الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عريس كمين الرفاعي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان يخشى أن يلفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن يسجل لنا وللعالم ما حدث من بطولة وتضحية واستماتة للحفاظ على الأرض وتراب الوطن، ما حدث فى ذلك الكمين ملحمة بطولية مصغَّرة لا يمكن تجاهلها أو إغفالها، وما فعله جنودنا الرجال البواسل سواء من استشهد أو أصيب أو نجا منهم بطولة لا تكفيها أو توفيها أوسمة العالم ولا أى تكريم، ولا بد لكل مصرى أن يعرف ما جرى هناك، ليدرك حقيقة ما هو جيش مصر ومن هو الجندى المصرى، بداية الأحداث منطقة الشيخ زويد ورفح على الطريق الدولى بطول ٢٠ كيلو مترًا، ويقع كمين الرفاعى فى منطقة مهمة تتحكم فى عدَّة محاور جنوب الشيخ زويد، يضم ٢٣ فردا من القوات المسلحة (قائد-جنود) كانوا على موعد مع الخونة فى ١ يوليو ٢٠١٥ تمام الساعة ٧ صباحا كان الهدوء يسود المنطقة التى كانت تخلو من أى مارة أو تحركات، وفجأة شق الصمت صوت محرك سيارة قوى يدل على سرعتها العالية وحمولتها، وارتفاع صوتها شيئا فشيئا دلَّ على اتجاهها صوبهم، فانتبه أفراد الكمين وتحفزوا، فوجدوها سيارة نقل حمولتها الزائدة واضحة من الصوت، قادمة بسرعة جنونية من ناحية التجمع السكنى للأهالى فى اتجاه الكمين على بعد ٧٠م، فأطلق الجنود طلقات تحذيرية لتتوقف، لكنها تابعت سيرها، فبدأ التعامل الفورى المباشر معها، وكانت المفاجأة أن الطلقات كانت ترتد ما دل أنها مصفحة ضد الرصاص ما عدا فتحة للسائق، وكانت ترجمة الموقف الفورية أن السيارة مصفحة ومفخخة وتستهدف الكمين والقوة الموجودة فيه، وكانت قد وصلت لمسافة ١٠٠متر، وكان على القائد والقوة اتخاذ القرار فى جزء من الثانية، فتحرك اثنان من الأبطال دون تردد أو تفكير، الأول البطل الجندى أحمد عبد التواب الذى قفز فوق مقدمة السيارة ليحاول إدخال ماسورة سلاحه فى الفتحة التى تساعد السائق الانتحارى أن يرى منها الطريق، وأطلق النار عليه، وهو يعلم أنه فى جميع الأحوال ميت سواء قتله أو انفجرت السيارة، ولكنها عقيدة الجيش المصرى النصر أو الشهادة، وفى نفس التوقيت كان البطل الجندى حسام جمال الدين يجرى بجانب السيارة مطلقا النيران عليها، محاولا أن يجعلها تنفجر فى أبعد نقطة قبل أن تصل للكمين، ونجح فى تفجير السيارة المفخخة على بعد ٧٥ً متراً من الكمين، والثمن كان حياتهما، وكانت لحظة الانفجار هى إشارة التحرك للإرهابيين، فانهالت حوالى ١٤ دانة هاون، ولكن تمركز قواتنا فى المواقع الدفاعية واستعدادهم نتج عنه سقوط شهيد فقط (الشهيد الثالث)، وإصابة قائد الكمين بشظية فى الوجه الذى قام بأخذ حفنة تراب ووضعها على جرح وجهه ليكتم نزيف الدماء ويواصل القتال، حاصرت سيارات الإرهابيين الكمين شرقًا وغربًا وصعدوا فوق أسطح البنايات السكنية وهم يطلقون الأعيرة النارية بصورة متواصلة ومكثفة، وقام قائد الكمين الملازم أول أدهم الشوباشى بتقسيم دفاعاته فى اتجاه دائرى، واستمر هجوم الخونة وسقط الشهيد الرابع الذى كان ضمن مجموعة الدفاع أسفل المبنى، وأصيب جندى آخر فى ذراعه اليمنى، وطلب أن يواصل ويتعامل بيد واحدة، وقتل منهم أربعة، واستقرت رصاصة غادرة فى جمجمته، واستشهد الشهيد الخامس، حتى الساعة العاشرة والنصف والاشتباكات مستمرة، وبعد سقوط الشهداء أعاد قائد الكمين توزيع الجنود