الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

وزير البترول الأسبق في حوار صادم مع "البوابة": الرئيس قال لـ"الحكومة": "المسئول اللي خايف من اتخاذ قرار بالأمر المباشر يجيلي وأنا أمضي"

 المهندس أسامة كمال،
المهندس أسامة كمال، وزير البترول
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جميع وزراء المجموعة الاقتصادية أصدقائى لكن لا أحد فيهم تحرك لتغيير التشريعات فى منظومته
تدخل «السيسى» فى قانون بناء الكنائس «سُبة فى جبين الحكومة»
لا مجال الآن للإصلاح الاقتصادى بـ«المسكنات» بل بـ«الصدمات»
غيرنا ٣٥٠ محافظًا ووزيرًا فى ٥ سنوات
الدولة تدعم البنزين و«الفقير معندهوش عربية»
٣ آلاف طن وقود كانت تهرب لغزة وقت «الإخوان»
شعبية الرئيس تأثرت بـ«الوضع الاقتصادى غير المريح»
كشف المهندس أسامة كمال، وزير البترول فى حكومة هشام قنديل، النقاب عن الكثير من الجرائم التى تم ارتكابها فى قطاع البترول خلال فترة حكم الإخوان قائلًا، إن عمليات تهريب الوقود فى الفترة من 2011 لـ2013 إلى قطاع غزة عبر الحدود المصرية، أسفرت عن ميلاد 300 ملياردير فلسطينى جراء عمليات تهريب 3000 طن وقود يوميًا من المنتجات البترولية المصرية لغزة.
تطرق أسامة كمال لقضية تيران وصنافير باعتبارها تدخل ضمن سياق قضية ترسيم الحدود البحرية المصرية، وهى قضية قديمة، قائلًا إن الحكومة أخرجت قضية تيران وصنافير بطريقة رديئة، وإن الرئيس الأسبق حسنى مبارك رفض إعلان الموضوع فى 2010 لأنه «عام انتخابات»
■ كيف كانت تجربتك كوزير للبترول فى حكومة هشام قنديل؟ 
- فترة وجودى فى الوزارة كانت صعبة، ومصر كانت لديها مشاكل كثيرة مع الدول العربية، ولم يكن هناك أى دعم مقدم من الخليج أو من أى اتجاه آخر، فى هذا التوقيت كنا مطالبين بسداد حاجة السوق المحلية من احتياجات كثيرة بعضها كانت لا تتحمله ميزانية الدولة، منها الوقود الذى كان يستخدم فى المواصلات العامة والخاصة والمخابز وماكينات الرى، وبالرغم من ذلك كان توفيره للمواطنين أمرًا حتميًا، لأن المقابل أن تخرج الحكومة للناس وتصارحهم بعدم قدرتها على توفير الوقود، وبالطبع لا أحد يقدر وغير مقبول لأنها ليست قضية المواطنين. 
كان هناك نقص واضح فى الموارد، وما هو متاح من سيولة لسد حاجة الشارع المصرى من الوقود قليل إلى حد ما، وكان أمامنا طريقان إما أن نخفى الحقيقة ونوهم الناس بأن الدنيا وردية، أو نصارحهم بالحقيقة بأن لدينا مشكلة فى توفير الوقود الذى يكلفنا مبالغ كبيرة ولا يستفيد به المصريون، لأن هناك كميات مهدرة من الوقود يتم بيعها فى السوق السوداء وتهريبها خارج الحدود سواء عن طريق الأنفاق أو الموانئ، وهو ما يكلفنا نحو ٣٠ مليار جنيه سنويًا. 
■ هل رصدتم كميات الوقود المهربة وقتها؟
- كنت أتمنى كمصرى عربى داعم للقضية الفلسطينية أن أقدم احتياجات فلسطين من الوقود دون مقابل، بدلًا من تهريبه لقطاع غزة يوميًا بواقع ٣٠٠٠ طن وقود، وما يحزننى أن هذا الوقود يصل القطاع بثلاثة أضعاف سعر بيعه فى مصر، والمستفيد هم المهربون على الجانبين.
ونتيجة زيادة عمليات تهريب الوقود من مصر لغزة فى الأعوام من ٢٠١١ إلى ٢٠١٣ ظهر ٣٠٠ ملياردير فلسطينى من تجار الوقود المهرب، ومن المؤكد أن هناك مثلهم فى مصر، ومن المؤسف أن هذا الوقود لم يحقق أى مساعدة لإخواننا الفلسطينيين.
■ هل كان هناك ما يمنع إمداد غزة بالوقود بشكل رسمى؟
- كان من الممكن أن نقدم مساعدات إمدادات الوقود لغزة بشكل رسمى ودون أى مقابل، وكانت التكلفة ستكون ١٠ مليارات جنيه فقط بما يوفر ٢٠ مليارًا خسارة من عمليات التهريب، وكانت ستكون فى شكل هدية من مصر، كما كان يحدث عندما أرادت قطر أن تهدى غزة كميات من الوقود، كانت ترسلها عبر مصر، ولكن هذه الطريقة تضر بمصالح المهربين ومافيا الوقود فى ذلك الوقت. 
لكى نقوم بعمل حزمة بسيطة من الإصلاحات الاقتصادية من الضرورى ضخ مزيد من العملة الأجنبية، ولكى نحصل عليها إما من المساعدات العربية أو الدول الأجنبية، والمساعدات الأجنبية تأتى من مؤسسات تمويل دولية كصندوق النقد الدولى أو البنك الدولى أو بنك التنمية الإفريقى أو بنك التنمية والإعمار الأوروبى، وللحصول على دعم أو مساعدات هذه البنوك والاقتراض منها كان لا بد من تقديم ضمانات لعودة هذه الأموال مرة أخرى للبنوك، وهذه الضمانات تبدأ بتقديم رؤية واضحة ومحددة لبرنامج إصلاح اقتصادى تلتزم بتنفيذه الدولة المقترضة أمام البنك.
