الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الملاذ الآمن لـ"داعش"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يصادف تنظيم داعش نجاحا كبيرا في تجنيد متشددين من بين الأعداد الكبيرة من السكان المسلمين في جنوب شرقى آسيا.. ولكن ماذا سيحدث عندما يتم تدمير عواصمه في سوريا والعراق، ويحاول المئات من المقاتلين الأجانب من إندونيسيا وماليزيا والفلبين العودة إلى الديار؟ يرى الخبراء هنا في أستراليا أن تحدى مكافحة الإرهاب مشكلة إقليمية، وليس مجرد محنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. وهم يخشون من مرحلة خطيرة جديدة محتملة، مع بحث المتطرفين عن ملاذات جديدة.. تواصل الحكومات في جنوب شرقى آسيا العمل بهدوء مع الولايات المتحدة، وبعضها يعمل مع الأمريكيين منذ ما يزيد على عقد من الزمن، لمراقبة ومحاولة القضاء على الجماعات المتشددة، وقد حققوا نجاحا كبيرا.. ساعدت الولايات المتحدة في تدريب وحدة بالشرطة الإندونيسية يطلق عليها «الوحدة ٨٨» التي قضت إلى حد بعيد على الجماعة المتطرفة، فرع تنظيم «القاعدة» المسئول عن تفجيرات بالى في ٢٠٠٢.. التي قتلت ما يزيد على مائتى شخص.. ولكن السجون والأحياء العشوائية وعصابات الشباب في جنوب شرقى آسيا، توفر حاضنة بيئية يمكن للإرهاب من خلالها أن ينمو من جديد، على حد قول الخبراء.. ولقد حاول عملاء «داعش» في سوريا التواصل مع هؤلاء المتشددين المحتملين، كما حدث في التفجير الذي ضرب جاكرتا في يناير وقتل ٨ أشخاص، والذي أعلن التنظيم مسئوليته عنه.. ترفض الغالبية من مسلمى جنوب شرقى آسيا العنف، ولكن التخطيط لاعتداءات تسقط كثيرا من الضحايا، لا يحتاج لأكثر من مجموعة صغيرة.. قالت سيدنى جورج، مديرة معهد تحليل سياسة النزاع الذي يتخذ من جاكرتا مقرا له، في كلمة لها في إبريل في أستراليا: «لدينا نشاط في أوساط الجماعات المتشددة يفوق نظيره في أي وقت خلال السنوات الـ١٠ الماضية».. المحفزون المحتملون على العنف هم المتطرفون الذين سافروا من جنوب شرقى آسيا إلى سوريا والعراق.. ويقدر الخبراء أن شبكة المقاتلين الأجانب هذه تشمل ما يصل إلى ٥٠٠ أو ٦٠٠ إندونيسى و١١٠ أستراليين، ونحو مائة ماليزي، وعددا صغيرا من الفلبينيين.. وتعد هذه المجموعة من جنوب شرقى آسيا أكبر بكثير من العدد الذي سافر إلى أفغانستان للانضمام لـ«القاعدة» قبل سبتمبر ٢٠٠١.. وفى العراق وسوريا، قاتل المتطوعون وقتلوا.. قال آرون كونيلي، الزميل الباحث في لوى إنستيتيوت، وهو مركز أبحاث السياسة الخارجية في سيدني، يخشى الخبراء ٣ من عوامل المخاطرة التي يمكن أن توسع نطاق الشبكات الإرهابية الصغيرة حاليا في جنوب شرقى آسيا: إعلان فرع لتنظيم داعش في منطقة الغابات التي تنعدم فيها سيادة القانون بجنوب الفلبين، وتجنيد متطوعين جدد لـ«داعش» في الجيش الماليزي، وتحرك عنفى من جانب السجناء المفرج عنهم في إندونيسيا.. اقترح مقاتلو «داعش» من جنوب شرقى آسيا إقامة خلافة مزعومة في الفلبين، في فيديو تم نشره في يونيو يمكن لهذه المنطقة أن تصير ملًاذا للمتطرفين؛ فثمة ثورة يقودها المتطرفون تستعر تحت الرماد هناك، منذ قرن ضد الحكومة التي يهيمن عليها الكاثوليك.. في الفيديو الذي تم تسجيله في مدينة الرقة السورية، وترجمه موقع «سايت إنتليجنس غروب»، حث أبو عبدالرحمن الفلبينى أنصاره أن «اقتلوا الكفار حيث ثقفتموهم.. ولا تأخذكم بهم رحمة».. وفى ماليزيا، كان الجيش مصدر تجنيد مثير للقلق.. قال وزير الدفاع الماليزى للبرلمان العام الماضى إن ما لا يقل عن ٧٠ من أفراد الجيش السابقين تطوعوا بالانضمام لـ«داعش».. ولطالما كانت السلطات الماليزية تنظر بعين الارتياب إلى المساعدات الغربية، ولكنها تعمل الآن منذ العام الماضى مع الولايات المتحدة وأستراليا على احتواء مثل هذه النشاطات المتطرفة.. أما في إندونيسيا فقامت الشرطة بحملة أمنية مشددة ضد المتشددين فقتلت وسجنت كثيرا من القياديين.. ولكن كما هي الحال في العراق وسوريا، كانت السجون تربة خصبة للتطرف.. واستنادا إلى أبحاثها في جاكرتا، تدفع السيدة جونز في دراسة صدرت مؤخرا أن «نظام السجون حيث تحاك المخططات، ويجرى الترتيب لسفر أنصار (داعش) بعد تجنيدهم يحتاج لعناية عاجلة».. ويخشى الخبراء أن ما يصل لمائتين من المتشددين السابقين من المنتظر الإفراج عنهم من السجون الإندونيسية قريبا.. منذ ما يقرب من ١٥ عاما والولايات المتحدة تمول في هدوء جهود مكافحة الإرهاب في جنوب شرقى آسيا.. ولفتت دراسة نشرها مركز مكافحة الإرهاب في و«يست بوينت» العام الماضى أن الولايات المتحدة قدمت مساعدات بقيمة ٤٤١ مليون دولار إلى الفلبين، ذهب معظمها للجيش، و٢٦٢ مليون دولار لإندونيسيا، ذهب معظمها للشرطة.. وتبدو جهود الشرطة رهانا أفضل: زادت الهجمات الإرهابية في الفلبين بواقع ١٣ ضعفا بين ٢٠٠٢ و٢٠١٣؛ وتراجعت الهجمات بنسبة ٢٦ في المائة على مدى الفترة نفسها في إندونيسيا.. قد يخسر «داعش» خلافته المزعومة في سوريا والعراق، لكن يمكن أن يكون هناك تأثير مرتد عبارة عن تهديد تطرفى أكبر في الدول التي يعود إليها المقاتلون الهاربون.
نقلًا عن «الشرق الأوسط»