا الخطر تقتضى أن نقف خلف الدولة فالوقت "ليس وقت الأحزاب والسياسة والكلام ..وإنما وقت العمل ..وعلينا أن نترك أجهزة الدولة تعمل للقضاء على الخطر أولا"، وطبعا المقصود بأجهزة الدولة هنا، أجهزة الدولة الأمنية بالتحديد، ولكى يكون خطاب هذه الجوقة الإعلامية أكثر إقناعا من الممكن أن يتهم خصوم الدولة الأمنية، خصوم الاستبداد، بأنهم عملاء أو طابور خامس "للعدو"، فالليبراليون، فى زمن سابق يحاول البعض أن يعود إليه، كانوا يُتهمون بالعمالة للأمريكان والغرب، والشيوعيين واليساريين، فى زمن سابق، كانوا يُتهمون بالعمالة للاتحاد السوفيتى، ولا أعلم إذا استعادت الدولة الأمنية عافيتها هل سيتهمون بالعمالة للصين مثلا أم لكوريا؟ وأخيرا: الآن ولأن المعركة ضد الإرهاب والإخوان فإن أنصار الدولة الأمنية الاستبدادية يتهمون قيادات القوى الديمقراطية بأنهم عملاء أو طابور خامس للإخوان!!
وبمثل هذه الأكاذيب والافتراءات تشن هذه الجوقة الإعلامية من نجوم عصر مبارك وحبيب العادلى حملة على الأحزاب الديمقراطية وعلى رأسها الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، والمفارقة الطريفة أن أحد أهم محاور الحملة أن الأحزاب لم تقم بأي دور في المعركة، والمقصود بالطبع المعركة ضد الإرهاب و الإخوان ، حتى أنهم يعلنون طوال الوقت أن الأحزاب غير موجودة! حسنا لو كانت الأحزاب غير موجودة فعلا لماذا تشغلون أنفسكم بها إلى هذا الحد؟! لماذا تبذلون كل هذا الجهد في الهجوم على قوى ضعيفة جدا أو غير موجودة؟ أما المحور الثانى والرئيسى الذى تدور حوله الحملة وهو اتهام قادة هذه الأحزاب بأنهم طابور خامس وعملاء للإخوان فهو أمر يثير القرف لأن عملاء حبيب العادلى يعلمون جيدا أن قيادات الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى كانوا ولازالوا وسيظلون فى الصفوف الأولى فى المعركة ضد الإرهاب والإخوان، بينما كان رجال، أو بالأحرى صبيان، زكريا عزمي من رجال هذه الجوقة يعقدون صفقات مع الإخوان في انتخابات ٢٠٠٥ !
لقد دلت تجربة رمز الدولة الأمنية: حبيب العادلى أن تفريغ المجال السياسى وإدارة البلاد من خلال الأجهزة الأمنية "الشبحية"، ومحاولة ملء الفراغ السياسي بالتضليل الإعلامي المعتمد على جوقة إعلامية هى تجربة لم تنجح على الإطلاق، واحتاج الأمر على الدوام إلى ديكور سياسى أحيانا أو شبكة مصالح – فساد يُطلق عليها حزب فى أحيان أخرى، وفى كل الأحوال كان نشاط الإخوان فى هذه الأجواء الاستبدادية يزدهر عبر، ومن خلال، عشرات الألوف من المساجد المنتشرة فى كل أنحاء البلاد، ومن ثم كان الأمر ينتهى على الدولة بأن طرفى الاستبداد: الدولة الأمنية والإخوان يعقدان من حين إلى آخر هدنة أو صفقة حتى أن العلاقة بينهما، كانت تبدو للمراقب الخارجى وكأنها علاقة بين زوجين من الحثالة ينتميان إلى مستوى اجتماعي وثقافي وضيع، ومن ثم فإنك قد تراهما وهما يضربان بعضهما بوحشية بالغة الآن وبعد بضعة أيام أو حتى ساعات تراهما يتلذذان بنوع من المتعة المنحطة.
