رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أقوال لا أفعال

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سمعنا كثيرا عن ممثل معروف أصبح بطلًا لجزء من الناس، فى المناطق المملوءة بالعشوائيات، وأصبح من أحد الرموز بالنسبة للأجيال الناشئة، وجملة شهيرة جميلة بلا معنى حقيقى لكل تصرفاته، ألا وهى «ثقة فالله حعمل كذا أو كذا». كلنا يعرف أن الإيمان هو قول مقرون بعمل، فلا يجب أن نقول إن فلانا يؤمن بأن التدخين مضر بالصحة على سبيل المثال، وهو يدخن، فبفعله هو لا يؤمن بل يصدق، فلم يصل لدرجة الإيمان، لعدم مقدرته أن يفعل، والفعل هنا هو التوقف عن التدخين.
وكذلك أى شيء نردده ونقول إننا نؤمن به وأفعالنا لا تصادق أقوالنا. 
نحن ندعى أننا نؤمن أن القوة الحقيقية فى شباب أى بلد، ولا نستخدم تلك القوة لتغيير المستقبل، إننا ندعى أن النظافة من الإيمان، ونذهب نصلى ونلقى بالقمامة فى شوارعنا وطرقاتنا. إننا ندعى أن الدين هو مصدر حياتنا وهو شريعتنا وقنوتنا، ونكذب ونرشى ونرتشى ونتكلم فى ظهور بعضنا، ولا نتوقف لنتعلم من بعضنا. 
ندعى.. وندعى.. وندعى.. ولا أفعال تثبت إيماننا.
لو توقف كل شخص مع نفسه، ليقارن أفعاله مع أقواله، لعرف حقا أين يقع من الإيمان.
فهل هو فعلا مؤمن أو مدع للإيمان؟
كانت هناك امرأة أرملة... لم يكن لها معين إلا الله وحده ثم نفسها... لتعيل أطفالها. كانت تقدم لهم الحب والعطف والأمان، وكانت صابرة مؤمنة، مما جعلها تصبح قوية، عندما حل الليل، وبينما هم نيام اشتدت الرياح وزادت الأمطار، وكان بيتهم ضعيف الأساس، ومن كثرة قلق الأم على أطفالها بقيت مستيقظة، تحتضن أطفالها بقربها، ليحصلوا جميعًا على أكبر قدر ممكن من الدفء. وللحظة قامت الأم وأحضرت ورقة صغيرة وكتبت فيها بضع كلمات.. ومن ثم وضعتها فى شق الحائط، وأخفتها عن نظر أطفالها.
فى تلك الأثناء لم تكن تعلم الأم أن أحد أطفالها كان يراها وهى تضع شيئًا ما بالحائط!
مرت الأيام تعقبها السنوات، تغير الحال، فكبر الأطفال، وأصبحوا رجالًا.. فقد كانوا متعلمين مثقفين، مما جعلهم يتركون بيتهم الصغير ليسكنوا بيتًا فى المدينة.
ما لبثت أمهم سنة واحدة بينهم حتى توفاها الله، وبعد انتهاء ثلاثة أيام من العزاء، اجتمع أبناؤها، وفى لحظة ذهب كل منهم بذكرياته مع أمه، وفجأة تذكر أخوهم الأكبر أن أمه قد وضعت شيئًا ما فى حائط منزلهم القديم.
فأخبر إخوته، فهرعوا مسرعين إلى ذلك البيت، وعندما وصلوا نظر الابن إلى الحائط، والتقط الحجر الذى يغلق فتحة الشق، وعندها وجد ورقة بالداخل سحبها...
وإذا بالبيت يهتز بقوة، فخاف أبناء المرأة من أن يسقط البيت عليهم، فابتعدوا بسرعة إلى جهة أخرى، فوقع البيت.
وعندها حل الصمت بين الإخوة للحظات.
وعلى وجههم الاستغراب والذهول... كيف يحدث ذلك؟!
قال أحد الأبناء: هل الورقة معك يا أخى؟
إجابه: نعم، قالوا له بصوت مرتفع: افتحها.. افتحها!
وعندما فتحها.. إليكم ما كتبته المرأة فى داخلها.. فلم تكن تحتوى إلا بضع كلمات:
وهى: (أصمد بإذن رَبك).
ياه، ما أعظم تلك العبارة! وما أروع تلك المرأة! وما أصدق إيمانها...!
عندها ترحم الأبناء على أمهم، وعرفوا آخر درس قد علمتهم إياه بعد وفاتها.
وهو أن يثقوا بالله حق ثقة، وأن تكون لديهم ثقة كبيرة بأن الله تعالى يسير أمورهم لما فيه خير لهم.
إشراقة: الثقة بالله أمر عظيم، غفلنا عنه كثيرًا.. فما أحوجنا اليوم إلى هذه الثقة.. لنعيد بها توازن الحياة المنهار.