■ هل تفرض هذه الجهات على الدول المقترضة برامج إصلاح بعينها؟ 
- شاركت عام ٢٠١١ فى المناقشات والمباحثات الخاصة بصندوق النقد الدولى التى قامت بها الحكومة آنذاك، ومن المستحيل أن يفرض صندوق النقد برنامجًا على مصر أو على أى دولة، فمثل هذه المؤسسات دائمًا تناقش ما تطرحه عليها الدول من مشاكل اقتصادية تعانى منها وما تراه هذه الدول من حلول، مثل تضخم فى رقم الدعم بالموازنة العامة ولا يصل لمستحقيه، وتباطؤ فى معدلات النمو، وزيادة فى معدلات البطالة، ثم تطرح الدول المقترضة برنامجًا لحلول هذه المشاكل مثل الانتقال من الدعم العينى - دعم السلع - إلى الدعم النقدى خلال فترة زمنية محددة من ٣ إلى ٥ سنوات، وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين من خلال بعض المشروعات الخدمية والبنية الأساسية والصناعات التحويلية، مع عرض تقديرات الدول لاحتياجاتها المالية لكل مشروع، ومردودها الإيجابى على المواطن والدولة خلال ٦ أشهر أو سنة، مثل تقليل معدلات البطالة وزيادة نسب الحماية وتقليل نسبة الفقر المجتمعى، وزيادة فى معدلات النمو وهكذا.
ويكون رد فعل المؤسسات التمويلية كصندوق النقد الدولى أنه يوافق على هذه البرنامج، يصرف أول دفعة من القرض، ثم يعمل على مراقبة أداء الدولة المقترضة خلال أول ٦ أشهر أو سنة، على حسب الفترة الزمنية لمؤشرات الأداء فى البرنامج المقدم، ومعرفة مدى التزامها بتنفيذ برنامجها الإصلاحى، وإذا التزمت طبقًا للمخطط التى تقدمت به وبدأت النتائج التى توقعتها الدولة المقترضة تتحقق على الأرض وقتها يكمل صندوق النقد برنامج الإصلاح الاقتصادى مع هذه الدولة، ويصرف باقى دفعات القرض المتفق عليه مسبقًا، بناء على ما تم إعداده من جدول تدفقات نقدية طبقًا للمشروعات الإصلاحية داخل البرنامج، مشكلتنا فى الآونة الأخيرة حرفية التمهيد - وإخراجه - وهذا منطبق على موضوعات كثيرة جدًا.
■ من تقصد بكلمة «مشكلتنا»؟
- أقصد مشكلتنا كإدارة حكومية، وهذه المشكلة تجلت فى أروع صورها فى قضية «تيران وصنافير».
■ صف لنا الموقف عندما تسلمت حقيبة البترول والثروة المعدنية فى أغسطس ٢٠١٢؟
- فى نوفمبر ٢٠١١ جاءت حكومة الدكتور كمال الجنزورى، خلفًا لحكومة الدكتور عصام شرف، وبدأت فى شهر يناير وفبراير ٢٠١٢ بوضع موازنة الدولة للعام المالى اللاحق ٢٠١٢-٢٠١٣، وجدت أن إيرادات الدولة لا تزيد على ٦٠٠ مليار جنيه، فيما كانت مصروفات الدولة قد تتعدى ٧٥٠ مليار جنيه، بما يعنى وجود عجز فى الموازنة العامة للدولة، وإيرادات الدولة معروفة من السياحة وقناة السويس والبترول والبنوك الحكومية، واتجهت حكومة الجنزورى إلى عمل برنامج إصلاح اقتصادى، وبدأت مناقشات صندوق النقد الدولى فى خطة الإصلاح.
■ وكيف كانت المناقشات مع الصندوق وقتها؟
- شرحت حكومة الجنزورى الوضع لصندوق النقد الدولى بأن فى مصر ثلث المصروفات يتجه للرواتب والمعاشات وثلت آخر يتجه لدعم المواد الأساسية، والثلث الأخير مقسم على نحو ٢٥٪ منه سداد ديون وخدمة دين، و١٠٪ استثمارات، فكان رد البنك أن هناك خللا شديدا فى الوضع الاقتصادى للدولة، وبحاجة ضرورية لمراجعة أوجه الإنفاق وإعادة صياغتها مرة أخرى لإحداث شيء من الإصلاح الاقتصادى، حينها كانت قيمة دعم الوقود البترولى فقط فى عام ٢٠١١ بلغت ١١٨ مليار جنيه، وقيمة دعم الوقود البترولى والكهرباء بلغت ١٤٠ مليار جنيه سنويًا، ودعم باقى أوجه الإنفاق فى الدولة نحو ٧٠ مليار جنيه فقط.
وكان أحد المقترحات لإعادة صياغة أوجه الإنفاق هو تقليص قيمة دعم الوقود لتصل إلى ٧٠ مليار جنيه، وخفض قيمة العجز فى الموازنة العامة نحو ٧٠ مليار جنيه، وتم تقديم الموازنة التخطيطية فى هذا التوقيت لمجلس الشورى - لأن مجلس الشعب صدر له قرار بحله حينها - وتم اعتمادها دون أن يرفق بها ما الإجراءات التخطيطية التى يجب اتباعها لتخفيض دعم الطاقة.
وانتهت ولاية الدكتور الجنزورى فى ٢ أغسطس ٢٠١٢، بعد نجاح محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية، وكلف هشام قنديل برئاسة الحكومة، واخترت للحقيبة الوزارية، ومع مراقبة أداء قطاع البترول فى بيع المنتجات البترولية وجدت فى الربع الأول من ولاية الحكومة فى «يوليو، أغسطس، سبتمبر ٢٠١٢»، تخطى قيمة دعم المواد البترولية ٣٠ مليار جنيه.
