الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

استقالة وزير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم أنها ليست المرة الأولى التى يستقيل فيها وزير من الحكومة «أقصد بالطبع استقالة دكتور خالد حنفى وزير التموين»، ورغم أنها عرف متداول على مستوى العالم فى حالة وجود شبهة ما على مسئول.. إلا أن هناك تحقيقات مسبقة تجرى على أى مسئول مشتبه فيه قبل أن يقدم استقالته بل وتقدم للمواطنين كافة التحقيقات بكل شفافية حتى يثق المواطن فى الحكومة، ومن ثم يكون هو كمواطن أول من ينفذ القانون الذى بطبيعة الحال ينفذ على الكل، فلا أحد فوق القانون ولن يكون.
عالميًا هناك العديد من الوزراء قدموا استقالاتهم. فمؤخرًا، وتحديدا فى شهر مايو الماضى استقال وزير الدفاع الإسرائيلى موشيه يعلون بعد خلاف بين نتنياهو ويعلون إثر دعم الأخير لمسئول عسكرى رفيع المستوى شبه الأجواء فى إسرائيل بأجواء ما قبل الحرب العالمية فى ألمانيا.. ليس هذا فحسب بل أعلن عبر موقع تويتر أنه فقد الثقة فى رئيس الوزراء، وأنه يريد أن يأخذ إجازة من الحياة السياسية..وهو ما اغضب نتنياهو وجعله يعلن نيته تعيين السياسى المتشدد «أفيجدور ليبرمان» خلفًا له.. من هنا نكتشف أن سبب الاستقالة خلافات فى وجهات النظر وكانت واضحة للجميع وقيلت علنًا مما أغلق الحديث عن القيل والقال، ورغم اعتراضنا على الحالة السياسية الإسرائيلية، إلا أننا لا نغلق أعيننا على ما يجب أن تنقله وسائل الإعلام ومتى وأين يتم إبرازه، ومتى من المفروض ألا يتم تناوله. أشهر الاستقالات كانت استقالة رئيس الوزراء الأيسلندى «سيغموندور غونلوغسون» بعد فضيحة تسريبات ما عرف باسم «وثائق بنما»، والتى سلطت الضوء على كيفية استخدام الأغنياء وأصحاب النفوذ الملاذات الضريبية الآمنة إخفاء ثرواتهم. وأشارت التسريبات إلى أن غونلوغسون كان يمتلك مع زوجته شركة «وينتريز» المسجلة فى الخارج ووجهت إليه تهمة اخفاء ملايين الدولارات فى أصول عائلية..ومن المعروف أنه أجبر على الاستقالة التى كان رافضًا تقديمها، ولكنه واجه ضغوطا متزايدة داخل ائتلاف حكومته، كما لجأ إلى موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» لتوضيح موقفه، ولكنه رضخ إلى تقديم استقالته بعد فشل كل محاولاته وفقد الشعب الثقة فيه، وهى الأهم والتى من المفترض أن يتمتع بها أى سياسى. وفى يوليو الماضى قدم وزير الداخلية العراقى «سالم الغبان» استقالته فى مؤتمر صحفى عقده فى مقر الوزارة، بعد تفجير الكرادة الدامى الذى أسفر عن مقتل ١٦٥ وجرح ٢٢٥ آخرين فى مركز تجارى مكتظ بالزائرين والمتسوقين استعدادًا لعيد الفطر المبارك..وأضاف الغبان فى حيثيات الاستقالة أنه ينتظر موافقة رئيس الوزراء على إصلاح جهاز الأمن أو قبول استقالته. ولم يكن الغبان وزير الداخلية الوحيد الذى تقدم باستقالته شعورا بالمسئولية، فهناك وزير الداخلية البلجيكى «يان جامبون» الذى عرض استقالته بعد انتقادات لعدم اعتقال «إبراهيم البكراوى»، وهو الانتحارى الذى فجر نفسه فى مطار بروكسل وكان حرًا طليقًا، رغم سجله الإجرامى السابق..ولكن رئيس الوزراء «تشارلز ميشيل» طلب منه البقاء نظرًا لوضع بلجيكا وعدم الاستقرار بها فى ذلك الوقت.
