الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

رئيس "الآثار المستردة" في حواره لـ "البوابة نيوز": ملتزمون بتوجيهات الرئيس بإعادة كل القطع المهربة للخارج .. وتحديد عدد المفقودات نتيجة الحفر يشبه حصر "سمك في بحر"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
آمال كثيرة معلقة في رقبة اللجنة القومية لاسترداد الآثار لإحداث انتفاضة حقيقية في مجال استعادة آثارنا المنهوبة، والتي هرب عدد كبير منها قديما نتيجة السرقة والحفر خلسة، وهو ما يثقل مهمة اللجنة حاليا لإعادة تراثنا المنهوب والمعروض بصالات المزادات العالمية.
حول أبرز قضايا الاسترداد التي تعكف عليها اللجنة حاليا، والإجراءات التي تتخذها حاليا لتغيير القوانين الدولية التي تقف عائقا أمام عودة آثارنا كان لنا حوار مع الدكتور شعبان عبد الجواد رئيس إدارة الآثار المستردة، والذي يكشف النقاب عن عدد من الأولويات التي تضعها إدارته لمنع تهريب الآثار، كما يكشف عن أبرز المفاوضات التي تجرى حاليا مع عددا من الدول الأجنبية لاستعادة تراثنا المنهوب، فإلى نص الحوار: 
- ما هي أهم القضايا الأثرية التي تعكف اللجنة القومية لاسترداد الآثار على دراستها حاليا؟
أولا: لابد أن نوجه الشكر للدكتور خالد لعنانى وزير الآثار على تشكيل تلك اللجنة التي توقف عملها عقب الثورة، والتي شكلت في السابق بقرار من رئاسة الوزراء، لأن هذا يتيح الفرصة للعمل على القضايا التي تم إرجاء العمل بها خلال الفترة الماضية، واستبشر خيرًا باللجنة التي تضم عددا كبيرا من الخبراء الذين لديهم خبرة عريضة في هذا المجال، وبالنسبة للقضايا التي نعكف على دراستها حاليا فهى كثيرة، منها ما أستطيع الإعلان عنه، ومنها ما نتكتم عليه حتى لا نفوت الفرصة على بعض المزادات العالمية للانتباه بأننا نتحرك لرصد ومتابعة كل ما يعرض، فيتم حجب عدد من القطع الأثرية المهربة في صالات المزادات، وهو ما يثبت أن إدارة الآثار المستردة بدأت في التحرك النشيط لتمشيط كل المزادات العالمية، ولابد من التنويه إلى أن عملية استرداد الآثار ليست عملية سهلة ولكنها شاقة وطويلة وتحتاج لجهد مثل عملية استرداد الأرض لدخولها في مفاوضات كثيرة.
لذا تحتاج لجهد كبير من الجهات الممثلة في اللجنة القومية لاسترداد الآثار، والتي من بينها وزارات العدل والداخلية وكذلك الإنتربول الدولى، بل وإن تعاون كل تلك الجهات معنا بشكل فعال يساعدنا على استرداد الآثار المسروقة في الخارج، فضلًا عن أنه لا يمكن إنكار أن عددا كبيرا من المتاحف قد تعرضت للسطو المسلح خلال الانفلات الأمني، وسرق عدد كبير منها، ودورنا خلال الفترة المقبلة ينصب على استرداد ما سرق وإعادته لأرض الوطن.
- في بداية تشكيل اللجنة القومية لاسترداد الآثار قبل توقفها بعد الثورة كانت تضع 4 قطع فريدة لاستردادها من بينها رأس نفرتيتى وحجر رشيد، ما محلهما من الإعراب في مهمتكم الجديدة؟
عودة رأس "نفرتيتى" في خطتنا، ولدى إيمان أن كل ما هو غير مستحيل يمكن تنفيذه، فما ضاع حق وراءه مطالب، ولكن لدينا أولويات حاليًا لعدد من القضايا التي تجعلنا نرجئ العمل لاسترداد رأس نفرتيتى حاليًا، وإرجاؤها لا يعنى تجاهلها، لأنها ستأخذ وقتًا طويلًا جدًا، وما يجب العمل عليه هو تفعيل القضايا التي توقفت، ومنها قناع "كاى نفرنفر"، والقناع قصته طويلة جدًا، حيث تم اكتشافه في سقارة وكان مقررًا خروجه في معرض إلى "اليابان"، ولم يسافر واختفى وظهر في التسعينيات في متحف "سانت لويس" بأمريكا، وفى تلك الفترة تحديدا لم تكن إدارة الآثار المستردة مفعلة، لأن الدكتور زاهى حواس وزير الآثار لم يفعلها إلا عام 2002، عندما كان أمينًا عامًا للمجلس الآعلى للآثار، ومن هنا بدأت تتولى كل الملفات، وتم توكيل حكومة الولايات المتحدة لترفع قضية على المتحف، ولكن الحكومة الفيدرالية رفضت الطعن المقدم من قبل الحكومة الأمريكية، وأصدرت حكم أولى ونهائي ببقاء القناع في متحف "سانت لويس"، وقمنا بفتح تلك القضية مجددًا داخل اللجنة القومية لاسترداد الآثار وقريبا ستسمعون خبرًا يسركم بشأنه، ونعقد اجتماعا دوريًا بناء على طلب وزير الآثار لمناقشة عدد من القضايا المستجدة، ولابد من التاكيد على أن مناقشة القضايا الأثرية أصعب من استرداد الأرض، لأننا نتعامل مع أكثر من 180 دولة موقعة على اتفاقية اليونسكو من بينها بلاد تسمح قوانينها المحلية بإقامة مزادات للاتجار في الآثار، ولا تعترف بالقوانين التي لدينا، وهناك دول موقعة على اتفاقية اليونسكو للحفاظ على التراث ولا تفعلها على أرض الواقع، فضلًا عن الدول الغير موقعه عليها ومن ثم لا نستطيع إلزامها، وهو ما يؤكد أن الملف شائك، وعلى الرغم من ذلك فإننا نسير فيه بخطى ثابتة، وهذا العام تم تسجيل وتوثيق القطع الأثرية التي عادت، ونهاية العام الحالى سيكون هناك حصادا بعدد القطع المستردة من الخارج، والمميز في الأمر أننا نجحنا في استرداد آثار من دول لم نكن نتخيل أن نستردها منها مثل إسرائيل.