وإطلاق النيران بكثافة أكبر كى لا يشعروا بضعف القوة أو نقص عددها، وفجأة أصيب القائد أدهم فى قدمه وكتم هو الآخر جرحه بالرمال وواصل الاستبسال فقاموا بتصويب قذيفة (آربى جى) نحوه، وأطاحت به الموجة الانفجارية العنيفة حوالى ٢ متر فى الهواء، وأصيب إصابات بالغة فى الحوض والفخذ الأيسر، وقاربت الساعة الثانية عشرة ظهرا، وظن الإرهابيون أن المهمة نجحت ودفاعات الكمين سقطت، وأنها اللحظة المناسبة لاحتلال الكمين، لكن لأن عقيدة الجندية المصرية راسخة زحف الضابط إلى صندوق القنابل اليدوية، ثم وصل إلى حافة المبنى، وبدأت القنابل تنهمر عليهم كالمطر لحظة اقترابهم، ولأنهم يتحركون فى مجموعات بعكس قواتنا المسلحة، فالجندى يقاتل بمفرده كتيبة كاملة، فكان يسهل إلحاق أكبر الخسائر بهم فتساقطوا كأوراق الشجر، ورغم أن ٨ جنود فقط كل ما تبقى من القوة إلا أنهم ظنوا أن هناك العشرات والعشرات يقاتلونهم، حاولوا الصعود إلى سطح الكمين فكانت النتيجة فشلهم وسقوط ١٢منهم، ووصلت قوات الدعم بقيادة الرائد كريم بدر التى اشتبكت مع الإرهابيين على مدار ٤ ساعات، وهى فى طريقها لدعم الكمين ونجحت فى تصفية الكثير منهم، وسقط من القوات شهداء إلى أن وصلت للكمين، واشتبكت مع العناصر، وأحدثت بهم خسائر كبيرة، وفقد الرائد كريم ذراعه اليسرى فحمل سلاحه بيده اليمنى، وظل يقاتل، وبعد أن انسحب المجرمون عادوا فى ٦ سيارات «دفع رباعى» ليحملوا جثثهم، فكان الضرب على السيارات التى تعطلت ففروا كالفئران، وقام الضابط كريم باستدعاء قوات دعم فى الواحدة والنصف ظهرا التى تحفظت على السيارات و٥٦ جثة للخونة، وتوجهت قوات الدعم الأخرى لتأمين الأماكن الحيوية (شبكات المياه- الكهرباء- مبانى المحافظة- الإذاعة والتليفزيون -المديريات)، أما الرائد كريم قائد قوات الدعم عريس السماء أصرَّ أن يكتب تقرير مهمته، وكان يخشى أن يموت قبل أن يسجل تفاصيل العملية، لنعلم ما حدث، وسطر وسجل أروع شهادة لنا قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بجراحه، وآخر كلماته: «أنقذنا الكمين إللى حاولوا تصفيته، وكنت قائد الدورية للدعم، دمرت ٢ عربة كروز، وصفيت أفراد ٢ عربة تايلاندى، واحتلينا الكمين قبل أن يتم أخذ أى أسير من أفرادنا تحيا مصر»، كان المخطط لتلك العملية أن يقوم الإرهابيون بالهجوم فى توقيتات متزامنة على الأكمنة واحتلالها وتفخيخ الطريق بأكمله، وترافقهم مجموعة مصورين للتغطية الإعلامية القذرة للمعركة، وتعلن وكالاتهم وقنواتهم المشبوهة بالكذب عن سيطرة داعش وإعلان انفصال أرض الفيروز، وإقامة الإمارة والولاية الإسلامية فى سيناء (ده عند أمه يا أنجاس).
وقولا واحدا أيها الخونة: لن ننهزم ولن ننكسر أبدا مصر باقية رغم الجميع، وجنودنا فلذات أكبادنا شهداء الأرض عرسان يُزَفُّون إلى السماء، وسوف ننتقم ونثأر لهم، واعلموا أن غيرهم جاهز ليكون شهيد اليوم والغد، ذلك قدرهم وعقيدتهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، هم الدرع والسيف والضهر والسند والأمان خير أجناد الأرض فى رباط إلى يوم الدين، اسلمى يا مصر إننى الفدا ذى يدى إن مدَّت الدنيا يدا..
الله أكبر بسم الله.. بسم الله.. أدِّن وكبَّر بسم الله بسم الله.. إنه وعد الله ووعده حق..
الله أكبر على الخائن.. الله أكبر على الظالم.. الله أكبر على المعتدى الله.. أكبر على من أرادنا بسوء.. الله أكبر وتحيا مصر.