السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

مصادر: تعويم الجنيه بعد وصول رصيد الاحتياطي لما يكفى واردات 6 أشهر

استبعدت الإجراء فى الوقت الحالى خوفًا من «جنون الأسعار»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ظهر مصطلح «تعويم الجنيه» فى مصر للمرة الأولى عام ٢٠٠٣، بعد ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه بنسبة قاربت الـ٥٠٪، فيما عرف آنذاك بالإصلاح الاقتصادى، ونجحت تلك الآلية وقتها فى تقليل الفجوة بين سعر الدولار فى السوق الرسمية وسعر الدولار بالسوق السوداء.
وينقسم التعويم إلى نوعين النوع الأول هو التعويم الحر، والذى ينطوى على ترك سعر العملة يتغير ويتحرك وفقًا لقوى العرض والطلب فى السوق دون تحديد، والذى يتطلب ضخ الحكومة لكميات وفيرة من العملة الصعبة، والنوع الثانى هو التعويم المدار والذى يقوم على أساس ترك السعر يتحدد على أساس حجم العرض والطلب مع تدخل البنك المركزى لضبط السوق كلما تطلب الأمر، وهو غالبًا ما يتم اتباعه فى اقتصاديات الدول النامية والناشئة.
واستبعدت مصادر مصرفية لجوء البنك المركزى المصرى إلى التعويم الحر للجنيه على المدى القريب، خاصة فى ظل الأزمة التى يمر بها رصيد الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى، وتراجعه بعد سداد مصر وديعة قطر، وجزءا من ديون نادى باريس، خلال شهر يوليو الماضى، مع استمرار أزمة ندرة موارد النقد الأجنبى فى ظل تراجع تحويلات المصريين بالخارج وتراجع إيرادات السياحة.
وأكد مصرفيون أن التعويم المدار هو الأقرب للتطبيق من جانب السياسة النقدية فى مصر، خاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية التى تمر بها البلاد، والتى تفرض على صناع القرار اتباع أنماط بعينها دون غيرها.
حيث قالت سهر الدماطى، نائب الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لبنك الإمارات دبى الوطنى، إنه لا يمكن للبنك المركزى الدخول فى تطبيق آلية تعويم الجنيه، إلا بعد التأكد من وصول رصيد الاحتياطى الأجنبى لديه إلى الحدود الآمنة بما يكفى واردات لمدة ٦ شهور، وأن تكون موارد النقد الأجنبى بدأت العودة إلى صورتها الطبيعية، بما يجلب عملة صعبة للبنوك بشكل دورى منتظم، حتى تستطيع مجابهة السوق السوداء، وتخفيض السعر.
وأشارت إلى أن تعويم الجنيه يتطلب ضخ مزيد من العملات الأجنبية بالبنوك لمواجهة ارتفاع السعر بالسوق الموازية بعد تحرير سعر الصرف، لافتة إلى أن السعر فى تلك الحالة سوف يتحدد وفقًا لآليات العرض والطلب.
من جانبه، أكد أحمد شوقى، مدير إدارة الديون المتعثرة بالبنك العربى الإفريقى، أن سياسة التعويم تستهدف بالأساس تقليل الفجوة بين السعرين فى السوق الرسمية، والسوق الموازية، الأمر الذى يثير اهتمام المستثمرين بالدرجة الأولى، لضمان ربحيتهم وعدم تعرض الشركات والمشروعات للخسائر.
ولفت «شوقى» إلى أن التعويم المطلق للجنيه فى الوقت الراهن أمر غير متاح، فى ظل تراجع رصيد الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى، وندرة مصادر الدخل بالعملة الصعبة، مما يصبح معه التعويم الحر أمرًا مستحيلًا قد يتسبب فى حالة من فوضى ارتفاع الاسعار، مشيرًا إلى أن اتجاه البنك المركزى إلى تعويم الجنيه لن يبدأ إلا فى أعقاب دخول الودائع والقروض المتفق عليها مما يحقق وفرة فى العملة الصعبة ويسمح للبنك المركزى بضخ دولار بالبنوك، لتقليل الفجوة بين السعرين. 
