الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

مدير الإعلام في وزارة شئون الأسرى والمحررين يتحدث لـ"البوابة": تدوين الصحفي على "فيس بوك" جريمة يعاقب عليها الاحتلال.. ولا يسمح بزيارة المحامي إلا بعد انتهاء فترة التحقيق

إسلام عبده مدير الإعلام
إسلام عبده مدير الإعلام في وزارة الأسرى والمحررين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
27 صحفيًا فلسطينيًا من بينهم 9 محكوم عليهم بالسجن لسنوات مختلفة إسرائيل لا تسمح بزيارة المحامى إلا بعد انتهاء فترة التحقيق
في بلد يقبع تحت يد احتلال غاشم يؤسر منه كل ليلة المئات من الشباب في محاولة لإخراس الصوت، والآلاف من شيوخها لقتل ذاكرة الوطن بات من الطبيعى أن تستحدث فيه وزارة لسنا معتادين على سماع اسمها وهى «وزارة شئون الأسرى والمحررين» والمنوط بها رعاية الأسرى ومتابعة أحوالهم داخل السجون وحياتهم بعد التحرر وصرف معاشات لهم خصوصًا لمن لا يعلم أن معظم المحررين من سجون الاحتلال والذين هم في الأصل من عرب الداخل يتم إبعادهم ونفيهم إلى الضفة أو غزة وحرمانهم من التواصل مع ذويهم. كان لنا لقاء خاص مع «إسلام عبده» مدير الإعلام في وزارة الأسرى والمحررين ليحدثنا أكثر عن وزارته وسبب نشأتها ودورها الحقيقى في رعاية الأسرى من الصحفيين.
■ في البداية حدثنا عن تاريخ الوزارة وسبب نشأتها؟
- نتيجة الأعداد الهائلة من أبناء الشعب الفلسطينى، والذين تعرضوا للاعتقال في سجون الاحتلال والذي يقدر عددهم بنحو ٧٥٠ ألف مواطن منذ عام ١٩٦٧، كانت الحاجة لضرورة إيجاد كيان حكومى يرعى هذه الفئة الجوهرية في تاريخ كفاح الشعب الفلسطينى، فكان قرار تأسيس وزارة الأسرى والمحررين في جلسة مجلس الوزراء والتي انعقدت بتاريخ ٧/٨/١٩٩٨ بقرار من الرئيس الراحل «ياسر عرفات»، والتي أخذت على عاتقها رعاية هذه الشريحة من أبناء الشعب الفلسطينى، واتفق على تسميتها لاحقا «الحركة الوطنية الأسيرة» حيث انطوى تحت لوائها كل من اعتقل في السجون والمعتقلات الإسرائيلية حتى ولو ليوم واحد.
■ وماذا عن تعامل سلطات الاحتلال للصحفيين أثناء تغطيتهم للأحداث؟
- الصحافة والصحفى الفلسطينى دائما وأبدا في دائرة الاستهداف المباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلى، وهى ليست بمعزل عن الانتهاكات المستمرة والمتواصلة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطينى في محاولة لإسكات صوت الحقيقة، وطمس الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ليل نهار، وقد صعدت قوات الاحتلال في السنوات الأخيرة من هجمتها على الصحافة من خلال تقييد حرية الصحافة بالقوانين والإجراءات التعسفية، وإغلاق العديد من المؤسسات الإعلامية بالقوة، وملاحقة العاملين في وسائل الإعلام سواء المحلية والدولية وقمعهم بالرصاص والاعتقال التعسفى الذي طال العشرات من الإعلاميين وزجت بهم في السجون، وكانت آخر واقعة مع نهاية شهر أغسطس باقتحام مقر إذاعة السنابل في مدينة دورا بالخليل، واعتقال خمسة من طاقم العمل في الإذاعة ومصادرة المعدات وإصدار أمر بإغلاق الإذاعة.
■ وهل حقا أصبح تدوين الصحفى عبر الفيس بوك جريمة يعاقب عليها؟
- نعم هذا حقيقى.. وهناك العديد من الأسرى الذين يتم اعتقالهم حاليًا بسبب نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعى، وأصبحت هناك تهمة يسجن عليها العديد من نشطاء التواصل الاجتماعى بسبب كتابات على الفيس بوك وغيره.
■ بالتقريب كم عدد الأسرى من الصحفيين؟
- يتواجد حاليا في سجون الاحتلال ما يقرب من ٢٧ صحفيًا فلسطينيًا، من بينهم ٩ أسرى صحفيين محكوم عليهم بالسجن لسنوات مختلفة قد تصل إلى المؤبد مثل الأسير الصحفى محمود عيسى، إضافة إلى ٧ صحفيين معتقلين تحت بند الاعتقال الإدارى المجحف ويزجون في السجون دون محاكمة أو تهمة تذكر، فقط وفق قرار مسئول المنطقة العسكرية وهم: «على العويوى، عمر نزال، حسن الصفدى، محمد القدومى، أديب الأطرش، مالك القاضى، نضال أبوعكر».