■ وماذا فعلت بعد نتائج مراقبة أداء القطاع البترولى فى هذا التوقيت؟
- تقدمت بمذكرة لمجلس الوزراء برئاسة الدكتور هشام قنديل، قلت فيها: «حيث إنه لا توجد إجراءات إصلاحية نص عليها فى الموازنة العامة للدولة، فنحن بحاجة لعمل هذه الإجراءات، وحتى نتمكن من ذلك لا بد من عرضها على نواب الشعب»، وحينها كنا بحاجة من ٣ إلى ٦ أشهر لإعداد برنامج إصلاحى يقدم لمجلس الوزراء للموافقة ثم يعرض على مجلس النواب، فيما كان الاعتماد المالى للبترول ٧٠ مليارًا ينتهى فى الربع الثانى للسنة المالية يعنى يناير ٢٠١٣، بما يجعل احتياجى لدعم آخر ضروريًا.
■ ماذا كان موقف الحكومة من هذه المذكرة؟
- اكتفت الحكومة وقتها بتوفير دعم قيمته ٣٠ مليار جنيه، مع إعادة النظر فى إجراءات رفع الدعم عن الطاقة، وبدأت فى تنفيذ هذا البرنامج الإصلاحى بالتزامن مع استمرار مباحثات صندوق النقد الدولى، مع كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولى حينها، ولم يعتمد صندوق النقد برنامج الإصلاح الاقتصادى لحكومة هشام قنديل، وللعلم موافقة صندوق النقد على اقتراض أى دولة تُعد شهادة بتعافى اقتصادها.
■ هل خروجك من الحكومة فى مايو ٢٠١٣ كان بمثابة إنقاذ لك؟
- بالطبع ربنا أكرمنى بخروجى من الوزارة فى هذا التوقيت، لأنه لم يكن مرغوبًا فى وجودى أو بقائى داخل الوزارة.
■ وما سبب رحيلك؟ أو عدم الرغبة فى وجودك؟
- السبب هو بداية الحديث عن تحريك الأسعار بالنسبة للبوتاجاز، كانت أنبوبة البوتاجاز تباع فى الأسواق السوداء بـ٦٠ جنيهًا، وكانت اللجان الشعبية التابعة لتيار الإسلام السياسى تسيطر على مخازن توزيع البوتاجاز، وكانت تستطيع خفض الأسعار لبيع الأنبوبة بـ١٠ جنيهات، فى الوقت الذى كان فيه قطاع البترول مستمرًا فى توفيرها بـ٢.٥ جنيه، ومع رفضى لقبول هذا الوضع ورفض إهدار أموال الدولة بدأت الأزمة تتفاقم مع تحريك أسعار البنزين ورفع الدعم نهائيًا عن بنزين ٩٥، كخطوة أولى نحو تنفيذ برنامج الكروت الذكية للوقود، وكانت ردود القيادة السياسية والحكومة وقتها أنه يجب تأجيل هذه الإجراءات بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية، خاصة أن الشارع غير مهيأ لقبول مثل هذه الإجراءات.
■ ماذا عن اللغط المثار حول ترسيم الحدود البحرية بين كل من مصر وإسرائيل وقبرص؟
- هذه القضية كانت بمثابة عائق لدىّ فى خطط التوسع فى تنمية الآبار وزيادة الإنتاج، وفى ظل المشكلات المثارة حول التداخلات الحدودية البحرية مع قبرص وإسرائيل قمت بدعوة جميع الأطراف وكل من كان يزعم بأن لديه ما يثبت شيئًا أو ينفيه بشأن هذه القضية، فى حضور جميع أجهزة الدولة المعنية «وزارة الخارجية، وزارة العدل، ترسيم البحار، هيئة المساحة الجيولوجية، المساحة العسكرية، حرس الحدود»، وأخطرت الجميع بأننا لسنا طرفًا فى ترسيم الحدود ولكننا مضارون كدولة من اللغط حول ترسيم الحدود فكل من لديه مستند يقدمه، وكان اللقاء علميًا بحتًا والهدف منه إيضاح وجود تداخل فى الحدود من عدمه وهل لنا حقوق تاريخية فى بعض النقاط فى الجهة المقابلة للحدود المصرية.
■ وماذا كانت نتائج هذا اللقاء؟
- كانت نتائج هذا اللقاء أن تم التأكد من أنه ليس لمصر حق فى أى سنتيمتر خارج حدودها، وأنه ليس هناك أى تداخلات بناء على مراجعة النقاط المثارة حول اللغط على الإحداثيات والخرائط، ما أكد أن هذا اللغط ليس له أى أساس علمى وقانونى وتم قفل الموضوع، وبناء عليه بدأت الشركات العالمية تتقدم بعروض لمناقصة الكشف والتنقيب، وهى المناقصة التى تم الكشف فيها عن حقل «ظهر» وهو واحد من ضمن ١٥ بلوكا تم طرحها خلال المناقصة فى عام ٢٠١٢، وأرسيت فى مطلع ٢٠١٣، ووقع عليها المستشار عدلى منصور، الرئيس السابق، فى يناير ٢٠١٤، واستمر عمل الحفر والاستكشاف بها نحو ١٨ شهرًا، وأعلنوا الكشف الكبير بحقل «ظهر» فى أغسطس ٢٠١٥.
■ وعلى أى أساس تم ترسيم الحدود بين كل من مصر وقبرص وإسرائيل؟
- مناقصة ٢٠١٢، عند خط الحدود البحرية المصرية ونهاية مياه مصر الاقتصادية والتى تم طرح فيها ١٥ بلوك، بناء على أن حدودنا الاقتصادية تم ترسيمها مع الدولتين المجاورتين وهما إسرائيل وقبرص، ووقعنا مع قبرص لأنها إحدى الدول الموقعة على اتفاقية ١٩٨٢ للأمم المتحدة بترسيم الحدود، وإسرائيل لم توقع على هذه الاتفاقية وهذا ليس معناه أنها تتجاوز الحدود.
