الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

30 يونيو المقدمات والنهايات "10"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استكمالًا لهذه السلسلة من المقالات التى نرصد فيها، تفصيلًا، ما حدث فى مصر خلال السنة التى حكم فيها محمد مرسى البلاد، والتى انتهت بثورة ٣٠ يونيو، وكنا قد وصلنا فى المقال السابق عند الثانى عشر من أغسطس ٢٠١٢، وهو اليوم الذى تمت فيه ترقية اللواء عبدالفتاح السيسى إلى رتبة الفريق أول، وتوليته القيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وقد وضحنا تفصيلًا ما حدث فى ذلك اليوم وتوقفنا عند احتفاء قادة الإخوان بهذا القرار الحكيم ووصفهم للفريق السيسى بأنه الرجل الأمثل والأفضل لقيادة جيش مصر أما صفحات الإخوان عبر مواقع التواصل الاجتماعى فقد أشادت بتدينه وخبرته العسكرية، وروجوا لفكرة انتمائه لجماعة الإخوان، ولاحظوا معى أن نفس هذه الصفحات هى التى نعتت الرجل بأقذر الألفاظ عقب ٣٠ يونيو، وهم من ادعوا أن أمه يهودية وهو نفس الادعاء الذى قالوه قديمًا على عبدالناصر علمًا بأن الكلية الحربية التى تخرج فيها السيسى ترفض قبول أى طالب لأبوين أو لجدين غير مصريين، فكيف لأناس تعلموا وتخرجوا فى الجامعات أن يرددوا مثل هذه الخرافات والتى تدل على عدم الابتكار عند تلك الجماعة فهم دائمًا يعيدون إنتاج ماضيهم ويكررون بالحرف نفس الأساطير ونفس الخرافات.. المهم أن هذا الاحتفاء استمر ليومين متواصلين حتى جاء الرابع عشر من أغسطس، وفيه سافر مرسى إلى المملكة السعودية لحضور مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائية وهى الزيارة الثانية له بعد توليه مقاليد الحكم، حيث كانت زيارته الأولى فى الحادى عشر من يوليو ٢٠١٢ وفيها أدى العمرة والتقى خادم الحرمين الملك عبدالله، رحمه الله، أما زيارته الثانية فتعد الأولى رسميًا، وفى هذا المؤتمر التقى مرسى الرئيس الإيرانى، أحمدى نجاد، فتعانقا بشكل لفت الأنظار نحوهما، حيث طال العناق بينهما وتكرر مرة أخرى، وتهامس القادة فى السعودية ودول الخليج كيف لمرسى أن يضع يده فى يد من يدعم بشار الأسد، وقد أقسم للعاهل السعودى أن يتخذ نفس الموقف السياسى الذى تتخذه السعودية تجاه النظام السورى، وطالت وقفة مرسى مع الرئيس الإيرانى الذى صافح القيادى الإخوانى عصام الحداد، وعانقه أيضًا وكأن علاقة ما كانت تجمعه بمرسى والحداد، أما وزير الخارجية محمد كمال عمرو، فقد صافحه نجاد بطريقة عادية توحى بعدم معرفته به، وفى هذا اللقاء دعا نجاد مرسى لزيارة طهران وإعادة العلاقات بين البلدين، وهى العلاقات التى قطعت منذ قيام الثورة الإيرانية فى ١٩٧٩، واستضافة الرئيس السادات لشاه إيران فى مصر، وقد حاولت إيران جاهدة خلال حكم الرئيس مبارك أن تعيد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكن مصر وضعت شروطًا لهذا، منها إعادة الجزر الإماراتية التى تحتلها إيران، ومنها تغيير اسم الشارع الذى سمى باسم قاتل الرئيس السادات، ومنها أيضا تسليم العناصر الإرهابية الهاربة فى إيران والتى خططت ودبرت محاولة اغتيال مبارك فى إثيوبيا، وها هو مرسى يعانق نجاد دون شرط أو قيد، وها هو وزير الخارجية يحاول أن يسدى النصيحة لمرسى بأن يفكر قليلًا قبل أن يندفع بعواطفه ويعانق نجاد بهذا الشكل اللافت، فكل خطوة وكل همسة محسوبة على الرئيس، فتدخل عصام الحداد قائلًا: إنكم تحدثونه كرئيس عادى وليس كرئيس جاء بعد ثورة، وله كامل الحق فى أن يعيد رسم الخريطة الدبلوماسية لمصر. وأخذ الوزير يوضح بأن هذا التصرف ربما يشعل فتيل أزمة مع دول الخليج لكن الحداد ردد: إحنا أحرار واللى يزعل يتفلق، وهكذا بدا لرجال الدولة المصرية أننا نتحرك باتجاه طريق ضبابى مظلم، وأن بوصلة العلاقات الدولية قد سرقت من يد الخارجية المصرية وجهاز المخابرات لتوضع فى يد مكتب الإرشاد، وأن الحداد سيورط مصر فى مصائب وأهوال خاصة بعدما أعلن أن الرئيس سيسافر إلى طهران نهاية الشهر لحضور مؤتمر قمة عدم الانحياز، فى هذه الأثناء فوجئ اللواء رأفت شحاتة، مدير المخابرات، بطلب من خيرت الشاطر بالحضور إلى مقر الجهاز لزيارته، وجاء الشاطر وبصحبته محمد البلتاجى، وظن شحاتة أن الزيارة للتهنئة على منصبه، وكان الفريق السيسى موجودًا بالمصادفة فحضر اللقاء الذى بدأ الشاطر يتحدث فيه عن دور المخابرات فى الجبهة الداخلية إبان حكم مبارك، وكيف أن عمر سليمان كان يجالسهم ويتفق معهم على سيناريو الانتخابات البرلمانية، وهذا الأمر يجب أن تبتعد عنه المخابرات، فتدخل الفريق السيسى بكل أدب وحزم ليوضح أن جهاز المخابرات هو مؤسسة وطنية مخلصة، وكل فرد فيه يعلم طبيعة عمله وفق القانون ولصالح الوطن، ولما أراد الشاطر أن يستطرد ليوضح وجهة نظره فوجئ بالسيسى يقاطعه فى حزم مرددًا «هذا الكلام يقبل من رئيس الدولة أو رئيس الوزراء ولكن اسمحلى ما هو المنصب الرسمى الذى يدفعك لمثل هذا الحديث»، فصمت الشاطر وأدرك أنه يجلس أمام شخصية قوية لا تعرف الخوف.. وللحديث بقية.