الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحكومة الحرام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا أتتك الفرصة لممارسة الفساد، اغتنمها، وإلا ستحاكم بتهمة الغباء، لذلك تمر مصر بمرحلة حساسة وخطيرة في ذات الوقت، فهي رهينة صراعات داخلية وأخرى خارجية، حيث تقبع كافة المؤسسات تحت ضغط الفساد الذي استشرى في كل أركان الدولة دون وجود خطة للقضاء عليه أو محاسبة القائمين عليه، ليصبح هذا الفساد محميا بقوة الوزراء وحلفائهم من أصحاب المصالح التي تتعارض مع حقوق المواطنين، حتى باتت الحكومة عاجزة عن إيجاد حلول للأزمات الحالية دون خلق أزمات مضافة لها.
وأمام كل ضائقة إقتصادية تلجأ الدولة إلى جيب المواطن سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لكي تخرج من أي احتمالات عجز قادمة وهو ما تفشل فيه أيضا، وعلى الرغم من إهدار عشرات المليارات بسبب سوء الإدارة المحمي بقوة الفساد والمستند على قوانين معيبة أصبح المواطن لا يشعر بأي تغيير سوى تزايد سوء أحواله في شتى المجالات، وأمام هذا المشهد لا نجد حلول حقيقية مع كثرة الحديث والوعود والتصريحات التي تستخدم للاستهلاك الإعلامي وممارسة دور التخدير لا أكثر.
تابع جموع المصريين الاسبوع الماضي قضية فساد وزير التموين، وفي بلد كمصر تسعى الى ترسيخ قيم الدولة كان يجب عدم إقالة خالد حنفي فقط، بل ان الأمر يستدعى إقالة الحكومة بأكملها وتقديمها للمحاكمة العاجلة بتهمة الفشل وخيانة الأمانة وسرقة قوت الشعب، لتكون عبرة لكل الحكومات المتعاقبة فيما بعد، بالإضافة إلى أن هذا الإجراء كان من شأنة إنهاء حالة استباحة المسؤلين لمقدرات الشعب دون مساءلة حقيقية.
أخفقت حكومة المهندس شريف إسماعيل منذ أدائها اليمين القانونية والى الآن في كافة الملفات، ففي ملف التعليم تتربع مصر على عرش أسوء المنظومات الخاصة بالعلم والتعليم في العالم، ولم يقم الوزير المسؤل بهذا الشأن بدراسة الأمر وعمل خطة لتطوير هذه المنظومة التي تعد القاطرة الأولى والأهم للشعوب، ما يؤكد وجود خلل كبير في السياسات الحاكمة للدولة والتي تفتقد لعناصر النجاح المتمثلة في (التخطيط، الإدارة، الإدارة، قوة القانون).
وفي مجال الصحة، لا يختلف الأمر كثير، فهذه المنظومة التي تنفق الدولة عليها مليارات الجنيهات كل عام لا تؤدي أي خدمة صحية بالمفهوم الصحيح بسبب السياسات الفاسدة والفاشلة للقائمين عليها بداية من الوزير المسؤل الى عامل النظافة بأي مستشفى حكومي، ليصبح المواطن البسيط يلعن في مرضه ينفق من جيبه الخاص على أدوات علاجه في المستشفيات الحكومية، وهو واقع لا يستطيع أحد إنكاره، والمدهش هو اعلان وزير لصحة أن مصر ستكون خالية تماما من فيرس سي بحلول عام 2018 كخطة للقضاء على هذا المرض اللعين، وهو مالم يحدث سواء في 2018 أو 2030 لأننا لا نعالج الأسباب الحقيقية للمرض والتي يعد أهمها تلوث مياة الشرب وهو ما تشهده كل قرى مصر.
وبالنسبة للزراعة ووزارتها، أصبحت مسؤلة عن تدمير الزراعة والفلاح في مصر لصالح كبار المستثمرين في المجال الزراعي ومستوردي المحاصيل الزراعية، على الرغم من أن هذه الوزراة مسؤلة عن الأمن الغذائي لشعب مصر وهو ما يعد أمن قومي، إلا أننا كبلد زراعي نستورد ما يقرب من 80 في المائة من استهلاكنا الغذائي دون الاستشعار بالخطر.