■ وهل هناك مداهمات وملاحقات للصحفيين بداخل منازلهم؟
- نعم والملاحقات مستمرة ومتواصلة ولا تقتصر على الاعتقال في الميدان أثناء التغطية الصحفية وممارسة العملة الصحفى، ولكن الاحتلال لا يتورع في اعتقال الصحفيين من داخل منازلهم، واقتحامها في منتصف الليل وترويع الأطفال، كما يتم اقتحام المقرات الإعلامية ومصادرة الأجهزة والحواسيب وإصدار أوامر بالإغلاق المباشر، ومنع العمل للعديد من وسائل الإعلام.
وهذا الأمر يتم وفق توجيهات وتصريحات المسئول السياسي الذي دائما ما يدعو صراحة إلى محاربة جميع وسائل الإعلام بذريعة «التحريض»، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام الأجهزة الأمنية الصهيونية المختلفة لارتكاب المزيد من الانتهاكات والجرائم بحق الصحفيين الفلسطينيين بهدف قمعهم وتخويفهم وتكميم أفواههم، وتشديد القيود على حركتهم وحريتهم، والتأثير على توجهاتهم، وحرف أقلامهم الحرة وحجب الحقيقة التي تلتقطها عدسات كاميراتهم الصادقة، وتغييبهم قسرًا عن القيام بمهامهم الإعلامية، وعدم نقل الجرائم اليومية التي يقترفها الاحتلال بحق المواطنين الفلسطينيين.
■ ما التحركات التي تقومون بها فور علمكم باعتقال أحد الصحفيين؟
- فور اعتقال أي شخص يتم رصد وتوثيق حالات الاعتقال التي تنفذها قوات الاحتلال بشكل يومى، ويتم تسجيل جميع الانتهاكات خاصة أن الاعتقال لا تقتصر على فئة معينة من أبناء الشعب الفلسطينى، بل يطول النساء والأطفال والكبار والصغار، حتى قيادات وكوادر العمل السياسي والاجتماعى ونواب المجلس التشريعى، يتم اعتقالهم إضافة إلى الصحفيين، ونقوم برصد هذا الأمر ومتابعة حالة الاعتقال أولًا بأول.
■ وماذا عن الصعوبات التي يواجهها محاموكم للوصول للأسرى الصحفيين؟
- الاحتلال لا يسمح بزيارة المحامى، إلا بعد انتهاء فترة التحقيق، والتي قد تطول أو تقصر حسب الحالة الاعتقالية وظروفها، فحتى مندوب الصليب الأحمر الدولى لا يسمح له بزيارة الأسير، إلا بعد الانتهاء من التحقيق، وبالتالى هناك صعوبة في التواصل مع الأسرى، وغالبا لا يتم هذا التواصل إلا بعد أسبوعين على الأقل بعد أن تتم معرفة مكان احتجازه ويتم إبلاغ أهله بذلك، وقد تفرض عقوبات على الأسرى منها منع زيارة المحامى.
■ هل للصحفى تعامل خاص عن غيره داخل سجون الاحتلال؟
- هناك معاملة قاسية لصاحب الكلمة ولكل العاملين في مجال الحقل الإعلامي، وهى تأتى بتوجيهات وتصريحات المستوى السياسي الذي دائما ما يدعو صراحة إلى محاربة جميع وسائل الإعلام بذريعة التحريض، كما أنه يتم ارتكاب المزيد من الانتهاكات والجرائم بحق الصحفيين الفلسطينيين بهدف قمعهم وتخويفهم وتكميم أفواههم.
■ هل هناك ضغوط يمارسها الاحتلال عليكم؟
- الضغوط متواصلة ومستمرة ولا تتوقف، وهناك استهداف مباشر للعاملين في مجال الأسرى، وكل صوت مدافع عن الأسرى يتم اعتقاله في محاولة لإسكاته، وقد اعتقل وزير الأسرى في السابق المهندس «وصفى قبها» ولا يزال معتقلا حتى هذه اللحظة، وقبل أيام اعتقل مدير مركز أسرى فلسطين «الصحفى أسامة شاهين» من منزله وهذا الاعتقال الخامس، ولا يتواني الاحتلال عن اقتحام مقرات وجمعيات المؤسسات العاملة في مجال الأسرى.
■ هل سبق واقتحمت قوات الاحتلال مقر الوزارة من قبل؟
- الاحتلال لم يترك مكانًا إلا وتم استهدافه سواء مقر الوزارة في رام الله أو غزة أو حتى مختلف محافظات الوطن، حتى المؤسسات الصحفية والعاملين في مجال الأسرى لا حصانة لهذا الاحتلال المجرم، حتى المقرات والمؤسسات الدولية والجامعات والمستشفيات يتم اقتحامها.
