الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

فضيلة الإمام الشيخة شيرين

أذان بـ«صوت أنثوي» ومصليات بـ«أحمر الشفاه» فى كوبنهاجن

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المصليات يرضعن أطفالهن داخل المسجد.. وسيدتان تلقيان خطبة عن «البوركيني» 
فى الوقت الذى كانت جموع المسلمين تستمع فيه لخطبة الجمعة، أمس الأول، كانت هناك سيدتان جميلتان تلقيان لأول مرة خطبة الجمعة فى أحد مساجد الدنمارك، وهو الأمر الذى اهتمت به الكثير من وسائل الإعلام الغربية، ومنها «الجارديان» البريطانية، التى نشرت تقريرًا عن تلك الواقعة الفريدة تحت عنوان: «أول خطبة جمعة تلقيها امرأة».
وأوضحت «الجارديان» فى تقريرها، أن المسجد الذى استضاف هذه الظاهرة الفريدة اسمه مسجد «مريم» بالعاصمة «كوبنهاجن»، لافتة إلى أنه تم افتتاحه فى فبراير الماضي، بعد خضوعه لعمليات ترميم وتجميل واسعة، وهو، بحسب الصحيفة للنساء، فقط، رغم أنه يفتح أبوابه للرجال أيضًا.
وبدأ تقرير الصحيفة البريطانية بالتأكيد على أن «الإمامة» تعد من أهم المناصب الدينية فى المجتمعات الإسلامية، فينظر إلى «الإمام» على أنه محل الرسول، عليه الصلاة والسلام، وهناك شروط كثيرة متفق عليها حتى يصلح الشخص لذلك المنصب، أولها الإسلام، والتكليف، أى: أن يكون عاقلا بالغا، والكفاية ولو بغيره، وهى الشجاعة والجرأة، والحرية فلا يصح أن يكون عبدا، والعدالة والاجتهاد، وحسن النسب، وسلامة الجسد، إلى جانب «الذكورة»، إذ يقول العلماء إن «الإمامة» تتنافى مع طبيعة المرأة وأنوثتها، وأن عدم توليها لها هو محض رحمة ورأفة وصيانة لها.
وأشارت إلى أن الحدث هو تحد لهياكل السلطة، وربما كان إلهامًا للنساء الأخريات بالعالم، على حد قول الإمامة «شيرين خانكان»، إحدى السيدات الدنماركيات اللاتى يؤمن الصلاة فى مسجد «مريم»، الذى تخصص فيه صلاة الجمعة للنساء فقط، أما باقى أيام الأسبوع فهو مفتوح للجميع سواء كانوا رجالًا أو نساءً. 
«شيرين خانكان»، ليست إمامة المسجد فحسب، لكنها هى المؤسسة له، وهى من أصول سورية، ولدت لأب سورى وأم فنلندية، وقد اعترضت على فكرة أن يكون الإمام أو البابا رجلًا فى كل الديانات السماوية الثلاث، سواء فى الإسلام أو المسيحية أو اليهودية، «خانكان» درست الفقه الإسلامى وهى تعمل أيضا كصحفية وككاتبة معروفة بالدنمارك، الحالة التى قامت بها خانكان لاقت العديد من الانتقادات فى المجتمعات الإسلامية بجانب الكثير من الدعم والملاحظات الإيجابية، وهى تدافع عن منطقها بأن الدين الإسلامى سمح للمرأة أن تؤم الصلاة.
ومن بين الانتقادات التى لاقتها الإمامة «شيرين خانكان»، والإمامة «صليحة مارى فتيح»، فكرة الذكورة، وهى من الشروط الملزمة فى الإسلام لتكون فى الأمام، أيضا فكرة العنصرية الجنسية نفسها، إذ إن العديد من المنتقدين يرون أنه من الممكن أن يتم افتتاح مساجد للرجال فقط، وحتى الآن لم يتم تلقى أى تهديدات لمريدى المسجد من النساء والرجال أو حتى الإمامتين الرئيسيتين فيه، وهناك توسع فى المستقبل حتى يصل عدد النساء اللاتى يؤمنّ الصلاة وخاصة الجمعة إلى ٦ نساء.
المشكلة الكبرى أيضا أن الدنمارك من الدول التى تثير جدلا كبيرا فى العالم الإسلامى، خاصة أنها مشهورة بالرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، أيضا العديد من المساجد هناك بتمويلات قطرية فيما لا يتضح فى التقارير من الممول أو الجهة الممولة لمسجد النساء حتى الآن.
