الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

عطاشى خلف ملاعب الجولف.. 40 ملعبًا في مصر للأثرياء ورجال المال.. 600 مليون متر مكعب مياه عذبة استهلاكًا سنويًا.. وعشرات القرى بالمحافظات محرومة من مياه الشرب.. مائيون: ترفيه في زمن التقشف المائي

العطش فى مصر
العطش فى مصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مصر التانية، ملاعب جولف وترفيه وكماليات لصالح رجال المال والأعمال والأثرياء على حساب الفقراء العطاشى بالمحافظات الذين يبحثون عن قطرة مياه شرب، مفاجأة حكومة المرحلة، استمرار منح التسهيلات في التوسع في ملاعب الجولف بالمدن الجديدة في وقت تهدد فيه مصر من جانب إثيوبيا بتخفيض حصتها السنوية من المياه، باقي المفأجاة، 40 ملعب جولف في مصر، يشغلون آلاف الأفدنة من الأراضي الزارعية، تستهلك أكثر من 600 مليون متر مكعب مياه عذبة سنويا، تكفي لاحتياجات وري عطش مليون شخص، معظمهم في قرى الفقر البعيدة بالمحافظات والمعروفون بـ"العطاشى". 

في تصريح سابق للمهندس أمين اباظة وزير الزراعة الأسبق، عام 2010، قال: إن المنتجعات السياحية بما فيها ملاعب الجولف لا تتخطى 40 ألف فدان، في حين قال مصدر متخصص في المساحة: إن مساحة ملاعب الجولف في مصر وصلت إلى أكثر من 7 آلاف فدان، في حين أكد رئيس اتحاد الجولف ايمن حسن في تصريح سابق له أن الملعب الواحد يحتاج إلى 100 فدان لإقامته، فيما أكد متخصصون أن الملعب الواحد يتكلف ما يقارب الـ 150 مليون جنيه لإقامته.
المعلومات تقول: إن عدد ملاعب الجولف في مصر بلغ نحو 40 ملعبا، مقامة في مناطق القاهرة الجديدة و6 أكتوبر والساحل الشمالي وجنوب سيناء والبحر الأحمر والقطامية وغيرها، وأبرز هذه الملاعب "ملعب غولف "قطامية هايتس، أرض الجونة للغولف، الغولف في بورتو مارينا، مدينة أمارنتي جولف، ملعب الجولف في ميراج سيتي، ملعب جولف أليجريا، ملعب جولف ومنتجع جولي فيل، ملعب غولف القطامية، ملعب غولف ستيلا دي ماري، ملعب غولف شتايجنبرجر الداو، منتجع Steigenberger للجولف، منتجع الجولف بمرتفعات طابا، منتجع جولف الشلالات، منتجع دريم لاند للجولف والتنس، منتجع مدينة مكادي للغولف، منتجع وفندق فينيس غولف، نادي الإسكندرية الرياضي، نادي الجزيرة الرياضي، نادي الغولف في الوادي الملكي، نادي جولف بحيرات البرتقال "وقالت دراسة صادرة عن الصندوق العالمي للحياة البرية أن ملعب الجولف الواحد الذي يحتوى على 18 حفرة فقط يستهلك كمية من المياه تقدر بـ 700 ألف متر مكعب سنويا وهذه المياه كافية لاحتياجات 15 ألف نسمة سنويا، فيما رأى خبراء المياه أنها تستنزف مياه الخزان الجوفي استنزافا شديدا.
فيما أكد مصدر في الهيئة القومية للاستشعار عن بعد أن هناك صور للأقمار الصناعية عام 2011 أثبتت أن هناك توسعات في إقامة حمامات السباحة وملاعب الجولف في مناطق القاهرة والأقصر والبحر الأحمر، مؤكدا انها تستهلك كميات كبيرة من المياه ويفقد معظم المياه فيها عن طريق عمليات البخر.

هنا يقول الدكتور نصر علام وزير الري الأسبق: إن استهلاك الفدان الواحد في ملاعب الجولف ضعف استهلاك فدان الأرز بما يساوى 15 ألف متر مكعب للفدان الواحد، إضافة إلى انها ليست رياضة شعبية بل هي رياضة رجال الأعمال وهذه الملاعب لا تستخدم للرياضة أكثر من استخدامها كمنظر جمالي ومعظم مستخدميها اجانب.
وأضاف علام، أن وجودها مهم ولكن في اضيق الحدود، مضيفا أنه لو كانت مساحة ارضى ملاعب الجولف في مصر 40 ألف فدان فهذا يعنى أنها تستهلك 600 مليون متر مكعب مياه في العام موضحا أنه يعتقد أن المساحة أكبر من 40 ألف فدان، مضيفا انها لو وصلت لمليار متر مكعب فهذه الكمية من المياه تكفى لشرب مليون إنسان. 