■ ما الذي ينقصكم كوزارة راعية لشئون الأسرى والمحررين؟
- نحن نتعامل مع احتلال مجرم لا يترك وسيلة همجية وسادية إلا ويستخدمها بحق أبناء شعبنا الفلسطينى، في محاولة لزرع الخوف والرعب وتطبيق سياساته على الأرض، ونحن كوزارة لا ننفك عن هذا الشعب، ونحتاج إلى مزيد من التلاحم والوحدة خلف نضالات وتضحيات الأسرى وتشكيل جبهة وطنية شاملة لمواجهة تغول السجّان، وهناك العديد من القضايا والملفات التي نحن بحاجة إلى أن نسلط الضوء عليها، مثل الأسرى المرضى، وعمداء الحركة الأسيرة الذين أمضوا أكثر من ٢٠ عامًا في سجون الاحتلال، إضافة إلى النساء والأطفال، والصحفيين ضمن هذه الملفات المهمة التي ينبغى العمل عليها في الساحة الدولية من أجل تسليط الضوء عليها والتخفيف من معاناتهم والعمل على الإفراج عنهم.
■ وهل نجح الاحتلال في عرقلة عملكم بالوزارة؟
- بالطبع لا.. فرغم حجم المعيقات التي تعيق عمل الوزارة، من قلة الموظفين وقلة الإمكانيات المالية، إلا أنه يمكن القول بأن الوزارة لم تتوان لحظة عن القيام بواجباتها، حيث إننا نبذل كل جهودنا من أجل تحقيق هذه الأهداف العليا والرسالة الوطنية والإسلامية السامية، التي تكفل حقوق الأسرى وواجباتنا تجاههم كمؤسسة حكومية أخذت على عاتقها تبنى قضيتهم والعمل على نصرتها وتفعيلها في جميع المحافل وبشتى الأساليب ضمن سياسات وبرامج ممنهجة وواضحة.
بالفعل ويظهر ذلك جليًا من سنوات عمر الوزارة القصيرة، والتي قد أغنت تجربتها من خلال ما حققته من إنجازات سواء على إدارة الموارد البشرية والمادية والاتفاقيات الموقعة، والتي تكفل حقوق الأسرى والخدمات من خلال العمل الجاد على تحقيق حياة كريمة لهم ولذويهم، والحفاظ على حياة كريمة لهم خارج الأسر من خلال دمجهم بالمجتمع.
■ وما المعوقات التي تحدثت عنها؟
- هناك صعوبات ومعوقات عامة، تتمثل في عدم قدرتنا على تسويق المشاريع المقترحة لدى الوزارة، نتيجة للحصار المفروض على قطاع غزة، كما أن هناك صعوبة في توفير مواد إعلامية تعكس الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين داخل السجون، لعدم توفر صور من داخل السجون وأقبية التحقيق.
أما المعوقات الداخلية فتتمثل في نقص الموارد البشرية اللازمة لتنفيذ خطط ونشاطات الوزارة، وعدم توفر الأجهزة اللازمة للأرشفة الإلكترونية، كما أن هناك صعوبات أيضًا في إيصال «الكنتين» للأسرى داخل السجون وأخيرًا الأنظمة المالية المعمول بها في وزارة المالية لا تتناسب مع الظروف الحالية.
■ هل ترى أن قضية الصحفى الأسير تناقش على الساحة الإعلامية بالحجم الذي يليق بأهميتها؟
- لا شك أن الساحة الإعلامية العربية مهمة جدًا في هذا الأمر، ولكن للأسف التعاطى مع قضية الأسرى، على أنها قضية موسمية تعتمد فقط على المستجدات أو قضية أرقام فقط، يشكل خطورة على القضية الفلسطينية برمتها، لأنها قضية الإنسان الفلسطينى الذي يزج به في السجون لسنوات طويلة من أجل حريته دفاعًا عن أرضه ومقدساته، وينبغى العمل على نصرته والإفراج عنه من معتقلات الاحتلال.
■ ماذا تقول للأسرى من الصحفيين؟
- أقول لهم أنتم حراس الكلمة وتدفعون حياتكم الآن ثمنًا لحرية شعبكم، ويجب أن تظلوا واثقين أن الاحتلال دائما يبقى منزعجًا من صورتكم وصوتكم الذي يصدح بالحق المنادى لحقوق شعبنا ويكشف الوجه القبيح لهذا الاحتلال الذي يدعى نفسه أنه واحة الديموقراطية في المنطقة، بينما كاميراتكم وأقلامكم تكون مزعجة ومرعبة له، بل هي أحيانًا أقوى من السلاح والرصاص، فاستمروا في صمودكم وثباتكم ونحّوا اليأس جانبًا فالحرية قريبة بإذن الله.
■ ما الرسالة التي تحب أن توجهها لجنود الاحتلال الغاشم؟
- أقول لهم طالما بقيتم احتلالًا جاثمًا على أرضنا الفلسطينية تمارسون طغيانكم وعنجهيتكم بحق أبناء شعبنا، في ظل استمرار الاستيطان والحواجز وتهويد المدينة المقدسة ومصادرة الأراضى، ستبقى راية شعبنا خفاقة عالية لن تلين لها هامة، ولن يفلح احتلالكم في إسكات صوت الحقيقة، صوت الشعب الفلسطينى الحر لو اعتقلتمونا وقتلتمونا وأغلقتم بيوتنا ومارستم أشد وأقذر انتهاكات عرفتها البشرية، سيبقى شعبنا متوحدًا ضد احتلالكم الغاشم.

لاستكمال باقى الملف اضغط هنا