وبحسب التقارير البريطانية، فقد كانت أول صلاة للجمعة تؤمها امرأة فى المسجد الدنماركى مختلفة تمامًا، فقد كان هناك الكثير من العناق والقبلات، وكانت المصليات يضعن «أحمر الشفاه»، والكثير من الضحكات أيضا تصاعدت، وهناك بعض السيدات اصطحبن أطفالهن الرضع وقمن بإرضعاهم داخل المسجد، أما الدعوة للصلاة والأذان فكان بصوت أنثوى جميل وأقرب للغناء.
واحتشدت أكثر من ٦٠ امرأة فى مسجد «مريم»، وكان هناك منفذ للوجبات السريعة فى شارع المسجد وسط مدينة «كوبنهاجن»، وكان المتطوعون يعملون حتى ساعة متأخرة من ليلة الخميس لوضع اللمسات النهائية على تجديد المبنى، وقد تم تعليق الستائر واللوحات التى يكتب عليها آيات قرآنية والكثير من الزهور والشموع المرتبة.
وشاركت كل من «خانكان» و«فتيح» فى الإمامة، وقامت «خانكان» بإلقاء افتتاحية الخطبة، ثم أكملت «فتيح» من بعدها، وكان موضوع الخطبة «المرأة والإسلام فى العالم المعاصر»، وتعرضت لقضية «البوركيني»، وقالت «فتيح» للمصليات، إنه لم يتم العثور على «البوركيني» فى المحلات فى جميع أنحاء أوروبا، بعد سلسلة من الحظر فى المدن والمنتجعات الفرنسية، والتى دفعت النساء المسلمات وغير المسلمات لشرائه كتضامن منهن، وهو ما جعل هناك نقصا شديدا بسبب الإقبال الشديد عليه.
وبعد الخطبة جاءت الصلاة نفسها، وكانت هناك صفوف النساء، وربما نصفهن من أتباع الديانات الأخرى اللواتى جئن للمشاركة فى حفل افتتاح المسجد، وقمن بكل الحركات فى الصلاة الإسلامية من انحناء وركوع وسجود، والتى وصفها التقرير بأن جباههن كانت على الأرض فى مشهد نادر ومهيب بشكل ملحوظ.
وأوضح التقرير أنه فى العديد من المساجد، توجد قطاعات فقط للمرأة وعادة ما تكون صغيرة، والوصول إليها من خلال المداخل الخلفية، لافتًا إلى أنه تم افتتاح مسجد «مريم» بشكل غير رسمى فى فبراير الماضي، واستغرق الأمر ستة أشهر من إجراء مزيد من التجهيزات قبل أن تعقد أول صلاة جمعة، ووفقا لـ«خانكان» فإنهن ما زلن فى مرحلة التعلم ولكنهن قمن بالخطوة الأولى وحسب.
وفى وقت التجهيزات للمسجد شهدت الأشهر القليلة الماضية خمس حفلات للزفاف فى المسجد، بما فى ذلك بعض الزيجات بين الأديان، والتى أدت إلى استياء بعض المساجد التقليدية، كما كانت هناك بضع حالات من الطلاق، واحدة تم إجراؤها بعد صلاة الجمعة.
وقد وضع المسجد وثائق للزواج من ست صفحات تتضمن أربعة مبادئ رئيسة، هي: تعدد الزوجات ليس خيارا، للمرأة الحق فى الطلاق، سوف يلغى الزواج إذا تعرضت المرأة للعنف النفسى أو الجسدي، وفى حالة الطلاق، فإن النساء لها حقوق مادية أكبر من الأطفال الناتجين عن ذلك الزواج.
«خانكان» تقول إن الشعائر العديدة للإسلام لا تزال يهيمن عليها الرجال، وهى غير متساوية أيضا فى الكاثوليكية واليهودية، مشيرة إلى أن ما يقمن به هو لتحدى «التفسيرات الأبوية للقرآن»، وتعزيز القيم التقدمية الإسلامية، ومواجهة تنامى ظاهرة كراهية الإسلام التى تدعى بـ«الإسلاموفوبيا».
وهى ترى أنه من الممكن تغيير الهياكل الذكورية، إلا أنها رحلة طويلة ومحفوفة بالمخاطر والمعارضة، وكشفت «خانكان» أن الردود والتعليقات الإيجابية على ما يقمن به جاءت من باكستان وإيران وأوروبا وتركيا والعديد من الدول العربية.