الحملة التى تقوم بها الجوقة الإعلامية من أنصار الدولة الأمنية لا تحاول النيل من الأحزاب والقوى الديمقراطية فحسب، ولكنها تحاول أيضا النيل من السياسة والديمقراطية بصفة عامة، فالوقت، عند هؤلاء المتكلمين، هو وقت العمل وليس الكلام!! والعمل هو عمل الأجهزة الأمنية التى يراد لها أن تكون شبيحة فى ظل الاستبداد وغيبة أى قدر من الديمقراطية والشفافية يسمح بمراقبتها ومحاسبتها، من أى مؤسسات رقابية أو سياسية أو تشريعية، ولكن يمكننا القول إن الحملة، والتى تستهدف أساسا عملية التحول الديمقراطي الرامية إلى بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة، ترتكز على استهداف القوى الأكثر تنظيما وقدرة والتى تحاول الدفع فى اتجاه هذه العملية، ونعني بذلك الأحزاب السياسية وبالذات الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والملاحظ أن الحملة تستند على مجموعة من الأكاذيب والافتراءات التى بدا أن مبادرة نائب رئيس الوزراء وعضو الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى د. زياد بهاء دعت للتصالح مع الإخوان وهو كذب فج لأن مبادرة د. زياد كانت تضع شروط لأى تصالح من شأنها تأكيد عزلة الإخوان منها عدم التورط فى العنف وقبول خريطة الطريق، وهى وغيرها من الشروط اعتبرتها المبادرة التى تبناها مجلس الوزراء وبمن فيهم الفريق السيسى، ضرورية لدخول أى تيار فى أى تصالح مع المجال السياسى، وامتدت هذه الأكاذيب والافتراءات بعد الحملة على د. زياد بهاء لكي تدعي أن قيادات فى الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي التقت قيادات من الإخوان للتنسيق فى الانتخابات البرلمانية القادمة! وبالطبع أى شخص يستخدم أقل القليل من قدراته الذهنية لا يمكن أن تنطلي عليه مثل هذه الأكاذيب، ولكن تؤكد التجارب الإنسانية كافة أن العيار "اللى ميصبش يدوش" وأن من أطلق مثل هذه الأكاذيب كان يعول على أنه من الممكن مثلا أن تدفع هذه القصص الكاذبة بعض أعضاء الحزب للتشكيك فى القيادات والتساؤل حول ما إذا كانت القصص حقيقية، والمطالبة، مثلا بإجراء تحقيق فى الأمر أو إعادة النظر فى القائمين على ملف الانتخابات، وهى أمور من شأنها بالطبع أن تدفع القيادات التى حاولوا تلويث سمعتها، وكرد فعل طبيعي وإنساني، إلى الاستياء من هذه المطالبات بالتحقيق والتغيير، وهكذا قد تصل الأمور جراء عملية التشكيك هذه، وما يمكن أن ينشأ عنها من ردود أفعال متبادلة، إلى جراح قد لا تندمل، ولكن نحمد الله، جل جلاله، أن أعضاء الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي واجهوا هذه الأكاذيب والافتراءات بكل ما تستحق من إنكار وتكذيب، ثقة منهم فى قياداتهم وفى آليات عملهم التى لا يمكن أن تسمح لأى مجموعة مهما كان موقفها وموقعها داخل الحزب بالتحالف الانتخابى (!!!) مع الإخوان دون موافقة؛ أو حتى معرفة أعضاء الحزب (!!!).
أخيرا: ينبغى أن أؤكد فى نهاية مقالي أنه من بين فوائد ما جرى أن الوافدين على العمل السياسي قليلي الخبرة والمعرفة لم يكونوا يعرفون درجة انحطاط رموز الجوقة الإعلامية من جمعية أنصار حبيب العادلي، ولكن الجوقة فضحت نفسها بنفسها عندما أطلقت كل هذه الأكاذيب والافتراءات فى هجومها على الأحزاب الديمقراطية، ومن ثم ازداد وعي وإدراك الوافدين أو على الأقل هذا ما نتمناه.