وبموجب الحدود المرسومة مع دول الجوار، استطعنا طرح مناطق التماس على حدودنا البحرية والتى أنتجت حقل «ظُهر»، وبهذه النقاط قامت مصر بتثبيت قدمها على الحدود البحرية فى المياه الاقتصادية، وتعنى الحدود الاقتصادية أن حدودى فى المياه الإقليمية ١٢ ميلًا بحريًا، لا يجوز دخولها إلا بإذن مسبق ويحق لك فيها منفردًا العبور والمرور، والبحث عن الثروات والصيد، ولك بعد ذلك ٢٠٠ ميل بحرى وتسمى المياه الاقتصادية ويحق لك فيها منفردًا البحث عن الثروات والصيد، ولكن حق العبور مكفول للجميع بعد التنسيق معك، ولا يجوز منع العبور لأحد، ولا بد من التنسيق لتلافى وقوع أى مشاكل أو حوادث أثناء إجراء أى أعمال استكشافية أو عمليات عسكرية فى المياه الاقتصادية، وتتحقق مساحة المياه الاقتصادية إذا كانت المسافة بينك وبين الجار تبلغ ٤٠٠ ميل بحرى، وإن لم تتحقق المسافة مثل وضعنا مع قبرص، حيث تبلغ المسافة بيننا ٣٥٠ ميلا بحريًا، يتم تطبيق قاعدة أخرى تسمى بخط الوسط. 
وهذا طبقًا لقواعد دولية وقعت عليها نحو ١٨٤ دولة من إجمالى ١٨٧ دولة عدا ٣ دول أمريكا وإسرائيل وتركيا.
■ وما أسباب امتناع كل دولة عن التوقيع على هذه الاتفاقية الدولية؟ 
- أمريكا تعتبر أنها ليس لها حدود فى العالم، وتركيا دولة لا تعترف بوجود قبرص واليونان، لأن توقيعها على اتفاقية ترسيم الحدود الدولية يُعد اعترافًا ضمنيًا منها بالدولتين، أما إسرائيل فهى دولة احتلال فى الأصل، لكن هذا لا يعنى السماح لها بالتجاوز.
■ ما رأيك فى قضية تيران وصنافير فى سياق ترسيم الحدود بين مصر والسعودية؟
- هناك اتفاقيات ترسيم حدود تظهر خطوط الأساس لكل دولة، وتوضح حقوقها التاريخية المثبتة وأماكن تواجدها، ولدينا أساتذة وخبراء فى مجال ترسيم الحدود التى تمثل نوعًا خاصًا من القضايا لا يجوز أن يشارك فى مناقشتها الشارع العام، وما يؤخذ على الحكومة فى قضية تيران وصنافير أنها لم تخرجها بطريقة جيدة، وكان الإخراج سيئًا جدًا، والتوقيت كان أسوأ، «إحنا نمنا وصحينا لقيناهم بيقولوا إن الحكومة المصرية وقعت مع الحكومة السعودية على اتفاقية تيران وصنافير»، والأسوأ أن ظهرت الاتفاقية مربوطة بحزمة مساعدات من السعودية لمصر، وكان من الضرورى أن تعامل هذه المسألة معاملة ترسيم الحدود مع قبرص، حيث كانت جميع الأعمال الخاصة بطرح مناقصات مشروعات بترولية لمصر متوقفة فى مياه البحر الأحمر، بسبب عدم توقيع اتفاقية ترسيم حدود مع جيرانى، وكنت أوضحت هذا الأمر الذى بدأت المناقشات فيه منذ عام ٢٠٠٣، وأن النتائج ستكون غير ما كان، وللعلم كان من المفترض أن يتم الإعلان عن طرح الموضوع فى عام ٢٠١٠ ولكن «مبارك» رفض لأن هذا العام كان عام انتخابات.
وليس هناك شك فى أن الرئيس السيسى أو المهندس شريف إسماعيل أو وزارة الخارجية ممكن أن يبيعوا حبة رمل من مصر، هذا ليس واردًا، ولا يجرؤ أحد فيهم على القيام بذلك، من وازع الوطنية قبل كل شىء، والشعب لن يقبل بهذا من ناحية أخرى، وتجاربنا قبل ذلك أثبتت أنه لا تفريط فى حقوق مصر مع السودان، أو ليبيا، أو قبرص، أو إسرائيل، فلماذا نفرط مع السعودية، الأمر غير وارد فيه مجال للشك.
■ ما حجم احتياطى مصر من الوقود البترولى فى فترة توليك الحقيبة الوزارية للبترول من ٢٠١٢ إلى ٢٠١٣؟
- كان حجم الاحتياطى يتأرجح بين ٨ ساعات لـ٣ أيام، بما يعنى أن بعض المواد البترولية فى مصر الاحتياطى منها لا يكفى لمدة ٨ ساعات، كان احتياطى السولار لا يتجاوز يومًا واحدًا، والبوتاجاز يتراوح بين ١.٥ و٢ يوم، والبنزين يصل إلي ٣ أيام، وهو ما كان ينذر بكارثة ويدق ناقوس الخطر، وبدأت التعامل مع الأمر وتدبير الاحتياجات الأساسية فقط، والتى كانت تكلف الدولة يوميًا نحو ٣٠ مليون دولار، نظرًا لشراء ثلث احتياجاتى من الوقود من الخارج.
وبلغت قيمة مديونية قطاع البترول من استهلاك الغاز الطبيعى من الشركاء الأجانب ٦.٤ مليار دولار، وبلغت مستحقات وزارة البترول لدى القطاع الحكومى نحو ١٠٠ مليار جنيه، منها ٥٠ مليار جنيه لدى وزارة الكهرباء، و٣٠ مليار جنيه لدى وزارة المالية، ووزارة النقل ووزارة الطيران وغيرها. 
