الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فى انتظار قلاقل جديدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اللغط الذى رافق الإعلان عن اتفاق تمنح إيران بموجبه روسيا قاعدة همدان الجوية العسكرية، بعضه لا يستحق أن يناقش بجدية رغم انشغال وكالات الأنباء بتداوله، مثل القول بأن البرلمان عارض وعطل الاتفاق. فالبرلمان فى إيران لا يستطيع منع مثل هذه الاتفاقيات، وما يقال حوله مجرد هراء.
من يعرف تراتبية القرار الحقيقى فى سلم الحكم الإيرانى يعلم جيدًا أن القرارات العليا فوق سلطة البرلمان، والوحيد القادر على منعها هو آية الله خامنئي. وبرلمان إيران، مثل معظم برلمانات منطقة الشرق الأوسط، جزء من الديكور السياسي. وما اعتذار رئيس الأمن القومى على شمخانى، والمسئول عن العلاقات مع روسيا، عن تصريحاته، التى قللت من أهمية اعتراض البرلمان، إلا لأنه أحرج النظام السياسى عندما قال الحقيقة. وبعد أن نبهه رئيس البرلمان إلى «آداب الحكم» صحح الوزير لغته، وقال إنه لم يقصد إهانة المجلس التشريعي. الخلاف مجرد زوبعة فى فنجان، والبرلمان ليس من أعاق الاتفاق الاستراتيجى مع موسكو.
الأمريكيون يقولون لا، الروس ولا الإيرانيون صادقون، فالتعاون والقاعدة الجوية والعمل تسير كما كان.
إذا افترضنا أن التراجع صحيح فما الذى حدث؟
يقول رئيس البرلمان على لاريجانى إن روسيا توقفت عن استخدام قاعدة همدان، وأنهت نشاطاتها العسكرية فوق التراب الإيرانى، وهى رواية من الهين إثباتها أو نفيها، لأن الأمريكيين يرصدون قاعدة همدان وسينشرون صور وجود القاذفات الروسية عليها إن وجدت، خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
إن كان تراجع الروس، أو الإيرانيين، عن الاتفاق الاستراتيجى، صحيح، فالأرجح أنه قد يعود لاستشعار موسكو خطأ توسيع العلاقة إلى تحالف مع طهران. فقد تشكل تكتل كبير من الحكومات العربية نتيجة مواقف الرئيس الأمريكى باراك أوباما السلبية، وتوجه إلى رفع مستوى علاقاته مع حكومة فلاديمير بوتين، مثل السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت ومصر والمغرب والأردن. جميعها اتجهت شرقًا بعد أن قرر أوباما التصالح مع إيران على حساب أمن هذه الدول ومصالحها، ولم أذكر بقية الدول العربية لأن علاقاتها مع روسيا جيدة قبل ذلك.
هذا التكتل العربى يحاول موازنة العلاقة مع نظام طهران، ومع أن معظمه يختلف مع روسيا فى حربها فى سوريا، وضد تقاربها مع إيران، فهو يسمح بهامش من الاختلاف الضرورى فى مناخ العلاقات الدولية المعقد. إنما عندما تصبح موسكو حليفًا عسكريًا رئيسيًا لإيران من المتوقع أن يقلص من تقاربه، ويعيد النظر فى حساباته وعلاقاته. المعادلة السياسية بسيطة، من يقترب من إيران يبتعد عن العرب.
التقارب الروسى الإيرانى سيتسبب فى عودة المجموعة العربية إلى واشنطن بعد الانحراف قصير الزمن، وسيرفع من وتيرة القلاقل فى المنطقة، فى وقت قد لا يكون حماس الروس هنا سوى تأمين للعبة الأكبر فى مناطق نفوذهم الرئيسية فى آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية.
نقلًا عن العربية نت