الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

العلاقات المصرية الهندية.. تاريخ من الكفاح المشترك في العصر الحديث منذ سعد زغلول وغاندي.. علاقات تجارية وثقافية على مستوى رفيع.. كفاح مشترك ضد الاحتلال الأجنبي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت العلاقات بين مصر والهند زخمًا كبيرًا على مدار التاريخ على كافة الأصعدة التجارية والثقافية والسياسية، خاصة في العصر الحديث، حيث يربط البلدين تاريخ حافل من التعاون الثنائي وعلاقات الصداقة القوية.
ومنذ بداية القرن العشرين تأكدت تلك العلاقات في إطار الكفاح المشترك ضد الاحتلال، حيث كانت هناك اتصالات بين الزعيم المصري سعد زغلول والزعيم الهندي المهاتما غاندي لتنسيق أهداف ومبادئ مشتركة للحركة الوطنية في كل من مصر والهند تتعلق بالحصول على الاستقلال من بريطانيا من جهة، والمحافظة على الوحدة الوطنية بين مختلف طوائف الشعب المصري والشعب الهندي من جهة أخرى.
وأصبحت العلاقات السياسية أكثر رسوخًا مع قيام ثورة يوليو 1952، حيث توطدت العلاقات بين البلدين بشكل كبير، حيث نشأت صداقة قوية بين الزعيمين جمال عبدالناصر ورئيس وزراء الهند الأسبق جواهر لال نهرو، تبلورت هذه الصداقة خلال مؤتمر باندونج عام 1955 حيث تبنى عبدالناصر ونهرو نفس التوجه في السياسة الخارجية وهو توجه الحياد الإيجابي وعدم الانحياز، ونشأ عنه حركة عدم الانحياز التي شكلت قاعدة صلبة للعلاقات المصرية الهندية.
كما قدم الجانب الهندي دعمًا سياسيًا لمصر في عدد من المواقف التاريخية من أبرزها مساندتها لمصر أثناء فترة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، حيث دافع نهرو عن القضية المصرية، الأمر الذي بلغ حد التهديد بانسحاب بلاده من الكومنولث البريطاني، ومع تعرض مصر للعدوان الإسرائيلي عام 1967 أيدت الهند الموقف المصري والحق العربي في صراعه مع إسرائيل وطالبت بعودة الأراضي المغتصبة.
كما أيدت الهند مبادرة السلام للرئيس السادات في نوفمبر 1977، ووصفت زيارته للقدس بأنها شجاعة وإيجابية، واعتبرت اتفاقية السلام المصرية ـ الإسرائيلية عام 1979 خطوة أولى في طريق التسوية العادلة لمشكلة الشرق الأوسط. 
كما وصل حجم التعاون بين البلدين أعلى معدلاته خلال السنوات القليلة الماضية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2010 حوالي 1655.35 مليون دولار، بعد أن وقع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك مع رئيس الوزراء الهندي على 6 اتفاقيات عام 2008، وهي اتفاقية الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة والمهمة واتفاقية تبادل تسليم المجرمين والإعلانات المشتركة ومذكرات التفاهم لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في عدد من المجالات التجارية والدبلوماسية والقضائية والصحية والاستخدام السلمي للفضاء.
كما اتسعت دائرة العلاقات في مارس 2012، بعد اتفاق اللجنة الوزارية "المصرية- الهندية" المشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين، في ختام أعمالها بالقاهرة، على تعزيز التبادل التجاري بالبلدين، وتشكيل مجموعة عمل في مجال التجارة والجمارك، ودراسة الاستثمار المشترك في مجالات الزراعة، والتصنيع، والصناعات الغذائية، وغيرها من المجالات. 
كما اتفق الجانبان على إقامة مشروع لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لمائة منزل في عدد من القرى المصرية، وكذلك تشكيل مجموعة عمل مشتركة بين المؤسسة الهندية لأبحاث الفضاء، والهيئة الوطنية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء المصرية، للتعاون في مجالات الاستشعار عن بعد والأقمار الصناعية.
كما تعتبر الهند سوقًا كبيرة للصادرات المصرية من البترول الخام ومنتجاته، الغاز الطبيعي، القطن الخام، الفوسفات الصخري، فحم الكوك، خردة الحديد والمعادن الأخرى، الجلود المدبوغة ونصف المصنعة، اليوريا، بذور البرسيم، الإطارات، ألواح الحديد، أسلاك النحاس، الرصاص،خيوط النايلون المستخدمة في صناعة الإطارات، كما تمثلت أهم الواردات المصرية من الهند في الزيوت ومنتجات بترولية، الخيوط والغزول القطنية المصنعة، اللحوم، المركبات، السيارات، الإطارات، مضخات المياه، قطع غيار السيارات والمحركات، الشاي، الأصباغ والكيماويات، التبغ، الأدوية والأمصال واللقاحات، ورق ومنتجات ورقية.
كما تبلغ الاستثمارات الهندية في مصر حوالي 2.5 مليار دولار، وتتركز أساسًا في قطاعات الغزل والنسيج، الصناعية، تخزين البضائع المتنوعة، البترول والبتروكيماويات.
وفي المجالات الثقافية، تولي البلدان اهتمامًا كبيرًا بتنمية وتعزيز المجال الثقافى والأكاديمي تتمثل في إقامة الندوات الفكرية والثقافية بين مفكري ومثقفى البــلدين، والحرص على المشاركة المستمرة في المهرجانات الثقافية والفنية بالبلدين (أسابيع أفلام ـ مهرجانات سينما ـ المسرح التجريبي ـ الفن التشكيلي ـ الرقص والموسيقى)، كما أن هناك فرصًا لتنويع مجالات التعاون الثقافي مثل الترميم وصيانة الآثار، وإقامة معارض للآثار المصرية في الهند.
أُقيم المركز الثقافي الهندي "مولانا أبوالكلام أزاد" في القاهرة عام 1992، من أجل توسيع نطاق عرض الثقافة الهندية في مصر، ومنذ إنشائه، حظي المركز بصيت رفيع في الدوائر الثقافية والفكرية في مصر، ويضم المركز مكتبة ثرية، بها ما يزيد على 5000 مجلد، يستخدمها المترددون على المكتبة من مصريين وهنود على نحو واسع النطاق، كما ينظم المركز دورات لتعليم اليوجا، وعروضًا سينمائية، ودورات لتعليم اللغة الهندية والأردية، وفنون المطبخ الهندي، ويُعد المركز الثقافي حجر الزاوية لتنفيذ برنامج التبادل الثقافي بين البلدين الذي يعود إطلاقه إلى عام 1958 ولا يزال مستمرًا حتى الآن.