حاليًا مديونية الكهرباء المستحقة لصالح وزارة البترول تخطت الـ١٠٠ مليار جنيه، وكان المهندس طارق الملا، وزير البترول الحالى، أعلن يوم افتتاح مصنع إيثدكو للبتروكيماويات أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى أن قيمة مسحوبات وزارة الكهرباء للغاز الطبيعى فقط خلال هذا الشهر بلغت ٧ مليارات جنيه، وقيمة ما تقوم بسداده وزارة الكهرباء شهريًا لا يتخطى مليار جنيه.
دائمًا ما يخرج المتحدث الإعلامى لوزارة الكهرباء ليعلن أن الوزارة ملتزمة بسداد ٢٠٠ مليون جنيه شهريًا لوزارة البترول، دون الالتفات للمتبقى من قيمة المسحوبات، الأمر الذى كان له بالغ الأثر على الاستمرار فى تقديم الخدمة لباقى القطاعات، وعمل الصيانة اللازمة لمعمل تكرير البترول، وإستيراد الوقود من الخارج، وكانت هناك أزمات بوتاجاز وسولار وغاز وبنزين.
■ وما الموقف الحالى لوزارة البترول؟
- تم سداد جزء كبير من مديونية الوزارة للشركاء الأجانب، وأصبح حجم الدين ٣.٤ مليار دولار بدلًا من ٦.٨ مليار دولار، وذلك نتيجة الانتظام فى سداد مستحقات الشريك الأجنبى، من قيمة المسحوبات الجديدة وجزء من الدين القديم.
■ وما العوامل المساعدة على قدرة سداد ديون الوزارة؟
- أولًا المحافظة على معدلات الإنتاج بقدر المستطاع بتنمية بعض الحقول الصغيرة حتى وإن كانت منخفضة فى الواقع، وفى ظل عدم توقيع أى اتفاقيات جديدة من يناير ٢٠١١ وحتى عام ٢٠١٤ - وهذا يعنى عدم وجود تنمية لأى مشروعات بترولية- فإنه من المتوقع أن تمر أزمة الوقود فى مصر على مدار عام آخر، لأن نتائج أى اتفاقيات تنمية للمشروعات البترولية تظهر نتائجها بعد ثلاثة أعوام، مما يمكن من خلال الإنتاج الجديد سداد باقى المديونية. 
■ ما الموقف الذى تسلمت عليه حكومة ٣٠ يونيو وزارة البترول؟
- تم تسليم الوزارة باحتياطى استراتيجى يكفى ٢١ يوما فى جميع المنتجات البترولية فقط، وعدم التوقيع على أى اتفاقيات، وقانون الثروة المعدنية لم يتم إقراره، بالرغم من أنه تمت مناقشته داخل البرلمان، مع تطبيق منظومة الكروت الذكية على سيارات نقل الوقود الكبرى، والتى كانت تخرج من المخازن الرئيسية وتختفى فى الصحراء، وأنابيب البوتاجاز كانت تباع فى الطرق قبل وصولها للمستودعات، وكان الوضع صعبًا جدًا، ولم أستطع عمل شيء أكثر مما كان فى استطاعتى حينها.
■ وما حقيقة المساعدات القطرية لمصر بشحنات الغاز الطبيعى؟
- أود التأكيد على أن مصر لم تتلق أية مساعدات من أى نوع منذ ٢٠١١ وحتى ٣٠ يونيو٢٠١٣، وفيما يخص الجانب القطرى، كان هناك التزام على استيراد ١٨ شحنة غاز طبيعى، من بينها ٥ مجانًا و١٣ بمقابل مادى، والشحنات المجانية كانت نتيجة عدم جاهزية قطاع البترول فى هذا الوقت لاستقبال الغاز المسال، فكان الاختيار أن يتم استبدال الغاز المنتج فى مصر ومن المفترض أن يتم تصديره للخارج، تحتفظ به مصر مقابل أن ترسل قطر مقابله غازًا مسالًا لهذه الدول.
■ ما تقييمك لفترة ما قبل ٣٠ يونيو ٢٠١٣ على مستوى قطاع البترول؟
- بصراحة ما قبل ٣٠ يونيو ٢٠١٣ مصر وصلت لذروة الاحتقان الشعبى على جميع الأصعدة، احتقان مجتمعى وسياسى واقتصادى وأمنى، وكان لا بد من إعادة بناء الثقة ما بين المواطن والشعب من جهة والإدارة من جهة أخرى، فكيف نبدأ بناء الثقة إلا بتلبية وتوفير احتياجات المواطن الأساسية دون أن نلقي عليه أعباء.
■ حدثنى عن الوضع وتقييمك له لما بعد ٣٠ يونيو؟
- ساعد الإدارة على ذلك حجم المساعدات التى قدمت فيما بعد ٣٠ يونيو، والتى بدأت بتحسين منظومة الأمن، وتطوير منظومة تلبية الخدمات الرئيسية،وبرغم كل ما يقال عن تضخم الأسعار وارتفاع قيمة السلع، مثال «لما تسأل واحد السنة دى جبت ياميش رمضان يقولك آه بس كان غالى»، كل حاجه موجودة لكن تكلفة إنتاجها وتوفيرها ارتفعت وهذا أمر طبيعى فى ظل الأزمة الاقتصادية.
ومن واقع المستندات الرسمية تم توقيع ١٨ اتفاقية، وهذا يعنى فى قطاع البترول أنه كان هناك أعمال بحث وتنقيب واستكشاف بدأت منذ عامين أظهرت نتائج تم على أثرها توقيع الاتفاقيات، باستثمارات تقارب ٥ مليارات دولار، وأضافوا ما يقرب من ١.٧ مليار قدم مكعب غاز للإنتاج اليومى، أسهم فى منع تناقصه بدرجات زيادة علي النقص الحالى، بما يعنى الحفاظ على معدلات الإنتاج اليومى بزيادة طفيفة، وبالأرقام كانت معدلات الإنتاج فى بعض الأوقات ٣.٩ مليار قدم مكعب، واليوم بلغ الإنتاج ٤.٢ مليار قدم مكعب، واحتياجاتنا تقدر ٧.٥ مليار قدم مكعب، وتستورد مصر ١.٥ مليار قدم مكعب، وتستهلك وزارة الكهرباء نحو ٤ مليارات قدم مكعب، والباقى استهلاكات قطاعات مختلفة، ولكى تصل لتغطية جميع الاحتياجات تلجأ إلى عمل تباديل وتوافيق فى بعض الأوقات.