وأكد الدكتور خالد غانم أستاذ العلوم البيئية والزراعات العضوية والمستدامة بجامعة الأزهر، أن ملاعب الجولف تستهلك كميات كبيرة من المياه وخاصة مع حاله الفقر المائي التي تواجه مصر حاليا من جراء ظاهرة التغيرات المناخية وما يتبعها من ارتفاع في درجات الحرارة وزيادة موجات الجفاف ومن ثم زيادة حاجة المحاصيل الزراعية للمياه وكذا من بناء سد النهضة وما يتبعه من انخفاض حصة مصر من المياه. 
أضاف غانم، في مصر لا توجد إحصائيات يمكن الاعتماد عليها عن أعداد ملاعب الجولف ومساحاتها، مضيفا أن الأرقام حول استهلاك المياه بملاعب الجولف مفزعة فعلى سبيل المثال قدر مجلس ترشيد استهلاك المياه بجورجيا متوسط استهلاك ملعب الجولف داخل الولايات المتحدة للمياه نحو 50 مليون جالون من المياه في السنة وهي كمية توازي 189 ألف متر مكعب من المياه، وفي المنطقة العربية يتجاوز استهلاك ملاعب الجولف هذا الرقم بمراحل، فقد قدرت إحدى منشورات المنتدي العربي للبيئة والتنمية " أفد" حاجة كل ملعب جولف في المنطقة العربية خاصة مصر ودول الخليج يصل إلى 1، 3 مليون متر مكعب سنويًا وهذا يكفي لتغطية استهلاك 15 ألف شخص من المياه.
وطالب غانم بوقف تمدد هذه الملاعب وتغيير نظم ريها، ومنع ريها من المياه العذبة، أو تلك التي يتم تحليتها نظرا لارتفاع ثمن التحلية، ورأى أن المياه الرمادية المعالجة يمكن أن تستخدم في ملاعب الجولف، وتتولد على المستوى المنزلي من بلاعات المطبخ وأحواض الاستحمام وغسالات الملابس والصحون وتختلف عن مياه الصرف الصحي المعروفة بالمياه السوداء، وقد أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أمان هذه المياه وامكانية استخدامها في الزراعة وإنتاج بعض المحاصيل ومنها الخضروات بشروط معينة، مؤكدا أن هناك تجاربا ناجحة لاستخدام تلك المياه في عدد من الدول العربية مثل الأردن واليمن وفلسطين ولبنان.


ورأى الدكتور مغاورى شحاتة، استاذ المياه ومستشار وزير الري الأسبق، أن هذه الملاعب ستؤثر على كمية المياه بلا شك، وأغلب الأراضي التي أقيمت عليها ملاعب الجولف كانت في الغالب أرض زراعية واستغلها المستثمرين لأغراض سياحية وكان الفدان يستهلك مياه تقريبا 13 ألف متر مكعب سنويا وهو يعادل ضعف كمية المياه التي يأخذها الأرز وستة أضعاف الكمية التي يأخذها القمح، مضيفا أنه من المفترض أن يتم حظر بناء هذه الملاعب لكن يتضح أن اصحابها أقوى من الدولة، مضيفا أنه كما اتخذنا قرار بعدم تصدير الأرز لابد من أخذ قرار بعدم التوسع في ملاعب الجولف لأنها تهدر المياه.

وأوضح الدكتور جمال صيام، استاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، أن هناك الكثير من البحيرات الصناعية الجبارة داخل منتجع السليمانية وغيرها، مضيفا أن استهلاك المياه لا بد من معالجته معالجة شاملة واتخاذ إجراءات شديدة وقاسية جدا، مضيفا أنه لابد من المحافظة على خزانات المياه الجوفية واستغلالها في استصلاح الأراضي بدلا من اهدارها في ملاعب الجولف في وقت لدينا فيه قرى وأراضي زراعية تموت عطشا ولا تجد قطرة ماء، متسائلا هل يعقل أن اثرياء مصر يستمتعوا بثروة مصر من المياه العذبة وفقرائها الذين يعدون بعشرات الملايين لم يجدوا قطرة ماء ؟ والحل يكمن في تسعير المياه لهؤلاء الناس تسعيرا يحجم من استخدامهم للمياه.