- على ذكر إسرائيل وهو ملف شائك يثير دائمًا لغطًا كبيرًا، ما هي مجهوداتكم خلال الفترة المقبلة لاسترداد الآثار المسروقة هناك؟
لقد نجحنا بالفعل في استرداد عدد من الآثار والتي توقفت بعد توقيع اتفاقية السلام، ومؤخرا تم عودة 90 قطعة أثرية من إسرائيل، ومهمتى خلال الفترة المقبلة ألا أترك أية قطع أثرية موجودة في إسرائيل، واسم الدول لا يهمني، لكن الأهم بالنسبة لى إعادة مقتنيات وطنى المسروقة.
- مؤخرًا استضاف المتحف الإسرائيلي معرض" فرعون في أرض كنعان" للآثار بمشاركة عدد من المعارض العالمية، ما هي مستجدات تحركاتكم لوقف بيع الآثار المصرية التي عرضت فيه؟
منذ الإعلان عن هذا المعرض، وأثير الكثير من الصخب في وسائل الإعلام، وعليه تحركت وزارة الآثار لرصد القطع المعروضة فيه، لكنها فوجئت أن المتحف الإسرائيلى قد قام بحجب القطع المعروضة، وعزف على عرض الكتالوج الخاص بالمقتنيات لأسباب لا نعلمها، وهنا كثفت إدارة الآثار المستردة من جهودها، واستطاعت الوصول إلى الكتالوج الخاص بالقطع المعروضة، وتبين عرض 680 قطعة أثرية الغالبية فيها تعود لمتاحف عالمية، أما متحف إسرائيل فقد شارك بنسبة قليلة فيه، وقمنا بالتنسيق مع الخارجية المصرية لمدنا بقائمة معروضات المتحف لفحصها.
- أعلن وزير الآثار مؤخرًا أنه سيضم خبيرًا في القانون الدولى لإدارة الآثار المستردة، هل تم الاستعانة بشخصيات في هذا الإطار؟
حتى الآن لم يتم الاستقرار على ذلك، وكان هذا مطلب تم مناقشته مؤخرا، لأن كل الممثلين في الإدارة متخصصون فقط في القانون المحلى، وخلال عملية الاسترداد لابد من التعرف على القوانين الدولية التي تسهل لنا خطوات الاسترداد، وهنا تكمن ضرورة ضم خبير في القانون الدولى، وآخر في القانون المحلى للدول التي يسمح قانونها الخاص بالاتجار في الآثار المهربة، وفى هذا الإطار أيضا كان من بين النتائج المبشرة لعمل اللجنة القومية لاسترداد الآثار هو تفعيل الاتفاقيات الدولية الثنائية بين عدد من الدول التي لديها آثارنا المهربة، والتي من بينها فرنسا وألمانيا وإنجلترا وإسبانيا ودول الاتحاد الأوروبي. 



- ما هي أبرز الاتفاقيات الثنائية التي تعتزمون توقيعها خلال الفترة المقبلة لعودة الآثار المنهوبة؟
نعتزم توقيع اتفاقية ثنائية مع أمريكا، وتحديدًا مع وزارة الآمن الداخلى لمنع الاتجار في الآثار المستردة، والتي تحمى الحدود، للتشديد على كل المعابر والحدود الأثرية لمحاصرة القطع المهربة.