وجارٍ تنفيذ ١٣ مشروع تنمية، بخلاف ١٨ اتفاقية أخرى، تبلغ التكلفة الاستثمارية لها نحو ٣١ مليار دولار، ومن المقرر أن تظهر نتائجها خلال عام ٢٠١٨، ويبدأ تحقيق نقطة التعادل بين الاحتياجات والمتوفر بما يعنى أن الإنتاج المحلى يكفى الاستهلاك كله بحلول عام ٢٠٢١. 
■ لماذا تلجأ مصر للشركات العالمية فى مجال البحث والاستكشاف برغم أن العمالة مصرية؟
- صناعة البحث والاستكشاف فى العالم، تعتمد على ما يسمى بخرائط المساحة الجيولوجية، وهى التى تحدد ما فى أعماق الأرض والبحر من مكونات، ويتطلب لإعداد هذه الخرائط أجهزة ذات مواصفات خاصة وعالية الدقة وحديثة جدًا، سواء كانت غواصات أو أقمارًا صناعية، وهى التى تقوم بتنفيذ ما يسمى بأسلوب المحاكاة فى مناطق مختلفة من العالم، فمثلًا نجد أن الشركات الأمريكية الكبرى لديها مواقع استكشاف فى خليج المكسيك وموزمبيق وغانا والسعودية وليبيا والكويت والصين، وتحصل الأجهزة على عينات من التربة والطبقات الجيولوجية فى العالم ومن المحاكاة يستطيع أن يحدد بعض المواقع التى يقام بها بئر استكشافية لاستخراج غاز أو بترول بمعدلات سريان بنسبة مختلفة ومعايير محددة، وهذه التقنيات والخرائط الجيولوجية التى تشير إلى المواقع التى يمكن أن تجرى فيها الاستكشافات من عدمه، لا توجد إلا لدى عدد من الشركات لا يتخطى عدد أصابع اليد، لذلك فى مصر ندعو الدول لإرسال بعثات استكشافية فى الأرض والبحر، بشرط أن نحصل على نسخة من الخرائط الجيولوجية التى يقومون بإعدادها.
■ وماذا لو فشلت عمليات البحث والاستكشاف، من يقع عليه عبء التكلفة؟
- فى الواقع مصر ليست لديها القدرة على تحمل تكلفة مثل هذه التجارب وخاصة إذا فشلت، لأنه من الوارد بعد القيام بجميع الإجراءات والاختبارات تظهر النتيجة بعدم وجود بترول أو غاز، وهناك تجربة حقيقية قامت بها شركة «شيل» من عام ٢٠٠٣ لـ ٢٠٠٩، أنفقت ٦٣٠ مليون دولار، وفى الآخر وجدت أن المحتوى الموجود فى البئر لا يحقق اقتصاديات، فتخلت عنه ورحلت، والمفاجأة أن هذه البئر كانت محل بئر الشروق الحالية.
■ وكيف استطاعت شركة إينى الكشف عن حقل «الشروق» بالرغم من فشل «شل»؟
- الأمر بسيط هو أن شركة إينى استخدمت أجهزة للحفر على أعماق أكبر مما وصلت إليه شركة «شل»، حيث وصلت إينى لعمق حفر ٦ آلاف متر، فيما توقفت شل عند ٣٥٠٠ متر، ولكن الفرق أن إينى بدأت حفرًا جديدًا فى نفس المنطقة، ووصلت لطبقات جديدة من التربة، مما يعنى أن أدواتها المستخدمة فى المسح الجيولوجى أحدث، وحجم ما ينفق فى هذا المجال يقدر بمليارات الدولارت وخزينة الدولة فى مصر لا تتحمل، لذلك نلجأ للشريك الأجنبى الذى يمتلك تكنولوجيا البحث والاستكشاف وتقدير الاحتياطيات، وتعقد الشراكة عند بلوغ مرحلة الإنتاج الذى يحصل منه على مصروفاته، مما لا يشكل على الدولة عبئًا أو خطورة فى الاستثمار دون عائد.
■ كيف تعظم مصر القيمة المضافة لكم المنتجات البترولية التى سيتم إنتاجها من عدد الاتفاقيات الموقعة والمشروعات الجارى تنفيذها، وهل هذا يغير من ترتيب مصر بين الدول الأكثر احتياطى للغاز والبترول فى الشرق الأوسط وإفريقيا؟ 
- فى الحقيقة ليس مهمًا ترتيبك فى إنتاج الوقود، المهم أن يكون ترتيبك متقدمًا فى الاقتصاد، هناك دول لا تنتج غاز ولا بترول مثل اليابان والهند وفى مراتب متقدمة فى التصنيف العالمى للدول الاقتصادية الكبرى، المهم أيضا هو ماذا تفعل بما تنتجه من وقود إذا كان لاحتراقه فقط فهذا لا يفيد، وأود أذكر هنا واقعة حديثة العهد بين الرئيس السيسى والمهندس طارق الملا وزير البترول، خلال افتتاح مصنع إيثدكو، حيث قال الملا للرئيس إن الكهرباء استهلكت هذا الشهر غاز بـ٧ مليارات جنيه، فقال له الرئيس يعنى فى السنة بـ٨٤ مليار جنيه، والكهرباء باعت ما أنتجته بكام، فأجاب الملا: فى حدود ٨٠ مليار جنيه يا فندم، فقال الرئيس ولو كنا أدخلنا هذه الكميات مشروعات البيتروكيماويات، فأجاب الملا: كانوا جابوا ١٠ أضعاف.
