الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

جماعات البربر في مصر.. قبائل أمازيغية تسكن واحة سيوة.. يعتنقون الإسلام ويعيشون حياة بتقاليد وطقوس خاصة.. زويلة وغريان وهوارة وترهونة ومجريس أشهرالقبائل.. وعددهم 25 ألف نسمة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في كتاب الأمازيغ، حكايات وقصص وروايات، أسخن تلك القصص، حكاية "شيشنق" زعيمهم الأول الذي هزم جيوش الفرعون، في واحة سيوة الواقعة على بعد 560 كيلو متر مربّع من العاصمة القاهرة تعيش الأمازيغ حياة شديدة الخصوصية في جماعات منتشرة في 11 قبيلة، أشهرها زويلة وشعرية وغريان وترهونة ومجريس وهوارة. 

لهجة الأمازيغ هي اللهجة السيوية، ويشكلون نحو 15% من سكّان شمال أفريقيا، ويصل تعدادهم في مصر بين 23: 25 ألف نسمة، يقطنون الواحة، وتقل نسبة الناطقين بالأمازيغية كلغة أم في مصر عن 10%. 
و"السيوي" هم المجموعة العرقية الأمازيغية المتواجدة في مصر، ويوجد عدد كبير من الأمازيغ في قنا ينتمون لقبائل الهوارة، تعتبر العادات والتقاليد الاجتماعية للأمازيغ من روافد التأثير الإسلامي للأمازيغية، فقد اتخذوا منها وسائل للتلقين والاستيعاب والفهم، ومن أهم العادات التعليمية للأمازيغ «التعليم الليلي» و«عرس القرآن» و«بخاري رمضان» و«المولد النبوي» ثم «أدوال» بنوعيه: النزهة والسياحات.
عاش الأمازيغ المصريون في "شالي" كما يحبون أن يطلقوا عليها- أو واحة سيوة وما حولها- في مجتمع قبلي على هيئة قبيلة، لها مضارب ولها شيخ، وتنتقل مشيخة القبيلة عند الأمازيغ المصريين بالوراثة خاصة إذا كان المرشح لمشيخة القبيلة متعلمًا وعلى قدر من الثقافة.
والأمازيغ كلهم مسلمون، ومتمسكون بدينهم رغم دخولهم في الإسلام متأخرين عن بقية المصريين، وهم من أكثر الشعوب دماثة في الأخلاق وهدوءًا وانغلاقًا على أنفسهم، محبين ومرحبين بالغريب رغم فقرهم النسبي، يتحدثون العربية ويتمسكون بلغتهم الأصلية الأمازيغية، ودائما يلازمهم الشعور بالغربة والضعف في مجتمع لا يعترف بهم، ويحترف الأمازيغ الزراعة.
"على أي حال أمازيغ مصر، لم نكن نعلم عن وجودهم بين المصريين كأقلية عرقية شيء حتى يناير 2011، لتبدأ حقبة جديدة في تواجدهم حيث بدأ الظهور الإعلامي لبعض رموزهم، وتعالت أصواتهم بما لم يكن ممكنا قبل يناير 2011 ثم يونيو 2013، بالتمكين الثقافي والاعتراف بوجودهم، وقد حرصوا على وجود نص دستوري بذلك وهو ما تم بالفعل بإقرار المادة 50 في الدستور والتي جاء في نصها "تولي الدولة اهتمامًا خاصًّا بالحفاظ على مكوّنات التعدّدية الثقافيّة في مصر"، لكن تظل علامات الاستفهام والشبهات تدور حول وجودهم وتطلعاتهم وربما أجندات بعضهم.
ولمن لا يعرف من هم الأمازيغ يرجع إلى مؤلفات بعض مؤرخيهم المشهورين أمثال عبد الرحمن بن خلدون، وهو أمازيغي الأصل وكتب عنهم أنهم كنعانيين من ولد كنعان بن حام بن نوح عليه السلام، فالكنعانيون ليسوا عربا، وليسوا من أبناء سام، وهو ما يفسر حالة الشد والجذب الدائم بينهم وبين كل ماهو عربي ليصل إلى درجة "العداء" أحيانا، ما يجعل أماني "الوشاحي" أشهر رموزهم في مصر، تدعي أن شخصية "طارق بن زياد " الذي فتحت على يديه الأندلس بمعاونة الأمازيغ لم يكن شخصية حقيقة، وإنما من اختراع الأمويين نكاية في موسى بن نصير القائد المعروف، وتذهب لأبعد من ذلك إلى أن التابعي والقائد عقبة بن نافع مجرم حرب.

