الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"البوابة نيوز" ترصد "أوكار العربان" في القاهرة والمحافظات

المخدرات والسلاح والاستيلاء على الأراضى مصدر دخلهم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتمركزون بـ«عرب أبوساعد» و«غنيم» و«الطوايلة» و«المحمدى» بالعاصمة
جميع المناطق بين الشرقية والإسماعيلية خاضعة لهم
يسيطرون على مدينة الفيوم ويفرضون إتاوات على أصحاب الوحدات السكنية

فتحت قضية مقتل وكيل نيابة الظاهر على يد مسلحين ينتمون لبدو العرب، ملف «عربان» الظهير الصحراوى بمحافظة القاهرة، الذين اعتادوا فرض الإتاوات على أصحاب الأراضى مقابل الابتعاد عنهم والسماح لهم ببناء الأراضى، وتهديدهم بوضع اليد على تلك الأراضى بالسلاح والقوة الجبرية وتجارة السلاح والمخدرات وإخفاء الخارجين علي القانون ومعاونة وإخفاء أفراد الجماعات الإرهابية المسلحة، ولا يقف نفوذ قبائل العربان على القاهرة وحدها بل يمتدون جغرافيًا فى أغلب محافظات الجمهورية. وتشهد العديد من المناطق الصحراوية الحدودية بين المحافظات جرائم يمارسها «الأعراب» دون حسيب أو رقيب، بداية من فرض الإتاوات على شركات المقاولات والاستصلاح الزراعى، إلى الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضى، وصولًا إلى تجارة السلاح والمخدرات علنًا. «البوابة» ترصد أماكن تواجد الأعراب بالمحافظات كما تلقى الضوء على أخطر جرائمهم.
العربان فى القاهرة لهم سمات خاصة تميزهم عن باقى المحافظات لأنهم يتأصلون ويتمسكون بجذورهم العربية، وحياتهم الصحراوية ويعتبرون العمل بمهنة الزراعة والصناعة وغيرها من الأعمال ليست من «توبهم»، فالفلاحون بالنسبة لهم خلقوا من أجل إطعام العربان، والصناع وجدوا لإمدادهم بما يحتاجونه من أدوات، بالإضافة إلى علاقتهم السيئة بالسلطة لخرقهم القانون.
أبرز جرائمهم هى الاستيلاء على أراضى الدولة بأسلوب وضع اليد، وإشعال الحرب بين المستثمرين الذين يشترون الأراضى من الدولة لإقامة المشروعات عليها، حيث يفاجأون بأفراد تلك العصابات يهددونهم ويفرضون عليهم مبالغ مالية طائلة مقابل عدم تهديدهم والسماح لهم بإقامة المشاريع.
ولا يتوقف دور هذه العصابات المسلحة على ارتكاب الجرائم الجنائية بل يمتد إلى مساندة الجماعات الإرهابية، حيث إن لهم دورًا كبيرًا فى إيواء عناصر تلك الجماعات وإمدادهم بالأسلحة ومساعدتهم خلال الانفلات الأمنى التى شهدته مصر منذ ٤ أعوام وإخفائهم والمساعدة فى نقلهم من محافظة إلى أخرى عبر الصحراء.
يرتكز العربان فى محافظة القاهرة فى أماكن معروفة للجميع ويطلق على مناطقهم كلمة «عرب» قبل اسم المنطقة، وأكثرهم يتجمعون فى حلوان فى مناطق «عرب الوالدة»، و«عرب أبوساعد» و«عرب البراوى» و«عرب غنيم» وجميعهم بحى حلوان ومحيطه الصحراوى من المعصرة والتبين و١٥ مايو و«عرب راشد» و«عزبة العرب» بمدينة نصر و«عرب الحصن» و«عرب الطوايلة» فى حى المطرية، و«عرب عين شمس» بمناطق جسر السويس و«عرب المعادى بالمعادى» و«عرب المحمدى» فى العباسية.
