الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإرهاب.. وعولمة المخاطر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
العنف يحاصر العالم، يهاجم مدن العالم بشراسة وعلى حين غفلة من أهلها، وأضحى الخبر الذى أتوقع حدوثه صباحًا ومساءً هو وقوع ضحايا أبرياء فى أى مكان من العالم، ليس هناك مكان محصن دون اختراق هذا الفيروس الاجتماعى لجسد المجتمعات الإنسانية فى جميع أرجاء المعمورة. 
فعلى الرغم من الضربات الناجحة والجهود العظيمة التى قام بها الجيش المصرى وسحقه لتنظيم داعش فى سيناء، فقد أقر تنظيم «ولاية سيناء» الموالى لـ«داعش» بمقتل زعيمه المدعو «أبودعاء الأنصارى»، بعد أسبوعين من إعلان الجيش المصرى عن تصفيته. غير أن هؤلاء الهمجيين قاموا بقتل شرطيين وأصابوا ٥ أشخاص، الأحد ٢١ أغسطس، بهجوم استهدف نقطة تفتيش للشرطة فى محافظة المنوفية، والثلاثاء ٢٣ أغسطس تم مقتل ضابطين من قوات الأمن بهجوم بالرصاص فى مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء حيث ينشط فيها متطرفون موالون لداعش. ويعد هجوم الكنيسة فى بلدة سانت إتيان، دو روفراى، شمال فرنسا، هو الحلقة الأحدث ضمن مسلسل هجمات إرهابية ضربت فرنسا فى الآونة الأخيرة، مما يعكس أن الإرهاب الأسود قد اخترق نسيج الحياة اليومية لشعوب العالم. كما شهدت ألمانيا أربع هجمات إرهابية خلال أسبوع واحد وقالت مجموعة «كونترول ريسكس» ومقرها لندن، فى تقرير، الثلاثاء ٢٦ يوليو، إن هجوما بفأس وسكين داخل قطار للركاب فى بافاريا، وإطلاق نار جماعى فى ميونيخ، وهجوم بسكين فى ريوتلنغن، وتفجير انتحارى فى إنسباخ، نفذت كلها الأسبوع الماضى جنوبى ألمانيا. 
وأضافت: «يبدو أن المهاجمين الأربعة كانوا يعانون من اضطرابات فى الصحة العقلية نتجت عن خلفيتهم، ويبدو أن زيادة عدم الاستقرار العالمى يجعل من السهل على هؤلاء الناس أن يرغبوا فى التعبير عن أنفسهم من خلال العنف»... «كل الجرائم ارتكبت بهدف إذكاء التوترات والإسراع فى استقطاب المجتمع الألمانى». وأكد المكتب الأوروبى للشرطة أن «الذئاب المنفردة» لا تزال الاستراتيجية المفضلة لدى تنظيمى «داعش» و«القاعدة»، حيث دعا كل من التنظيمين فى العديد من المناسبات المسلمين الذين يعيشون فى الدول الغربية لارتكاب أعمال من هذا القبيل. وبالعودة إلى أصول تسمية «الذئاب المنفردة» يظهر أنها غير مرتبطة فقط بـ«الجماعات الجهادية الإسلامية»، فهى تعبر عن أى شخص يمكن أن يشن هجومًا مسلحًا بدوافع عقائدية أو اجتماعية أو نفسية أو مرضية أو سياسية، كما فعل اليمينى المتطرف، أندريه بريفيك، فى النرويج ٢٠١١ حين قتل العشرات احتجاجًا على سياسة بلاده فى مسألة هجرة الأجانب إليها. ويقول الخبراء إن المقصود بهذا المصطلح هم الأفراد الذين ينفذون عمليات قتل بشكل انفرادى دون وجود بنية تنظيمية توجههم وتخطط لهم، أو يتحركون بتأثير من دعاية تنظيم ما ولكنهم ليسوا مكلفين بهذه المهمة من قبل قيادته بأى طريقة. وغالبا ما يكون هؤلاء أشخاصا عاديين لا يثيرون ريبة فى حركاتهم وسلوكهم.
إن استمرار الصمت العالمى والتحرك الوهمى فيما عرف بالتحالف العالمى من أجل القضاء على الإرهاب، بلا شك سوف يضعف من الاقتصاديات العربية التى تعانى منذ زمن بعيد قضايا الفقر والبطالة وانخفاض مستويات المعيشة فضلًا عن استمرار مسلسل عدم الاستقرار السياسى إلى مستوى يقضى على مقومات الحياة اليومية لشعوب العالم العربى وينذر بتفكيك دول الاتحاد الأوروبى أيضًا التى لم تسلم شعوبها من هجمات الإرهاب الأسود التى تطالعنا بها وسائل الإعلام كل يوم. 
وعندما أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو لا ترى ما يشير إلى تحقيق نصر كامل على الإرهابيين فى سوريا والعراق قريبا. ما يعنى أن تنظيم داعش من القوة بمكان، وأن هذا التنظيم لا يزال قادرًا على استقطاب المزيد من العناصر الهمجية داخل صفوفه. 
لقد ذهب عالم الاجتماع الألمانى، أولريش بيك، بمقولة «لقد أصبح ما بدا مبالغا فيه قبل عشرين عامًا سيناريو الحقيقة» قائلاً: «نحن نجلس جميعا فى منطقة مخاطر على مستوى العالم»، ومن ناحية أخرى تعكس حكاية تأثير مجتمع المخاطر ذلك الاتجاه صوب عولمة المخاطر. لقد وصل إرهاب الانتحار إلى مستوى عالمى، حيث استغل هذا الإرهاب الفارق بين الخطر المحتمل والكارثة الحالية. حيث يظل توقع الكارثة - وهذا هو جوهر مخاطر الإرهاب. 
لقد ظهرت عولمة خطر الإرهاب فى البداية بوصفها عولمة توقع هجمات إرهابية ممكنة فى أى مكان فى العالم، وفى أى وقت، ذلك التوقع الذى يحمل تداعيات خطرة على القانون والجيش والحرية وحياة الناس اليومية واستقرار النظام الاجتماعى والسياسى فى كل مكان فى العالم، لأنها تجتث كل ضمانات الأمن التى تعهدت بها المؤسسات الأساسية للدولة القومية.