إذن السؤال هنا فيما يتم استهلاك ما سيتم إنتاجه من بترول أو غاز، إذا كانت هناك مشروعات تعظم القيمة المضافة لا بأس، أما فى مشروعات يكون فيها بيع الوقود بخسارة، ليس مهمًا كم إنتاجك، المهم ماذا تفعل بهذا الإنتاج.
مصر حاليًا فى المرتبة الثانية بعد الجزائر فى إنتاج الغاز الطبيعى، على مستوى إفريقيا ومنطقة شمال إفريقيا، وأيضًا مصنفة فى المرتبة التاسعة على مستوى الشرق الأوسط، ولكن ليس هذا المهم، فهناك روسيا تنتج ٦٢ مليار قدم مكعب يوميًا، ونحن حاليًا ننتج ٤.٢ مليار قدم مكعب يوميًا، وكنا وصلنا إلي ٦ مليارات قدم مكعب يوميًا، ولكن نظرا للظروف التى سبق شرحها تقلص الإنتاج، وفى المرتبة الثانية إيران تنتج ١٨ مليار قدم مكعب يوميًا، والثالث الجزائر تنتج ١٧ مليار قدم مكعب يوميًا.
وعلى مستوى الدول التى لا تنتج بترول أو غاز طبيعى، فهناك كوريا واليابان والهند لا يوجد فيها غاز طبيعى نهائيًا، ألمانيا لا تنتج غاز أو بترول.
■ كيف يمكن استخدام الوقود فى مشروعات تعظم القيمة المضافة؟
- إذا كانت تكلفة المليون وحدة حرارية ٣ دولارات، ويتم حرقها فى توليد الكهرباء فقط، فهذا إهدار للوقود الذى سيتم إنتاجه، ولكن هناك صناعة البتروكيماويات، فمثلا اليابان تستورد البترول والغاز لتستخدمه فى صناعات تحويلية متكاملة، مثل صناعة التليفزيونات أو سيارة أو جهاز تليفون أو جهاز كمبيوتر، ومواسير وحفاضات، وأسلاك، ولعب أطفال، دعامات قلب، غزل ونسيج، هذه المشروعات هى التى تعظم القيمة المضافة للوقود، وتكون قيمة المليون وحدة حرارية ٣١ بدلًا من ٣ دولارات، وهنا لا تتحقق القيمة المضافة فى السعر فقط، ولكن فى مصانع تم إنشاؤها وخلق فرص عمل للمواطنين، وأعادت للدولة دورها الحقيقى بإتاحة فرص عمل حقيقية وليس تقديم دعم للمواطنين. 
وأيضا عند ضخ استثمارات أجنبية فى الاقتصاد المحلى، فأنت تعمل على جذب التكنولوجيا الأجنبية مع هذه الاستثمارات، فتتحقق الاستفادة من الناحية العلمية، بالإضافة إلى توفير احتياجات السوق المحلية من المنتجات التى إن لم توجد فيكون الحل البديل هو استيرادها، فبهذا يكون المواطن قام بشراء السلعة بالعملة المحلية مما يقلل الضغط على الاستيراد.
كما أن إنشاء مصانع للصناعات التحويلية مثل صناعة البتروكيماويات ليس الهدف منها تحقيق الاكتفاء الذاتى، وتلبية احتياجات السوق المحلية فقط، ولكن بهدف أن يغزو المنتج المحلى العالم كله، ويدر مقابلًا ماديًا بالعملة الأجنبية، ويزيد من احتياطى النقد الأجنبى، وكل هذه الأمور تسمى قيمة مضافة.
لا بد من الأخذ فى الاعتبار، أن أكبر ٧ موانئ فى العالم، فى الصين واليابان وكوريا ودبى وسنغافورة، أعمالها جميعًا قائمة على الصناعات التحويلية عدا دبى، إذ ليس من المهم حجم ما تنتجه من مواد بترولية، فحجم ما تنتجه مصر يتخطى حجم ما ينتجه بعض دول الخليح، فمصر تنتج زيت وغاز بنحو ١.٤ مليون برميل يوميًا.
■ لك تصريح حول أن مصر تدعم السلع ولا تدعم المواطن، هل تفسر لنا هذا؟
- الدولة تدعم البنزين والفقير معندهوش عربية.. المفهوم الخاطئ لمنظومة الدعم هو سبب التشوه الاجتماعى، الذى جعل المواطن الفقير لا يجد رعاية كاملة، وأبسط مثال فى محافظة سوهاج وهى أكثر المحافظات فقرًا، لا يوجد لديها استثمارات أو فتح مجالات عمل، والتعليم دون المستوى، وليس أمام المواطن هناك ألا الزراعة التى أصبحت غير كافية لتوفير احتياجاته، والدولة ما زالت تدعم البنزين ونفس المواطن هو هو فى سوهاج معندهوش عربية، وإذا أخذ مواطن آخر فى سوهاج نصيبه من البنزين ١٨٠ لترا هيركب بيه الميكروباص قيمة الدعم عليها نحو ٤٠٠ جنيه فى الشهر، وفى القاهرة مواطن آخر راكب سيارة آخر موديل ويمتلك منزلا فى الساحل الشمالى وآخر فى العين السخنة ويستخدم مولد كهرباء لتسخين حمام السباحة ولديه «جيت سكى» و«بانانا بوت» و«بيتش بجى»، يستهلك نحو ٢٠٠٠ لتر فى الشهر، دفع ثمنها وأخذ دعم عليها ٤ جنيهات على اللتر، فيكون دعم الفقير ٤٠٠ جنيه ودعم الأثرياء ٨ آلاف جنيه، وهذا هو التشوه الاجتماعى وغياب العدالة الاجتماعية نتيجة الموروث التاريخى من سنة ١٩٥٢ بدعم السلع الذى لا بد من التخلص منه وتوجيه الدعم للمواطن الذى تشير الإحصائيات إلى أنه بحاجة للدعم.