ويسيطر العرب على جميع المناطق الشاسعة الممتدة على أطراف القاهرة ويحتلون الأراضى بلا رادع، وتظل إتاواتهم نقطة معاناة كبيرة بالإضافة إلى التهديدات المتواصلة للمستثمرين الجدد، وأصحاب الأراضى، وسكان المناطق بدعوي حماية الأرض، وفى حالة الرفض يكون الرد السريع اختفاء المعدات ومنع العمال من الدخول إلى مناطق عملهم.
سيطرة كامل في الفيوم
فى محافظة الفيوم يسيطر مجموعة من الأعراب على مدينة الفيوم الجديدة الواقعة بالقرب من طريق مصر أسيوط الصحراوى الغربى، يمارسون أعمال البلطجة وفرض الإتاوات على أصحاب الوحدات السكنية، وكذلك الشركات، لم يسلم منهم حتى الشركات الحكومية، حيث فرضوا عليها مبالغ مالية تدفع لهم شهريًا تحت مسمى «خفرة»، ومن لا يستجيب لهم يتم التنكيل به إما عن طريق الاستيلاء على وحدته السكنية أو التعدى عليه، فضلًا عن عمليات السرقة التى تتم لمعدات الشركات العاملة بالمنطقة لإجبارهم على دفع الإتاوة. 
يروى «على إبراهيم» أحد العاملين بمحطة الكهرباء، أن بعض الأعراب طلبوا الحصول على مبالغ مالية من شركة كهرباء شمال الصعيد، التى تتبعها محطة الفيوم الجديدة، مقابل حراسة المحطة ومعدات الشركة، وعندما رفضت الشركة الخضوع لهذا الابتزاز، كانت النتيجة سرقة لودر تابع للمحطة، ورغم تحرير أكثر من محضر إلا أن «اللودر» لم يعد إلا بعد أن دفعت الشركة للأعراب، واتفقت معهم على مبلغ شهرى مقابل الحراسة وعدم التعرض لمعدات الشركة.
فى السياق ذاته، يؤكد «محمود كمال» أن الأعراب يقومون بالاستيلاء على الوحدات السكنية، ولا يستطيع مالكها الأصلى دخولها قبل دفع مبلغ مالى لهم، ومن يرفض يكون جزاؤه الطرد ومنعه من دخول وحدته السكنية.
أراضي أسيوط
طريق مصر أسيوط الغربى، وتحديدًا بداية مركز سمسطا ببنى سويف إلى مغاغة بمحافظة المنيا، أهم معاقل الأعراب، مصدر دخلهم الرئيسى هو الاستيلاء على مساحات شاسعة من أراضى الدولة وتقسيمها وبيعها محققين مكاسب طائلة من وراء تلك العمليات.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إنهم أجبروا عددًا من المستثمرين على إعادة شراء أراضٍ سبق أن اشتروها من الدولة بعقود رسمية، إلا أنهم أجبروهم على شرائها مرة أخرى من الأعراب، حتى يتمكنوا من استلامها وممارسة عملهم، ليس هذا فحسب بل إن تلك الشركات وهؤلاء المستثمرين يدفعون مبالغ مالية شهرية مقابل حراسة أراضيهم وعدم التعرض لها.
ومن يرفض الانصياع لابتزاز الأعراب يكون جزاؤه التنكيل به، الذى يصل إلى حد القتل، وأرشيف مركز شرطة سمسطا يمتلئ بالمحاضر والبلاغات المحررة ضد عدد من الأعراب ضد أشخاص سبق اتهامهم فى قضايا قتل وبلطجة وحمل أسلحة نارية غير مرخصة. 
لم تتوقف جرائم الأعراب بتلك المنطقة على فرض الإتاوات والاستيلاء على أملاك الدولة، ففى أثناء فترة الانفلات الأمنى، قام عدد كبير من الأعراب بعمليات الخطف وسرقة السيارات وإعادتها إلى أصحابها مقابل دفع فدية مالية، ومن لا يستجيب لهم يتم تفكيك سيارته وتباع خردة.
6 أكتوبر والصف
مركز الصف بالجيزة، يعتبر من أخطر المناطق التى يسيطر عليها الأعراب ويمارسون بها جرائمهم، خصوصًا فى مجال تجارة السلاح والمخدرات التى يشتهر بها أعراب الصف، حيث يعتبر مركز الصف هو المصدر الرئيسى للحصول على الأسلحة النارية جميع أنواعها وكذلك المخدرات بجميع أنواعها.
