الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

معركة البوركيني.. أوروبا تحارب المايوه الإسلامي بالهراوات ورذاذ الفلفل.. مؤيدون للحظر: زي داعشي.. معارضون: قرار ضد الحريات.. ومصممته الأسترالية: مبيعاتي تضاعفت وغير المسلمات أكثر إقبالا عليه

البوركيني
"البوركيني"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بين ليلة وضحاها صار "البوركيني" حديث العالم، بعد أن أصبح مثار جدل داخل المجتمع الفرنسي خاصة بعد حظره من 15 مدينة ساحلية في خطوة أولى لتطبيقه على جميع المدن الفرنسية، وقد احتدم النقاش بين مؤيد ومعارض للباس الإسلامي الذي يغطي كل جسد المرأة ولا يظهر إلا وجهها.
واحتدمت أيضا ردود الأفعال بين مؤيد للمنع، يرى أن اللباس ضد القيم الفرنسية العلمانية وأن البوركيني علامة ولاء لتنظيمات إسلامية متطرفة، وبين رافض للمنع لأنه ضد الحقوق والحريات الشخصية التي ينص عليها الدستور الفرنسي ويزيد حالة الإسلاموفوبيا، كما يرى المعارضون أن الحظر سيكون "هدية" لتنظيم داعش الإرهابي الذي يسعى لتجنيد أعضاء جدد.
قرار حظر البوركيني على شواطئ مدينة "كان الفرنسية" العامة صدر في ١٣ أغسطس الماضي، بتغريم من ترتديه ٣٨ يورو، لتنتقل "عدوى الحظر" إلى مدن فرنسية أخرى، تبنت عقوبة التغريم أيضا، لكن لمن لا يعلم الحظر ليس بجديد، بينما الجديد في الأمر هو الغرامة وتسيير جوالة على الشواطئ ومعاينة ملابس المصافات.
رفض فرنسا لهذا النوع من الملبس جاء بعد وقت قصير من الهجوم الإرهابي على نيس في 14 يوليو الجاري عندما قامت شاحنة ضخمة بدهس العديد من الناس مما أدى إلى مقتل 85 شخصا وجرح 307 آخرين.
ودافعت الحكومة عن قرار حظر ارتداء البوريكيني، من خلال وزيرة حقوق النساء، لورنس روسينيول، عندما صرحت لإذاعة أوروب 1، بأن " البوركيني لديه معنى، وهذا المعنى هو إخفاء جسد المرأة وليس مجرّد لباس، بل هو مشروع مجتمعي"، مطالبة بالتصدي لهذا اللباس، وبتركيز النقاش حول تحرير المرأة وعدم استغلال الموضوع لأغراض سياسية أو لزيادة الضجة حول الإسلام بفرنسا.
وفي السياق نفسه، عبر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس في مقابلة مع صحيفة "لابروفانس"، عن دعمه لرؤساء بلديات فرنسية حظروا لباس البحر الإسلامي "البوركيني" الذي يغطي كامل أنحاء الجسد. وحظر عدد من رؤساء البلديات في فرنسا في الفترة الأخيرة السباحة بـ"البوركيني"، ما أثار جدلا بين أنصار تطبيق العلمانية في الأماكن العامة والمدافعين عن حرية التعبير.
ونددت جمعيات إسلامية بهذا الحظر، ورفع ائتلاف "مناهضة الإسلاموفوبيا" شكوى لدى المحكمة الإدارية في مدينة نيس لإلغاء قرار عمدة مدينة كان، غير أن المحكمة قضت لصالح العمدة، مبررة ذلك بكون قرار العمدة لا يخالف المادة الأولى من الدستور الفرنسي التي تؤكد على علمانية الدولة، كما ارتأت أن الظروف التي تعيشها فرنسا في إطار حالة الطوارئ، والهجمات الإرهابية التي عانت منها مؤخرًا، قد "تؤوّل لباسًا مثل البوركيني لما هو أبعد من مجرّد لباس ديني".
وازاء هذا الحكم، قرّر الائتلاف الإسلامي رفع القضية أمام المحكمة العليا بباريس، تخوّفًا من إمكانية أن 'يتطور هذا القرار نحو منع ارتداء الأزياء الدينية في كل الفضاءات العمومية، حسب تصريحات لمحاميته.