■ ماذا عن الوضع الاقتصادى فى مصر بوجه عام؟
- الوضع الاقتصادى فى مصر بوجه عام غير مريح، صحيح لم يصل إلى مرحلة الرعب لأن مصر لا هى مفلسة ولا على حافة الإفلاس ولديها موارد طبيعية كثيرة تمكنها من أن تكون دولة ثرية، لكن الإدارة الاقتصادية ما زالت غير قادرة حتى الآن على إحداث نقلة نوعية للمواطن، وهذا لن يتحقق إلا بثورة الفكرة.
مصر لا ينقصها وزراء ولا محافظون حتى يبلغ عدد ما تم تغييره على مدار الـ ٥ سنوات الماضية نحو ٣٥٠ محافظًا ووزيرًا، ومن الظلم أن نقول إن جميعهم فشلوا فى تحقيق واجباتهم، لكن هناك معوقات فى نظام العمل بالدولة مثل التشريعات والقوانين اللوائح الحاكمة، ولماذا تنجح القوات المسلحة فى تنفيذ أى مشروع يسند إليها بالرغم من عدم امتلاكها لشركات مقاولات أو معدات، بل إنها تتعاقد مع نفس الشركات التى تتعاقد معها الهيئات الحكومية، والفارق فى مواعيد التنفيذ وجودة وكفاءة المواصفات والأسعار كبير. 
■ ما أسباب إجراء الرئيس حوارًا صحفيًا مطولًا مع رؤساء الصحف القومية يتحدث فيه عن الوضع الاقتصادى لمصر؟
- الرئيس لا يترك مناسبة إلا ويتحدث فيها عن الوضع الاقتصادى فى مصر، فى كل المناسبات فى لقاءاته مع الشباب ورجال الأعمال فى مؤتمرات الاستثمار، يمكن فى الفترة الأخيرة وجد الرئيس أن الإعلام أصبح يعمل فى جزر منعزلة، كل واحد شغال على مزاجه وبرؤيته، وهذا يمكن أن يحدث شيئًا من التشتيت لدى المواطنين، فى الوقت الذى لا تمتلك فيه الدولة أى سيطرة أو قيود على الإعلام الخاص، ولكن لديها أدواتها متمثلة فى الإعلام المملوك للدولة وأحد روافده الإذاعة والتليفزيون والصحف القومية، لذا قام الرئيس بعمل حوار ولقاءات مع رؤساء الصحف لنقل وجهة نظر الدولة للشعب من خلال إعلام الدولة، وتوضيح أن الوضع الاقتصادى متأزم وأنه لا يوجد مجال للإصلاح بالمسكنات.
■ من يعمل مع الرئيس؟
- لا أحد.
■ هل من الممكن أن يستمر هذا الوضع كثيرًا؟
- لا.
■ والنهاية؟
- أعتقد أن الرئيس لديه من الذكاء ما يقيس به شعبيته ومصداقيته لدى الشارع التى تتأثر كثيرًا بأداء المجموعة الاقتصادية، وتأثرت بالطبع.
■ كيف تأثرت شعبية الرئيس من وجهة نظرك؟
- بالأمس كانت الناس تخرج وتصرخ وتقول يا حكومة حرام عليكى، اليوم مش بتقول يا حكومة، الصحف القومية لم تعد تهاجم الحكومة، وبدأت تقول نار الأسعار يا «سيسى»، وهذا يعنى أن هناك تأثيرًا على شعبيته، والرئيس يعمل بأقصى ما يستطيع، ويحاول بما يمتلكه من سلطات وأدوات وآليات أن يذلل العقبات حوله، حتى يبعث إلى الناس برسائل طمأنة.
الشعب كله يعلم أن الرئيس بنفسه التقى بمدير شركة سيمنس الألمانية، وتفاوض معه حول أسعار شراء محطات الكهرباء الثلاث، والغريب أنه لا يوجد أحد فى الدولة التفت إلى هذه الرسالة والمثل الذى قدمه الرئيس فى هذا اللقاء، متمثل فى أن أى مسئول كبير فى الدولة يتمتع بالنزاهة والشفافية ونظافة اليد، لا مانع فى أن يقوم بالتعاقد على مشروع بالأمر المباشر، وأثبت الرئيس أنها ليست جريمة طالما أن هناك مصلحة للدولة، حيث إن ما قام به الرئيس مع سيمنس، سيضيف خلال عامين قدرات على الشبكة الكهربائية تعادل نصف ما تمت إضافته لكهرباء مصر طوال ٥٠ سنة، ألا يحسب هذا إنجازًا للرئيس؟.
■ هل تقصد بعدم التفات المسئولين، الحكومة المصرية؟ 
- بل أقصد لماذا انتظرت وزارة الكهرباء حتى يقوم الرئيس بهذه الخطوة، ألم يكن من الممكن أن يقوم بذلك وزير الكهرباء بنفسه، الأمر لا يتعلق بالكهرباء فقط ولكنه مثال حى، فهناك أسئلة أخرى منها لماذا يتدخل الرئيس فى قانون بناء الكنائس، أليست هذه سبة فى جبين الحكومة اليوم، أنها لم تستطع إنهاء القانون دون تدخل من الرئيس، ومن الملاحظ أن الرئيس قال أكثر من مرة للحكومة فى أكثر من مناسبة: المسئول اللى خايف من اتخاذ قرار بالأمر المباشر يجيلى وأنا همضى.
■ هل وزراء المجموعة الاقتصادية بحاجة إلى تغيير ضرورى الآن؟
- أعفنى من الإجابة بشكل مباشر، لأن جميعهم أصدقائى، ولكن أيضًا جميعهم على المستوى الشخصى جيدون جدًا، ولكن ولا واحد فيهم تحرك لتغيير التشريعات فى منظومته، وهذا ما جعلهم مكبلين، لأن مصر مشكلتها الكبرى اليوم تتعلق بقانون الاستثمار، وما يتعلق به من قانون ضرائب وقانون عمل، وإذا تم إصلاح هذا فى فترة أسبوع، سوف تشهد مصر انتفاضة كبرى خلال سنة.