فيما تشهد مدينة ٦ أكتوبر العديد من الجرائم التى يرتكبها الأعراب ومنها فرض مبالغ مالية على أصحاب شركات المقاولات وأيضا العمال ومن لا يدفع تتم سرقة معداته ولا يسمح له بممارسة العمل. يقول «محمد عبدالعزيز» مقاول: اتفقت مع إحدى شركات المقاولات العاملة علي بناء عدد من الوحدات السكنية، وعندما وصلت إلى الموقع تمهيدًا لبدء العمل، فوجئت بعدد من الأشخاص عرفت من لهجتهم أنهم أعراب، يقومون بمنع العمال من إنزال الخشب من السيارة، وحينما سألت عن السبب طلب منى أحدهم ألف جنيه مقابل السماح لى بالعمل، فضلًا عن دفع نفس القيمة شهريًا، مستكملا: فى البداية رفضت الدفع فقاموا بالاستيلاء على سيارة العدة والأخشاب وأنزلوا السائق وبعد شد وجذب واتصال بأحد المهندسين أبلغنى بضرورة الانصياع لهم، وهو ما حدث حيث قمت بدفع ألف جنيه، وعلمت أن جميع العاملين بالموقع يدفعون مبالغ متفاوتة للأعراب مقابل السماح لهم بممارسة عملهم، وعدم التعرض لهم هذا بخلاف المبالغ الكبيرة التى يحصلون عليها من الشركة الأم تحت مسمى «حراسة».
أما «عمرو جابر» فيقول إنه كان يعمل بإحدي شركات المقاولات بمدينة ٦ أكتوبر، وفى أحد الأيام توجه لعمله صباحًا، ليجد الموقع مغلقًا، ويقف بعض الأعراب المدججين بالأسلحة، يمنعون أى شخص من دخول الموقع، وعندما سألت عن السبب علمت أن الشركة تأخرت فى دفع مبلغ «الحراسة»، فتم إغلاق الموقع ومنع العمال من ممارسة عملهم حتى حضر بعض قيادات الشركة وتفاوضوا مع الأعراب وانتهى الأمر بعد دفع مبلغ مقرر على الشركة.
من جانبه، يقول حسن إبراهيم: أجهزة الأمن تعلم كل ما يقوم به الأعراب من جرائم، وتتغاضى فى أوقات عديدة عن اتخاذ أى إجراء ضدهم، وذلك بسبب استعانة الأمن بهؤلاء الأعراب لإعادة المسروقات من سيارات وخلافه فضلا عن الاستعانة بهم عند مهاجمة أوكار ومعاقل الإرهاب بالمناطق الصحراوية. 
فى السياق ذاته، يقول «حسن ماجد» «صهر» أحد المقاولين: إن صهره لقى مصرعه نتيجة أزمة قلبية، وبعد انتهاء مراسم الدفن والعزاء توجه مع شقيق المتوفى لإعادة الأخشاب والمعدات الخاصة به من موقع العمل، ففوجئوا باستيلاء عدد من الأعراب على المعدات والأخشاب، ورفضوا إعادتها قبل الحصول على مبلغ مالى، بحجة أنهم حرسوا تلك المعدات وحافظوا عليها من السرقة، وذلك رغم معرفتهم بواقعة وفاة صاحبها وتركه أربع بنات ما زالن فى عمر الزهور، مضيفا أنه ظل يتفاوض مع هؤلاء الأعراب حتى تمكن من إعادة الأخشاب والمعدات بعد دفع خمسة آلاف جنيه لهم. 
وعن سبب عدم استعانته بالشرطة للحصول على حقه، قال إنه بالفعل توجه إلى قسم شرطة أكتوبر لتحرير محضر بالواقعة ضدهم، إلا أن أحد أمناء الشرطة نصحه بالتفاوض معهم على تخفيض المبلغ المطلوب حتى يستطيع إرجاع حق صهره، مؤكدا له أن المحضر لن يفيد فى شيء، بل على العكس من الممكن أن يضيع حقه ولن تعود قطعة خشب واحدة.