وعلى صعيد متصل، أثار إمام المقاطعة الإيطالية "فلورنسا" عز الدين الزير، جدلا بعد أن نشر على حسابه بـ"فيس بوك" صورة لمجموعة من الراهبات على شاطئ البحر بلباسهن الديني وهن مغطيات الرأس، وتم تشاطر الصورة أكثر من ألفي مرة، قبل أن يحجب موقع "فيس بوك" صفحة الإمام، إثر سلسلة من الاعتراضات من قبل المشتركين في الموقع، لكن الإمام استعاد صفحته بعد ساعات قليلة، موضحا أنه أراد من نشر هذه الصورة بلا تعليق "الرد على الذين يقولون إن قيمنا الغربية تختلف في طريقة اللباس وتغطية الجسد".
وواصل الإمام في حديث مع شبكة التليفزيون الإيطالية "سكاي تي جي 24" مبرراته، قائلا: "أردت أن أقول أن بعض القيم الغربية تأتي من المسيحية وأن الجذور المسيحية تعود أيضا إلى أشخاص كانوا يغطون أجسادهم بشكل كامل تقريبا"، بحسب فرانس برس.


وعلى عهدة صحيفة "التليجراف" البريطانية، فإن الشرطة الفرنسية أجبرت امرأة على شاطئ "بروميناد ديزونغليه" في مدينة نيس الساحلية، على خلع "البوركيني" أو "الزي الإسلامي" حسبما وصفته التليجراف مع تغريمها غرامة مالية، مشيرة إلى أن هذا الشاطئ هو نفسه الذي شهد عملية نيس الإرهابية ودهس مواطنين بشاحنة نقل في عيد الاستقلال الفرنسي.
وقالت "التليجراف" إن في مدينة كان الساحلية غرمت امرأة أخرى ترتدي الحجاب الإسلامي وكتب على تذكرة الغرامة المالية أنها "ترتدي زي لا يحترم الأخلاق الحميدة والعلمانية".
الواقعة وثقتها "سيام"، 34 عاما، لـ"التليجراف"، بقولها إنها كانت تجلس على الشاطئ مع عائلتها ولم تكن تنوي النزول للبحر.
وعلقت ماثليد كوزين، إحدى شهود العيان على واقعة الشاطئ لـ "أسوشيتد برس": "أكثر شيء محزن هو أن الناس على الشاطئ كانوا يصيحون بصوت مرتفع تجاه المرأة قائلين ارجعوا إلى بلادكم، وكانوا يصفقون ويهللون لرجل الشرطة، بينما ابنتها الصغيرة كانت تبكي".
كما أفادت صحيفة "الديلي ميل" أن ثلاثة من الضباط المسلحين وجهوا عبوة رذاذ الفلفل في وجه المرأة المحجبة، وقالوا لها إنها تخرق القوانين الفرنسية التي تحظر ارتداء ملابس كاملة للسباحة، فيما قالت المرأة المحجبة لـ "الديلي ميل" إن الضابط عنصري وكان يريد إذلالها فقط أمام عائلتها وأولادها، خاصة وأنها لم تكن ترتدي البوركيني من الأساس ولم تكن تنوي نزول البحر.
وأشارت "التليجراف" لنية السلطات الفرنسية تطبيق حظر البوركيني على كل مدن فرنسا، وقد قضت محكمة نيس أن حظر البروكيني في فيلنوف لوبيه "ضروري ومناسب ومتسق مع القانون" لمنع الإخلال بالنظام العام، خاصة بعد تعرض فرنسا لسلسلة من هجمات جهاديين واحدة منهم في نيس.
ولأن "رب ضارة نافعة" - كما يقول المثل - فقد زاد الحظر المفروض على ارتداء البوركيني من الإقبال عليه، اذ قالت مصممة الأزياء الاسترالية اللبنانية الأصل، زاهدة زانيتي التي تصمم البوركيني، لـ "ديلي ميل" إن الحظر زاد من إقبال النساء غير المسلمات على شراء البوركيني، وأنها تمتعت بمبيعات وأرباح أكثر من ذي قبل، مضيفة: " مبيعاتنا زادت بقدر ما يتم منعه ورفضه، والنساء لن تتوقف عن ارتداءه". "زانيتي" أشارت إلى أنها في أحد أيام الأحاد تلتقت 60 طلبا من نساء معظمهن غير مسلمات لشراء البوركيني، بالرغم من أنها في مثل هذا اليوم لا تتلقى أكثر من 12 طلبا. 