– مؤخرًا خاطبت الآثار المستردة بالمفقودات الأثرية التي لديها، ما مستجدات ذلك؟
قمنا خلال الفترة الماضية بمخاطبة جميع القطاعات لرصد المفقودات الأثرية التي تم ضبطها خلال الفترة الماضية، ولن يكون هناك تفرقة بين أيا من القطع الأثرية طبقًا لانتمائها الحضاري، ونعمل في قسم تحديث البيانات بالآثار المستردة على رصد المفقودات التي تنتمى للعصر المصرى والإسلامي والعصر الحديث، وتحديث قاعدة بيانات المفقودات بالتواصل الدائم مع كل القطاعات، وأريد التنويه لنقطة هامة تتعلق بقيام بعض صالات المزادات العالمية بحجب بعض القطع الأثرية التي يتم رصدها من جانبنا، وهذا تم إتباعه في الفترة الماضية لحجب بعض المفقودات، وأطالب وسائل الإعلام بمساعدتنا في استرداد الآثار، وتفهم عدم رغبتنا في الإفصاح عن بعض قضايا الاسترداد لأنها تضيع على الحكومة المصرية عددا من القضايا.  
- هل تم وضع حصر بقائمة المفقودات الأثرية؟
هناك تنسيق كبير ومستمر ودائم بين جميع قطاعات الوزارة، ولا يمكن الإعلان عن حصر كامل في المرحلة الحالية لخضوعه للتحديث، وطالبت جميع القطاعات بمدنا بتفاصيل دقيقة حول المفقودات الأثرية، لأن بعض المزادات قد تحايلت مؤخرًا لبيع بعض الآثار المهربة من المساجد منفصلة ومقطعة في المعارض، وهذا حدث مع بعض الحشوات الخشبية للمساجد الأثرية والمشكاوات لتخلق حالة من البلبلة لدينا، وهو ما انتبهنا له لمخاطبة القطاعات بمدنا بتفاصيل دقيقة جديًا حول كل قطعة أثرية مفقودة، وفي نهاية عام 2016 سنعلن عن الحصر النهائي. 
- هناك دول عنيدة ترفض عودة آثارنا المهربة، ما هي جهود الآثار لحل تلك الأزمة ؟
هناك الكثير من الدول التي وقعت على اتفاقية اليونسكو التي تلزم برد الآثار المهربة للدول الموقعة، ولكن الأهم هو التنفيذ لأنها المشكلة الحقيقية التي تواجهنا، ولو نظرنا إلى ألمانيا سنجد أنها كانت من الدول المتعنتة، ولكن مؤخرا صارت من الدول الصديقة، وما يشهد على ذلك هو تغيير قانونها المحلى الذي كان يقف عقبة أمام استرداد الآثار المصرية، وهذا بالطبع حل إشكالية إثبات ملكية الآثار لدول المنشأ، وهذا يعد تغييرا نوعيًا، ومن ينظر لصالات المزادات العالمية مثل " سوثبي وكريستى " سيجد أنها حققت خسائر كبيرة تصل نسبتها إلى الثلث نظرا لتحركات وزارة الآثار لرصد القطع الأثرية في مزاداتها، وهذا يعد نجاحا واعترافا بجهودنا الحمد لله.
أما على صعيد الدول الصديقة في مجال استرداد الآثار، فمن بينها فرنسا لأنها دولة محبة للتراث رغم صعوبة قوانينها، وإذا وجدت مفقودات مصرية لديها تتعاون لإعادتها، أما الدول الصعبة في مجال التعاون لعودة آثارنا المهربة فتتمثل في "الدنمارك" لأن قانونها المحلى يشجع على ذلك، ولا يمنع الإتجار في الآثار، ونحاول توقيع اتفاقية ثنائية معها لتكون ملزمة في مجال منع الاتجار في الآثار، كما نعتزم توقيع اتفاقية مع سويسرا، وكذلك أمريكا التي تواجهنا مشكلة لتقسيمها لعدد كبير من الولايات، وكل ولاية يكون لديها قانون فيدرالى مغاير، وأجمل ما في الاتفاقيات الثنائية أنها ملزمة للدول الموقعة.
- هل سنرى معارض جديدة قريبًا للقطع العائدة؟
سأعرض على وزير الآثار تخصيص قاعة عرض مؤقت بالمتحف المصرى لعرض الآثار المستردة العائدة شهريا، وهذا يصب في إطار التسويق المتحفى لجذب الزائر.
- هل يمكن تحديد نسبة الآثار التي خرجت نتيجة الحفر خلسة؟
لا يمكن حصر القطع الأثرية غير المسجلة نتيجة الحفر خلسة، فلا يمكن حصر سمك في بحر عائم، وأى نسبة يتم تحديدها حول نسبة الحفر خلسة غير دقيقة وغير صحيحة، ولدينا خطة لاستعادة كل الآثار المفقودة، بما فيها المخطوطات الأثرية، وتوجيهات الرئيس خلال اجتماعه مع وزير الآثار مؤخرًا تؤكد اهتمام الرئاسة بملف استرداد الآثار، وهو ما يمنحنا دفعة قوية للمضى قدما في استعادة المفقودات، وخلال الفترة الماضية نجحنا في استعادة اللوحات السبع، والتمثالين اللذين تم سرقتهما من "ميت رهينة"، وجار استعادة مفقودات مسجد "الطمبغا المردانى".