الشرقية والإسماعيلية
محافظة الشرقية، أحد أكبر معاقل «الأعراب» فى مصر، وذلك بحكم الطبيعة وحجم الرقعة الصحراوية بها، وأبرز أماكن تمركزهم هى مدينة «العاشر من رمضان»، وجميع المناطق بين محافظتى «الشرقية» و«الإسماعيلية»، رغم امتلاك تلك المناطق لمستثمرين عرب ومصريين، إلا أنها أصبحت الآن طاردة للاستثمار بسبب بلطجة «الأعراب»، وتحولت تدريجيًا لوكر يؤوى الإرهابيين.
شهدت المحافظة العديد من وقائع بلطجة للأعراب، حيث قاموا بإطلاق أعيرة نارية على رجل أعمال وزوجته وشقيقته وطفليه أثناء ذهابهم من مدينة فاقوس إلى مدينة الصالحية الجديدة، مما أسفر عن مقتل رجل الأعمال وشقيقته. وتوصلت الجهود إلى أن وراء ارتكاب الواقعة «رابح. م. أ» و«خالد. م. س» و«سالم م. س» و«سيد م. س» و«محمد ح. س» و«محمد س. س» وجميعهم ينتمون إلى قبيلة من الأعراب وألقى القبض عليهم. وفى مدينة العاشر من رمضان، استطاع العشرات منهم فرض الإتاوات على رجال الأعمال وأصحاب المصانع، وشهدت المدينة خلال الأيام الماضية قيام بعض الأعراب بقتل تاجر حديد شاب، حيث اقتحموا عليه الشونة الخاصة بعمله كمخزن للحديد وأطلقوا أعيرة نارية عليه فى وضح النهار وأصابوه بـ ٣ طلقات فى رأسه. 
وأكد أحد شهود العيان فى موقع الحادثة أنه نشبت مشادة بين القتيل وبين بعض الأعراب الذين يتقاضون إتاوات من أهالى المنطقة وبعد رفضه الدفع أطلقوا عليه النار وفروا هاربين. 
فيما شهدت مدينة الصالحية الجديدة قيام مجموعة من الأعراب بقتل حارس بمزرعة خاصة وإشعال النيران فى جثته بعد اصطحابه إلى الطابق الأول من الفيلا الخاصة بالمزرعة وقتله انتقامًا من شقيقه الذى تزوج إحدى «بناتهم» دون إذنهم. 
ولم يكتف الأعراب بفرض الإتاوات وتجارة المخدرات، بل قاموا بمحاولة لقطع الطرق وسرقة السيارات، وتثبيت المارة على الطرق الصحراوية، وقاموا بخطف رجل أعمال لطلب فدية من أسرته ١٠ ملايين جنيه لإطلاق سراحه، حيث تلقى مدير أمن الشرقية بلاغًا من أسرة ممدوح عبدالمجيد أبوجبل ٥٨ عاما رجل أعمال بقيام مجهولين مسلحين من الأعراب بخطفه أثناء قيادته سيارته على طريق القاهرة - الإسماعيلية الصحراوى أمام مدينة العاشر من رمضان، وأنهم تلقوا اتصالًا هاتفيًا منهم يطالبونهم بمبلغ ١٠ ملايين جنيه لإطلاق سراحه.
وتوصلت التحريات إلى أن وراء الواقعة مجموعة من الأعراب بالمنطقة الجبلية المحيطة بمدينة العاشر من رمضان، وأنهم عقدوا العزم على خطف المجنى عليه لعلمهم بثرائه ورصدوا تحركاته، حتى أتيحت الفرصة أمامهم فنفذوا جريمتهم وأخفوه بمنزل مهجور فى الصحراء الممتدة بطريق السويس ونجح ضباط الأمن فى مداهمة وكر الخاطفين وتحرير رجل الأعمال وضبط عدد من المتهمين.
فى السياق ذاته تواصل أجهزة الأمن بالشرقية جهودها لتمشيط غالب المناطق الصحراوية والبؤر الإجرامية للقضاء على الخارجين على القانون من الأعراب وغيرهم، وتم تسيير كمائن متحركة على الطرق الصحراوية علاوة على الكمائن الثابتة لضبط الحالة الأمنية داخل المحافظة.