وعن وجودهم في مصر، يختلف المؤرخون حيث يرجعهم البعض إلى ما قبل التاريخ في عهد الفراعنة وتحديدا الأسرة 21 والتي أسسها الملك "شيشينق" الأمازيغي الأصل، والبعض يرجع وجودهم إلى ما بعد انتشار الإسلام، حيث دخلوا مع القائد الفاطمي "جوهر الصقلي" الذي أسس القاهرة الفاطمية، بمساعدة قبيلة "كتامة" الأمازيغية والتي تتبع المذهب الشيعي الإسماعيلي، وكانت منازلهم في القاهرة بحارة كانت تسمى حارة كتامة، كما جاءت قبائل أمازيغية أخرى منها قبيلة "زويلة" وأطلق اسمها على إحدى بوابات القاهرة الفاطمية المعروفة الآن بباب زويلة، وقبيلة "شعرية" التي أطلق اسمها على بوابة أخرى للقاهرة والمعروفة الآن بباب الشعرية، وهناك قائد أمازيغي اسمه سعادة أطلق اسمه على منطقة بالجمالية اسمها درب سعادة، ومن أشهر القبائل الأمازيغية التي جاءت إلى مصر في هذا العصر قبيلة هوارة، الذين سكنوا صعيد مصر. 
هنا يقول المؤرخ والباحث في أنساب قبائل الأمازيغ طارق جهلان: إن في مصر نحو 12 مليون شخص ذوي أصول أمازيغية، في حين "لا يزيد عدد الناطقين بالأمازيغيّة عن 30 ألفًا، هم سكان واحة سيوة". 
ومن يراقب نشاط الأمازيغ في مصر يحتار بين اتجاهين الأول تمثله المتحدثة باسمهم "أماني" الوشاحي"، والتي يمكن بسهولة من خلال تتبع تصريحاتها وصفحتها على "فيس بوك"، اكتشاف أنها دائمة التأييد والانتماء لكل ما هو أمازيغي على حساب كل ما هو عربي، وربما "كل ماهو مصري" حتى وإن كان المعلن غير ذلك، يكفي أنها جعلت من علم دولة أمازيغ القبائل البروفايل الخاص بصفحتها بدلا من صورتها الشخصية، إضافة إلى تأييدها المطلق لكل الأنشطة التي يقوم بها الأمازيغ في بلاد الشمال الأفريقي، ما يعطي انطباعا "غير حقيقي" عن أمازيغ مصر أن هواهم وقلوبهم وانتمائهم خارج مصر، ما جعل نشطاء من أمازيغ "سيوة" يتبرأون منها، ويستنكرون تصريحاتها وأنشطتها. 
وهنا يكشف "محمد عمران جيري" الناشط الأمازيغي، أن أماني لا تمثل أمازيغ سيوة ولا تمثل إلا نفسها، وهي تتحدث باسم الأمازيغ رغم أنها ليست من مواليد سيوة، ولم تقم بزيارة الواحة إلا مرات معدودة، وتابع: "هي تعلي من النعرات العرقية لتحقيق أجندات خارجية، وهذا خط أحمر ممنوع الاقتراب منه".
وأكد "جيري"، أنه تقابل معها في سيوة، لافتا إلى أن كل من في سيوة يرفضون إثارة أي نعرات تضر بمصالح مصر والشعب المصري، قائلا: "لا يجب أن نعطي الفرصة لأي مخطط لتقسيم مصر كما حدث في عدد من الدول العربية في الفترة الماضية، ولا نحب أن ينظر إلينا كأقلية عرقية؛ ولكن نحن "مواطنون مصريون".
وعلق الناشط السيوي على ما يعرف باسم الكونجرس العالمي للأمازيغ وقال: "هو أشبه بمنظمة صهيونية يهودية تدعم ندوات ومؤتمرات وأنشطة تسعى لإعلاء النعرات الطائفية والتمييز العرقي ومن ثم الانجراف في اتجاه مخططات التقسيم "، معلنا أن سكان سيوة، كانوا يتعاملون معنا على أننا مصريون وأبناء الواحة "زيهم زينا" حتى جاءت أماني الوشاحي، فبدأوا يعرفون ويسمعون لأول مرة عن كلمة "أمازيغ".
وفي ذات السياق تساءل "أحمد باكور"، ناسط سيوي أمازيغي حول من يقف وراء الظهور الإعلامي لأماني الوشاحي للحديث في اتجاه الفتنة، رافضا هذا الاتجاه، رافضا كذلك الحديث عن أمازيغ سيوة باعتبارهم أقلية عرقية مختلفة في اللغة والثقافة عن باقي المصريين، قائلا: "ليس من مصلحتنا أن نسير في ذلك الاتجاه الذي يوصل لمخططات الانفصال".
وطالب "باكور" ممثلة أمازيغ مصر، بأن تكف عن الحديث باسم الأمازيغ في مصر، قائلا: "هذا قد يسيء البعض تفسيره ويضر بالأمن القومي المصري "، مؤكدا أنه لم يتقابل معها حتى الآن وربما لم تزر سيوة ألا مرة أو مرتين. 
واجهنا "أماني الوشاحي" ممثلة أمازيغ مصر والمسئولة عن ملفهم في الكونجرس العالمي للأمازيغ بكل ما سبق وردت، "سواء اعترفوا بي أو لم يعترفوا فهذا لن يغير من الأمر شيء " وتابعت:"، الدولة تعترف بي كممثلة للأمازيغ، كما أنها نائبة الكونجرس العالمي للأمازيغ وهي منظمة دولية معترف بها من قبل الأمم المتحدة..
يذكر أن أمانى الوشاحى نائب رئيس منظمة الكونجريس العالمى الأمازيغى لملف أمازيغ مصر، مواليد مدينة بورسعيد من أب مغربي وأم نصف أمازيغية ونصف مصرية من أمازيغ الريف وتحديدا من قبيلة فرخانة، أسست في يوليو 2010 «الشبكة المصرية من أجل الأمازيغ»، والتي تعد أول كيان في مصر يعمل من أجل الأمازيغية، وفي يونيو 2013 أسست «مركز ميزران للثقافات المحلية»، وهو أول مركز من نوعه في مصر والشرق الأوسط، والأخير يعمل من أجل الحفاظ على الثقافات المحلية باعتبارها جزءًا من الثقافة المصرية مثل (الأمازيغية والنوبية والقبطية والكردية والأرمنية والبجاوية)، وتؤكد أن من بين أشهر الشخصيات الأمازيغية المصرية اللواء عمر سليمان والزعيم مصطفى كامل ومحمد حيدر باشا.