وقالت "الديلي ميل" إن حظر ارتداء البوركيني سيتحول إلى "مشهد هزلي"، متهكمة على منظر رجال الشرطة وهم يجوبون الشواطئ بالهراوات الثقيلة ومعهم رذاذ الفلفل ويجبرون النساء المحجبات والمرتديات البوركيني على تجريدهم من ملابسهم.
وقال عمدة مدينة كان الفرنسية دافيد ليزنار: إن منع البوركيني ضروري لأنه يثير استفزاز المواطنين الفرنسيين بعد الحوادث الإرهابية الدامية التي قام بتنفيذها تنظيم داعش، زاعما أن الزي يفتقد للشروط الصحية اللازمة لصحة الجسم.
فيما قال ثيري مينجول، رئيس جهاز الخدمات في بلدية كان: "إن السلطات الأمنية تمنع المتباهين بملابس تشير لعلاقة ولاء مع تنظيمات إرهابية نحن في حالة حرب معها".
بينما لا يرى المعارضون للقرار أية علاقة بين البوركيني والمعتقدات السياسية والميل للعنف، اذ يقول هيرفي لافيس، رئيس القسم المحلي لرابطة الدفاع عن حقوق الإنسان، لـ "الديلي ميل" "إن المنع غير قانوني وسخيف واستغلال للقانون ونحن لن نسكت"، متهما دافيد ليزنار بأنه يريد إزكاء الإسلاموفوبيا ووصف قرار الحظر بأنه هدية لتنظيم داعش الإرهابي.
رشيد نكاز، وهو رجل أعمال جزائري ثري وناشط حقوقي، يقوم بدفع الغرامات التي فُرضت على أي امرأة مسلمة في فرنسا لارتدائها "البوركيني"، قال:"قررت دفع كل غرامات النساء اللواتي يرتدين البوركيني من أجل ضمان حريتهم في ارتداء هذه الملابس، والأهم من ذلك كله، لإبطال فعالية تطبيق هذا القانون الجائر وغير عادل على أرض الواقع".
وفي أستراليا تنمو الكثير من المشاعر المعادية للمسلمين، إثر سلسلة من الهجمات التي قام بها بعض الشباب المتطرفين؛ إلّا أن البوركيني لم يلقَ الكثير من الانتقادات هناك، وقد تم بالفعل حظر البوركيني في عدد من المدن مثل سويسرا والنمسا، وقد تنضم ألمانيا قريبا إلى هذه الدول.
حظر "البوركيني" في بعض الشواطئ الفرنسية هو الخطوة الأخيرة من قبل بعض الساسة الباريسيين لحظر الملابس الدينية في الأماكن العامة، ويُذكر أنه في أبريل 2011، أصبحت فرنسا أول دولة أوروبية تحظر ارتداء البرقع والنقاب.
وعلى صعيد آخر، أعلن وزير الداخلية الإيطالي انجيلينو الفانو أن إيطاليا لن تحذو حذو بلدات فرنسية في حظر لباس البحر الإسلامي "البوركيني" على الشواطئ العامة، لكنها تعتزم تنظيم عمل الأئمة والمساجد. 
واعتبر الوزير الإيطالي، في مقابلة مع صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، أن القيود التي تفرضها فرنسا على النزول إلى الشاطىء بلباس البحر الإسلامي غير بناءة، لأنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية.
ودافع رئيس وزراء كندا جاستين ترودو عن ارتداء البوركيني، حسبما أفادت صحيفة "بيزنس إينسيدر" الأمريكية، قائلا في اجتماع له مع مجلس الوزراء يوم 22 أغسطس إنه لن يمنع البوركيني أبدا لأن كندا تحترم التنوع الثقافي، ولن تقيد حرية الأفراد، وكان بعض صناع القرار في كيبك، إحدى مدن كندا، قد طالبوا بحظر ارتداء البوركيني على غرار جنوب شرق فرنسا.