أما فيما يخص مجالات الطاقة المتثلة في الكهرباء والبترول، أصبحت هاتين الوزارتين يعملان بسياسة السوق الحر دون النظر إلى حالة غالبية أبناء الوطن، لتطيح أسعار الكهرباء والوقود بعموم الناس بعد أن تجاوزت أسعارهما الأسعار العالمية في دولة يعاني شعبها من ويلات الإفتقار بسبب السياسات التي لا تعى للمواطن أي أهمية أكثر من التصريحات الاعلامية التي اعتاد عليها خلال العقود الماضية.
واذا نظرنا الى وزارة العدل فلن تجد أي إختلاف بها عن باقي الوزرات الأخرى رغم أنها المنوطة من خلال المحاكم بالفصل بين المنازعات، إلا أن هذه المنظومة لا تزال تعمل بأليات القرن الماضي، فضلا عن القانون المنظمة لعملها بسبب عوار وفساد المواد القانونية الخاصة باجراءت التقاضي والتي تضع مصر في القرون الوسطى وهو الأمر الذي لا يليق بنا كأول بلد وضع أسس الدولة منذ آلاف السنين.
وعن وزارة المالية فهي اقتربت من فرض ضرائب على الحياة والموت، أما بالنسبة لوزارة الاستثمار فهي تعمل لصالح رجال الأعمال وليس الدولة، حتى أصبحت تتبنى سياسات طاردة للاستثمار الأجنبي بكل قوة ولكم في رئيس الجالية المصرية بألمانيا أسوة، ومستثمرين مثله كثر.
وفي ظل غياب دور الجهات الرقابية نجد وزارة التمنية المحلية والمحافظين التابعين لها، فكل منهم لا يلتزم بالقانون ويتعامل في الاقليم الذي يدير شؤنة كما لو كانت عزبة ورثها عن أبيه، حيث يقوم كل محافظ بالاستيلاء على نصيب القرى في معظم الخدمات من أجل تحسين صورة عاصمة محافظتة لتكون معبرة عن إنجازاته أمام زيارة أي مسؤل.
إن أكبر خيانة يتعرض لها الإنسان هي ثقته اللا محدودة في نفسه، ومع ذلك نجد الحكومة الحالية يتمتع أعضائها بثقة لا محدودة لدى كل منهم رغم الاجفاقات التي تلاحقهم جميعا باستثناء وزارتي الدفاع والداخلية، وما يقدموه من تضحيات كل يوم فداءا للوطن وحفاظا على أمننا وحياتنا التي تتعرض لمؤامرات داخلية وخارجية تهدف لهدم الدولة.
ولدت في مصر خلال السنوات الماضية قاعدة سياسية جديدة، أصبحت هذه القاعدة دينا يعتنقه الوزراء بسبب عدم المسائلة والمحاسبة وتعطيل قانون محاكمة الوزراء الذي أصبح ضرورة لأننا لن نتقدم إلا بتشديد الرقابة على أداء الحكومة وإقامة محاكمات ناجزة لكل فاسد إستباح حق الشعب، وهو ما يمكننا من القضاء على قاعدة (سلاما على الوزراء الفاسدين المفسدين الذين يهنئون برغد الحياة في بيوتهم بما سرقوا).
سيادة الرئيس، لا تنزعج من أصوات المهاجمين، فهم يدافعون عن الحق أولا، وعن الدولة ثانيا، وعن الشعب ثالثا، وعن الحياة رابعا، وعنك خامسا. نحن معك يا سيدي لنصل إلى المستقبل، ولكن بشرط أن تجعل السنوات الست القادمة لمحاربة الفساد ووضع أسس الدولة الحديثه بمفهومها الصحيح لتكون ميراثا يفخر به من يأتي بعدك ويذكره لك التاريخ والشعب.