وداخليًا من أشهر الاستقالات كانت استقالة «إسماعيل فهمى» وزير الخارجية فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، الذى قدم استقالته من الحكومة على الفور عقب قرار الزعيم الراحل السادات بزيارة القدس فى عام ١٩٧٧ وقال «أعتقد أن هذه الزيارة ستضر بالأمن القومى المصرى وستضر بعلاقتنا بالدول العربية الأخرى وستدمر قيادتنا للعالم العربى، من وجهة نظره، بعد ذلك تولى محمد إبراهيم كامل حقيبة الخارجية ولم يبد أى اعتراض على زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس ولكنه قدم استقالته فى سبتمبر عام ١٩٧٨ عشية توقيع الاتفاقية بين الزعيم الراحل أنور السادات ومناحم بيجن..وقد سرد الوزير فى كتابه «السلام الضائع» بالتفصيل أسباب الاستقالة، موضحًا أن الزعيم السادات لم يكن يهتم بآراء معاونيه «من وجهة نظره» فى حين كان المسئولان الأمريكى والإسرائيلى يعودان للفريق الذى يعمل معهما فى كل شىء.
ولا يمكن أن ننسى استقالة الوزير «محمد لطفى منصور» وزير النقل الأسبق التى جعلت الكثيرين يتعاطفون معه ويشعرون أنه ظلم وتحمل أخطاء السابقين الذين لم يطوروا، ومن ثم كان الحادث الذى راح ضحيته الكثيرون وهم فى طريقهم للسفر لقضاء إجازة العيد..وقد تعرض الوزير فى ذلك الوقت لكم من الهجوم من وسائل الإعلام لم يتحملها.. فكانت الاستقالة..وأذكر أنه اعترف للمقربين أثناء سفره لباريس بعد استقالته مباشرة أنه قدم استقالته عندما قال له ابنه: لماذا تقبل كل الهجوم الإعلامى عليك بهذه الصورة وأنت رجل أعمال ناجح على مستوى العالم ولك اسم بارز؟..ولأن الأبناء هم نقطة الضعف الأساسية التى يستيقظ فيها الإنسان على كلمة واحدة «احترام ابنائى لى هو الأفضل والأهم»، كانت استقالة الوزير التى أصبحت مثار حديث كثير، خاصة أنه كان من الصعوبة أن يقدم وزير استقالته فى ذلك الوقت وما زال منصور يرفض الحديث للإعلام حتى الآن.
ولا يمكن أن ننسى خبر استقالة وزير الزراعة السابق «صلاح هلال» العام الماضى، والتى كانت بطبيعة الحال عقب تحقيقات أثبتت تورطه فى قضايا رشوة، ثم القبض عليه بعد الاستقالة وهو فى السجن الآن.. كل هذه الأطروحات تؤكد أن المسئول فى مصر لا بد أن يعى أنه محاصر ما بين مساعدين ومستشارين لا بد أن يثق فيهم ويراقبهم من حين لآخر إن أمكن، حتى لا يجد نفسه مدانًا بأى شكل من الأشكال.. ولا ينسى الشعب الذى هو جزء منه، عليه أن يبنى ثقة معه جيدة تجعل الشعب يحترم قراراته ويصدقها.. وأخيرًا الإعلام، فالمسئول الذى يجعل له ذراعًا إعلامية معينة يقع مما لاشك فيه. فالتوازن مطلوب وأنت من تحدد ذلك بجعل نفسك ولو لدقيقة فى مقعد المشاهد، وتدرك وأنت غائب فى أى مساحة وتملؤها ولا تهمل أدق التفاصيل.. فأنت مسئول وستحتاج فى يوم من الأيام من يذكرك بالخير ويترحم على أيامك..ومن يسعى للسلام عليك إذا قابلك فى مكان ما.. الاختيار بيدك أيها المسئول.. إما أن تكون محبوبًا.. أو منبوذًا.