وأوضح شوقى أن المركزى نجح فى الخروج من الأزمة الاقتصادية عام ٢٠٠٤ عن طريق تطبيق خطة إصلاح الجهاز المصرفى وتعويم الجنيه، والسيطرة على الفجوة بين السعرين الرسمى والموازى، لافتا إلى أن الوضع الاقتصادى آنذاك كان أفضل كثيرًا مما هو عليه حاليًا، مما ساعد على تطبيق سياسة تعويم الجنيه بسهولة.
فى السياق ذاته، يقول الخبير المصرفى علاء سماحة، إنه لا يمكن اللجوء لآلية التعويم الحر أو المطلق إلا بعد وصول إجمالى رصيد الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى إلى معدلات مطمئنة، ودرجة الاطمئنان يتم تحديدها من قبل البنك المركزى فقط دون غيره من الجهات.
وأوضح سماحة أن اللجوء إلى التعويم المدار هو الأقرب للتطبيق حيث يعمل على تقليل الفجوة بين السعرين الرسمى والموازى، مما يعمل على جذب الاستثمارات الأجنبى وضبط سعر الصرف بالسوق، وعودة إيرادات السياحة إلى ما كانت عليه سابقًا، حيث إنه لا يمكن الاعتماد على مصادر التمويل الخارجية كالقروض والودائع فقط لدعم رصيد الاحتياطى الأجنبى، ووصوله إلى المعدلات الآمنة المرجوة من قبل الجهات المعنية ضمن خطة الإصلاح الاقتصادى، لافتًا إلى أن تقليل الفجوة السعرية هو الطريق الأقرب لضخ الاستثمارات الأجنبية.
ووصف قرار التعويم المطلق للجنيه بالقرار الجريء، مشيرًا إلى أن تطبيقه ليس بالأمر البعيد، خاصة أن جميع قرارات الإصلاح الاقتصادى تكون لها عواقب، ولكن لا بد من تطبيقها لعلاج الأزمات، وتنتهى الأعراض السلبية لتلك القرارات بمرور الوقت مع انضباط السوق، وتحقيق خطة الإصلاح الاقتصادى لأهدافها المرجوة.
أما محمد فاروق، عضو المجلس المصرى للشئون الاقتصادية، فقد أكد أن تعويم الجنيه يأتى ضمن خطوات الإصلاح الاقتصادى المقرر تطبيقها للخروج من الأزمة، إلا أنه لا بد من اختيار التوقيت المناسب لتطبيق تلك الآلية حتى لا تتسبب فى وقائع وخيمة.
وأضاف أن تعويم الجنيه يهدف بالدرجة الأولى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية التى تعد أحد أهم موارد النقد الأجنبى، وتحتاج إلى توحيد سعر الصرف، لافتًا إلى أن تطبيق تلك الآلية فى الوقت الراهن صعب للغاية، لأن أكثر من ٧٠٪ من احتياجات الشعب المصرى حاليًا يعتمد على الاستيراد، وبالتالى فإن تحرير سعر الصرف دون وجود موارد للنقد الأجنبى، يؤدى إلى ارتفاع جنونى فى أسعار السلع.
وأشار فاروق إلى أن مصر تمر حاليًا بأزمة اقتصادية لم تمر بها فى وقت سابق، ويرجع السبب الرئيسى فيها إلى انتشار السوق السوداء للعملات الأجنبية، لافتا إلى أنه فى حالة تحرير سعر الصرف دون دراسة فإن النتائج ستكون كارثية بسبب عدم تحديد سعر محدد تستقر عنده العملة فى ظل عدم وجود موارد للنقد الأجنبى، وتراجع تحويلات المصريين بالخارج، وعائدات السياحة والمنح والودائع الخليجية، وندرة الاستثمارات الأجنبية.